خسائر وول ستريت تعزز مخاوف كساد جديد

آثار انخفاض اليورو قد تؤثر بقوة على أميركا ودول أخرى

تأثرت بورصة وول ستريت بمخاوف المستثمرين وفقدت مئات النقاط على مؤشراتها («الشرق الأوسط»)
TT

عبر المستثمرون الذين بدأوا تداولات الأسبوع الماضي بنوع من الطمأنينة مع الإعلان عن خطة الإنقاذ الضخمة للدول الأوروبية المدينة، ولحقوه بآخر عن ترددهم يوم الجمعة، مما أدى إلى تراجع الأسواق ومزيد من التراجع في قيمة اليورو، نتيجة المخاوف من أن تؤدي تدابير التقشف التي تتطلبها عملية الإنقاذ إلى إعاقة النمو الاقتصادي المتداعي بالفعل. وانخفض اليورو إلى أدنى مستوى له خلال 18 شهرا، وتراجعت أسهم المصارف على كلا جانبي الأطلسي.

بدا المستثمرون خائفين من أن تفاقم خطة الإنقاذ، التي تبلغ تكلفتها 957 مليار دولار لليونان والدول المدينة الأخرى، من المعاناة الاقتصادية وتضر بالنظام المالي في العملية، كما لم تقدم في الوقت ذاته سوى حماية قصيرة الأجل ضد العجز عن سداد الديون.

بينما توالي الضربات التي يواجهها اليورو ستعمل على انخفاض أسعار الصادرات الأوروبية، لكن آثارها الجانبية ستكون أضعف على الصادرات الأميركية ومن المتوقع أن تجر الولايات المتحدة - وباقي دول العالم - إلى كساد آخر.

ويقول مارتن مورنبليد، كبير الاقتصاديين في داندي ويلث إكونومكس في تورنتو: «ما نشهده الآن هو أسواق قلقة بشأن سلسلة الضعف المتتالية التي نشأت في أوروبا والتي انتقلت عبر اليورو إلى الولايات المتحدة».

وقد شهدت الأسواق العالمية، يوم الجمعة، في كل من آسيا وأوروبا ثم في الولايات المتحدة انخفاضا نظرا لتجدد النظرة التشاؤمية بشأن النمو في أوروبا وعدم الاستقرار النابع من القارة.

وفي الوقت نفسه واصلت أسعار النفط انخفاضها مع مراهنة المضاربين على تباطؤ النمو العالمي، فيما واصل الذهب ارتفاعه كأصول يدرك المستثمرون أنها الاستثمار الآمن في أوقات الضغوط.

وفي الولايات المتحدة أعلن عن تراجع مؤشر داو جونز الصناعي، الذي كان متأرجحا منذ الإعلان عن خطة الإنقاذ يوم الاثنين، 162.79 نقطة أو 1.51 في المائة ليصل إلى 10.620.16 يوم الجمعة. فيما انخفض مؤشر إستاندارد آند بورز 500 للأسهم 21.76 نقطة أو 1.88 في المائة ليصل إلى 1.135.68. وانخفض مؤشر نازداك 47.51 نقطة أو 1.98 في المائة ليصل إلى 2.36.85.

وقاد تراجعت أسهم المصارف في الأسواق نتيجة القلق بشأن أوروبا. وربما يكون ذلك عاملا وراء موافقة مجلس الشيوخ على المقترح الذي عرض الخميس، والذي قد يؤدي إلى خفض عائدات البنوك عبر فرض قيود رسوم يمكنهم تقاضيها على معالجة عمليات البطاقات الائتمانية.

كما وافق مجلس الشيوخ أيضا على مبادرة بإنهاء الاعتماد على وكالات التصنيف الائتماني الرئيسية مما يضع المزيد من الضغوط على الأسهم المالية. وكانت أسواق الأسهم الأميركية قد فقدت كل أرباحها التي حققتها بداية العام وسط مخاوف آنية بشأن عدم قدرة بعض الدول الأوروبية على سداد ديونها. وعلت البسمة الوجوه في بداية أيام تداول الأسبوع مع الأخبار بخطة الإنقاذ الوشيكة التي تناهز المليار دولار حيث ارتفع مؤشر داو جونز 404.71 نقطة.

