35 مليار دولار قيمة الاستثمارات الأجنبية في الشرق الأوسط

مؤتمر يورومني ينهي فعالياته في الرياض من دون توصيات

TT

انتهت فعاليات مؤتمر يورومني أمس، وسط مطالبة خبراء دوليين بضرورة أن تتجه الحكومات والدول في المنطقة إلى مزيد من فرض أنظمة تعزز ضمان الديون وائتمان المشروعات لتعزيز شراكة القطاع الخاص، وتدفع إلى مزيد من احترافية المرافئ والأنشطة الاقتصادية. وجاء ملف الضمانات الحكومية للديون وائتمان المشاريع إضافة إلى تطوير آليات إدارة الأصول وتمويل الشركات والملكية الخاصة، ضمنت عدة ملفات حاولت جلسات مؤتمر يورموني معالجتها في اليوم الختامي لها الذي انتهى من دون إبداء توصيات أو مقترحات عامة لما طرح. ولفت سايمون منك، رئيس استثمارات البنى التحتية بشركة «إنستراتا كابيتال»، إلى أن الفرص الجاذبة ما زالت ضخمة في السعودية ومنطقة الخليج، لا سيما ما يتعلق بمجال البنى التحتية والنشاطات الرئيسية المتعلقة بالطاقة، لكنه لفت إلى موضوع المخاطر الاستثمارية، حيث أكد أن هناك جانبا كبيرا من المخاطرة. ودعا سايمون إلى ضرورة ضمان الحكومات للاستثمارات لتقليص معدلات المخاطر في المشروعات الكبيرة التي ربما تتعثر في وقت ما، مشيرا إلى أنه من المهم إبداء مجال لتأمين الدين ودفع عمليات التمويل للخدمات اللوجيستية والخدمات الأساسية الأخرى لأنها تعطي الثقة للقطاع الخاص. وأفاد سايمون بأن الثقة التي يبحث عنها تهدف إلى تقوية مركز الاستثمار في المشاريع، وبالتالي تعزيز الوضع المالي وتوجه البنوك نحو التمويل اللازم، وتحميس المطورين لمزيد من تنمية الأعمال، لافتا إلى أن استقرار الحكومات يعد عاملا مكملا لهذا التصور.

من ناحيته، أكد ماريو سلامة، مدير إدارة تمويل المشروعات والواردات في بنك «إتش إس بي سي» الشرق الأوسط، أن هناك مشكلات تواجه المشاريع أحيانا، لكن الغالب هو النجاح في توفير التمويل، مشددا على أن البنوك المحلية والعالمية لديها الرغبة في تمويل المشروعات في المنطقة، لكنها تتجه إلى انتقاء تلك المشاريع وتدرسها بعناية.

وأفاد سلامة بأن الهدف الرئيسي من عمليات التمويل هو مشاركة القطاع الخاص بفعالية في النشاطات الحيوية في وقت توجد فيه حكومات قادرة على تمويل المشاريع بذاتها لكنها تبحث عن تحقيق مبدأ الشراكة.

إلى ذلك، قال آنيل بيري، الرئيس التنفيذي لمنطقة الخليج بشركة «يولر هيرمس»: «لم نواجه مخاطر سياسية في منطقة الخليج، لكن المشاريع مرتبطة دائما بالاستقرار، حيث لا يمكن أن تمضي بالتوجهات السياسية، بل لا بد أن تبنى على سياسة تجارية بحتة»، مشيرا إلى أن المطورين والممولين يتجهون إلى متابعة حركة تصنيفات الدول والاقتصادات والقطاعات المالية والبنكية قبل الدخول في المشاريع.

وجاءت الجلسة السابعة لجلسات مؤتمر اليورومني لبحث محور أسواق الائتمان، لأن البنوك باتت تقدم قروضا أقل من الفترة السابقة بسبب الأزمة العالمية، وضرورة تدخل الحكومات في أسواق الدين، كما يجب عليها أن تدعم القطاع الخاص والاهتمام أكثر بتطوير السوق المالية السعودية وتحديث أنظمتها.

