التضخم يتصاعد في السعودية إلى 5.4% بفعل أسعار المواد الغذائية والإيجارات

خبراء يتوقعون تسارع الضغوط التضخمية مع دخول موسم الصيف

TT

أيدت توقعات خبراء اقتصاديين أن معدل التضخم في السعودية قد يتسارع في الأشهر المقبلة بعدما سجل أعلى مستوى في عام عند 5.4 في المائة على أساس سنوي في مايو (أيار) الماضي نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية والإيجارات.

وخالفت هذه التقديرات توقعات كانت تترقبها الأوساط الاقتصادية من تراجع في حزمة المواد الغذائية والسلعية جراء تراجع صرف اليورو في أسواق الصرف العالمية، وبالتالي انخفاض المنتجات الأوروبية في الأسواق المحلية. ووفقا لرؤى خبراء استندت عليها وكالة الأنباء العالمية (رويترز) فمن المتوقع أن تتزايد ضغوط الأسعار مجددا هذا العام مع تعافي صادرات النفط لكن من المتوقع أن تظل معدلات التضخم دون 10 في المائة في أنحاء الخليج أكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم.

وبدأ التضخم في أكبر اقتصاد عربي يرتفع مرة أخرى بعدما تباطأ إلى أدنى مستوى في عامين ونصف العام عند 3.5 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول). وبلغ التضخم 4.9 في المائة في أبريل (نيسان) وهو ما زال أقل من المستوى القياسي البالغ 11.1 في المائة المسجل في يوليو (تموز) من عام 2008.

وأسعار المستهلكين السعوديين حاليا هي الأعلى بين دول مجلس التعاون الخليجي الست المنتجة للنفط، وأظهرت بيانات في وقت متأخر يوم الأحد أن الأسعار في أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم زادت 0.6 في المائة على أساس شهري في مايو مسجلة أعلى مستوى في 7 أشهر بعد زيادة بنسبة 0.3 في المائة في أبريل.

وزادت الإيجارات - التي تمثل 18 في المائة من وزن سلة قياس التضخم – بنسبة 1.1 في المائة على أساس شهري في مايو وهي أسرع وتيرة خلال الـ11 شهرا الماضية وارتفعت 9.4 في المائة على أساس سنوي. ووفقا لـ«رويترز» أوضحت مونيكا مالك كبيرة الخبراء الاقتصاديين في المجموعة المالية (هيرميس) في دبي أنها نتوقع أن تستمر ضغوط الإيجارات مع ازدياد قوة النشاط الاقتصادي بينما سترتفع أسعار المواد الغذائية في أغسطس (آب) مع حلول شهر رمضان، ملمحة إلى تنبؤاتها أن يصل التضخم السعودي عام 2010 إلى 5.2 في المائة من 4.9 في المائة بعد صدور بيانات شهر مايو.

وتراجعت أسعار الغذاء - التي تسهم بأكبر وزن في السلة - بنسبة 26 في المائة إلى 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس شهري وهي نفس نسبة تراجعها في أبريل الماضي، في حين ارتفعت الأسعار 5.4 في المائة مقارنة مع مايو 2009، كما أظهرت البيانات ارتفاع تكاليف النقل والاتصالات - ثالث أكبر مكون في السلة - بنسبة 1.0 في المائة.

من جانبه، ذكر جون أسفيكيناكيس كبير الاقتصاديين في البنك السعودي - الفرنسي أنه قد يضطر لتعديل توقعاته لمعدل التضخم للعام بأكمله البالغة 4.7 في المائة إذا استمر الاتجاه الحالي، مضيفا أن ارتفاع الأسعار الحالي ليس مفاجأة كبيرة ومن المتوقع أن يستمر وأن يصل لذروته خلال الصيف. ولفت جون إلى أن قيمة الواردات السعودية في العام الماضي بلغت 324 مليار ريال، ما يُمثل تراجعا بواقع 14 في المائة بالمقارنة مع مستويات عام 2008، وارتفاعا بنسبة 6 في المائة بالمقارنة مع مستويات عام 2007، طبقا لبيانات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات.

واستشهد أسفيكيناكيس بالبيانات الأولية لمصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات حول النشاط التجاري عام 2010، إلى أنّ الواردات تتحسّن بحذر، مع أن شهر فبراير (شباط) الماضي سجل انخفاضا بنسبة 5.7 في المائة بالمقارنة مع نفس الشهر من العام الماضي، بينما سجّل شهر مارس (آذار) نموا نسبيا ضئيلا قدره 1.2 في المائة، فيما يرجع انخفاض قيمة واردات شهر فبراير إلى تراجع واردات الماكينات والأجهزة الإلكترونية، التي ارتفعت بعض الشيء في مارس بالتزامن مع نمو ملحوظ في واردات السلع الغذائية. ويرى أسفيكيناكيس أن ازداد اعتماد المملكة على التصدير إلى آسيا يعزز تماسك الاقتصاد السعودي حتى في حال امتداد أزمة الديون الأوروبية من اليونان إلى دول أخرى في منطقة اليورو، متوقعا أن تسجل الدول الآسيوية، لا سيما الصين والهند، نموا قويا خلال العام الحالي رغم الشكوك التي تُحيط بمدى استدامة نمو الصين وبمدى سلامة قطاعها العقاري.

وأضاف أسفيكيناكيس أن اعتماد المملكة المتزايد على التصدير إلى آسيا مثل وقاية لاقتصادها من العدوى بأزمات الغرب، مشددا على أن المملكة بوضع قوي يمكنها من تجاوز أي مشكلة قد تواجهها في النصف الثاني من العام الحالي، مع تعزيز أصولها الخارجية وإعادتها تقريبا إلى المستويات القياسية المرتفعة لعام 2008. لكن أسفيكيناكيس أبان أن الإنفاق العام السخي بيئة تحفز القطاع الخاص على المشاركة الفاعلة في الاقتصاد، بيد أنه يرى أن تلك المشاركة لن تتحقق بسهولة في ظل الظروف العالمية الراهنة التي ترشح استمرار تقلب المؤشرات الاقتصادية المحلية، سواء كانت مؤشرات النشاط التجاري أو الائتماني أو حتى نمو إجمالي الناتج المحلي، بدلا من أن تتجه هذه المؤشرات نحو الصعود بشكل ثابت.