مدير «جنان العقارية»: سننفذ 4 مشاريع عقارية باستثمارات 1.6 مليار دولار في السعودية

بسام بودي لـ «الشرق الأوسط»: الرهن العقاري ليس الحل السحري لمشكلات الإسكان.. وسنعمل على تأسيس صناديق استثمارية

الدكتور بسام بودي (تصوير: بطرس عياد)
TT

كشف الدكتور بسام بودي المدير التنفيذي لشركة «جنان العقارية» عن عزم الشركة على تنفيذ 4 مشاريع عقارية كبرى في المنطقة الشرقية بلغت تقديراتها نحو 6 مليارات ريال (1.6 مليار دولار)، وذلك بعد مرور سنيتين قضتها الشركة في مزيد من الدراسة والتخطيط لكيفية تنفيذ مشاريعها.

بودي الذي لم يخف تأثير الأزمة المالية، قال إن صعوبة الشروط القاسية التي كانت تتبعها البنوك والمصارف في تمويل المشاريع بدأت في الانحسار، إلا أنه أكد أن الشركة لم تكن في حاجة إلى التمويل في الفترة الماضية، حيث اعتمدت على التمويل الذاتي في توفير المواقع التي ستقام عليها المشاريع، كما أكد أن شركة «جنان» في طور تأسيس عدد من الصناديق العقارية لتمويل مشاريعها.

* مر على الشركة منذ تأسيسها نحو سنتين.. طوال هذه الفترة لم يظهر لها أي مشروع على أرض الواقع..

- عندما أسست شركة «جنان العقارية» قبل نحو سنتين، كان الهدف إيجاد شركة تطوير عقاري كبرى في المنطقة، وليس فقط من ناحية رأس المال، وإنما من ناحية الدور الذي ستلعبه في التطوير العقاري في المنطقة، لذلك أخذت الشركة على عاتقها تبني مشاريع كبرى في المنطقة تساهم في تطوير المجتمع وإيجاد منتجات عقارية متميزة تخدم بناء المجتمعات المتكاملة، وأخذت في الحسبان توفير القطاع الإسكاني مترافقا مع الخدمات المساندة له، مثل الأسواق والمنتجعات والمكاتب، وبالتالي عندما بدأت الشركة، لم يكن ضمن خططها منافسة الموجودين، بقدر ما كانت تخطط لتقديم شيء مختلف يقود التنمية والتطوير العقاري.

فلسفة الشركة في مشاريعها أن الجيل المقبل سيختلف في أولوياته واحتياجاته، لذلك لا بد من أن تتم مراعاة ذلك في المشاريع العقارية الكبيرة، و«جنان سيتي» تكلفته تصل إلى 1.2 مليار ريال، لذلك لا بد من أن يقوم على تخطيط صحيح وسليم منذ البداية.

* هل كان للأزمة المالية العالمية أو لتشدد المصارف المحلية في علمية الإقراض، أي دور في تأخر بدء تنفيذ المشاريع؟

- لا أعتقد ذلك، فالشركة تأسست بالتزامن مع بداية مؤشرات الأزمة المالية العالمية، في منتصف عام 2008، لكن الشركة أخذت منحى مختلفا. الشركة عندما أسست كانت أهدافها بناء مشاريع متميزة، وبالتالي رأت أن تكون استراتيجيتها استثمار هذه الفترة في التخطيط والتصميم للمشاريع التي تنوى إنشاءها.

* كيف كانت الأزمة المالية فرصة للتخطيط؟

- كانت فرصة طبيعية للمشاريع التي تنوي الشركة إقامتها، ولم يكن التحدي هو التخطيط والتصميم فقط، وإنما كان: هل يمكن الاستمرار في المشاريع أم إيقافها؟ فعندما حدثت الأزمة أوقفت كثير من الشركات مشاريعها، وأوقفت التصميم والتخطيط، نحن في «جنان» أسسنا شركة لهدف معين، وطبيعي في أي دورة عقارية أن تعود السوق مرة أخرى. لذا، قررت الشركة أن تنطلق في تخطيطها وتصميمها وتقدم منتجا تحتاجه السوق وقت توفر هذه المنتجات في السوق وحين تقول دراسات الشركة إنها ستكون جاهزة لهذه المنتجات، وبالتالي لم تتوقف الشركة في أي من مشاريعها.

