وفد تجاري أميركي رفيع «يتجاهل» العقوبات ضد سورية ويزور دمشق

رعاية الخارجية الأميركية للزيارة أعطاها دلالات كبرى

قارب يسحب رصيفا بحريا لشركة هولندية متخصصة تشارك في إنشاء مزرعة رياح في خليج دارس في بحر البلطيق. وستنتج المزرعة الممتدة إلى 7 كيلومترات مربعة 185 غيغاوات من الكهرباء بنهاية العام الحالي (إ.ب.أ)
TT

يزور سورية حاليا وفد تجاري أميركي رفيع المستوى في مجال تقنية المعلومات والتكنولوجيا برعاية من وزارة الخارجية الأميركية يتألف من ممثلين عن كبرى الشركات الأميركية وهي «مايكروسوفت» و«ديل» و«سيسكو» و«سيمون تيك» و«فيراسير»..

وتأتي هذه الزيارة حسب ما صدر عن السفارة الأميركية بدمشق «في إطار سياسة الانخراط مع سورية التي تنتهجها إدارة الرئيس أوباما وتهدف لاستكشاف فرص تجارية في السوق السورية».

وذكر الدكتور عماد الصابوني، وزير الاتصالات والتقانة في سورية، أن «الزيارة لافتة ومهمة ويمكن أن تكون فاتحة طريق أمام سورية للحصول على رخص تصدير التكنولوجيا ومعدات التقانة إليها بشكل أسهل، كما يمكن أن تمهد الطريق لإقامة شراكات من قبل هذه الشركات في سورية للعمل في مجالات أساسية كالتعليم والصحة والمعلوماتية».

مشيرا إلى أنه «يمكن البناء على هذه الزيارة، وخصوصا أن الوفد يتألف من ممثلي كبرى الشركات الأميركية ويمكن أن يساعد في فتح الطريق لإعادة النظر في الحظر التكنولوجي على سورية.. وبخاصة أن هناك مصالح تجارية واستثمارية لهذه الشركات في السوق السورية الواسعة».

معتقدا أنه «لم يعد هناك داع لاستمرار العقوبات، وإنه حان الوقت لإلغائها».

موضحا أن «هناك مجالات كثيرة لعمل هذه الشركات في السوق السورية، وأعتقد أن الوفد اطلع على المجالات المتوفرة عبر الزيارات التي قام بها إلى وزارة التعليم والمدارس والمستشفيات وحاضنة تكنولوجيا المعلومات، وحيث يمكن تنفيذ مشاريع معلوماتية مهمة وواسعة فيها».

إلى ذلك التقى الوفد الأميركي ممثلين عن القطاع الخاص وزاروا الأمانة السورية للتنمية وفعاليات اقتصادية وتجارية، ومن المقرر أن يلتقوا عددا من المسؤولين السوريين وغرف التجارة والصناعة، كما التقوا في مدينة حلب، العاصمة الاقتصادية لسورية، ممثلين عن الفعاليات الاقتصادية والتجارية.

كما التقى الوفد نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية، حيث بحث معه واقع قطاع المعلوماتية في سورية وأنظمته وقوانينه وخطط الحكومة الهادفة إلى تطويره.

وبحسب المعلومات، فإن تنسيق الزيارة جاء خلال لقاء مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، ويليام بيرنز، مع الرئيس بشار الأسد منذ أشهر.

ويعوّل أصحاب الشركات الخاصة العاملة في مجال تقانة المعلومات على زيارة الوفد الأميركي في إمكانية إقامة مشاريع مشتركة وضمان تدفق تقانة المعلومات إلى سورية بشكل أيسر وأسهل، إلى جانب إمكانية إقامة مراكز لهذه الشركات في سورية تكون كموزع رئيسي في السوق المحلية لا عبر موزعين ثانويين، كما هو الحال الآن.

