رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري: السعودية سوق كبيرة برؤوس أموال مغرية

طارق عامر في حوار مع «الشرق الأوسط» نخطط لفتح أول فروعنا في السعودية ودبي وأبوظبي

طارق عامر
TT

أكد رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري أن البنك هو الأكبر في مصر من حيث القيمة السوقية، ويستحوذ على 27% من السوق المصرية، مشيرا إلى أن البنك تمكن خلال العام المالي (2008/2009) من تحقيق مؤشرات أداء إيجابية، وأن الأزمة المالية العالمية لم تؤثر عليه لأنه كان يعاني أزمة قبل الأزمة، وتمكن خلال العامين الماضيين من تحقيق إصلاح شامل في سياسته، مكنه من تحقيق نمو مضاعف في الأرباح وإغلاق الفجوات التي كانت في ميزانيته، وهي عبارة عن خسائر سابقة قديمة. ويهدف «الأهلي المصري» في هذه المرحلة للدخول إلى الأسواق الخليجية عبر افتتاح مكتب له في دبي وأبوظبي، وقريبا في المملكة العربية السعودية.

ويقول طارق عامر، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري ورئيسه التنفيذي الشاب، إن «السبب في توسعنا باتجاه الخليج هو أننا سنكون ضمن تجمع كبير لمؤسسات عالمية كثيرة في دبي مثلا، ولديها خبرة في التعامل مع المؤسسات، وحققت إنجازات كثيرة في هذا الإطار.. أما المملكة العربية السعودية فهي سوق كبيرة لرأس المال، وفيها رؤوس أموال كثيرة، وعندما تعرض عليهم فرص جيدة للاستثمار يعرفون كيف يستفيدون منها». ويعتبر المسؤول الأول في البنك أن الأزمة المالية العالمية لم تحد من خطط التوسع في البنك لأن هذه الدول وجدت لتبقى، فما هو تقييم طارق عامر لأداء الاقتصاد المصري؟ وكيف استطاع في فترة قياسية العودة بالبنك الأهلي المصري إلى مستويات الربح وفي عز الأزمة المالية العالمية؟ وكيف ينظر كخبير مصرفي إلى أزمة ديون دبي؟ الشرق الأوسط التقته في دبي وكان الحوار التالي:

* كيف كان أداء الاقتصاد المصري خلال الأزمة المالية العالمية؟

- مصر لم تكن معتمدة بشكل كبير على الأسواق الدولية، لذلك لم يكن التأثير كبيرا عليها، كل ما حدث كان عبارة عن تباطؤ اقتصادي، فبدل أن يحقق الاقتصاد المصري نموا 7 في المائة، أصبح النمو 5 في المائة، فيما الاحتياطي النقدي للبنك المركزي لم يتأثر تأثرا كبيرا بالأزمة، ولا يزال لدينا احتياطي 35 مليار دولار.. فالأزمة المالية في مصر لم تكن واسعة التأثير لأن مصر سوق كبيرة لا تعتمد على الأسواق الخارجية بدرجة كبيرة، ونحن سوق كبيرة قوامها 80 مليون نسمة، ولدينا زراعة وصناعة ونقل بحري ونقل جوي وموانئ بحرية وجافة، لدينا أيضا البحر الأحمر والبحر المتوسط وقناة السويس وتحويلات مصرفية وسياحة وتكنولوجيا وحديد وصلب وبتروكيماويات، ولدينا موارد في الغاز والبترول. الخلاصة أن مصر دولة كبيرة ولديها اقتصاد كبير ومتنوع ولا يعتمد على منتج واحد أو اثنين، ولديها قوة عاملة كبيرة وقوة بشرية، ولديها خبرة راسخة في قطاعات كثيرة.

* وكيف كان وقع الأزمة المالية على البنك الأهلي المصري المصنف كأكبر مصرف في مصر؟

- خلال الأزمة المالية العالمية حققنا أداء جيدا جدا لأننا قبل الأزمة المالية كنا نعاني من أزمة في البنك، وبدأنا في إصلاح هذه الأزمة منذ أبريل (نيسان) 2008، وأستطيع أن أقول لك إننا كنا موفقين في 2008 لأننا كنا بحاجة لتعزيز رأس مال البنك، وتمكنا من أن نتخلص من استثمارات كبيرة بأرباح كبيرة قبل الأزمة. ووصلت أرباحنا الرأسمالية تقريبا إلى 7.7 مليار جنيه.. وبهذه الأرباح الرأسمالية بالإضافة إلى إيرادات السنة، استطعنا أن نغلق الفجوات التي كانت في ميزانية البنك، وهي عبارة عن خسائر سابقة قديمة.

