مجموعة العشرين متفائلة بشأن الانتعاش الاقتصادي.. ولا اتفاق بشأن الضريبة المصرفية

يوسف بطرس غالي: معايير لزيادة مرونة القطاع المالي في 2012

وزير المالية البريطاني جورج أوزبورن أعلن أن الوزراء لم يبحثوا تدهور سعر صرف اليورو الذي يقلق بعض الدول المصدرة
TT

رحب وزراء مالية وحكام المصارف المركزية في الدول الغنية والناشئة الكبرى في مجموعة العشرين، أمس، السبت، بانتعاش اقتصادي «أسرع مما كان متوقعا»، مع بقائهم منقسمين في الوقت نفسه حيال فرض رسم مصرفي عالمي.

وقال كبار مسؤولي المالية في مجموعة العشرين في بيان نشر في ختام اجتماع استمر يومين في مدينة بوسان الساحلية بكوريا الجنوبية: «يواصل الاقتصاد العالمي النمو في شكل أسرع مما هو متوقع، وإنما بوتيرة متفاوتة وفقا للدول والمناطق. لكن التقلبات الأخيرة في الأسواق المالية تذكرنا بأن تحديات كبيرة لا تزال قائمة».

وهذا الاجتماع الذي تمت الدعوة إليه وسط مخاوف بشأن أزمة الديون في منطقة اليورو والرامي إلى تقييم حالة الاقتصاد العالمي، يهدف أيضا إلى إيجاد اتفاق صعب المنال حول إصلاحات النظام المالي وحول تقدير جرعة حساسة بين سياسات النهوض الاقتصادي والتوازن المالي.

واعتبر المسؤولون في مجموعة العشرين أن الأزمات المالية التي تمر بها دول عدة والاضطرابات التي تشهدها الأسواق المالية تشير إلى «ضرورة قيام دولنا بتطبيق إجراءات ذات صدقية مشجعة للنمو للتوصل إلى مالية عامة قابلة للحياة».

لكن وبعيدا عن فرض علاجات فريدة، تعتبر مجموعة العشرين هذه الإجراءات ينبغي أن تكون «متمايزة ومتكيفة مع كل من الظروف الوطنية».

وخلصت مجموعة العشرين إلى أن «الدول التي تمر بصعوبات مالية خطيرة يجب أن تعمل على تسريع وتيرة الدعم. وستقوم الدول بزيادة موارد النمو الداخلية لديها بحسب قدراتها، مع المحافظة في الوقت نفسه على استقرار القطاعات الاقتصادية». وعلق جان كلود تريشيه، رئيس البنك المركزي الأوروبي، على ذلك بالقول إن «التأثير على النمو يجب أن لا يتم النظر إليه على أنه سلبي لأن تقليص الموازنة سيساعد على ترسيخ الانتعاش».

وفيما يتعلق بإصلاح النظام المالي، التزمت مجموعة العشرين «التوصل سريعا إلى اتفاق حول تعزيز المطالب في مجال رأس المال والسيولة التي هي بمثابة القلب في برنامجنا الإصلاحي». وأكد تريشيه أنه يأمل في أن يتم تحديد إطار تنظيمي جديد للقطاع المصرفي من الآن وحتى نوفمبر (تشرين الثاني)، وأن يتم تطبيقه قبل نهاية 2012.

إلا أن الوزراء ومسؤولي المصارف المركزية التزموا في المقابل الصمت حيال إمكان فرض رسم عالمي على المصارف، سيستخدم ناتجه في تمويل خطط إنقاذ في المستقبل.

ويدافع الأوروبيون والأميركيون عن هذا المشروع، في حين تعارضه دول أخرى مثل كندا والبرازيل والهند وأستراليا. وانتقد وزير المالية الكندي، جيم فلاهيرتي، ذلك بالقول إن مناقشة فرض رسم مصرفي «حولت انتباهنا عن مشكلات أساسية»، ورأى أن غالبية دول مجموعة العشرين «لا تدعم مفهوم رسم عالمي».

واكتفت مجموعة العشرين بالدعوة إلى «مساهمة عادلة وجوهرية» من المصارف في خطط إنقاذ مستقبلية محتملة. إلا أن وزيرة الاقتصاد الفرنسية، كريستين لاغارد، أكدت أن «دولا عدة توافق على دراسة مبدأ» هذا الرسم، مع اعترافها بأن «كل العالم لن يلتقي مع الرسم المصرفي».

