الهند والصين.. اقتصادان ناشئان يقودان قطاع السيارات في العالم

احتلتا مراتب متقدمة في الصناعة من العشر الأولى

خط تجميع السيارة نانو من إنتاج تاتا الهندية «السيارة الأرخص في العالم» ( أ.ف.ب )
TT

يشهد قطاع صناعة السيارات في الهند والصين، الاقتصادين المتنافسين اللذين يعيش تحت مظلتهما 2.65 مليار نسمة، انتعاشا ملحوظا. إذ لا يقتصر الأمر على قيام الشركات المحلية بمشروعات ضخمة، لكن شركات السيارات العالمية قامت بتنفيذ شراكات ضخمة في أسواق هاتين الدولتين الآسيويتين العملاقتين.

احتلت الصين قمة التصنيف العالمي في إنتاج السيارات في العالم، وكانت الصين قد تخطت اليابان لتصبح الثانية في عالم سوق السيارات في عام 2006، كما تجاوزت الولايات المتحدة في عام 2009 لتحتل المركز الأول في إنتاج السيارات.

وعلى الرغم من وقوع الهند في المركز السابع بعد الصين بمعدل إنتاج سنوي يبلغ 2.6 مليون سيارة في عام 2009، فإن شركات صناعة السيارات الهندية أثبتت قدراتها في مجال التصميم والتكنولوجيا أو الاستحواذ العالمي.

وتعد شركات «تاتا» للسيارات تكتلا هنديا متنوعا ذا أبعاد عالمية، إذ تمتلك مصنعين للسيارات الفارهة في المملكة المتحدة هما «جاغوار» و«لاند روفر»، اللذان اشترتهما من شركة «فورد موتورز».

ودشنت «تاتا موتور» سيارتها «نانو»، أرخص سيارة في العالم، في الهند في عام 2009 بسعر بلغ 2.500 دولار أميركي. وستطرح السيارة للبيع في نيجيريا في عام 2010 وفي أوروبا في 2011 وفي الولايات المتحدة في 2012.

كما تتميز الهند بكونها موطن مصنع السيارة الكهربائية الأكثر مبيعا في العالم، وهي السيارة «ريفا» التي أنتجتها شركة «ريفا» لصناعة السيارة الكهربائية.

على الرغم من ذلك حلت الهند في المرتبة الثانية خلف الصين، ومتفوقة على ألمانيا وفرنسا واليابان والولايات المتحدة في مجال سوق السيارات الخفيفة، حيث ارتفعت مبيعات السيارات الخفيفة في الهند بنسبة 25 في المائة.

وقال التقرير الذي أصدرته صناعة السيارات الأميركية «إن شبه القارة الهندية تدخل مجالا جديدا من الاستثمار القوي في مجال صناعة السيارات، وإن صادرات الهند من السيارات تضاعفت نظرا لتحول مصنعي السيارات العالميين إليها كمحور لإنتاج السيارات المدمجة».

وتوجد بالهند شركات مثل «سوزوكي» و«فورد»، وتخطط «تويوتا» لإنفاق ملايين الدولارات خلال السنوات القادمة لبناء مصانع للسيارات في الهند. ولا تزال إمكانات النمو عالية في هاتين الدولتين اللتين تبلغ نسبة مالكي السيارات بهما 5 في الألف.

وكانت الإمكانات الهندسية والخبرة الهندية القوية في صناعة السيارات منخفضة التكاليف وتوفير الوقود سببا في التوسع في منشآت التصنيع للكثير من شركات صناعة السيارات مثل «هيونداي موتورز» و«نيسان» و«تويوتا» و«فولكس فاغن» و«سوزوكي». وفي عام 2009 استوردت «هيونداي موتورز» 340.000 سيارة مصنعة في الهند، وتخطط «نيسان موتورز» لاستيراد 250.000 مركبة مصنعة في مصنعها في الهند بحلول 2011. كما أعلنت «جنرال موتورز» عن خططها لتصدير نحو 50.000 سيارة مصنعة في الهند بحلول 2011. وتخطط «فورد موتورز» هي الأخرى لزيادة سعة مصنعها الإنتاجية في الهند لتصل إلى 250.000 سيارة تبلغ عائداتها التصديرية 500 مليون دولار أميركي. وقالت الشركة إن المصنع جزء من خطة لجعل الهند محور إنتاجها العالمي. كما أعلنت شركة «فيات موتورز» عن عزمها تعهيد إنتاج قطع غيار سيارات بأكثر من مليار دولار من الهند.

وأعلنت صناعة السيارات الهندية عن أفضل أداء لها في مايو (أيار) بارتفاع في مبيعات السيارات بنسبة 30 في المائة على السيارات الجديدة وزيادة إنفاق المستهلكين.

