خلاف بين المؤسسات الأوروبية حول مدى تعرض «اليورو» إلى هجوم

بقصد إضعافه

TT

احتلت الملفات الاقتصادية الحيز الأكبر من المحادثات الهاتفية، التي جرت بين رئيسي الحكومة في كل من بريطانيا وإسبانيا، حسب ما أعلنت مصادر الرئاسة الإسبانية الحالية للاتحاد في بروكسل، وأضافت أنه جرى خلال الاتصال بين ثاباتيرو وكاميرون، وهو الأول من نوعه، التشاور بشأن تنسيق المواقف خلال المرحلة المقبلة بين الدول الأعضاء، ولكن بالتزامن مع ذلك نجد تصريحات متضاربة بين المسؤولين في المؤسسات الأوروبية، منها ما يثبت وجود عدم اتفاق في الرأي حول وجود محاولات لإضعاف اليورو أم لا، وقال رئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه، في تصريحات نشرت أمس (السبت)، إن عملة اليورو لا تتعرض إلى هجوم على الرغم من تراجعها الحاد. كما أبلغ تريشيه مجلة «دير شبيغل» الألمانية، أن أي تلميحات إلى أن الحكومات أجبرت البنك المركزي الأوروبي على التحرك في أزمة منطقة اليورو الحالية بما يعطي مؤشرا على تلاشي استقلاله ومصداقيته، هي «هراء».

وتتناقض تصريحات تريشيه مع تصريحات رئيس الجهاز التنفيذي الأوروبي جوزيه مانويل باروزو وشدد خلالها على أن العملة الموحدة تعرضت إلى الهجوم عليها لإضعافها، ولكن كل المحاولات فشلت، وقال باروسو من بروكسل: «إن كل محاولات إضعاف اليورو باءت بالفشل بعد اتفاق وزراء المالية الأسبوع الماضي، بعد مفاوضات ماراثونية، تجلى فيها التعاون الأوروبي في واحدة من أكبر خطط الدعم المالي في العصر الحديث بعد الأزمة المالية العالمية في 2008 وأثمرت عن خطة الإنقاذ (الصدمة والرعب)». وقال رئيس المفوضية الأوروبية باروزو: «هذه الصفقة لم تكن فقط حول المساعدة، لكنها أيضا حول جهود مستقبلية للوحدة، أرحب بالالتزامات الواضحة الصادرة عن عدد من الدول الأعضاء لاتخاذ إجراءات إضافية من الوحدة المالية قريبا، الحل لهذه المعضلة يكمن في أوروبا متماسكة عبر التنسيق في سياستها الاقتصادية». ويأتي ذلك في الوقت الذي تشير فيه تقارير إعلامية أوروبية إلى أن الدول الأوروبية اتخذت موقفا موحدا نحو تبني حزمة من الإجراءات المالية تبلغ قيمتها 75000 بليون يورو من أجل احتواء انتشار أزمة الديون بين الدول الأوروبية. ولكن حتى اليوم لا يوجد أي تفاصيل بشأن آلية تنفيذ تلك الإجراءات، وقالت التقارير الإعلامية: «هذا بالإضافة عن عدم وجود أي تفاصيل بشأن عمليات تدخل البنك المركزي الأوروبي لشراء السندات العامة والخاصة من الأسواق، وإن كان لهذه البيانات التأثير الإيجابي على نفسية المستثمرين إيجابيا». وحسب المصادر الأوروبية المتعددة، قد يعد ذلك بمثابة وقفة لالتقاط الأنفاس وهو ما أصبح نادرا ما يتكرر على مدار الفترة السابقة مع اشتعال أزمة ديون اليونان، والحيرة التي ضربت الأسواق بشأنها، وبدأت الدول الأوروبية في الإعلان عن إجراءات للبدء في تنفيذ عمليات تقليص عجز الموازنة مثل إسبانيا التي تعد أحد المرشحين للسقوط في الأزمة بعد اليونان، هذا بالإضافة إلى كون العجز بها يحتل المرتبة الثالثة على مستوى المنطقة، وهو إعلان عن تخفيضات للإنفاق العام بقيمة 600 بليون يورو من أجل تقليص العجز ليصل إلى المستوى المعياري الموضوع من قبل الاتحاد الأوروبي عند 3.00 في المائة، وكذا إعلان البرتغال عن القيام بإجراءات إضافية لخفض العجز بقيمة بليوني يورو. على الجانب الآخر فإن التقرير الشهري للبنك المركزي الأوروبي أشار إلى ضرورة قيام الدول الأوروبية باتخاذ إجراءات للحد من اتساع الأزمة التي قد تؤثر على عملية التعافي لاقتصادات المنطقة والتي يتوقع أن تكون باعتدال خلال العام الحالي وإن كانت تلك التوقعات تنطوي على حالة من عدم التأكد. من جانبه أشار جان كلود تريشيه رئيس البنك المركزي الأوروبي إلى تحسن الأوضاع الاقتصادية بمنطقة اليورو في الربع الأول من العام الحالي وهو ما أكدته البيانات التي صدرت من جهات متعددة وتتحدث عن معاودة تحقيق النمو بنسبة 0.2 في المائة في الربع الأول مقارنة بالربع الأخير من العام السابق الذي توقفت فيه عن النمو، ويرجع الفضل في ذلك إلى تحسن الطلب العالمي وانعكاسه على صادرات المنطقة التي لاقت دعما من تراجع قيمة اليورو أمام العملات الرئيسية الأخرى وعلى رأسها الدولار الأميركي.