قيادات قطاع الأعمال البريطانية ترفض الضغوط الأميركية على «بي بي»

انخفاض أسهم الشركة لأقل مستوى لها منذ 13 سنة > رئيس وزراء بريطانيا يبحث مع أوباما وضع «بي بي»

TT

خاطر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بإغضاب الأوساط المالية والاقتصادية البريطانية أمس بعد أن أعلن أنه يتعاطف مع إحباط البيت الأبيض بسبب الكارثة البيئية في خليج المكسيك. وحث كاميرون شركة «بي بي» البريطانية على عمل كل ما في وسعها لإصلاح الوضع المترتب عن تسرب النفط في خليج المكسيك، وأكد أنه سيناقش الأمر مع الرئيس الأميركي باراك أوباما عبر الهاتف قبل زيارته إلى واشنطن الشهر المقبل.

وانتقد قادة قطاع الأعمال البريطانيين إدارة الرئيس الأميركي أوباما لمستوى الضغوط السياسية التي تمارسها على شركة «بريتش بتروليوم» النفطية البريطانية العملاقة، بسبب حادثة تسرب النفط في خليج المكسيك، في الوقت الذي طالب فيه المستثمرون البريطانيون الحكومة البريطانية بالتدخل لدعم الشركة. وذكر مسؤولون بريطانيون، في ما يبدو أنه استجابة لتلك الضغوط، أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون سيتناقش هاتفيا مع الرئيس الأميركي باراك أوباما حول شركة الطاقة العملاقة «بي بي»، وعن بقعة التسرب في خليج المكسيك مطلع الأسبوع المقبل، ووصف مسؤولون المكالمة المنتظرة بأنها مسألة روتينية، وقالوا إنه سيتم كذلك بحث جملة من القضايا ذات الاهتمام المشترك، ومن المؤكد أن «بي بي» ستكون من بين تلك الموضوعات.

وفي الوقت نفسه استمرت قيمة أسهم شركة «بي بي» في التدهور أمس الخميس، وانخفضت خلال التعاملات إلى أقل مستوى لها في 13 سنة، في الوقت الذي استمرت فيه ضغوط واشنطن علي الشركة البريطانية لدفع مزيد من التكاليف وخفض معدلات الأرباح السنوية.

وأوضح ريتشارد لامبرت رئيس اتحاد الصناعات البريطانية في رسالة إلكترونية: «إنه لأمر مثير للقلق عندما يتدخل السياسيون في أمور الأعمال بهذه الطريقة». وفي الوقت نفسه طالب أليستر تيبت المتحدث باسم معهد المديرين، وهو أحد جماعات الضغط البريطانية، الحكومة بالتدخل قائلا: «لقد حان الوقت للسياسيين بالتدخل». وقد التقى الرؤساء التنفيذيون لمجموعة من أكبر الشركات البريطانية، من بينها شركة «فودافون» ومجموعة «بريتش غاز» ومؤسسة «دبليو بي بي »، في «حفل» في مقر شركة «بي بي» - يوم الاثنين - لإعلان تأييدهم للرئيس التنفيذي توني هايورد، طبقا لما ذكرته مجلة «بيزنيسويك» الأميركية في عددها الصادر أمس.

وقد أكدت «بي بي» اللقاء، لكنها نفت أن الأمر كان حفلا. وقال المتحدث باسم الشركة توبي أودون: «كان لقاء غير رسمي لعدد من كبار المساهمين الذين يتابعون الأحداث الحالية». إلا أن أودون لم يتمكن من تأكيد أو نفي ما إذا كان قد جرى تقديم الكحول في الحفل، وما إذا كان فرانك تشابمان رئيس مجموعة «بريتيش غاز» قد احتضن هايورد مؤيدا، وعما إذا كانت الحكومة البريطانية كانت ممثلة في هذا الحفل. وقد تبين أن رئيس هيئة الاستخبارات الخارجية «إم آي 6» جون سايورز، حضر الحفل.

ومن المعروف أن الكثير من المسؤولين في أجهزة الاستخبارات ووزارة الخارجية البريطانية يعملون في «بي بي» بعد ترك وظائفهم في الحكومة. وكان هايورد قد تعرض لانتقادات حادة في الولايات المتحدة بسبب تصميم الشركة لبئر النفط الذي انفجر، وجهود تنظيف آثار تسرب النفط، وبعض التعليقات.

وفي الوقت نفسه ذكر المستثمرون أن الوقت قد حان لتدخل كاميرون. وقال إريك تشوكر المتحدث باسم جمعية المساهمين البريطانية: «أرى أنه من الغريب جدا ابتعاد الحكومة البريطانية عن أمر يهم الكثير من المدخرين البريطانيين». كما ذكر بوريس جونسون عمدة لندن، وهو حليف مقرب من كاميرون أن التهديدات التي تتعرض لها أرباح «بي بي»، التي يريد السياسيون الأميركيون خفضها، هي «أمر قومي».

وتخشى تلك المجموعات من أن يكون لتلك اللهجة تأثير سلبي على الشركات البريطانية الأخرى العاملة في الولايات المتحدة.

وقد يتسبب الانخفاض الشديد لسعر سهم «بي بي» وكذا ضغط واشنطن من أجل ألا تقوم الشركة بتوزيع حصص أرباح على حملة الأسهم، في عواقب وخيمة بالنسبة لصناديق التأمينات البريطانية وغيرها من المستثمرين. وتختص «بي بي» بما بين 12 و13 في المائة من توزيعات حصص الأرباح في بريطانيا، وواجهت الحكومة انتقادات لعدم وضوح موقفها بخصوص القضية، وقال المتحدث باسم الحكومة البريطانية: «يتفهم رئيس الوزراء أن هناك الكثير من الأشخاص غاضبون ومنفعلون بشأن ما حدث». وأضاف: «هذه مأساة بيئية، ومردودها سيتجاوز بكثير مجرد التأثير البيئي، وهذا هو السبب وراء تشجيعنا (بي بي) كي تجد حلا في أقرب وقت ممكن».

وكان وزير الداخلية الأميركي كين سالازار قال إن على «بي بي» أن تدفع مرتبات العمال الذين تم الاستغناء عنهم بسبب توقف عمليات الحفر بسبب واقعة التسريب - وهو أمر يمكن أن يكلف مئات الملايين من الدولارات. وذكر مصدر في «بي بي» أن مثل هذه المطالب يمكن أن تؤدي إلى مواجهه مع البيت الأبيض.

وفي لندن أصدرت شركة «بي بي» العملاقة بيانا أعلنت فيه أن لديها المرونة المالية للتعامل مع التزامات مرتبطة بالتسرب النفطي لها بأي مبرر لانهيار أسهمها أول من أمس الأربعاء. وقالت الشركة في بيان: «تواجه (بي بي) هذا الموقف كشركة قوية», وأضافت أن تكلفة التعامل مع التسرب النفطي بلغت حتى الآن نحو 1.43 مليار دولار.

وفي هيوستون بولاية تكساس الأميركية قالت إن نظامها لاحتواء النفط المتسرب من بئرها جمع 7920 برميلا من الخام في فترة الاثنتي عشرة ساعة المنتهية في الساعة 17:00 بتوقيت غرينتش.