* هل واجهتكم صعوبات في عمليات تمويل المشاريع لذا فضلتم إعطاء الدراسة فترة أطول، أم إنكم تعملون بتمويل ذاتي؟

- لا نزال نعمل من خلال التمويل الذاتي. وفي العادة، فترة التخطيط لا تحتاج إلى تمويل كبير، فالأراضي التي ستقام المشاريع عليها تم شراؤها عن طريق التمويل الذاتي، لكن بالتأكيد تحتاج مشاريع الشركة التي تخطط لتنفيذها إلى تمويل كبير، ومن حسن الحظ أن الأزمة المالية العالمية بدأت تستوعب من القطاع المصرفي، وبدا الاتجاه واضحا الآن لإنعاش السوق، من خلال طرح شروط جيدة للتمويل.

* ما خطط الشركة لتمويل مشاريعها؟

- المشاريع التي تطرحها الشركة مشاريع كبرى، وسيكون التمويل مختلفا من مشروع لآخر.. في بعض المشاريع ستعتمد فيها الشركة على التمويل المباشر، وفي مشاريع أخرى سيختلف التمويل بحسب استراتيجية الشركة في ذلك. على سبيل المثال، في مشروع «جنان سيتي»، سيتم تأسيس محفظة عبر شركاء مساهمين، بالإضافة إلى الحصول على تمويل إضافي لتنفيذ المشروع، وبالتالي لن يكون تمويل المشاريع بنكيا بالكامل، وإنما سيتم تأسيس محافظ بنكية، ونتوقع دخول كبار المستثمرين كشركاء استراتيجيين بعد أن تكتمل ملامح المشاريع الذي سيتم طرحها.

فمشروع مثل «خليج الدانة» الذي تصل تكلفته إلى نحو 4 مليارات ريال، سينفذ عبر تطوير مشترك بين «جنان» ومطورين آخرين، ستلعب الشركة دور المطور في المشروع، حيث ستنفذ المخطط العام للمشروع وبعض الأجزاء الرئيسية فيه، لكن تنفيذ بقية الأجزاء مثل الفنادق والفيلات والشاليهات سيتم عبر مطورين آخرين، سيوفرون تمويلها بطرقهم الخاصة عبر تمويل ذاتي أو بنكي، أو من خلال الصناديق العقارية.

* كم تبلغ قيمة المشاريع التي تعمل الشركة على التخطيط لتنفيذها في المرحلة المقبلة؟

- الشركة في الفترة الحالية تخطط وتصمم أربعة مشاريع بقيمة تصل إلى 6 مليارات ريال، هي: «جنان سيتي»، و«خليج الدانة»، و«حدائق الخبر»، و«ممشى الخبر»، وهذه مشاريع استراتيجية للشركة ستركز نشاطاتها على تنفيذها.

* متى ستنفذ هذه المشاريع بالكامل؟ هل سيتم تنفيذها بالتزامن، أم كل مشروع على حدة؟

- في مشروع «خليج الدانة» على سبيل المثال، انتهت الشركة من إعادة تقييم المشروع، ورفع مستوى الخدمات التي يتطلبها المشروع، وستبدأ الشركة قبل نهاية الربع الرابع من العام الحالي، إطلاق المشروع والتعريف به، والبدء في تسويقه، وسينفذ على مراحل، ستنطلق المرحلة الأولى من المشروع قبل نهاية العام، وستبدأ الشركة في إنجاز الجزء الخاص بها، وسيبدأ الشركاء الاستراتيجيون في المشروع في تنفيذ الأجزاء الخاصة بهم، وتشير التقديرات إلى اكتمال عناصر المشروع كافة بنهاية عام 2016.

وسيتزامن مع ذلك البدء في مشروع «حدائق الخبر» الذي سيضم 280 وحدة سكنية وسيكون عبارة عن حي سكني، وسيكون مختلفا، حيث إن خطة الشركة هي طرح المشروع للتمليك، ولن تكون هناك خطط تشغيلية للمشروع. وبالنسبة لمشروع «جنان سيتي»، ستبدأ الشركة في تسويق المشروع عام 2011، أما المشروع الرابع «ممشى الخبر» فسيكون مختلفا، لأنه عبارة عن مشروع ترفيهي وسيكون دور الشركة فيه تشغيليا.

* كم وحدة سكنية ستضخها الشركة في السوق العقارية بعد اكتمال مشاريعها التي تخطط لها؟

- الوحدات المتوقعة 1500 وحدة سكنية تشمل وحدات التمليك لأن جزءا من المشاريع تطرح وحدات سكنية للتمليك، كما تشمل وحدات التشغيل.

* هل سينحصر نشاط الشركة في المنطقة الشرقية أم سيمتد إلى المناطق الأخرى؟

- كشركة حديثة النشأة، ستركز في بداية نشاطها على المنطقة الشرقية، وبعد نجاح المشاريع الأربعة التي تعمل على إنجازها، ستنطلق بهذا النجاح إلى المناطق الأخرى، وذلك لتكرار تجربة النجاح في أية منطقة تستهدفها.

