فاتورة «بي بي» قد تكون أثقل.. ومخاوف من غرامة يومية بـ280 مليون دولار

عدم استبعاد توجيه تهم جنائية للشركة البريطانية

أعضاء جماعة «بينك كود» البيئية يتظاهرون أمام البيت الأبيض في العاصمة الأميركية واشنطن ضد شركة «بي بي» للنفط لدورها في تسرب النفط في خليج المكسيك (أ.ف.ب)
TT

في الوقت الذي تراقب فيه شركة «بريتيش بيتروليوم» الارتفاع السريع لفاتورة التسرب النفطي، بما في ذلك 20 مليار دولار تخصصها للمطالبات، قد تجد أن الحصيلة تنمو بسرعة أكبر خلال الأشهر المقبلة إذا ما قدمت وزارة العدل الأميركية تهما جنائية ضد الشركة.

واستنادا إلى التقديرات الأخيرة، على سبيل المثال، فإن الغرامة المدنية اليومية بشأن النفط المتسرب فقط قد تبلغ 280 مليون دولار. بيد أنه إذا تم فرض عقوبات جنائية، فقد يتسبب ذلك في ارتفاع التكاليف أكثر فأكثر، حسبما أفاد ديفيد إم أولمان، أستاذ القانون بجامعة ميتشغان، الذي رأس قطاع جرائم البيئة بوزارة العدل خلال الفترة بين عامي 2000 و2007.

ويشير آخرون إلى أن مثل هذه العقوبات قد تقود إلى خسارة العقود الحكومية.

وذكر أولمان أنه حتى الإدانات بالجنح بموجب قوانين البيئة قد تقود إلى غرامات كبيرة للغاية بموجب القوانين الجنائية الفيدرالية العامة. ويرجع ذلك إلى أن قانون الغرامات البديلة يسمح للحكومة الفيدرالية بالمطالبة بضعف المكاسب أو الخسائر المرتبطة بأي مخالفة إذا ما أظهرت وزرة العدل أنه تم ارتكاب أي جرائم.

وارتفعت توقعات المحللين للتكلفة الإجمالية للتسرب بالنسبة إلى شركة «بريتيش بيتروليوم»، عندما يكون هناك عقوبات جنائية. فأول من أمس الأربعاء، قدر بيفيل مولشانوف، المحلل في «ريموند جيمس»، التكلفة القانونية الإجمالية، بما في ذلك الغرامات الجنائية، بـ62.9 مليار دولار، وهو الأمر الذي من شأنه أن يخفض حساب الضمان البالغ 20 مليار دولار التي سيتم استخدامها لدفع مطالبات الخسائر الاقتصادية.

ولن تثني الاتفاقية التي تهدف إلى إنشاء هذا الصندوق الناس عن اللجوء إلى المحاكم لفض المنازعات مع «بريتيش بيتروليوم» بشأن التسرب النفطي.

وقد يكون من الصعب إثبات حالة جنائية وراء جرائم الجنح بموجب قوانين البيئة الفيدرالية. وقد يكون المؤشر لإثبات جنح البيئة منخفض نسبيا: ومن الممكن أن تؤدي الاتهامات بالإهمال إلى عقوبات جنائية بموجب قانون المياه النظيفة.

وفيما يتعلق بخطورة الأزمة البيئية التي سببها التسرب النفطي، من المحتمل أن يفضل المدعون السعي إلى تهم لها عقوبات أكثر صرامة، حسبما ذكر أولمان. بيد أن هذه التهم تحمل معيارا أكثر صرامة من حيث الأدلة. حيث سيتعين على الحكومة إظهار أن الشركة كانت تعلم أن أفعالها ستؤدي إلى تدفق البئر على سطح المحيط.

وقال توبي أودون، المتحدث باسم الشركة: «لن نعلق على أي أمور قانونية، سواء حالية أو مستقبلية».

وقال أندرو أميس، المتحدث باسم وزارة العدل، لا يوجد هناك جدول زمني للتحقيقات المدنية أو الجنائية، وإن الوزارة «تبحث عن جميع الانتهاكات الممكنة للقانون».

وتراجع الوزارة أعمال جميع الشركات المتورطة في التسرب النفطي، وتركز على عدة قوانين بيئية على وجه الخصوص، بما في ذلك قانون المياه النظيفة، الذي ينطوي على عقوبات مدنية وجنائية، وقانون التلوث النفطي لعام 1990.

وقال أميس إن قانون معاهدة الطيور المهاجرة وقانون الأنواع المهددة بالانقراض، واللذان ينصان على عقوبات لإصابة أو قتل الحيوانات التي تعيش في الحياة البرية، من الممكن أن يتم استخدامهما في القضية، إلى جانب «اللوائح الجنائية التقليدية».

