مدير مصرف الرافدين: العراق البلد الوحيد في العالم الذي يتم تبادل السيولة فيه بالأكياس

الياسري لـ «الشرق الأوسط»: اكتشفنا 71 ألف حالة فساد من بين مليون موظف ومتقاعد

العملة العراقية المتداولة حاليا تصل لأكثر من 27 تريليون دينار (أ ب)
TT

قال مدير عام أكبر المصارف العراقية إن بلده هو الوحيد في العالم الذي يتم تبادل السيولة فيه بالأكياس، مشيرا إلى توجه عراقي لحذف أصفار من العملة للتغلب على مشكلة السيولة الضخمة في البلاد.

وقال مدير عام مصرف الرافدين، عبد الحسين الياسري، إن العملة العراقية المتداولة حاليا «أو ما نسميها بالسيولة النقدية، ضخمة جدا، وتصل لأكثر من 27 تريليون دينار، ولكن للأسف نجد أن تداول العملة يتم بواسطة الأكياس، فلا يوجد بلد في العالم يتعامل بالأكياس في تداول عملته، فالتداول يتم بالجيب والمحفظة الشخصية، ولهذا هناك توجه لحذف بعض الأصفار من العملة».

وكشف المسؤول العراقي عن حدوث عملية اختلاس لأموال ضخمة في أحد فروع المصرف في محافظة البصرة، مؤكدا أن العملية دبرت من قبل رئيس مصرف البصرة الأهلي بالتنسيق مع مصرف الرافدين فرع البصرة، غير أن المسؤول العراقي لم يحدد قيمة هذا الاختلاس.

وأكد رئيس مصرف الرافدين في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن الاختلاس حدث في الفرع الرئيسي للرافدين في محافظة البصرة ويسمى فرع الجزائر وأيضا فرع مصرف بغداد (7 قصور)، «حيث استغل مدير المصرف المذكور موضوع إعطاء إعلام لإدارة الرافدين دون إعلام فرع بغداد، وهنا صرفت مبالغ طائلة جراء التحويلات لفترة زمنية دون إجراء كشوفات حساب عليها، لكننا تمكنا من كشفهم بالتعاون مع دائرة المفتش العام، ومن خلال التعاون مع وزارة المالية ألقي القبض على مدير المصرف، حسن كبة، الذي أراد أن يصفي أمواله ويهرب خارج العراق، لكننا استبقنا الأحداث وبمساعدة الاستخبارات العسكرية عثرنا عليه، وهو حاليا في السجن مع عدد من الموظفين في البصرة وبغداد، للتحقيق معهم بتهمة اختلاس مبالغ ضخمة جدا، ولكن للأسف تمارس حاليا ضغوط كبيرة على اللجنة التحقيقية وإدارة السجن وحتى القاضي، ولهذا اتصلت بوزير المالية الذي ساندنا بشكل كبير كي يحاكم هذا المتهم، وقمنا أيضا بتجميد جميع أمواله»، موضحا أنه يمتلك شكوكا حول قيام هذا الشخص باستخدام هذه الأموال الطائلة في أمور أخرى، وعليه أن يوضح حاليا للجهات التحقيقية أين هي هذه الأموال.

كما أشار الياسري إلى ملفات فساد كبيرة تم كشفها مؤخرا، تتمثل في إعادة تقييم جميع ملفات الموظفين الذين يتقاضون مرتبات من الرافدين، إما متقاعدين وإما فئات أخرى، وقال «ومن بين مليون شخص وجدنا أن هناك أكثر من 71 ألف حالة تقع ضمن الفساد وتم كشفهم وتبين أنهم يتقاضون عدة مرتبات ومن جهات مختلفة، وصدر قرار بإيقاف مرتباتهم الوهمية وتحويلهم للقضاء».