وشهد اجتماع بوسان الذي كان يفترض به أساسا أن يدرس استراتيجيات الخروج من الأزمة، تعديل جدول أعماله بسبب أزمة اليورو. لكن وزير المالية البريطاني، جورج أوزبورن، أعلن أن الوزراء لم يبحثوا تدهور سعر صرف اليورو الذي يقلق بعض الدول المصدرة.

وقال إن «مجموعة العشرين أيدت بقوة إجراءات أعلنها الاتحاد الأوروبي»، متحدثا عن خطة الدعم البالغة قيمتها 750 مليار يورو لمساعدة بعض الدول الأوروبية التي تواجه أزمات مالية، منها اليونان.

وأضاف: «يتعين علينا أن نقوم بالمزيد لدعم النمو الأوروبي. لا يمكننا أن نعتمد على بقية العالم». وكشف رئيس لجنة السياسات المالية والنقدية في صندوق النقد الدولي، الدكتور يوسف بطرس غالي، على هامش مشاركته في اجتماعات وزراء مالية مجموعة العشرين بكوريا، عن قيام بنك التسويات العالمي في بازل بتحديث معايير إحكام الرقابة على حركة رءوس الأموال، وإدارة المخاطر، وأنه سيتم الإعلان عن تلك المعايير الجديدة عام 2012، مشيرا إلى أن تلك المعايير تستهدف زيادة مرونة القطاع المالي للتصدي لأي أزمة مالية في المستقبل.

وكرر وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر، ورئيس صندوق النقد الدولي دومينيك ستروس، كان القول، أمس، إنه يتعين على الصين أن تترك عملتها الوطنية، اليوان، تحدد سعر صرفها في السوق لأنه دون قيمته الفعلية.

وقال ستروس، كان في مؤتمر صحافي في بوسان: «ينبغي القيام بعمل ما بالتأكيد بشأن اليوان».

وفي مؤتمر صحافي آخر، أكد غايتنر أن مسألة اليوان تمت مناقشتها مع نظرائه في مجموعة العشرين، وهو ما لا يتحدث عنه البيان الختامي للاجتماع. ونسب بيان صادر عن مكتب غالي في القاهرة، أمس، قوله على هامش اجتماع مجموعة العشرين، إن المجموعة أعدت حزمة إجراءات وسياسات هيكلية لزيادة تنافسية اقتصاديات دول المجموعة خلال الفترة المقبلة. وأشار غالي، بحسب بيان وزارته الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن التحدي الأكبر الذي يواجه دول العالم هو كيفية تنفيذ سياسات مالية لتخفيض عجز موازناتها دون التأثير سلبا على معدلات النمو الاقتصادي العالمي، وقال إن الحل هو أن تبدأ الدول في تنفيذ إصلاحات هيكلية عميقة تنهض بتنافسية الاقتصاد والنمو مرة أخرى.

وتخلت كبرى اقتصادات العالم عن خطط لفرض ضريبة عالمية على البنوك، مانحة بذلك الدول مجالا واسعا للمناورة بشأن سبل جعل البنوك تسدد تكاليف التدخل لإنقاذها في المستقبل. وفي نهاية المطاف أخفقت محاولات لفرض ضريبة مصرفية عالمية في مواجهة معارضة من جانب اليابان وكندا والبرازيل التي لم تتطلب بنوكها مساعدة عامة في خضم أسوأ أزمة مالية منذ ثلاثينيات القرن الماضي. وقال وزير مالية كندا جيم فلاهرتي «لا اتفاق للمضي قدما في فرض ضريبة على البنوك». وقالت مجموعة العشرين إنها تدرك توافر عدة خيارات للسياسة وإنها ستقر مجموعة من المبادئ في وقت لاحق هذا الشهر في تورونتو بشأن سبل حماية دافعي الضرائب. وجدد وزير المالية البريطاني جورج أوزبورن تعهده باستحداث ضريبة مصرفية في بريطانيا بصرف النظر عما ستقوم به الدول الأخرى، وقال إنه سيعلن عن تفاصيل خططه ضمن تقرير للميزانية في 22 يونيو (حزيران).

وأبلغ أوزبورن الصحافيين بأن «الدول المختلفة ستقوم بأشياء مختلفة لكن أن يكون هذا تحت مظلة مجموعة العشرين فسيكون مفيدا». كانت بريطانيا اضطرت إلى دعم قطاعها المصرفي والتدخل لإنقاذ عدة شركات.