وبكل تأكيد، ستأخذ التحقيقات في الحسبان الاتفاقات التفاوضية السابقة لتخفيف العقوبات الجنائية للشركة، مثل الدفع بالبراءة في انفجار مصفى للنفط عام 2005 الذي أسفر عن مصرع 15 فردا في مدينة تكساس بولاية تكساس.

ومن الممكن استخدام التهم الجنائية السابقة أثناء المحاكمة لدعم القول بأن كارثة «ديبووتر هورايزون» ليست حادثة فريدة، لكنها نتيجة لثقافة شركة تدع ضغوط الجدول الزمني والميزانية تقود إلى زيادات في المخاطر.

وليس من المحتمل أن تصل أي تهم جنائية إلى الجناح التنفيذي، ولن تنطبق على الشركة بصفتها كيانا.

وينطوي عدد ليس بالكبير من القوانين التي تدرسها وزارة العدل على أحكام جنائية من شأنها أن تقود إلى السجن، وحتى التي تتطلب صلة مباشرة ومتعمدة بين المتهم والجريمة.

وقال ستانلي إل ألبرت، المدعي الفيدرالي السابق لجرائم البيئة، إنه حتى إذا وُجد أن القرارات التي قد تكون ساهمت في الكارثة كانت قرارات جنائية في طبيعتها، فمن النادر أن تكون صادرة عن كبار المسؤولين التنفيذيين. وقال: «من المحتمل أن تكون صدرت عن مستوى إداري منخفض كثيرا».

ومن الممكن أن يكون للوائح الاتهام الجنائية وحدها تأثير كبير ومنتشر على ثروات الشركة، حسبما ذكر ستيفن إل شونر، الأستاذ بمدرسة القانون بجامعة جورج واشنطن. وتواجه الشركة التي تتم إدانتها خطر حظرها من الفوز بأي عقود مبيعات مستقبلية مع الحكومة وفقا للإجراءات المعروفة رسميا باسم التعليق والحظر.

ويُذكر أن «بريتيش بيتروليوم» باعت وقود طائرات ومنتجات أخرى بقيمة 1.6 مليار دولار إلى الجيش العام الماضي، وفقا لموقع المشتريات التابع للحكومة. وإذا عوقبت أي شركة بتعليق أو حظر قصير المدى، والذي من الممكن أن يستمر ثلاثة أعوام، فلن تكون مؤهلة للحصول على أي عقود جديدة أثناء هذه الفترة.

وقال شونر إن نقطة الحظر بموجب القانون لا تهدف إلى المعاقبة بل إلى حماية الحكومة من الموردين الذي لا يؤدون أداء جيدا.

ومع ذلك، قال: «لن أفاجأ على الإطلاق إذا ما قرر أي فرد في البيت الأبيض أنه علينا تعليق أو حظر بريتيش بيتروليوم فقط لأن ذلك سيجعل الأمر يبدو وكأننا نفعل أي شيء».

وتراقب الكثير من الولايات قائمة الحظر الفيدرالية، لذا قد تتعرض المبيعات للمطارات وأقسام الحرائق والمدارس وغيرها إلى الخطر جراء الحظر. وقال شونر: «من الممكن في الغالب أن يتجاوز التسلسل الزمني المشكلة الأولية».

وقال أولمان إنه إذا تبنت الحكومة الفيدرالية موقفا عدائيا للغاية، فقد تحاول القول في المحكمة بأنه ينبغي تطبيق التعليق أو الحظر أيضا على رخص الحفر والعمل الفيدرالية لدى الشركة، وهو الأمر الذي من المحتمل أن يكون ضربة مدمرة لها.

لكن ذلك سيكون أسلوبا محفوفا بالمخاطر ومن شأنه توسيع تعريف عملية الحظر. حتى إذا نجح، فقد يستمر في العمل فقط «طالما أن الوضع الذي أدى إلى المخالفة ظل فعالا». وإذا أصلحت الشركة من عملياتها كجزء من التسوية، فسيتعين رفع الحظر.

ويتوقع تراسي هيستر، الذي يدرّس القانون الدولي بمركز القانون بجامعة هيوستن، أن يتدخل المسؤولون عن إنفاذ القانون في الولاية، استنادا إلى اللوائح البيئية في الولاية.

وقال هيستر: «قد تعتقد بريتيش بيتروليوم أنها تتعامل مع رجل كبير واحد داخل الحلبة. الحقيقة أنهم سيكون لديهم فريق ثنائي».

* خدمة «نيويورك تايمز».