ويلاحظ في الفترة الأخيرة وجود تخل أميركي عن التشدد في تضييق عقوبات كانت تصل إلى درجة القفز فوق نص قانون المحاسبة نفسه، فلطالما كان السوريون يقولون إن قانون المحاسبة لا يشمل الأمور المتعلقة بالسلامة، وبالتالي فإن عرقلة إصدار شهادات أو رخص تصدير قطع غيار الطائرات - على سبيل المثال - كان يدخل في موضوع التشدد في العقوبات، وهو ما كان يحصل لأسباب سياسية دائما، والآن مع زوال شيء من هذه الأسباب لوحظ سريعا أن الجانب الأميركي عاد سريعا إلى نص القانون، ولذلك وصف مصدر مسؤول في السفارة الأميركية الإجراءات الأميركية الأخيرة بأنه يدخل في إطار تسهيل إصدار شهادات التصدير لمعدات الطيران (غير الممنوعة عن سورية أصلا)، بل كان يجري عرقلتها.. وهو الأمر المنطبق على المعدات المتعلقة بالمعلوماتية والاتصالات أيضا.

وتشير المعلومات إلى أن ثمة أصواتا كثيرة تنادي بإلغاء قانون العقوبات على سورية داخل الكونغرس، ولعل ذلك جاء حصيلة الكثير من اللقاءات التي أجراها أعضاء في الكونغرس ومسؤولون أميركيون مع القيادات والمسؤولين السوريين، على أن المؤكد في الأمر أن إلغاء القانون ما زال مرهونا بتطور العلاقات السياسية.. بل إن المعلومات التي حصلنا عليها تؤكد أن مزيدا من الانفراج سيحصل، وقد يكون المصرف التجاري السوري أحد الرابحين الأساسيين من عملية الانفراج السياسي بين سورية والولايات المتحدة، خصوصا أن مصارف أميركية مراسلة بدأت ترسل مندوبيها إلى سورية، وأن أكثر من مندوب مصرفي زار دمشق في الفترة الماضية والتقى مسؤولي مصارف سورية.. على قاعدة التعاون وإقامة أعمال، وهذا أول مثال على أن الأمور قد تحسنت فعلا. ولعل تحرك مصارف أميركية نحو التعاون مع مصارف سورية هو دليل قاطع على أن الولايات المتحدة لم تعد من مصلحتها مقاطعة دولة مثل سورية.. دولة متماسكة واعدة وممسوكة، كما وصفها أحد المصرفيين اللبنانيين، في إشارة منه إلى أن الأميركيين لم يتصرفوا بحكمة مع دولة محورية في السياسة مثل سورية.. ومحورية في اقتصاد المنطقة.

لذلك فإن ما يمكن أن نستشفه للمرحلة القادمة هو لجوء إدارة أوباما إلى إفراغ قانون المحاسبة من مضمونه بندا تلو بند، وهو ما أكده السفير السوري في واشنطن، عماد مصطفى، سابقا أي قلب لآلية التعامل مع القانون من التعقيد إلى التسهيل، لتصبح قضية إلغائه في النهاية تحصيل حاصل.

يذكر أن قانون محاسبة سورية صدر عام 2003.. وهناك عقوبات على المصرف التجاري السوري الذي بدأ يشهد انفراجا في علاقاته مع المصارف المراسلة منذ فترة غير قصيرة ولعل جهود سورية في مكافحة غسل الأموال وتقديمها قراءات على ذلك، إلى جانب حل ملف المتقابلات العراقية وفق اتفاق رسمي بين البلدين سيساعد في تخفيف الضغوط على المصرف التجاري، أكبر المصارف السورية.

على ذلك تشير الإحصاءات إلى أن التبادل التجاري بين الولايات المتحدة الأميركية وسورية سجل رقما قياسيا تجاوز المليار و200 مليون عام 2009 مقابل مليار دولار عام 2008 و600 مليون دولار عام 2007 لتكون تجارة سورية بذلك مع الولايات المتحدة في المراتب الأولى وأفضل من كثير من الدول التي تجمعها معها علاقة ممتازة.

اللافت أن الميزان التجاري هو لمصلحة سورية التي صدرت إلى الولايات المتحدة ما قيمته 700 مليون دولار واستوردت منها بـ300 مليون دولار عام 2008.