محافظ «دبي المالي» لـ «الشرق الأوسط»: مقارنة بأوروبا.. ما حدث في دبي «استراحة محارب»

أحمد بن سعيد: مقترح إعادة هيكلة «دبي العالمية» يراعي الجميع

TT

اعتبر رئيس اللجنة العليا للسياسة المالية في دبي، الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، أن التدابير التي اتخذتها إمارة دبي قبل بضعة أشهر لإعادة هيكلة ديون المؤسسات ذات الصلة بالحكومة، «هي جزء من التزامنا بالشفافية والحوكمة الرشيدة»، وأنها أخذت في الاعتبار مصالح جميع الأطراف، لافتا إلى أن اللجنة العليا للسياسة المالية المكلفة بالإشراف على السياسة المالية لدبي تعكف على صياغة برنامج شامل للتصدي إلى نقاط الضعف في النظام المالي. بينما اعتبر محافظ مركز دبي المالي العالمي، أحمد حميد الطاير، أن دبي «بخير وأن عملية الهيكلة على مستوى شركة لا يعني أن هناك مشكلات»، معتبرا أن ما حدث في دبي يعتبر «استراحة محارب» مقارنة بما تعرضت إليه منطقة اليورو مؤخرا من مشكلات اقتصادية كبيرة.

وقال الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس اللجنة العليا للسياسة المالية في دبي، إن التدابير التي اتخذتها دبي قبل بضعة أشهر لإعادة هيكلة ديون المؤسسات ذات الصلة بالحكومة «هي جزء من التزامنا بالشفافية والحوكمة الرشيدة»، واعتبر أن اقتراح حكومة دبي بإعادة هيكلة ديون «دبي العالمية» حظي بترحيب واسع في الأسواق المحلية والعالمية، وهو يعكس «التزام دبي بضمان نجاح الكيانات المرتبطة بالحكومة مع التشديد على التعامل المنصف مع كل من الدائنين المحليين والعالميين»، معتبرا أن الاقتراح أخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف، بمن فيهم العملاء، والمقاولون، والموظفون، والدائنون.

وكشف المسؤول عن أن دبي، في إطار استعدادها للمستقبل، تعكف من خلال اللجنة العليا للسياسة المالية المكلفة بالإشراف على السياسة المالية «على صياغة برنامج شامل للتصدي إلى نقاط الضعف في النظام المالي»، مضيفا أن الأزمة العالمية كانت بمثابة امتحان لقدرة حكومات واقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا على الصمود و«من الضروري أن نستمر في التركيز على ضمان سلامة وكفاءة أنظمتنا المالية».

وأكد الشيخ أحمد بن سعيد أن نأن الإجراءات التي اتخذتها دبي على مدى الأشهر القليلة الماضية أسهمت في تجديد الثقة لدى المؤسسات المالية العالمية، مشيرا إلى أن هناك «كثيرا من العوامل الحاسمة التي تسهم في ضمان نمو دبي على المدى البعيد، بما في ذلك الركائز الصلبة التي تقوم عليها، والبنية التحتية المتطورة، ومكانتها الراسخة كمركز إقليمي وعالمي للأعمال، وموقعها الاستراتيجي، والأهم من ذلك كله هو الرؤية السديدة والتزام قيادة دبي بتحقيق النمو المستدام»، مشددا على ضرورة مواصلة التركيز على «المسائل الشاملة التي إذا ما تركت من دون علاج فإنها ستسبب التراجع عن مسار النمو السريع».

وجاء كلام الشيخ أحمد بن سعيد في افتتاح منتدى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا الذي اختتم أعماله أمس في دبي. بدوره اعتبر أحمد حميد الطاير، محافظ مركز دبي المالي العالمي، أن «دبي بخير وأن عملية الهيكلة على مستوى شركة لا يعني أن هناك مشكلات»، مضيفا في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إننا الآن ونحن نشاهد ما حدث في دول مثل منطقة اليورو وما حدث في الولايات المتحدة الأميركية نحمد الله.. فما حدث في دبي كان عبارة عن استراحة محارب».

