بهجة وتفاؤل محدودان في «بريتش بتروليوم» بعد احتواء أولي للبئر المنفجرة

رفع بعض النفط المتسرب إلى السطح بعد عملية تركيب للقبة على غير هدى

الرئيس الأميركي باراك أوباما يزور المناطق المتضررة من التسرب النفطي للمرة الثالثة (إ. ب. أ)
TT

أعلن مسؤولون بشركة «بريتش بتروليوم» والحكومة الأميركية أول من أمس أن القبة التي تم تركيبها على فوهة البئر المتدفقة في خليج المكسيك، نقلت بالفعل بعضا من النفط والغاز إلى السطح لكنهم حذروا من أن كميات كبيرة من النفط ما تزال تتسرب وستمضي عدة أيام قبل أن تتمكن الشركة من الإعلان عن نجاح جهود الاحتواء الأخيرة.

كان ما يقرب من 80 شخصا ما بين مهندس وعالم ومسؤول حكومي قد تجمعوا داخل الخلية - غرفة في مركز قيادة العمليات التي تجري تحت سطح البحر - لمتابعة محاولة تثبيت القبة الضخمة يوم الخميس الماضي عبر شاشات الفيديو. وتأتي المناورة التي صمموها خطوة حاسمة في أحدث محاولة لما وصف بأنه سلسلة من الجهود اليائسة لاحتواء النفط المتسرب في أعقاب انفجار الحفار ديب ووتر هورايزون في العشرين من أبريل (نيسان).

عندما اصطدمت القبة بالنفط والغاز المتصاعد من البئر بقوة كبيرة اختفت فجأة واحتجبت عن كاميرات المراقبة عبر سحب الهيدروكربونات التي انتشرت في كل مكان. وتمت عملية التركيب على غير هدى، لكن بضع لحظات من التوتر مرت إلى أن تم تركيب القبة بنجاح على رأس البئر على عمق 5.000 قدم تحت سطح البحر، ثم تم خفضها نصف قدم آخر لإحكام إغلاقها. وقد قوبل نجاح تلك الخطوة بابتهاج بالغ من الحاضرين الذين كان بينهم ستيفن تشو وزير الطاقة الأميركي.

وقال كنت ويلز، المدير التنفيذي لشركة «بريتش بتروليوم» في بيان مقتضب بعد ظهر الجمعة: «يمكنني القول إن الأمور سارت كما كان مخططا لها. أنا سعيد بذلك، لكن لا يزال أمامنا 12 ساعة كفترة تجريبية».

فيما بعد أوردت «بريتش بتروليوم» على موقعها على الإنترنت أن القبة قامت بتحويل 76.000 غالون من النفط إلى سفينة على السطح خلال الـ12 ساعة التي تلت تركيب القبة. وتشير التقديرات إلى أن النفط يتسرب من البئر بمعدل 500.000 إلى 800.000 غالون يوميا.

وواصل الرئيس أوباما انتقاداته خلال زيارته الثانية خلال أسبوع إلى خليج المكسيك، لـ«بريتش بتروليوم» قائلا إن الشركة النفطية دفعت مليارات الدولارات عن أرباح الأسهم ودفعت الملايين للترويج لنفسها في الوقت الذي ذكر فيه الأفراد الذين عانوا من الكارثة من صعوبات في الحصول على مستحقاتهم. وقال أوباما في أعقاب لقائه مسؤولين محليين وفيدراليين في مطار نيو أورليانز: «أريد من شركة بريتش بتروليوم أن تلتزم بواجباتها الأخلاقية والقانونية هنا في الخليج تجاه الدمار الذي تسببت به». وشدد على ضرورة ألا تقصر الشركة في تعويض الصيادين والشركات الصغيرة التي تمر بأوقات عصيبة نتيجة الحادث.

وخلال بيانه قال ويلز إن كمية النفط التي جُمعت يجب أن تتضاعف لأن الفتحات الأربع الموجودة على سطح القبة - مصممة لمرور النفط لتخفيف الضغط على نظام الاحتواء - كانت مغلقة. وقالت حتى الآن لا توجد دلائل على أن القبة أو الأنبوب مسدودة بلورات الهيدرات الشبيهة بالثلج، التي أحبطت الجهود السابقة التي جرت قبل عدة أسابيع لاحتواء بعض النفط في قاع المحيط. لا يستطيع ويلز توقع كمية النفط التي يمكن جمعها على الرغم من تعبير دوغ ستوت مدير عمليات الاستكشاف والإنتاج عن أمله في احتواء 90 في المائة من النفط المتسرب حتى يتم الانتهاء من حفر آبار النجدة التي ستوقف التدفق نهائيا والتي يتوقع الانتهاء منها في أغسطس (آب).

وقال الفني الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن اسمه لأنه لا يحمل تصريحا بالحديث عن جهود الاحتواء، إن الصمامات الموجودة على رأس القبة سيتم غلقها ببطء شديد جدا لضمان عدم الإطاحة بالقبة نتيجة للضغط المتزايد.

