لندن: «ميزانية تقشفية» ترفع ضريبة القيمة المضافة إلى 20%

هي الأكبر في بريطانيا منذ الحرب العالمية الثانية

TT

أعلن أمس وزير الخزانة البريطاني، جورج أوزبورن، عن ميزانية السنة المالية الجديدة التي تضمنت أكبر إجراءات للتقشف في بريطانيا منذ الحرب العالمية الثانية. كما أنها أول ميزانية وأول اختبار للحكومة الائتلافية الجديدة، التي ظلت تكرر أن أهم اهتماماتها سيكون خفض العجز الكبير في الموازنة (البالغ 156 مليار جنيه إسترليني - نحو 221 مليار دولار)، بعد أن اتهمت حكومة حزب العمال السابقة بإنفاق مليارات الدولارات لإنقاذ المصارف البريطانية إبان أزمة الائتمان التي سيطرت على الاقتصادات الغربية لمدة عامين. وقال أوزبورن إن الإجراءات التي اتخذها ستتخلص من العجز بحلول عام 2016، وستخفض الاقتراض الحكومي من 10% حاليا إلى 1.1% من إجمالي الناتج المحلي بحلول السنة المالية 2015 - 2016 ومن أهم ملامح الميزانية الجديدة رفع ضريبة القيمة المضافة VAT من 17.5% حاليا إلى 20% بدءا من يناير (كانون الثاني) المقبل، الأمر الذي سيوفر للحكومة 13 مليار جنيه إسترليني خلال أربع سنوات. كما تضمنت الإجراءات التقشفية تجميد مرتبات القطاع العام لمدة عامين ورفع ضريبة الأرباح على رأس المال من 18% إلى 28% - بدءا من اليوم- مما يوفر للخزينة العامة مليارا في العام، وكذلك فرض غرامات على البنوك وخفض الإعانات الممنوحة لإسكان العاطلين عن العمل، مما سيوفر 1.8 مليار جنيه إسترليني في العام، وخفض إعانات المعاقين الذين ستعيد الحكومة تقييم درجة إعاقتهم بهدف تشجيعهم على العمل.

وقال أوزبورن أمام البرلمان البريطاني إن رفع الضرائب وتخفيض الإنفاق الحكومي أمران يفرضهما الواقع وإلا ستواجه بريطانيا مستقبلا شبيها باليونان التي اضطرت أوروبا إلى التدخل لإنقاذها وفرض شروط قاسية عليها. غير أن حزب العمال المعارض اتهم الحكومة بتهديد الانتعاش الاقتصادي الذي كان قد بدأته حكومة غوردن براون، وحذرت من أن تؤدي إجراءات التقشف هذه إلى شل الاقتصاد ووقف نموه ومن ثم اضطراره إلى الاستدانة مرة أخرى. كما حذر العمال من ارتفاع أعداد البطالة وربما دخول البلاد في حالة كساد جديد في الوقت الذي بدأت بالفعل تخرج من الكساد السابق الذي سببته أزمة الائتمان. وأشاروا إلى أن أزمة الائتمان سببها الأثرياء في البنوك، لكن حكومة المحافظين الآن تريد الفقراء والمعتمدين على الإعانات الحكومية أن يدفعوا الثمن. غير أن وزير الخزانة الشاب (39 عاما) قال إن الطبقات الغنية هي التي ستتحمل العبء الأكبر، لأن الأسر التي يقل دخلها السنوي عن 21 ألف جنيه إسترليني ستحصل على زيادة في دخلها قدرها 250 جنيها في العام، بينما الأسر التي يزيد دخلها على هذا الحد هي التي ستواجه تجميد رواتبها لمدة عامين، بينما سيُعفى من الضريبة نهائيا هؤلاء الذين يقل دخلهم عن 10 آلاف جنيه إسترليني في العام.

أما تخفيض الإنفاق الحكومي، فسيصل إلى 25% على مدى 4 سنوات في جميع الوزارات والمرافق الحكومية باستثناء القطاع الصحي والمعونات الخارجية، مما سيوفر للدولة 17 مليار جنيه إسترليني بحلول عام 2014. وسيشمل التجميد مخصصات الأسرة المالكة لمقابلة التزاماتها الاجتماعية والرسمية، والبالغة حاليا 7.9 مليون جنيه إسترليني سنويا. ومع بداية العام القادم، ستفرض الحكومة ضرائب جديدة على البنوك، مما سيوفر للخزينة العامة نحو ملياري جنيه إسترليني. وستنطبق هذه الضريبة على البنوك البريطانية وعلى فروع البنوك الأجنبية العاملة في بريطانيا. من جهة أخرى، توقع وزير الخزانة أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي هذا العام 1.2%، ثم يرتفع إلى 2.3% العام المقبل. لكن اقتصاديين عبروا أيضا عن مخاوفهم من أن سياسة التقشف السريعة جدا يمكن أن تدخل بريطانيا مرة جديدة في دائرة الركود الاقتصادي.

وكانت أنباء صحافية في بريطانيا قد أشارت إلى أن تخفيضات الإنفاق الحكومي ستشمل أيضا «الإسراف الحكومي»، مثل نفقات الفنادق والترحيل والسفر التي ينفقها موظفو الحكومة. وأوضح مسح أجرته وزارة المالية مؤخرا أن موظفي الحكومة والقطاع العام أنفقوا في العام الماضي ما قيمته 125 مليون جنيه إسترليني على سيارات الأجرة (التاكسي) و320 مليونا على الإقامة بالفنادق و70 مليونا أخرى على السفر والرحلات الجوية. كما أوضح التقرير نفسه أن الوزارات الحكومية أنفقت 580 مليونا على تجديد أثاثات المكاتب، ومليارا على الإعلانات بالإضافة إلى 700 مليون أخرى على التسويق والدعاية. ومن جانبه، شرع رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بضرب المثل في تقليل الإسراف، فخفض عدد السيارات والسائقين التابعين لمكتبه (مقر رئاسة الوزارة، في 10 داونينغ ستريت)، كما أكد أنه شخصيا سيراجع ويصدق على فاتورة تغيير أثاث مكتبه في مقر الحكومة.