رئيس مؤسسة النفط الليبية لـ «الشرق الأوسط»: لن نمنع «بي بي» من الاستثمار في ليبيا

شكري غانم: التسرب كارثة كحوادث الطائرات

التلوث في خليج المكسيك تسبب بخسائر فادحة لـ «بي بي» (إ.ب.أ)
TT

أبلغ الدكتور شكري غانم، رئيس المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، «الشرق الأوسط» أن بلاده لن توقف أو تجمد أعمال شركة «بريتش بتروليم» (بي بي) البريطانية لإنتاج النفط في ليبيا، معتبرا أن إلقاء اللوم على هذه الشركة فقط في ما يخص التسرب النفطي الأخير في خليج المكسيك ليس صحيحا ولا واقعيا.

وقال غانم لـ«الشرق الأوسط»، عبر الهاتف من العاصمة البريطانية لندن، حيث يشارك في مؤتمر رؤساء شركات النفط العالمية، «نحن وافقنا على أن تعمل هذه الشركة في ليبيا باعتبار أن التسرب النفطي مخاطرة يتعين قبولها». واعتبر غانم، أرفع مسؤول عن قطاع النفط في ليبيا، أن «قضية التسرب كارثة من دون شك، لكنها من ناحية أخرى تعتبر جزءا من المخاطر التي تحدث دائما في العمل». وأضاف: «للأسف، طبعا المبالغات صارت هي إلقاء اللوم على الشركة فقط، في حين أن هناك شركات أخرى شريكة لـ(بى بي)، وفي الحفر أيضا، والتركيز دائما على هذه الشركة فقط».

وتابع: «لكن، في جميع الأحوال الحدث كارثي.. ولكن هذا لن يوقف ولن يعرقل مسيرة الصناعة النفطية، لأن هذه الصناعة ستدخل مراحل جديدة في الحفر داخل أعماق المياه لأكثر من كيلومترين».

واستطرد قائلا: «يحدث دائما هذا النوع من هذه المفاجآت، وهو يعطينا درسا جديدا لملافاة هذا الموضوع في المستقبل. ونأمل أن نخرج منه وقد تعلمنا شيئا جديدا.. أعني ليس فقط الحرص ولكن أيضا الطريقة والوسائل العلمية لتحاشي هذا الموضوع، لأنه من الغريب أن بعض المعدات لم تعمل في أعماق البحار هذه».

وتتسرب آلاف البراميل من النفط من بئر بحرية منذ انفجار منصة نفط في خليج المكسيك في العشرين من شهر أبريل (نيسان) الماضي، بينما تزايدت حدة الانتقادات الأميركية لشركة الطاقة البريطانية العملاقة (بي بي) لإخفاقها في معالجة مشكلة التسرب الذي يوشك أن يتجاوز كارثة تسرب «أكسون فالديز» عام 1989، ليصبح أسوأ كارثة تسرب نفطي في تاريخ أميركا.

ونأى رئيس شركة النفط الوطنية في ليبيا الدكتور شكري غانم بنفسه عن الجدل المحتدم منذ أسابيع بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ومنتقديه من داخل الكونغرس الذين هاجموا السلطات الأميركية لعدم سيطرتها بشكل أكبر على هذا التسرب.

وقال غانم: «بعيدا عن الأعمال السياسية ووجهة نظر الحكام، نحن نحكم من الناحية الفنية، الحفر في مياه عميقة وبعيدة يمكن أن يتعرض لمفاجآت.. ولكن هي مأساة كالطائرات، عندما يقع حادث طيران فإنه لا يوقف الطيران في العالم كله، هذه مشكلة وكارثة، لكن الله غالب.. هذه المشكلة مستمرة». وبحسب ما أبلغه غانم لـ«الشرق الأوسط»، فإنه كان مقررا أن يقوم أمس في وقت لاحق بتسليم خوسيه سيرغيو غابرييللي رئيس شركة «بتروبراس» النفطية البرازيلية جائزة أحسن مدير شركة نفط في العالم، وهى الجائزة نفسها التي حصل غانم عليها العام الماضي.