* السوق العقارية السعودية تترقب إقرار نظام الرهن العقاري. ماذا سيضيف النظام لشركات التطوير العقاري بما فيها شركتكم، وماذا سيقدم للسوق بشكل عام؟

- أريد أن أشير أولا إلى أن نظام الرهن العقاري مطلب أساسي وأداة مهمة جدا لتنظيم سوق التمويل العقاري، لذلك قد يحصل خلط بأن النظام هو الحل السحري لحل مشكلة الإسكان في السعودية، وأن إقرار النظام وتطبيقه سيساهم في تنظيم السوق، وتوسيع قاعدة التمويل من البنوك ويخفض تكلفة التمويل، بمعنى: «تمويل أكبر بتكلفة أقل لعدد أوسع من الناس». ماذا سيقدم لنا كشركة تطوير عقاري؟ بالتأكيد سيزيد عدد القادرين على شراء الوحدات السكنية التي نخطط لتنفيذها، لأن كثيرا من الراغبين في شراء المساكن بحاجة إلى التمويل، وفي غياب النظام ستكون الشريحة القادرة على الشراء محدودة، ولا بد من أن يكون لديها دخل معين وضمانات معينة.

* صدرت دراسة حديثة من غرفة الشرقية تشير إلى أن 40 في المائة من المساكن في السعودية لا ينطبق عليها نظام الرهن العقاري. كيف ترون ذلك وأنتم أحد أعضاء اللجنة العقارية؟

- نظام الرهن العقاري له شقان؛ الأول رهن العقار مقابل الحصول على قرض أو تمويل من البنك، بحيث يحتفظ صاحب العقار بالملكية، ويكون للبنك امتياز بيع العقار في حال لم يتم سداد القرض أو التمويل، وهذه لها تبعات قانونية كثيرة؛ منها ضمان البنك لحقوقه، وضمان حق مالك العقار وورثته لحقوقهم، وهذا الجزء من النظام ينطبق على جميع المساكن؛ القديم منها والجديد. الشق الثاني من نظام الرهن العقاري، هو تمويل الوحدات الجديدة، وبالتالي ستكون متوافقة مع النظام، لأن ما يقبله البنك يقبله نظام الرهن العقاري، ولن يكون للنظام شروط غير شروط البنك.

* هناك مشاريع تطوير عقاري تعاني من تدني الطلب على وحداتها السكنية.. ألا يعني ذلك مؤشرا على ضعف السوق بشكل عام؟

- الدراسات والتقارير تتحدث عن 200 ألف وحدة سكنية تحتاجها السعودية سنويا، وكما هو معروف، الطلب على المساكن طلب تراكمي، فالأعداد التي لا يتم توفيرها هذا العام ترحل لتضاف على الطلب العام المقبل.

مشكلة الإسكان في السعودية بشكل عام، هي أن الطلب على الوحدات السكنية كبير في مقابل مستوى دخل منخفض وقدرة محدودة على الشراء، لذلك لا بد من أن يتوافق سعر المنتج العقاري مع الشريحة المستهدفة. مشكلة أخرى، هي أن القطاع يعتمد على المطورين الذاتيين (الأشخاص الذين يبنون مساكنهم)، يعتبر العمود الفقري لقطاع الإسكان، فإذا كانت شركات التطوير العقاري توفر 10 في المائة من حاجة السوق، فإن البقية تأتي عبر التطوير الذاتي.

* الصناديق العقارية.. كيف ترون دورها في تطوير القطاع العقاري السعودي؟ وما المآخذ عليها؟

- اعتقد أن هيئة سوق المال عندما وضعت شروط الصناديق العقارية بالغت في تقييد المطورين العقاريين حفاظا على مصلحة المستثمرين العقاريين، وقد تكون استوردت أفكارا لا تتناسب مع طبيعة السوق العقارية السعودية والسوق العقارية في المنطقة بشكل عام، وبالتالي هي في حاجة إلى المراجعة والمواءمة، وعدم إقبال الناس عليها يشير إلى أن هناك مشكلة. والدليل على ذلك، المقارنة بين عدد المساهمات وعدد الصناديق، عشرات المساهمات في مقابل 15 صندوقا، ومعظمها طرح خاص تستهدف مستثمرين ذوي ملاءة مالية كبيرة لا تتوفر لدى كثير من فئات المجتمع، كما خلقت سوقا سوداء وعادت المساهمات العقارية كما كانت في السابق، لأن صناديق الطرح العام ما زالت مقيدة وإجراءاتها طويلة جدا، فما ذنب صغار المستثمرين الذين كانوا المحرك الرئيسي للمساهمات العقارية في السابق؟