وأشاد المتحاورون بالتعامل الناجح لقيادة المملكة مع أزمة الرهن والأزمة المالية العالمية، وأنها باتت من أكبر الأسواق التي يمكنها إصدار سندات غير سيادية، ودعوها ألا تركن إلى تمويل البنوك، بل يجب البحث عن مصادر أخرى، مشيرين إلى أن السعودية تتيح تمويلا يصل إلى 400 مليار دولار على مدى السنوات الخمس القادمة.

ودعا الخبراء إلى ضرورة إدماج الاستثمارات الأجنبية المباشرة والقطاع الخاص في هذا المجال رغم عدم كفاية البنية التحتية المخصصة لجذب رأس المال الأجنبي.

وناقشت الجلسات قضايا تمويل الشركات في ظل الأزمة المالية العالمية، والبحث عن سبل تمويل وإدارة الأصول، وتفضيل المستثمرين في المملكة للأصول العقارية على حساب الأوراق المالية، إضافة إلى قضية الائتمان ومشكلة التمويل للمشاريع السعودية.

وذكر المؤتمر أن هناك نقلة نوعية للاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث تفوقت على نظيرتها التي حدثت لتمويل الشركات وما شهدته المنطقة العربية من نشاط كبير في هذا المجال، وهو ما جعل قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالمنطقة تصل إلى 35 مليار دولار و65 في المائة من إجمالي عمليات التمويل على مدى عامين، 75 في المائة منها تقع ضمن المنطقة العربية، ويأتي جزء كبير منها في السعودية والكويت.

وأشار المتحدثون إلى أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تعاني من صعوبات في الحصول على التمويل، ومن أجل جمع التمويل اللازم عليها التوجه لأسواق المال، وأنها لا تستطيع حشد موارد للتمويل وتحتاج لمزيد من السيولة في ظل وجود رفض لإقراض تلك الشركات، مطالبين البنوك بأداء واجبها في هذا الجانب.

وحول ملكية الشركات العائلية في المملكة، أوضح المتحدثون أن المملكة تعد سوقا كبيرة للأسهم الخاصة، وتعتبر 90 في المائة من الأصول غير النفطية مملوكة لمجموعات عائلية، يدعم ذلك النشاط الكبير لسوق المال السعودية التي تشهد الكثير من الطروحات للشركات الجديدة المدرجة خاصة في ظل عملية تغير هيكلة تلك السوق التي تتم حاليا، إضافة إلى وجود اهتمام أجنبي بالسوق المالية السعودية خاصة في ظل التغيرات التي تشهدها.

وأوضح المتحدثون أن الأصول الخاضعة للإدارة في السعودية تشكل 7.5 في المائة فقط من جملة السوق، وهي نسبة قليلة جدا مقارنة بأسواق أكثر نضجا كالولايات المتحدة، حيث تمثل الأصول الخاضعة للإدارة 72.8 في المائة من جملة السوق، مفيدين بأن المرابحة هي أحد أنواع التمويل في المنطقة، وهي ليست مربحة بالقدر الكافي خاصة أن حجم التمويل في المملكة أصغر مما هو عليه في الولايات المتحدة رغم الحاجة إلى التمويل.

وقال المتحدثون إن المستثمرين في المملكة يتجهون للقطاع العقاري وسوق المال، ومع التنظيم في السوق المالية سيتم التوجه إليها بشكل أكبر خاصة إذا ما تم تصحيح النظرة تجاه الاستثمار طويل المدى، ويجب على السلطات المالية في المملكة العمل من أجل نشر الوعي بين المواطنين السعوديين حول الاستثمار الطويل المدى وأهميته في ظل طرح أدوات استثمارية جديدة كالصكوك ذات العائد والمرابحات المنخفضة التكلفة.