* هل تتحدث عن عملية تصحيح للسياسة العامة في البنك؟

- نعم، فالبنك كان يحقق أرباحا كل سنة نحو 200 إلى 300 مليون جنيه.. لكننا خلال هذه الفترة حققنا صافي أرباح في أول ستة أشهر من العام الحالي وصل إلى مليار جنيه (180 مليون دولار)، وهي أرباح صافية بعد احتساب الضرائب، أما قبل الضرائب فحققنا أرباحا صافية وصلت إلى 1.8 مليار جنيه (350 ملون دولار).

* وما تقييمكم لهذا الأداء؟

- هذا أداء جيد جدا، والبنك الآن يحقق 22 في المائة عوائد على حقوق المساهمين، وهو يحقق تطويرا كبير جدا من خلال استراتيجية كاملة جديدة في البنك نحاول أن ننفذها في الاستثمار والتجزئة والتكنولوجيا، والعملية بدأت منذ سنتين، والتطوير الذي حدث في البنك الأهلي هو نموذج يستحق أن يدرس في العالم، وهذا ليس رأيي الخاص، فهذا ما قاله لنا خبراء في القطاع ومسؤولون دوليون.

* ما هو موقع البنك الأهلي المصري اليوم في قطاع المصرفي المصري؟

- نحن أكبر بنك في مصر من حيث القيمة السوقية، بحيث نستحوذ على 27 في المائة من السوق المصرية. وتمكن البنك خلال العام المالي (2008/2009) من تحقيق مؤشرات أداء إيجابية، حيث بلغ إجمالي المركز المالي في يونيو (حزيران) 2009 نحو 259 مليار جنيه، بزيادة نسبتها 15 في المائة عن يونيو 2008، وبلغت أرصدة الودائع نحو 219 مليار جنيه، بزيادة نسبتها 26 في المائة عن العام السابق، وذلك بفضل قيام البنك بتقديم مجموعة متنوعة من الأوعية الادخارية بالعملتين المحلية والأجنبية، وذلك بأسعار فائدة جاذبة وتنافسية. كما ارتفع صافي الرصيد التراكمي لشهادات استثمار البنك الأهلي التي تعد أكبر وعاء ادخاري للقطاع العائلي في مصر في يونيو 2009 ليسجل نحو 81.3 مليار جنيه، بزيادة نسبتها 2.4 في المائة عن يونيو 2008.

* ما هي خطط البنك للمرحلة المقبلة في ضوء حديثكم عن مستويات نمو عالية؟

- خططنا كثيرة، فنحن نخطط الآن للتوسع في منطقة الخليج ووادي النيل والسعودية، سنبدأ بافتتاح فروع في دبي وأبوظبي، وقريبا في السعودية.. فنحن مثلا افتتحنا مكتبا في إثيوبيا، وأخذنا موافقة من البنك المركزي السوداني لفتح بنك في السودان، وسنتقدم بطلب مماثل في السعودية، ونخطط لفتح فروع في المملكة العربية السعودية قري، فأكبر بنك في مصر لا بد أن تكون له علاقات اقتصادية مع الدول العربية، وهذا أمر لا بد منه، ومن خلال أكبر المؤسسات التي من الطبيعي أن تكون موجودة من أجل التواصل لتبادل المعلومات في سبيل التطوير والتكامل، فنحن أكبر المؤسسات المصرفية في الدولة، ونمول الكثير من العملاء، سواء من أكبر المشروعات في الدولة وحتى أصغر رجل أعمال في مصر. فعندما نعمل في أي دولة سنوصل المعلومات المهمة لعملائنا.

* هل باشرتم بافتتاح فروعكم في دبي والسعودية؟

- سنقوم بفتح مكتب في مركز دبي المالي العالمي.. وتم الترحيب بنا من قبل حاكم المركز، وسنبدأ في السعودية قريبا، وندرس الآن شروط السعودية لفتح الفرع، ونتعرف على شروط البنك المركزي.. نحن نطلب، وشروط الدولة المضيفة هي الأساس، وستكون وظيفة المكتب الجديد أن يتعرف على كل الشركات في القطاعات الخدمية والاستثمارية هنا في المنطقة، ونواحي التكامل التي يمكن أن تحدث مع مصر. فمصر كما قلت لك سوق كبيرة، ونحن سنكون صلة الوصل، والميزة في دبي أن كل المؤسسات مجموعة في مكان واحد هو مركز دبي المالي العالمي.. ودبي عملت لنا خدمة جليلة لأنها جمعت مؤسسات عالمية في قطاعات متعددة إنشائية وبنى تحتية وصحة ونقل وتعليم وبنوك استثمارية، لذلك الميزة أننا سنقوم بعملية الاتصال التي تخلق الفرص الاقتصادية والتكامل، لذلك نحاول أن ننشئ مجموعة استثمارات في مصر ونعرضها بطرق جيدة، ونتعرف على المستثمرين والشركاء في الشركات المتخصصة وغير المتخصصة المالية وغير المالية، ونحقق تكاملا معلوماتيا لأي مستثمر.