ومن المتوقع أن تقوم شركات «ديملر» و«ماروتي سوزوكي» و«ماهيندرا آند ماهيندرا» أن تقود استثمارات تقدر بـ30 مليار دولار لشركات تصنيع السيارات خلال السنوات الأربع القادمة لمواجهة ارتفاع الطلب في ثاني أسرع سوق نامية بعد الصين.

وقال فيشنو ماثور، المدير العام لصناعة السيارات الهندية، جماعة الضغط المؤيدة لمصنعي السيارة الهندية، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «شراء السيارات في ارتفاع، حيث تشير الإحصاءات الأخيرة إلى أن حصة الفرد في الناتج المحلي الإجمالي وصلت إلى 1.000 دولار، وهو ما يعتقد أنه رقم سحري بالنسبة لقطاع السيارات. وبداية انطلاقة عالمية بعد ارتفاع مبيعات السيارات. وتسعى صناعة مكونات السيارات إلى استثمار ما يقرب من 800 مليار روبية في مصانع جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة. كما ستستثمر شركات مكونات السيارات أيضا 12 مليار دولار حتى نهاية خطة (أوتوموتيف ميشن بلان)».

وتتوقع شركة «كيستونيا» الأميركية للاستشارات، التابعة لشركة «لاسال كونسلتنغ إسوسيتس» أن تحتل الهند المرتبة الثالثة عالميا في سوق إنتاج السيارات في عام 2030 خلف الصين الولايات المتحدة. والحجم المتوقع للصين 62 مليار دولار و23 مليارا للولايات المتحدة، تليها الهند بـ20 مليار دولار.

تعتبر الهند في الوقت الحالي محور صناعة السيارات. وقد حفزت الزيادة السريعة في مبيعات السيارات الصغيرة في الهند عددا من شركات صناعة السيارات العالمية مثل «فولكس فاغن» و«هوندا» و«تويوتا» و«نيسان» لتعزيز وجودها في قطاع السيارات الصغيرة هذا العام أو العام القادم. وقد أعلنت «جنرال موتورز» في بداية العام الحالي أنها ستبدأ في إنتاج سيارتها الصغيرة الهندية الجديدة في مصنع تاليغاون في النصف الأول من عام 2012. وإذا ما تمكنت «جنرال موتورز» من دخول سوق سيارات الـ«ديزل» ستكون السيارات الصغيرة عالية التنافسية إلى حد بعيد. ومع عمل مصنع «تاتا»، «ساناناد»، لإنتاج سيارات نانو بطاقته الكاملة، حيت ينتج سيارة كل دقيقة وسيارة «نيسان» («رينو باجاج») منخفضة تكلفة التشغيل، سيكون على اتحاد «جنرال موتورز» - «سايك» أن يكونوا جادين للغاية في الإنتاج بشأن سيارتهم الصغيرة الجديدة.

وعلى الرغم من الارتفاع في الطلب على السيارات في السوق المحلية، تعمد الشركات الصينية لتصنيع السيارات ومكوناتها إلى اللجوء إلى السوق الهندية.

فشركات صينية مثل «سايك» و«فوتون» و«فاو» و«تشيري» و«جيلي» و«ذا غريت وول» جهزت كل شيء، بدءا من الحافلات الصغيرة والسيارات إلى الشاحنات والحافلات، للدخول إلى السوق الهندية. وفي الوقت الذي سعت فيه شركات مثل «سايك» و«فاو» إلى الدخول إلى الهند عبر شركاء عالميين سعت شركات أخرى إلى دخول السوق الهندية عبر شركاء هنود.

وتتطلع شركة «فوتون» إلى الحصول على فرصة وشريك هندي، وتنوي استثمار 200 مليون دولار في مصنع ينتج 100.000 سنويا باستخدام مكونات محلية، وفي عرضها لموردين هنود قالت «فوتون» إن إنتاجها لن يتوقف على الشاحنات من سلسلة «أومان» و«أومارك»، بل سيشمل السيارات الـ«بيك أب»، والسيارات الرياضية والمتوسطة الحجم والصغيرة التي ستجمع محليا.

أما شركات «تشيري» و«جيلي» و«غريت وول» فتجري محادثات متقدمة مع فرع إنتاج السيارات في شركة «سوناليكا» لإنتاج الشاحنات. وقال إن الشخص ذا المعرفة المباشرة في التنمية هو المدير التنفيذي لشركة «إنترناشيونال كارز آند موتورز»، ديباك ميتال، بيد أنه رفض التعليق.

