وزير المالية: السعودية ستواصل برنامجها التنموي حتى لو انخفضت أسعار النفط تحت 62 دولارا

العساف: استفدنا من أزمة اليونان.. ودول الخليج ماضية في الاتحاد النقدي

وزير المالية السعودي خلال الجلسة الافتتاحية في مؤتمر «يورومني» الذي انطلق أمس في الرياض (تصوير: أحمد فتحي)
TT

قال وزير المالية السعودي، أمس، إن بلاده ستستمر في برنامجها التنموي حتى في حال انخفاض أسعار النفط تحت مستويات 62 دولارا أميركيا، متوقعا في الوقت نفسه أن لا تصل أسعار البترول إلى هذا المستوى السعري.

وبحسب إبراهيم العساف، وزير المالية السعودي، الذي كان يتحدث على هامش مؤتمر «يورومني» في العاصمة، الرياض، فأنه لا يشعر بأي قلق بشأن تراجع أسعار النفط في الآونة الأخيرة نظرا لأن الأزمة العالمية والظروف الصعبة التي واجهها العالم العام الماضي دفعت أسعار النفط إلى مستويات أقل من المستوى الحالي.

وقال العساف: «توقعنا الميزانية في عجز ولا نستطيع التنبؤ، لأن أسعار النفط في تذبذب فقط، حيث وصلت ما بين 85 دولارا إلى 84 دولارا ليومين سابقين، ومن ثم انخفضت إلى 70 دولارا لبرميل النفط».

وارتفع النفط أكثر من دولار متجاوزا 71 دولارا للبرميل في معاملات أمس بعدما هبط إلى أدنى مستوى في 5 أشهر في الجلسة السابقة.

وشدد وزير المالية السعودي على استفادة الاتحاد النقدي الخليجي من تجربة أزمة اليونان، وقال: «نحن ماضون في الاتحاد النقد الخليجي»، موضحا أن أزمة اليونان لن تغير في الاتحاد.

إلى ذلك، كشف العساف أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وافق على دعم صندوق التنمية الصناعي بمبلغ 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار)، الذي سيكون على شكل وديعة وقرض حسن للصندوق، ليصبح رأسماله نحو 30 مليار ريال (8 مليارات دولار)، بعدما تم رفعه قبل سنوات إلى 20 مليار ريال (5.3 مليار دولار).

وفي شأن المبالغ التي رصدها لإنشاء مشاريع تنموية والتي تم الإعلان عنها سابقا، قال الوزير السعودي إنه تم صرف مبالغ تتجاوز المدة الزمنية المحددة، حيث تم صرف نسبة تتجاوز نصف المبالغ المرصودة لمشاريع القطاع النفطي، في حين أن المبالغ التي تم صرفها في العام الماضي للمشاريع الحكومية بلغت نحو 180 مليار ريال (48 مليار دولار)، بزيادة تقدر بنحو 37 في المائة عن 2008، وهذا «مؤشر على أن المشاريع تتم على ما خطط لها».

وقال: «بلغ عدد العقود التي أجازتها وزارة المالية العام الماضي 1639 عقدا، وهي العقود التي تتجاوز قيمتها 5 ملايين ريال، بمبلغ 126.88 مليار ريال (33.8 مليار دولار) بزيادة بنسبة 24 في المائة عن عام 2008».

وتابع: «إن وزارة المالية أجازت منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية شهر أبريل (نيسان) الماضي 652 عقدا، بقيمة تصل إلى نحو 40 مليار ريال (11 مليار دولار)»، مبينا أن هذا التوسع في الإنفاق الاستثماري، بالإضافة إلى الإنفاق المتزايد على التشغيل والصيانة وتوريد الخدمات الأخرى يفتح فرصا كبيرة للقطاع الخاص.

أما فيما يتعلق بإقراض البنوك في قطاع المقاولات، فأوضح وزير المالية أنه في بعض الحالات تصل البنوك إلى الحد الأعلى، حسب معايير مؤسسة النقد المطبقة على البنوك، مبينا أن تحويل الصندوق إلى بنك يتم بحثه، مع ضرورة معرفة تغير التكلفة على القطاع الصناعي ومدى تأثره عند التغيير.