وركز منتدى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا على خلق فرص استثمارية في هذه المنطقة التي تشترك بعناصر مهمة تجعل من اقتصادها دافعا رئيسيا إلى عودة الاقتصاد العالمي إلى النمو وذلك وفقا للاتجاه العام للمشاركين في المنتدى.

، ويرى الطاير أن هناك تاريخا اقتصاديا وتجاريا منفتحا في هذه المنطقة، «وهناك حاجة متزايدة إلى عمليات تنمية في المنطقة المحيطة بنا وأعتقد أن ما تحقق في دبي في البنية الأساسية سيخدم المنطقة وسيضيف إليها الكثير».

وأشار الطاير إلى أن معدلات النمو الفعلي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا، تحتل حاليا المرتبة الثانية بعد الصين، في حين أن ناتجها المحلي الإجمالي يأتي على قدم المساواة مع كل من المملكة المتحدة والصين، متوقعا أن تتجلى في السنوات المقبلة، أهمية تدابير السياسة المالية والإصلاحات الشاملة بصفتها عاملا حيويا لضمان المحافظة على الانتعاش في المنطقة، واستمرار الزخم القوي للنمو المستدام والمتوازن.

ومن المتوقع، بحسب الطاير، استمرار نمو العدد الكبير من سكان المنطقة، الذي يبلغ نحو 1.6 مليار شخص ينتمي معظمهم إلى جيل الشباب بمعدل 1.4 في المائة على مدى العقد المقبل. ومع ارتفاع نصيب الفرد من الدخل، ستنشأ أسواق استهلاكية كبيرة على امتداد المنطقة.

وتشير التقديرات، وفقا لمحافظ مركز دبي المالي العالمي، إلى أنه إذا كان سعر برميل النفط 50 دولارا فستغدو القيمة الحالية لصادرات مجلس التعاون لدول الخليج العربية من النفط والغاز نحو 18.3 تريليون دولار، أي أكثر مما كان عليه الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة في عام 2008، «أما إذا كان سعر برميل النفط 100 دولار والغاز 15 دولارا، فستكون قيمة الصادرات النفطية الخليجية 37.7 تريليون دولار، أي ما يعادل إجمالي قيمة أسواق الأسهم العالمية كما كانت عليه في نهاية عام 2008». بينما من المتوقع أن تزيد قيمة مشاريع الخصخصة في المنطقة على 900 مليار دولار خلال العقد المقبل.

إلى ذلك أكد الطاير على أن عام 2010 سيشهد مزيدا من التحولات المهمة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا، فـ«خلال العقد المقبل ستقوم المنطقة بدور محوري في تحديد مستقبل الاقتصاد العالمي وستزداد أهمية دورها على الساحة العالمية».

في ذات السياق اعتبر الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم أن الانتعاش القوي الذي تشهده اقتصادات الأسواق الناشئة يبرهن على أنه سيكون المحرك الرئيسي للانتعاش والنمو العالمي، «وتعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا لاعبا رئيسيا في نمو الأسواق الناشئة حول العالم. فالأسس الصلبة التي تمتلكها المنطقة والإصلاحات المالية التي أجراها الكثير من بلدانها خلال العقد الماضي أسهمت إلى حد كبير في دعم قدرتها على الصمود والتعافي بشكل أسرع».

وتعتبر دبي، في رأي الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، نموذجا مصغرا لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا، ليس فقط من الناحية الاقتصادية وإنما من حيث التركيبة الاجتماعية والثقافية، حيث تستضيف دبي أعدادا كبيرة من المقيمين الذين جاءوا من مختلف أنحاء المنطقة والعالم للعمل والعيش فيها.

إلى ذلك شدد رئيس اللجنة العليا للسياسة المالية في دبي على أنه على قناعة تامة من أنه يجب على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا القيام بدور قيادي في توجيه دفة الاقتصاد العالمي نحو مسار أكثر استدامة «ومن دون شك، فإن المرحلة الحالية ملائمة لتستثمر المنطقة مكانتها المتنامية من أجل المساهمة في الجهود العالمية الرامية إلى إعادة رسم الخريطة الاقتصادية والمالية العالمية».