ويشار إلى أن غانم أعلن قبل مغادرته العاصمة الليبية طرابلس أن بلاده حققت 93 في المائة من الأهداف التي تم تحديدها بشأن إنتاجها النفطي عن العام الماضي من خلال إنتاج يومي بمعدل مليون و474 ألف برميل من النفط الخام، ما يمثل مداخيل بقيمة 39 مليار دينار ليبي (نحو35 مليار دولار أميركي). وقال غانم في بيان لـ«الشرق الأوسط» إن السنة الماضية انتهت بنتيجة إيجابية جدا، لافتا إلى أن النتائج المالية جاءت أكبر مما هو متوقع لتؤكد استمرارية الالتزام بالأداء المميز لقطاع النفط الليبي.

وأوضح أن إنتاج ليبيا من الغاز بلغ خلال السنة الماضية نحو 1.025 بليون قدم مكعبة، كما تم تكرير 16.36 مليون طن من النفط الخام خلال السنة نفسها.

ومع ذلك، فقد أكد أن إنتاج ليبيا من النفط انخفض بمعدل 16 في المائة خلال العام الماضي مقارنة بعام 2008، بسبب التزام البلاد التخفيضات التي قررتها منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك).

وأضاف أنه نظرا لالتزام ليبيا التخفيضات المقررة من قبل منظمة «أوبك»، فقد تم خلال العام الماضي، إنتاج (538) مليون برميل وبمعدل يومي قدره (1.474) مليون برميل وبنسبة (93%) من المستهدف، بانخفاض قدره (16%) عن نظيره خلال العام الماضي، علما أن القـدرة الإنتاجية بليبيا أكبر من ذلك، كما تم إنتاج (1.025) بليون قدم مكعبة غازا ونحـو (30.8) مليون برميل من المكثفات.

وفي ما يتعلق بعمليات التكرير، أعلن أن إجمالي الخام المكـرر قد بلغ (16.36) مليون طن بنسبـة (96.9%) من المستهدف. وفي مجـال تصنيــع الغـاز، بلغـت النسب المحققـة في الميثانول والأمونيا واليوريا (92.7%)، (94.96%)، (95.7%) على التوالي.

وفي ما يخص الاكتشافات الجديدة، فقد تم - وفقا لما أكده غانم - تحقيق (13) اكتشافا جديدا بنسبة نجــــــاح (28%)، بينما كانت نسبة النجاح في الآبار التحديدية (82%) من خلال تحقيق (14) بئرا ناجحة. معتبرا أن هذه الاكتشافات سمحت بتعويض الكميات المنتجة خلال السنة مع إضافات لدعم الاحتياطات وأعرب عن ارتياحه لنتائج الاستكشافات رغم العوامل الطبيعية الصعبة، أما التزويدات الداخلية من المنتجات النفطية للسوق المحلية خلال العام، فقد بلغت (11.5) مليون طن، بمعدل استهلاك يومي بلغ (31.5) ألف طن متري، بزيادة قدرها (12%) مقارنة بالعام الماضي، في حين بلغ متوسط الاستهلاك اليومي من الغاز الطبيعي عبر منظومة الخط الساحلي (303) ملايين قدم مكعبة، و(99) مليون قدم مكعبة عبر خط «الوفاء - الرويس».

واعتبر غانم أن أهم موارد ليبيا وقطاع النفط فيها على وجه التحديد هو قيمة الأشخاص الموهوبين والمتفانين في أعمالهم بالحقول والموانئ النفطية، لتحقيق وترجمة رسالة القطاع ومستهدفاته إلى نتائج إيجابية ملموسة، ولا شك في أن إسهامهم هذا سيكون له الأثر الطيب في بناء «ليبيا الغـد»، في إشارة إلى اسم المشروع الطموح الذي يقوده المهندس سيف الإسلام النجل الثاني للزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، ويتضمن إدخال إصلاحات على جميع المستويات الاقتصادية والسياسية في ليبيا.

ورصد أن إجمالي القوى العاملة بالقطاع بلغ (38.972) منتجا، شكل العنصر الليبي منه نسبة (93%)، كما بلغت حركة التعيينات (4.028) عنصرا.

لكن غانم شدد على أن حماية البيئة والمحافظة عليها وتطبيق أفضل إجراءات السلامة ومعايير الصحة والسلامة المهنية، تظل على الدوام من التحديات المهمة التي تلتزمها مؤسسة النفط الليبية وشركاتها العاملة.