محافظ مؤسسة النقد السعودي: 3 مخاطر كبرى تعمل بها المصارف المركزية العالمية

«يوروموني»: توقعات بعودة الاستثمارات الأجنبية مدعومة بزيادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد السعودي

TT

حصر الدكتور محمد الجاسر محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي المخاطر التي خلفتها الأزمة المالية العالمية، إلى 3 مخاطر كانت تعمل بها البنوك المركزية ومؤسسات النقد، تتضمن الحد من سياسة النقد التقليدية وتدفقات رؤوس الأموال والمراقبة المالية التي كانت غير كافية.

وطالب الجاسر باستخدام الآليات التي يمكن أن تكشف وتحدد المخاطر المالية، من بينها مراقبة نمو الائتمان إلى الناتج المحلي الإجمالي، والتركيز على مخاطر الائتمان، وضبط عملية الروافع المالية في البنوك المحلية، ومراقبة القروض إلى نسب القيمة، مشيرا إلى أن في السعودية المراقبة الكلية والتفصيلية للمعايير المحافظة.

وقال الدكتور الجاسر إن سياسة النقد التقليدية اعتمدت على هدف واحد هو التضخم وأداة سياسة واحدة ومعدل سعر الفائدة قصير الأجل، وثبت الهدف أنه غير ملائم، لكون التضخم المستهدف أو استقرار السعر ليس كافيا للحفاظ على استقرار مالي، ونظرا إلى خطورة الأزمة الحالية وحقيقة أن معدلات السياسة هي قريبة إلى الصفر، فإن البنوك المركزية في الدول المتقدمة طبقت معايير سياسة نقدية غير تقليدية اشتملت على شراء جميع أنواع الأصول ووضع متطلبات ضمان إضافية مريحة وضخ مزيد من رأس المال والسيولة.

وأضاف الجاسر الذي كان يتحدث في مؤتمر «يوروموني»، أن هذه الإجراءات تشير مجتمعة إلى تقليل الدَّين، مبينا أنه في الأزمات السابقة تصرفت البنوك المركزية كمقرض، بيد أن ذلك التقليل كشف أنهم أيضا مشترون للملاذ الأخير وكان حاسما للحل الناجح للأزمة التي كانت السياسة النقدية منسقة من خلال مجموعة العشرين والسعودية أحد أعضائها.

ولفت محافظ مؤسسة النقد السعودي أنه في الاقتصاديات الصاعدة الوضع يبدو مختلفا نتيجة للنمو الجيد، والتضخم المتنامي وتوقعات التضخم، مشيرا إلى أن بعض البنوك المركزية الصاعدة بدأت سياسة مشددة من خلال نسبة الاحتياطي النقدي وارتفاعات معدل سعر الفائدة، بيد أن تلك الأسواق تواجه طبيعة متقلبة لتدفقات رأس المال التي أوقعتها في أزمة بعدما سحبت البنوك الدولية والمستثمرون النقد خارجا لتجنب خسائرهم في أماكن أخرى.

ورأى أنه في الاقتصاد العالمي والأسواق المتكاملة ومع تدفقات الاستثمار المباشر الأجنبي طويلة المدى وسوق الأسهم قصيرة المدى وتدفقات البنك والسياسة النقدية فإنها مجتمعة لا يمكن أن تكون غير هامة لعوامل خارجية النمو، مشيرا إلى أن دورة تدفقات رأس المال التقليدية بدأت مع تصور جيد في الأسواق الصاعدة وفي الوقت الذي تزداد فيه سخونة الاقتصاد فإن ذلك يكفل سياسة نقدية أكثر تشددا وهو بدوره يشجع تدفق رأس المال بشكل أكثر ويفاقم الضغط المتصاعد على معدل الصرف والطلب الداخلي.

وقال إن «مثل تلك التطورات يستدعي إحداث توازن أكثر دقة بين التصور السياسي وردود فعل السوق»، مشيرا إلى أن الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية هو الأكثر وضوحا نتيجة لفرص الاستثمار الجاذبة في القطاع البتروكيماوي والبنى التحتية والمصانع.

من جهته قال عبد الرحمن العطية الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي إن اقتصادات دول مجلس التعاون وفي مقدمتها السعودية حققت مراكز متقدمة في معظم المجالات، وفق التقارير الصادرة عن الكثير من المنظمات الدولية، حيث استقطبت دول المجلس استثمارات أجنبية مباشرة تزيد على 63 مليار دولار عام 2008، وهذا مؤشر هامّ على جاذبية اقتصادات دول مجلس التعاون للاستثمارات الأجنبية المباشرة، وعلى الاستقرار الذي تتمتع به سياسيا واجتماعيا واقتصاديا.

وأضاف أنه في قمة مجلس التعاون التي عقدت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي وجّه المجلس الأعلى إلى الاستفادة مما توصلت إليه الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى من مرئيات حول الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها على اقتصادات دول المجلس.

وأكد أنه نتيجة لما اتخذته دول المجلس من إجراءات مالية ومصرفية، فقد استمرت في المحافظة على عجلة التنمية وتحقيق معدلات نمو جيدة لاقتصاداتها، مبينا أن ما يلاحظ من نشاط اقتصادي بارز على مختلف الأصعدة والقطاعات في السعودية وبقية دول المجلس، المتمثل في الكثير من المشروعات والبرامج الموجهة لتعزيز التنمية البشرية وتطوير البنية الأساسية، ما هو إلا دليل على نجاح تلك الإجراءات في تحقيق الاستقرار لاقتصاد دول المجلس وتحصينها أمام آثار تلك الأزمة.

وتوقع المهندس مبارك الخفرة رئيس مجلس إدارة شركة التصنيع الوطنية أن يستفيد القطاع الصناعي المحلي من نمو الطلب المحلي والدولي، خصوصا في النصف الثاني من العام الحالي، إذ تشير التوقعات أن ينمو بمعدل 4.1 في المائة خلال العام الحالي، وذلك عطفا على نمو الطلب على البتروكيماويات والارتفاع المتوقع لأسعار البترول أو استقرارها وتوفر المزيد من الطاقات الإنتاجية، مبديا قلقله من تداعيات ما حدث في السوق الأوروبية المشتركة وانعكاساته السلبية على الأوضاع المستقبلية التي يؤمل أن تكون محدودة.

وشدد الخفرة على أن الاقتصاد السعودي مؤهل بشكل كبير لاجتذاب استثمارات أجنبية مباشرة، وذلك بعد أن بلغ حجم الاستثمارات الأجنبية 38 مليار دولار في 2008 بواقع 42 في المائة من إجمالي الاستثمارات، التي اجتذبتها دول غرب آسيا، فإنه من المتوقع أن يشهد العام الحالي عودة الاستثمارات الأجنبية مدعومة بزيادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد السعودي نتيجة الخطط المعلنة للحكومة باستثمار 400 مليار دولار في مشروعات البنى التحتية خلال خطتها الاقتصادية الخمسية التي بدأت العام الماضي وتستمر حتى العام 2013.