ولفت إلى أن وجود عدد من الأمور، التي وصفها بالبسيطة، تناقش لإقرار نظام الرهن العقاري، والتي تتمثل في مواد النظام، مبينا أنه تتم مناقشتها، مع أمور بسيطة معلقة في موضوع الرهن العقاري، وهناك اهتمام بالموضوع، وهي أمور عالقة تبحث بين مجلس الوزراء ومجلس الشورى، واصفا إياها بأنها إجراءات طبيعية، وسيتم الإعلان عنها قريبا.

وحول الإعفاء من الرسوم الجمركية على الحديد والإسمنت المستورد، أوضح العساف أن الإجراءات التي تحدث في الوقت الراهن من حيث الدراسة، أحيلت إلى لجنة الاتحاد الجمركي لدراسة المقترح، ومن ثم ستحال إلى لجنة الاتحاد المال والاقتصاد في المجلس.

وأكد وزير المالية أن المهمة الأساسية الحالية تكمن في ضبط أوضاع المالية العامة في تلك الدول ومراعاة عدم سحب حزم التحفيز حتى يتأكد الانتعاش، موضحا أن الاقتصاد الدولي يشهد وجود بوادر على تعافيه عقب أكبر أزمة مالية شهدها العالم مؤخرا، على الرغم من ضبابية الأوضاع في منطقة اليورو. وأشار أن توقعات صندوق النقد الدولي الأخيرة ترجح أن يحقق الاقتصاد العالمي نموا بنسبة 4.25 في المائة في عامي 2010 و2011، وهو أبطأ من المعتاد، حسبما يراه بعض المحللين في فترات التعافي السابقة.

وأضاف الدكتور العساف أن هذا التعافي يتصف بعدم كونه متوازنا لأنه بدأ قويا في الدول الناشئة والنامية وضعيفا في الدول المتقدمة، وأنه على الرغم من هذا التعافي، فإن الاستقرار لم يترسخ بعد، مبينا أن من بين المخاطر التي يواجهها الاقتصاد الدولي هشاشة المالية العامة وارتفاع نسبة الدين العام في الكثير من الدول، وبخاصة المتقدمة. ولفت إلى أن الجهود الدولية التي بذلت لمواجهة الأزمة ومن أبرزها ما أقرته دول مجموعة العشرين من حزم تحفيز الأثر الكبير في تحاشي انهيار النظام المالي العالمي والدخول في كساد اقتصادي كبير، مشددا على أن الأزمة المالية الأخيرة قد أكدت أهمية التعاون الاقتصادي الدولي والتنسيق بوصفه أمرا مساعدا في الحفاظ على مستوى الاقتصاد العالمي. وأكد العساف أن دول مجموعة العشرين قررت في قمة بيتسبرغ في الولايات المتحدة الأميركية العام الماضي، أن تكون المجموعة هي المحفل الرئيسي للتعاون الاقتصادي بين دول المجموعة في اعتراف صريح بأن العالم قد تغير ويحتاج لمجموعة أكثر تمثيلا للاقتصاد العالمي من مجموعة الـ7. وشدد وزير المالية على أن الاقتصاد السعودي كان تأثره محدودا بالأزمة المالية العالمية، عطفا على السياسات الاقتصادية الملائمة، التي سارت عليها الحكومة السعودية خلال السنوات الماضية، مؤكدا أن السياسات السعودية ونتائجها لقيت إشادة من المؤسسات المالية والدولية ومن المتابعين لتطورات الأزمة المالية الدولية. وأوضح أن «الحكومة تواصل تنفيذ برنامجها الاستثماري في سعي منها إلى حفز النمو وإيجاد مزيد من فرص العمل للمواطنين، حيث بلغت الزيادة في الإنفاق الاستثماري في ميزانية العام الحالي 16 في المائة مقارنة بالعام السابق 2009، الذي بدوره زاد بنسبة 36 في المائة عن العام الذي سبقه، وتتحد أولويات هذا الإنفاق ويتم تخصيصها وتوزيعها في المجالات المختلفة، ومنها مشاريع البنية التحتية بناء على أولويات الجهة المعنية ومتطلبات خططها التنموية أخذا بعين الاعتبار سقف الإنفاق الحكومي المحكوم بالإيرادات المتوقعة».