* كيف ستستفيد الشركة من نظام الصناديق العقارية؟

- الشركة تتفاوض مع جهات متخصصة لإطلاق صناديق لبعض المشاريع، فمثلا مشروع «جنان سيتي» سيتم تأسيس صندوق عقاري له عبر الطرح الخاص، وفي «خليج الدانة» سيتم تأسيس بعض الصناديق الخاصة لبعض أجزاء المشروع. جميع الصناديق التي ستنشئها الشركة ستكون بنظام الطرح الخاص، والسبب هو التعقيدات التي ستواجه تأسيس صناديق بنظام الطرح العام، مما يمثل عبئا على الشركة ويرفع من التكلفة.

* هل تنوي الشركة إقامة تحالفات مع شركات عقارية أخرى أو شركات مقاولات لتنفيذ مشاريعها؟

- لدى الشركة تحالفات في مشروع «ممشى الخبر» مع شركة عقارية، كما أن لديها شركاء استراتيجيين في مشروع «خليج الدانة»؛ فمن ناحية التحالفات تسعى الشركة إلى ذلك لاستثمار تخصصها في التطوير مع شركاء آخرين قد يملكون أراضي أو أفكارا أو سيولة يرغبون في استثمارها في قطاع التطوير العقاري.

أما من ناحية المقاولين، فمن المبكر الدخول في ذلك، ولدى الشركة خطط في التعامل مع كل مشروع بطبيعته، لأن لدى الشركة مشاريع متنوعة؛ منها القطاع السكني، وهذا له طبيعة مختلفة ومتطلبات غير الأبراج، التي تحتاج تخصصات معينة.

* ما أبرز مشكلات التطوير العقاري في السعودية؟

- قطاع التطوير العقاري من أصعب القطاعات، فعندما نتكلم عن التطوير الفوقي كمشاريع شركة «جنان»، فهذا القطاع صعب لأنه يحتاج إلى خبرات ودراسات وأبحاث واستشاريين، لكن إذا تكلمنا عن تطوير الأراضي وبيعها فهذا مربح وسهل، وكثير من مشاريع التطوير العقاري كانت تصمم وتباع كأرض وينتهي المشروع عند هذا الحد، لأن الأرض أكثر ربحية.

أكبر عقبة تواجه قطاع التطوير العقاري هي عدم وجود الأنظمة التي تساعد المطورين على تحقيق التصاميم المعمارية المتميزة في المنطقة، فإقرار مشروع ما يحتاج إلى الوقت.. قضاء ثلاث سنوات في الحصول على موافقات فقط لأحد المشاريع يزيد من تكلفة التطوير لأن الأرض خلال هذه الفترة ارتفع سعرها 50 في المائة، فيستفيد من سعر الأرض ببيعها ولا يستفد من تصميم المشروع، ولذلك يتهم المطورون بأنهم صمموا ولم ينفذوا مشاريعهم.

كذلك المشكلات المتعلقة بالارتفاعات، هنا في الخبر قيود على ارتفاعات المشاريع المتميزة.

* هل السوق السعودية في حاجة إلى مزيد من شركات التطوير العقاري؟

- قبل أن نتحدث عن عدد الشركات ظهرت شريحة من المستثمرين تقوم ببناء فِلَّتيْن وأربع فيلات.. فهل يصنف هؤلاء كمطورين عقاريين؟ بهذا الحجم سنحتاج إلى آلاف المطورين العقاريين، لكي يتوفر العدد المطلوب من الوحدات السكنية التي يحتاجها البلد. في المقابل، عدد المطورين (شركات التطوير العقاري) الذين لديهم القدرة المالية والإمكانيات لبناء مئات الوحدات السكنية، قليل. نحن في حاجة إلى عشرات المطورين. من المشكلات التي يواجهها قطاع التطوير العقاري، صغار المطورين لأنهم لا يقدمون أية ضمانات للجودة لمن يشتري منهم، ولا أية تنظيم للعلاقة بين الملاك. هذه الأيام صدر نظام البيع على الخارطة ولم يحدد النظام إلى الآن الحد الأدنى لعدد الوحدات السكنية في المشروع أو تكلفتها، عن طريق هذا النظام من لديه أربع فيلات يمكن أن يبيعها على الخارطة، من دون أن تحدد الضمانات التي تقدم للمشترين، ولذلك كانت المطالبة بتأهيل للمطورين العقاريين وإعطاء المؤهل منهم ترخيصا بالبيع على الخارطة.