الحكومة البريطانية تتهيأ لتخفيض العجز العام.. واستعدادات للتظاهر

هيئة مستقلة تحذر من رفع عدد العاطلين عن العمل إلى 3 ملايين.. وتعريض التعافي الاقتصادي للخطر

ستقدم الحكومة البريطانية الجديدة ميزانية طوارئ في 22 من الشهر الحالي (رويترز)
TT

في وقت تتحضر فيه الحكومة البريطانية للكشف عن ميزانية طوارئ في الأيام المقبلة ستعلن فيها خططها لخفض الإنفاق العام، حذر خبراء مستقلون من أن هذه الخطط قد ترفع عدد العاطلين عن العمل في البلاد إلى 3 ملايين شخص، وتجمد معاشات العاملين في القطاع العام لمدة 5 سنوات. ويبلغ عدد العاطلين عن العمل في الوقت الحالي مليونين ونصف المليون، وهو رقم مستقر منذ بضعة أشهر، بحسب مكتب الاحصاءات الوطنية.

وتنوي الحكومة البريطانية الائتلافية التي يرأسها زعيم حزب المحافظين ديفيد كاميرون، أن تخفض حجم العجز العام المرتفع في البلاد، عبر تخفيض ما تسميه «الهدر» في القطاع العام بأكثر من 6 مليارات جنيه إسترليني، وتجنب رفع الضرائب. ومن المتوقع أن تخفض نفقات كل وزارة بحدود 20 في المائة، ولن يستثنى من ذلك سوى وزارتي الصحة والتنمية الدولية.

وسيقدم وزير الخزانة جورج أوزبورن ميزانية الطوارئ التي يحضِّرها مع كبير موظفي الوزارة، داني الكسندر الذي ينتمي لحزب الليبراليين الديمقراطيين، ومجموعة من الوزراء وكبار المسؤولين، في 22 من الشهر الحالي. وينتظر بنك إنجلترا أيضا ما سيعلن عنه أوزبورن خلال الأيام المقبلة، بينما أعلن أنه سيحافظ على أدنى مستوى للفائدة، التي تبلغ اليوم 0.5 في المائة، للشهر الـ16 على التوالي. وتوقع اقتصاديون أن نسبة الفائدة ستبقى مستقرة حتى نهاية العام على الأقل.

وعلى الرغم من أن بريطانيا بدأت تتعافى من الأزمة الاقتصادية التي ضربتها قبل عامين تقريبا، فإن التعافي لا يزال بطيئا وهشا. وكانت حكومة حزب العمال السابقة برئاسة غوردن براون، قد رفضت بدأ تخفيض الدين العام؛ لأنها تعتقد أن ذلك قد يعرض التعافي الاقتصادي للخطر. إلا أن حزب المحافظين يؤمن بالعكس، وقد وعد كاميرون خلال حملته الاقتصادية بأن حزبه سيبدأ في إجراء تخفيضات فورية في الإنفاق العام إذا فاز بالسلطة. ويعتقد كاميرون أن اتخاذ هذه الخطوات ضروري لعدم خسارة ثقة المستثمرين.

إلا أن معهد «تشارترد للأفراد والتنمية»، وهو أكبر مؤسسة أبحاث مستقلة تعنى بالموارد البشرية في أوروبا، حذر أمس من أن الخطوات التي تتحضر الحكومة لإعلانها سترفع عدد العاطلين عن العمل إلى 3 ملايين شخص، و«تعرض بالتالي الانتعاش في سوق العمل إلى الانتكاس». ومن المتوقع أن يكون القطاع العام من أكثر المتأثرين بسياسة الحكومة الاقتصادية الجديدة؛ إذ قد يخسر نحو 725 ألف موظف حكومي وظائفهم، بحسب توقعات المعهد المستقل.

وقال كبير الاقتصاديين في المعهد في بيان أمس، إنه على الرغم من أن اتخاذ خطوات لخفض الدين العام هو أمر لا يمكن تجنبه، إلا أن اعتماد مبدأ تخفيض النفقات عوضا عن رفع الضرائب «يجعل المستقبل القريب يبدو كئيبا للغاية بالنسبة للجماعات والأشخاص الذين يعانون أصلا من الحِمل الأكبر في المجتمع». وأضاف أن خطط الحكومة بخفض الإنفاق العام ستعترض التعافي الاقتصادي البطيء أصلا.

ويبلغ مستوى الدين العام في بريطانيا 11.1 في المائة من مستوى الناتج المحلي الإجمالي، وهو من أعلى المستويات بين بلدان الاتحاد الأوروبي، وأكثر بـ3 في المائة من المستوى العام في الاتحاد.

وكان كاميرون قد حذر في بداية الأسبوع من أن الوضع الاقتصادي في البلاد «أسوأ» مما كان يعتقد، وحذر من خطوات «مؤلمة» ولا يمكن تفاديها «ستؤثر على حياة كل بريطاني». وللمرة الأولى تعلن حكومة بريطانيا أن التخفيضات ستطال قطاعات مثل معاشات التقاعد والمساعدات التي تمنح للأهالي بحسب عدد الأطفال، إضافة إلى الأهالي الذين لديهم أطفال من ذوي الحاجات الخاصة.

وعلى الرغم من أن كاميرون أكد أنه لن يخفض ميزانية القطاع الصحي المجاني في البلاد، أو ميزانية التنمية الدولية التي أعلن أمس أنه سيحول جزءا منها إلى أفغانستان، فإن التخفيضات في القطاعات الباقية قد تدفع بآلاف البريطانيين إلى الشوارع. وقد حذرت النقابات العمالية من تظاهرات، وقال الأمين العام لتجمع النقابات براندن باربر، في حديث لهيئة الإذاعة البريطانية قبل يومين: «لن يكون معقولا إجراء تخفيضات في القطاع العام على هذا المستوى... من دون أن يكون له آثار مؤذية، ومن دون أن يؤذي الأكثر ضعفا، وربما يتسبب في أضرار قد تدوم لعقود وربما أجيال».