دراسة متخصصة: نسبة البطالة في صفوف المواطنين الخليجيين بلغت 10%

دعت إلى إلغاء النظرة السلبية التي يحملها الكثير من الخليجيين لبعض المهن

دق القائمون على الدراسة ناقوس الخطر معتبرين أنه على الرغم من النمو السريع في بلدان الخليج العربي فإن نسبة البطالة في صفوف المواطنين عند معدلات قياسية («الشرق الأوسط»)
TT

كشفت دراسة متخصصة في مستقبل سوق العمل بدول الخليج العربي عن أن 48 في المائة من السعوديين ممن هم بين الـ20 والـ24 من العمر يعانون من البطالة، بالإضافة إلى 31 في المائة ممن تتراوح أعمارهم بين 25 و29 عاما، فيما تعاني دول الخليج الأخرى من نسب قريبة نوعا ما من هذه النسبة.

ودق القائمون على الدراسة ناقوس الخطر معتبرين أنه على الرغم من النمو السريع في بلدان الخليج العربي فإن نسبة البطالة في صفوف المواطنين الخليجيين بلغت نسبة 10 في المائة وما فوق، داعين إلى تنفيذ تغييرات على نطاق واسع بهدف إيجاد حل لمشكلات البطالة، فيما كشفت الدراسة عن نسب لافتة بخصوص حجم البطالة في دول الخليج.

وخلصت الدراسة التي أعدها مركز الفكرIdeation Center في «بوز آند كومباني» إلى أن غالبية العاطلين عن العمل ممن هم تحت الثلاثين عاما من العمر، يشكلون 48 في المائة من السعوديين ممن هم بين الـ20 والـ24 من العمر، بالإضافة إلى 31 في المائة ممن تتراوح أعمارهم بين 25 و29 عاما. وفي البحرين، 32 في المائة من الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و24 عاما يعانون من البطالة، ناهيك عن 33 في المائة من أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين الـ25 والـ29.

وخلصت الدراسة إلى أن البطالة المقنعة (العمالة الفائضة والعمالة الناقصة التي لا تتلاءم مع المهارات المطلوبة) تشكل مشكلة، لكون الحكومات في دول المجلس هي المستخدم الأول للمواطنين الذين غالبا ما يفتقدون إلى المؤهلات التي تمكنهم من التنافس مع أقرانهم من القطاع الخاص، فلا يبقى للأخير سوى الاعتماد على العمالة الأجنبية.

وبحسب ريتشارد شدياق، الشريك في «بوز آند كومباني»، إذا أرادت المنطقة إيجاد حل للمشكلات المتعلقة بالبطالة، فعليها أن تحدث تغييرات في القطاع العام والخاص كما في الثقافة. ويذهب حاتم سمّان، مدير «مركز الفكر» وخبير اقتصادي رائد في «بوز آند كومباني»، إلى القول: «مشكلة البطالة معقدة في مجلس التعاون الخليجي، وما من حل واحد لها. هناك مشكلات بنيوية متعلقة بالاقتصاد والتعليم والعمالة والهجرة، ويجب معالجتها كجزء من استراتيجية شاملة».

ووفقا للدراسة التي حملت عنوان «مواجهة تحديات العمالة في مجلس التعاون الخليجي والحاجة إلى استراتيجية شاملة»، تتعدد أسباب البطالة في مجلس التعاون الخليجي، ومن أبرزها: نظام تربوي لا يتلاءم مع حاجات الصناعة الحديثة، ومواطنون تعودوا على توقع الدعم الدائم من الحكومات، وسياسات، مثل الهجرة والتقاعد، لم تثبت فعاليتها في سوق العمل.

ووفقا لأحدث توقعات البنك الدولي، ستتخطى القوة العاملة في مجلس التعاون الخليجي 20.5 مليون بحلول عام 2020 مما يمثل زيادة بنحو 30 في المائة من التقديرات الحالية للقوة العاملة التي تبلغ 15.6 مليون. وفي رأي القائمين على الدراسة تزداد حدة المشكلة بفعل الضغط على المنطقة لاستحداث مئات آلاف فرص العمل سنويا.

إلى ذلك اعتبرت الدراسة أن الأموال التي ترسلها العمالة الأجنبية في الخليج إلى بلدانها نوع من التسرب الاقتصادي الذي ينقص إجمالي الناتج المحلي في هذه الدول، ولفتت إلى أنه نتيجة الصعوبة التي تواجهها الحكومات في استيعاب الوافدين الجدد إلى سوق العمل، يحاول هؤلاء، وخاصة النساء منهم، البحث عن طرق غير رسمية للعمل، بما في ذلك المهن الحرة.

ويقول حاتم سمان المشارك في الدراسة، إن دول مجلس التعاون الخليجي استجابت من خلال مجموعة مبادرات تهدف إلى الحد من عدد العمال الأجانب عند الإمكان، ودعم توطين اليد العاملة منها المحافظة على توظيف المواطنين من خلال دعم الرواتب وتطبيق قيود قانونية على العمال الأجانب من خلال تدابير متعددة متصلة بالحصص وزيادة فرص التوظيف للمواطنين من خلال تدابير، مثل فرض تأشيرات الدخول الخاصة بالعمال ورسوم على إجازات العمل، وفرض تدابير خاصة مثل القيود على تنقلات العمالة الأجنبية وعائلاتهم. لكن شدياق يرى أنه منذ أن تبنت دول الخليج هذه السياسات، «لم تسهم هذه التدابير إلا بالتأثير بشكل بسيط على وضع البطالة في المنطقة».

كما أن من بين السبل الأخرى، وفقا للدراسة، لزيادة مشاركة اليد العاملة من مواطني دول مجلس التعاون، إلغاء النظرة السلبية التي يحملها الكثير من المواطنين إلى العمل في بعض القطاعات ووظائف المستوى البدائي.

في مقابل ذلك تولي الدراسة جانبا لمشاركة النساء في القوة العاملة التي اعتبرت أنها متدنية حيث بلغ متوسط معدل مشاركة النساء في القوة العاملة في مجلس التعاون الخليجي 33 في المائة في عام 2005 الذي يعتبر عام النمو الاقتصادي القوي، حيث تراوحت هذه المشاركة بين 18 في المائة في المملكة العربية السعودية و50 في المائة في الكويت. وفي عام 2008، تم تقدير البطالة الوطنية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بنحو 13 و14 في المائة، و15 في المائة في البحرين وعمان، على الرغم من النمو السريع في اقتصادات تلك الدول منذ عام 2003.

أما قطر، فعانت من بطالة بنسبة 3.2 في عام 2007 (بعدما انخفضت من 11.6 في عام 2001).

ويفيد الدكتور حاتم سمان، مدير «مركز الفكر» وخبير اقتصادي رائد في «بوز آند كومباني» بأنه «قد يشير هذا الانخفاض في مستويات البطالة في قطر إلى مشكلة كامنة في مجلس التعاون الخليجي، حيث عادة ما تمثل الحكومات في المنطقة الملاذ الأول والأخير بالنسبة إلى توظيف المواطنين».