وكانت شركة «جنرال موتورز إنديا»، التي تحولت إلى شراكة مناصفة بين شركتي «جنرال موتورز» و«شنغهاي أوتوموتيف كار» قد أعلنت العام الماضي أنها ستطرح المركبات التجارية الصينية في البلاد بنهاية العام الحالي.

في الوقت ذاته يتوقع أن تتحدى شركة «جيلي» الصينية لصناعة السيارات السيارة «نانو» كأرخص سيارة في العالم، حيث تخطط «جيلي» لإنتاج سيارة مدنية بسعر يبلغ 2250 دولارا عندما تبدأ في طرحها في الأسواق في 2012. وقد كشف النقاب عن السيارة في معرض بكين 2012. ودخلت الشركة الصينية مصنعة السيارات إلى دائرة الضوء عندما اشترت شركة «فولفو» من شركة «فورد». وتقول «جيلي» إن السيارة المدمجة ستتضمن معايير جودة عالية عندما تقارن بسيارة «تاتا»، «نانو». ويتوقع أن تشتمل السيارة الجديدة على محرك سعة 1.0 لتر بقوة 70 حصانا، يحتوي على علبة سرعات يدوية بها خمس سرعات.

وبالمثل، تعاونت شركة «بي واي دي»، إحدى أكبر الشركات الصينية في صناعة البطاريات وصناعة السيارة مع شركة «ديملر» مالكة السيارات الفارهة «مرسيدس بنز»، لتطوير سيارة كهربائية لمنافسة شركة «ريفا» الهندية.

ويشير المدير التنفيذي لشركة «ديملر» في الهند والمطلع على التعاون مع شركة «بي واي دي» إلى أن السيارة المستهدفة يتوقع أن تعتمد بشكل كبير على الدفع الكهربائي الخالص المستخدم في سيارات «بي واي دي إي 6» الكهربائية التي تعمل بالبطاريات الكهربائية وبدأت الشركة في بيعها لسائقي التاكسي في شينزين بداية العام الحالي.

وتم الانتهاء من إنشاء مصنع «ريفا» الجديد لتجميع السيارات في بانغالور، الذي تبلغ طاقته الإنتاجية 30 ألف سيارة. ويعد هذا المصنع في الفترة الراهنة أكبر نموذج في العالم لمصنع سيارات مخصص لتجميع بطاريات السيارات الكهربائية. وتم بيع «ريفا» في الهند عام 2001، وفي المملكة المتحدة عام 2003.

لكنها الآن متاحة في الكثير من الدول الأخرى. وتنتج شركة «ريفا» للسيارات الكهربائية في الوقت الحالي نوعين من السيارة: «ريفا آي»، وهي سيارة كهربائية صغيرة تتسع لشخصين وطفلين، ومجهزة ببطاريات الرصاص، والتي تكفي لنحو 80 كيلومترا في كل مرة من مرات الشحن وسرعة قصوى تبلغ 80 كيلومترا في الساعة.. والسيارة «ريفا إل آيون» مجهزة ببطاريات ليثيوم آيون، ولديها سرعة أكبر ويكفي هذا النوع من البطاريات لنحو 120 كيلومترا في كل مرة من مرات الشحن. وبعدما ألغيت «جنرال موتورز» من مذكرة التفاهم مع «ريفا» الشهر الماضي، أعلنت أكبر شركة للسيارات الرياضية في الهند والشركة المصنعة للجرارات الزراعية «ماهيندرا» شراء حصة حاكمة نسبتها 55.2 في المائة في «ريفا». وعقب هذه الصفقة، سيتم تغيير اسم الشركة التي تتخذ من بانغالور مقرا لها إلى شركة «ماهيندرا ريفا» المحدودة للسيارات الكهربائية.

* تاريخ الصناعة في سطور

* يناير (كانون الثاني) 2008: : «تاتا» الهندية تستحوذ على «لاند روفر - جاغوار» مارس (آذار) 2009: : «تاتا» الهندية تطلق أرخص سيارة في العالم «تاتا نانو» مارس 2010: : «جيلي» الصينية تستحوذ على «فولفو» من «فورد» مقابل 1.8 مليار دولار عام 1994: مصنع «ريفا» للسيارات الكهربائية يُدشَّن في مدينة بنغالور الهندية بشراكة أميركية عام 2001: : «ريفا» تطلق السيارة الكهربائية بالكامل في الهند وبريطانيا، أكبر مستهلكيها في أوروبا عام 2003 يونيو (حزيران) 2010: : «جاغوار XJ» تصل إلى الهند عام 2012: : «جيلي» الصينية ستطلق أرخص سيارة في العالم