البنوك العربية تتطلع للسوق السورية الصغيرة ولكن المربحة

عددها 13 مصرفا ورفعت فروعها العام الماضي إلى 145 فرعا من 83 في 2008

TT

بعد عقود من سيطرة الدولة والعزلة، تتحرك سورية لتخفيف القيود على القطاع المصرفي وإتاحة فرص مغرية مستقبلا لبنوك عالمية في واحدة من آخر الأسواق العربية التي لم يتم ارتيادها. وبحسب تحليل لـ«رويترز» رفعت بنوك إقليمية كبيرة من بينها البنك العربي الأردني وبنك قطر الوطني وبنك عودة اللبناني عدد فروعها في العام الماضي إلى 145 فرعا من 83 في عام 2008 رغم وجود قيود مالية ومتعلقة بالعملة.

ورغم ابتعاد البنوك الغربية، رفع 13 مصرفا دخل السوق حديثا أصوله في سورية إلى تسعة مليارات دولار من إجمالي الأصول المصرفية في البلاد، التي تبلغ 43 مليار دولار. وتوقع مصرفي أن يرتفع الرقم إلى ثلاثة أمثاله في ثلاثة أعوام. وقال حسن هيكل الرئيس التنفيذي للمجموعة المالية «هيرميس» «الظروف في سورية ليست ممتازة ولكن إذا استمرت الإصلاحات ستكون واحدة من أهم أسواق الشرق الأوسط في غضون خمسة أعوام». وتعتزم «هيرميس» إقامة صندوق استثمار خاص في سورية حجمه بين 250 و300 مليون دولار. ودفع التوسع خطوات سورية حذرة نحو التحرر، بدأها الرئيس بشار الأسد الذي خلف والده الراحل حافظ الأسد في عام 2000. وسمحت اللوائح الجديدة بالملكية الأجنبية لحصص أغلبية في البنوك والتمويل التجاري ولكن لم يسمح لبنوك أجنبية بفتح فروع في سورية بشكل مباشر. كما يتسنى للبنوك تعديل أسعار الفائدة في إطار هامش موسع من أربع نقاط مئوية يحدده البنك المركزي ولكن الليرة السورية غير قابلة للتحويل بشكل كامل. ويقول البنك المركزي إن الإصلاحات ينبغي أن تكون متدرجة، مشيرا للوائح التي تحد من التعرض لأسواق خارجية مما ساعد البنوك السورية على تجاوز الأزمة المالية. لكن ممولين يقولون إن القطاع المصرفي لن يزدهر إذا تمسكت الدولة بدورها المهيمن اقتصاديا عقب أربعة عقود من حكم حزب البعث الذي ثبط الاستثمار الأجنبي وأدى لفرار رأس المال.

وتوقع باسل حموي رئيس الوحدة السورية لبنك عودة أن تنمو أصول بنوك القطاع الخاص إلى ما بين 23 و25 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة وتنبأ «بزيادة كبيرة» في حالة رفع العقوبات الأميركية وقيام سورية بخصخصة أصول الدولة وإصدار أذون خزانة والسماح لبنوك القطاع الخاص بالتنافس مع بنوك الدولة في قطاع أعمال الحكومة. ولا تزال الأرقام صغيرة. ويقول الاقتصادي محمد المدني إن بنوك القطاع الخاص وعددها 13 حققت أرباحا إجمالية 55 مليون دولار فقط في سورية في العام الماضي وهي أقل من عشر صافي الأرباح الإجمالية لأحدها فقط وهو البنك العربي. وأضاف المدني أن الربحية كنسبة من حقوق المساهمين مرتفعة وتتراوح بين 10 و18 في المائة في أكبر البنوك. ورغم تواضع القوة الإنفاقية لسكان سورية البالغ عددهم 20 مليون نسمة، إذ إن متوسط الأجور رسميا 240 دولارا شهريا، فإن السوق السورية لم تتطور إلى حد كبير مما أتاح للبنوك الجديدة إدخال صناعة مالية حديثة وتقديم بطاقات ائتمان وقروض للأفراد. ولا توجد بيانات عن بطاقات الائتمان وقروض الأفراد في سورية في الوقت الحالي، غير أن المصرفيين يقارنون السوق بحال السوق الوليدة في لبنان المجاورة قبل فترة تتراوح بين 15 و20 عاما. وقروض التمويل العقاري التي يجري الإعلان عنها بشكل مكثف في لبنان نادرة في سورية، حيث نصف المنازل في الحضر مقامة بشكل غير قانوني بينما تجعل القوانين العتيقة من الصعب استعادة ملكية عقارات أو تملك أجانب لعقارات. وابتعدت البنوك الغربية عن سورية ويرجع ذلك في جزء منه للعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على دمشق منذ عام 2004 لمساندتها جماعات متشددة.

وفرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات محددة على شخصيات سورية بارزة بسبب الفساد. ويتوقع البنك المركزي أن يتسلم هذا الأسبوع طلبات تراخيص من ثلاثة بنوك خليجية من بينها بنك سامبا السعودي ويعكف على إعداد قانون مصرفي.

وفي الشهر الماضي قال «بنك مصر» المملوك للدولة في مصر أنه تلقى موافقة على افتتاح فرع في سورية. وقال بنك تركي إنه يتفحص السوق السورية، وقال محمد الحسين وزير المالية السوري يوم الجمعة أن بنك «زراعت» التركي المملوك للدولة سيتملك حصة 60 في المائة في بنك مشترك في سورية. كما ترصد مصارف إسلامية طلبا قويا على منتجاتها في سورية المحافظة.

وقال عبد القادر دويك رئيس فرع «بنك قطر الدولي الإسلامي» في سورية إن بنكه اجتذب ودائع تصل إلى 1.5 مليار دولار في أقل من عامين مستفيدا من «الإقبال المجتمعي» على التمويل الإسلامي.