عبد الحسين الياسري، الذي فاز مؤخرا بعضوية البرلمان العراقي عن محافظة النجف، قال إنه سيكون ضمن اللجنة الاقتصادية، وأول قرار سيعمل على اتخاذه هو تخليص العراق من براثن البند السابع الذي أضر كثيرا بممتلكات وأموال العراق، على حد قوله، مشيرا إلى أن أموالا كثيرة سرقت بحجة التعويضات «وأصبح كل من هب ودب يدعي على العراق ديونا أو تعويضات ويأخذها بالاتفاق مع شركات قانونية، وللأسف هذا ما قامت به الأردن قبل مدة عندما صادرت أموال العراق المودعة لديها بحجة أن تجارا أردنيين لديهم متعلقات مع العراق، وهذا خاطئ تماما، فالمعلومات التي وردت لي تشير إلى أن شركات قانونية بدأت تفاتح أشخاصا وتجارا هناك وتقنعهم بتقديم دعاوى، وبعد نجاح الدعاوى يتقاسمون الأموال فيما بينهم، وأخذوا أموالا طائلة كانت مجمدة في مصارف أردنية بموجب قانون 30 الأردني»، مشيرا إلى ديون الكويت التي وصفها بغير الموضوعية «لأنها تثير حفيظة الشعب العراقي الذي ثار ضد (رئيس النظام العراقي السابق) صدام، لكونه قام بغزو الكويت عام 1990 وللأسف أغلب الكويتيين يحقدون الآن على العراق وشعبه، رغم أن من تسبب لهم في الأذى ولنا أيضا هو الشخص نفسه وهو صدام حسين».

وأشار الياسري أيضا إلى أن مصرف الرافدين عانى الكثير في الحقب الماضية بدءا من فرض العقوبات الاقتصادية عام 91 وحتى الآن، والأذى الأكبر حدث خلال دخول القوات الأميركية للعراق، ووفقا للياسري فإن من بين 147 فرعا للرافدين 17 فرعا سويت مع الأرض وسرقت الأموال والأثاث وهدمت المباني، و27 فرعا آخر نسب تخريبها بلغت 50%، «حتى وصل الأمر إلى تصفية مصرف الرافدين، هذا الصرح العملاق الذي تأسس عام 1941، بسبب الخراب والديون وحجم الإنفاق الذي وصل إلى 45 مليار دينار عراقي شهريا، وخسائر تبلغ 5.8 تريليون دينار وديون تبلغ 28 مليار دولار، وخسارة المصرف؛ الحسابات الواقفة مليار و800 مليون دولار ووجود موقوفات على أمناء الصندوق تبلغ 33 مليار دينار، وعدد الحسابات المطابقة من مجموع 147 فرعا فقط 12 فرعا مطابقة، ومستندات أحرقت في 27 فرعا ومستندات مالية بينها وغيرها الكثير من المشكلات، لكني عملت على إبقاء هذا الصرح وأقنعت الحكومة بهذا وفعلا عدنا حاليا أقوى من السابق، وحولنا الخسارة إلى ربح بعد أشهر قليلة من عام 2006، حيث بلغت 321 مليارا، وعام 2007 ربح المصرف 727 مليارا، ونجحنا فعلا في سحب 70% من السيولة العراقية، وتبلغ 24 تريليون دينار عراقي من أصل 28 تريليون دينار، علما أن جميع مصارف العراق لا تملك 30% من هذا الحجم المالي، ونقوم حاليا بدعم الاقتصاد الصناعي والخدمي والبناء والتشييد وقروض للمزارعين، وخاصة مشاريع الإسكان، فعدد وحدات السكنية التي يحتاجها البلد تبلغ 3 ملايين وحدة، ولهذا توجهنا للمصرف العقاري ومنحناه 300 مليار دينار، كما نقوم بدعم التجارة الداخلية والخارجية، وأقرضنا وزارة الكهرباء 5 تريليونات دينار، ووزارة الصناعة 24 مليون دولار لتأهيل شركاتها».

وقال مدير مصرف الرافدين العراقي، إنه يجري العمل حاليا على إعادة فتح جميع فروع المصرف خارج العراق، واستحداث فروع جديدة في دول الخليج وأوروبا وأميركا وإيران والصين وفرنسا، «خاصة لدينا عضوية في اتحاد المصارف الفرنسية، وكذلك في بروكسل وألمانيا، ولدينا حاليا فروع عاملة في كل من البحرين وصنعاء وأبوظبي والقاهرة والإسكندرية وبيروت والأردن».