* وما الذي يغريكم في السوق الخليجية الإماراتية والسعودية تحديدا؟

- في دبي ما يغرينا هو أننا سنكون ضمن تجمع كبير لمؤسسات عالمية كثيرة، ودبي لديها خبرة في التعامل مع المؤسسات، وحققت إنجازات كثيرة في هذا الإطار، لذلك نحاول أن نستفيد من التجربة.. أما المملكة العربية السعودية فهي سوق كبيرة لرأس المال، وفيها رؤوس أموال كثيرة، وعندما تعرض عليهم فرص جيدة للاستثمار سيتمكنون من الاستفادة منها على اعتبار أنها فرص استثمار جيدة وحقيقية.

* وما الجديد الذي يمكن أن تقدموه في هذه الأسواق التي بدأت تأخذ طابعا عالميا؟

- سنقدم لهم فرص استثمار في مشروعات حقيقية وليس فرص استثمار في أوراق مالية.. سنعرض عليهم فرص الاستثمار في مشروعات حقيقية.

* ما دامت هذه الأسواق بهذه الأهمية، فما هو سر غيابكم عنها كمؤسسة مصرفية مصرية ضخمة حتى الآن؟

- أنا لا أعرف. هل سبب الغياب متعلق بأن تلك الأسواق كانت غير منفتحة على منح تراخيص لمؤسسات مصرفية، أم أننا كمصريين لم نكن بوارد الذهاب في هذا الاتجاه، أو أننا في البنك الأهلي المصري كنا منشغلين بمشكلاتنا الداخلية.. لا أعرف، ولكن أستطيع أن أقول لك إنني ومنذ سنتين (مدة استلامي لمهامي كرئيس للبنك) وتحديدا السنة الماضية كنا نبذل مجهودا مضاعفا لفتح قنوات الاتصال والتعاون الاقتصادي لأن التعاون الاقتصادي بين الدول لن يتم إلا من خلال البنوك.

* لكن هل التوقيت الذي قررتم فيه التوجه لافتتاح فروع في الخليج هو توقيت مناسب ونحن نسمع عن نسب النمو وتداعيات الأزمة المالية؟

- اسمعني جيدا.. كل الأوقات مناسبة للاستثمار، ويجب أن نعلم أن هذه البلدان وجدت لتستمر.. فنحن لا نتكلم عن شركة، نحن نتكلم عن دولة.. ولن أقول إن هذا التوقيت غير مناسب، ولن أتخذ خطوة للاستثمار في هذه الدولة أو تلك.. فمثلا عندما سألوني عن دبي مع بداية أزمة ديونها قلت لهم إنها أزمة وستمر، والديون ستخضع لإعادة جدولة وهذا ما حدث بالفعل.. فنحن رأينا مشكلات كثيرة، ومررنا بأزمات أكثر، ودبي اقترضت الأموال وبنت بها بنى تحتية، ويمكنها الآن بدل السداد خلال خمس سنوات سدادها على سبع سنوات.

* كخبير مالي ومسؤول مصرفي، كيف قرأتم ما حدث لمجموعة «دبي» العالمية من انكشاف وإعادة جدولة لديونها؟

- أيسلندا أعلنت إفلاسها في الفترة الماضية.. ما الذي حدث؟ ما حدث أن كل المقرضين قبلوا بجدولة الديون على 17 سنة، وعشرين سنة، وحذفت أجزاء من الديون وأحيانا أجزاء من الفوائد، وكل ذلك أمر طبيعي في الأزمات، فالمقرض هو من أخذ قرار الإقراض، وهو من يتحمل مسؤولية قراره المالي، وللمقترض ظروفه الخاصة.. ودائما على المقرضين أن ينظروا إلى ظروف المقترض ويرتبوا أنفسهم وخطة الجدولة وفقا لظروف المقترض، وهذا ينطبق على «دبي العالمية».. وثق تماما لو أن «دبي العالمية» لم تتمكن من السداد خلال سنتين ستتمكن من ذلك خلال خمس سنوات، ومن يستطيع أن يجبرها على غير ذلك.. وكيف؟.. فالمال غير موجود.

* هل اطلعت على مقترح «دبي العالمية» المعدل؟

- نعم.

* ما رأيك؟

- أمر جيد حدوث اتفاق.