على الرغم من خسائر يوم الجمعة فإن مؤشر داو جونز تمكن من إنهاء الأسبوع على ارتفاع بلغ 239.73 نقطة أي 1.84 في المائة حتى الآن هذا العام.

وأنهى مؤشر إس آند بي 500 بارتفاع 24.8 نقطة لهذا الأسبوع بنسبة 1.85 في المائة حتى الآن هذا العام. فيما ارتفع مؤشر نازداك بـ81.21 نقطة هذا الأسبوع و3.42 في المائة حتى الآن لهذا العام.

في أسواق الأسهم الأوروبية أنهى مؤشر يورو ستوكس 50 للأسهم المميزة جلسة التداول بانخفاض بلغ 3.7 في المائة. وفي باريس تراجع مؤشر كاك 40 نقطة بنسبة 4.6 في المائة.

وفي لندن فقد مؤشر فوتسي 100 للأسهم الممتازة 3.1 في المائة، وفي ألمانيا فقد مؤشر داكس 3.1 في المائة من قيمته، كما انخفضت أسواق الأسهم في إسبانيا بنسبة 6.6 في المائة.

كان اليورو قد ارتفع لفترة وجيزة في بداية الأسبوع، في إشارة إلى الحماسة الأولية لخطة الإنقاذ، لكنه عاود الانخفاض فيما بعد لينخفض ليصل إلى أدنى انخفاض له يوم الجمعة بلغ 1.2385 دولار. وقد انخفض اليورو منذ بداية العام بنسبة 13 في المائة وانخفض الدولار بنسبة 14 في المائة مقابل الين.

بدا الاقتصاديون في قلق من أن ارتفاع قيمة الدولار قد يرفع أسعار الصادرات الأميركية لأوروبا مما يكفي لعرقلة النمو في الولايات المتحدة.يأتي الانخفاض الحاد في الأسواق في جميع أنحاء العالم بعد خمسة أيام من إعراب الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي عن أملهم في أن تؤدي خطة الإنقاذ التعهد بالسيطرة السريعة لإنهاء الأزمة في القارة.

لكن الاقتصاديين قالوا إنه في الوقت الذي عمل فيه الاتفاق على التخفيف من المخاوف فإن دولا مثل اليونان ستواجه متاعب في التغلب على الديون القديمة أو اقتراض أموال جديدة، ومن ثم فهي لم تفعل شيئا لمساعدتهم على النمو.

ويقول جيم كارون، المدير الدولي لاستراتيجية معدل الفائدة في مورغان ستانلي: «الأمر لا يتعلق باستراتيجية مؤقتة، بل باستراتيجية دائمة».

ومع القلق الذي يعتري الأسواق يرى كارون أن ذلك لن يجدي نفعا مع مشكلة ما إذا كانت أوروبا ستتمكن من الخروج من الحفرة. أيضا تزايد القلق يوم الجمعة حول كيفية توفير الحكومات الأوروبية 957 مليار دولار لتمويل خطة الإنقاذ. ويشير الاقتصاديون إلى أن الشكوك المتنامية في أن البنوك المركزية قد تلجأ أخيرا إلى السماح بالتضخم لتخفيف وطأة أعباء الدين. وقد وافق البنك المركزي الأوروبي على المساعدة في تخفيف الاضطراب المالي عبر شراء السندات الحكومية للمرة الأولى في التاريخ هذا الأسبوع. واعتبر بعض الاقتصاديين الخطوة انحرافا للبنك عن مهمته الرئيسية المتمثلة في التركيز على استقرار الأسعار ونتيجة لذلك زاد من الضغوط التي تقوض اليورو.

وقال جورج كرامر، كبير الاقتصاديين في كورمرتز بنك في فرانكفورت: «سمعة البنك المركزي الأوروبي آخذة في التراجع».

* خدمة «نيويورك تايمز»