خلال المحاولات التي جرى خلالها إعداد فوهة البئر لاستقبال القبة بدت تلك الجهود عديمة الجدوى كالمحاولات السابقة. فقد توقف منشار ماسي يوم الأربعاء بعد قطع أقل من نصف أنبوب الرفع المثبت فوق جهاز مانع الانفجار على فوهة البئر، مما دفع المهندسين إلى التحول إلى استخدام مقص هيدروليكي بطول 20 قدما لقطع الأنبوب.

ونظرا لأن القطع لم يتم بالصورة المطلوبة قرر المهندسون استخدام قبة أخرى من بين 7 تم بناؤها. القبة التي تم اختيارها والتي تحمل الرقم 4 على أحد جوانبها لم تكن في قاع البحر بل تم إنزالها عبر سفينة أخرى ثم تم قطرها إلى سفينة الحفر.

وصممت هذه القبة باستخدام مواد مطاطة ومعدن لين لإغلاق الحافة التي تربط بين أنبوبة الرفع وجهاز مانع الانفجار، ولكن يوجد في الحافة أجزاء بأحجام وأطوال مختلفة. ويقول الفني: «هناك الكثير من المشكلات».

وقال الفني إنه بعد وضع القبة بنجاح، تساءل الدكتور تشو عن السبب وراء تدفق النفط في القاع. وقال مهندسون إنهم كانوا يتوقعون حدوث تسريبات في البداية، على الأقل.

ويقول الفني إنه لمدة ساعة على الأقل بعد وضع القبة في مكانها، قامت غواصتان مُوجهتان من على بعد بالضغط على الجهاز من الجانب المضاد، و«بذلك لا يمكن له التحرك من تلقاء نفسه» تحت ضغط النفط والغاز. وكانت غواصات أخرى تراقب الجهاز من خلال كاميرات فيديو، وكانت إحدى الغواصات تراقب قاع البحر بحثا عن أي علامات تدلل على أن الضغط داخل البئر قد يؤدي إلى مشكلات في الأسفل.

وقال التقني إن الحشد المتجمع، والذي ضم عمالا من «بريتش بتروليوم» وشركات أخرى «شعر بالبهجة» بعد تركيب القبة بنجاح. «ولكن يجب عدم الإفراط في ذلك حاليا إذ لا يعرف أحد النتيجة النهائية». وخلال زيارته إلى الخليج، قال أوباما إنه جرى تعيين مسؤولين فيدراليين للتأكد من أن «بريتش بتروليوم» دفعت المستحقات بصورة صحيحة. وقال: «قالوا إنهم يريدون إصلاح الوضع، وهذا جزء من حملته الإعلانية. حسنا، نحن نريد منهم أن يصلحوا الأمر».

وأعلنت «بريتش بتروليوم» يوم الجمعة أنها سترسل دفعة أخرى خلال الشهر الجاري لأشخاص وشركات خسروا دخلهم بسبب تسرب النفط. وقالت الشركة إنه مع الدفعة الثنائية ستكون الشركة قد أنفقت 84 مليون دولار لتعويض الناس عن الخسائر التي تكبدوها في الدخل.

وقد أثارت المستحقات وقضايا الأرباح الرئيس بصورة واضحة، بعدما انتقده مراقبون سياسيون ومعلقون وحتى بعض الديمقراطيين لاحتفاظه ببروده على الرغم من حالة الغضب بين المواطنين.

وقام أوباما بالاجتماع مع سكان محليين ورجال أعمال يوم الجمعة الماضي، ولم يقم بذلك الأسبوع الماضي بعد أن اجتمع مع مسؤولين محليين لأكثر من ساعتين، ووجهت له انتقادات بسبب ذلك. وعلى صعيد منفصل، قال المتحدث باسم الرئيس روبرت غيبس إن أوباما كتب إلى عائلات أحد عشر رجلا قتلوا عندما انفجرت «ديب ووتر هورايزن»، ودعاهم إلى البيت الأبيض يوم الخميس الماضي. وفي غراند إيل داخل لويزيانا اجتمع أوباما مع أصحاب مارينا ومع صيادين. وبصورة عامة كان المواطنون المتجمعون على جوانب الطرق يرحبون ويلوحون بأيديهم ويلتقطون الصور. ولكن كانت هناك عائلة واحدة تحمل لافتة كتب عليها: «ساعدنا!».

ويوم الجمعة أرسل الأدميرال ثاد آلن، من حرس السواحل المسؤولين عن قيادة الجهد الفيدرالي للتعامل مع الكارثة، خطابا إلى قيادات في الكونغرس يحذر فيه من أن الجهد يواجه خطر نفاد الأموال خلال أسبوعين ويحتاج إلى أموال من صندوق استثمار فيدرالي مخصص لتسرب النفط الفيدرالي، يمول من رسوم مفروضة على شركات النفط. وقال الخطاب، الذي وقعت عليه أيضا وزيرة الأمن الداخلي جانيت نابوليتانو، إن هيئات فيدرالية أنفقت بالفعل 93 مليون دولار على التعامل مع التسرب النفطي، ولم تعوضها «بريتش بتروليوم» حتى الآن.

* خدمة (نيويورك تايمز)