تقرير: ثروات العالم 39 تريليون دولار في 2009.. السعودية توسع نادي أثريائها والإمارات تخسر مزيدا من الأعضاء

«ميريل لينش» لـ «الشرق الأوسط»: الأزمة المالية كانت فرصة لثراء الذين واصلوا استثماراتهم

تقلص عدد الأثرياء في الإمارات العربية المتحدة
TT

كشف تقرير متخصص بإدارة الثروات العالمية أن عدد الأثرياء في العالم ارتفع في عام 2009 إلى 10 ملايين شخص بنسبة 17.1 في المائة، وذلك رغم ضعف الاقتصاد العالمي.

بينما أوضح التقرير أن قيمة الثروات ازدادت بنسبة 18.9 في المائة لتبلغ 39 تريليون دولار، وأن منطقة الخليج العربي شهدت ازدياد عدد الأثرياء في المملكة العربية السعودية والبحرين في عام 2009 مقابل تقلص هذا العدد في الإمارات العربية المتحدة.

ووفقا لتقرير الثروات العالمي السنوي، الذي يصدره «ميريل لينش» لإدارة الثروات العالمية و«كابجيميني»، فقد بلغ عدد الأثرياء في المملكة العربية السعودية 104.700 ثري في نهاية عام 2009، بزيادة نسبتها 14.3 في المائة مقارنة مع عام 2008، بينما وصل عدد الأثرياء في البحرين إلى 5.400 ثري بزيادة نسبتها 7.2 في المائة مقارنة مع عام 2008. وفي المقابل، انخفض عدد الأثرياء في الإمارات العربية المتحدة بنسبة 18.8 في المائة إلى 54.500 ثري بسبب أوضاع السوق التي لم يسبق لها مثيل.

وقال أمير صدر، رئيس دائرة الشرق الأوسط لإدارة الثروات العالمية في «ميريل لينش»: «شهد المستثمرون الأثرياء تطورات مهمة خلال الأعوام القليلة الماضية. ففي الوقت الذي تراجعت فيه الثروات الفردية بشكل غير مسبوق عام 2008، بدأنا نلحظ في عام 2009، مؤشرات واضحة على بدء تعافيها وعودتها الكاملة إلى مستويات عام 2007 من حيث قيمة ومعدلات نمو الثروات وأعداد الأثرياء».

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، اعتبر صدر أن المملكة العربية السعودية كانت واحدة من أفضل الدول في المنطقة لجهة إدارة الأزمة وحجم الثروات، وعلل ذلك بالاقتصاد القوي الذي تتمتع به السعودية ونظامها البنكي المتين. وأشار صدر إلى أن «النصف الأول من عام 2009 كان شديد الصعوبة، ولكن النصف الثاني عاد ليرمم نفسه وعادت الثروة لتشكل نفسها من جديد خلال النصف الثاني بسبب تغيير بعض الاستراتيجيات الاستثمارية»، واعتبر صدر أن الأزمة كانت فرصة بكل تأكيد لثراء بعض الأشخاص الذين واصلوا استثماراتهم.

ويشير التقرير إلى أنه بينما عاود عدد الأثرياء الارتفاع إلى 10 ملايين شخص بزيادة نسبتها 17.1%، ازدادت قيمة ثرواتهم بنسبة 18.9% لتبلغ 39 تريليون دولار أميركي، في حين ازدادت قيمة ثروات كبار الأثرياء بنسبة 21.5% ذلك العام. وقال التقرير إن هذه الأرقام تشير إلى أن تعافي الثروات الفردية عالميا عام 2009، عوَّض إلى حد كبير خسائرها في عام 2008 وأعادها إلى مستوياتها في عام 2007، ففي الشرق الأوسط ارتفع عدد الأثرياء بنسبة 7.1 إلى 400 ألف وعاد إلى مستويات عام 2007، كما ارتفعت ثروتهم الإجمالية بنسبة 5.1 في المائة لتصل إلى 1.5 تريليون دولار أميركي.

لكن التقرير يشير بوضوح إلى أنه وعلى الرغم من أن وتيرة تعافي الثروات الفردية كانت أقوى في الدول النامية، فإن معظم أثرياء العالم وثرواته الفردية ظلت متمركزة بشكل كبير في الولايات المتحدة الأميركية واليابان وألمانيا، وبمعدل 53.5% من إجمالي عدد أثرياء العالم عام 2009، بانخفاض طفيف عن معدل 54% في 2008. كما ظلت أميركا الشمالية أكبر المعاقل المنفردة لأثرياء العالم بنسبة 31% وبواقع 3.1 مليون شخص.

تفصيليا يظهر التقرير عودة أعداد أثرياء منطقة آسيا - حوض المحيط الهادي إلى الارتفاع لتبلغ 3 ملايين شخص لتضاهي أعداد أثرياء أوروبا للمرة الأولى على الإطلاق. كما ارتفعت قيمة الثروات الفردية في منطقة آسيا - حوض المحيط الهادي بنسبة 30.9% لتصل إلى 9.7 تريليون دولار، متجاوزة بذلك خسائر عام 2008 وثروات الأوروبيين الفردية التي بلغت قيمتها 9.5 تريليون دولار. ويعزى سبب هذا التغير في الترتيب، إلى أنه على الرغم من أهمية الزيادة التي حققتها الثروات الفردية الأوروبية، فإنها كانت أقل بكثير من تلك التي حققتها الثروات الفردية في منطقة آسيا – حوض المحيط الهادي، التي شهدت نموا قويا ومستمرا في المحفزات الاقتصادية والسوقية لنمو الثروات. وقادت الهند وهونغ كونغ نمو الثروات الفردية في هذه المنطقة، بعد التراجع الكبير الذي شهده عدد الأثرياء فيها عام 2008.

ولخص أمير صدر ما توصل إليه التقرير بالقول «رغم ظهور مؤشرات على بدء انتعاش الاقتصاد العالمي واستئنافه للنمو، فقد اهتزت ثقة أثرياء العالم جراء الأزمة المالية العالمية، مما دفعهم إلى تبني مقاربة أكثر توازنا للاستثمار وتحمُّل المخاطر، مفضلين العائدات الأكثر موثوقية واستمرارية. وبغية النجاح في خدمة المستثمرين الأكثر حذرا، لا بد لشركات إدارة الثروات من تحديد وإدخال العناصر التي تشكل سلوك المستثمرين الأثرياء في حساباتها لدى تقديمها للمشورة التخصصية المستقلة لهم، للتمكن من إدارة محافظهم الاستثمارية ومخاطرها بأسلوب عالي الكفاءة على المدى الطويل».

ووفقا للتقرير، فإن المستثمرين الأثرياء لم يسعوا إلى الاستثمار في الأصول عالية الأداء أو انتهاز الفرص المتاحة في الأسواق عالية المخاطر. وأوضح التقرير أن أثرياء العالم تمسكوا بالحذر وسعوا إلى الحصول على إدارة فعالة للمخاطر والشفافية والبساطة والمشورة التخصصية، من شركات ومستشاري إدارة الثروات الكبيرة، باعتبارها عناصر تتصدر أولوياتهم في البيئة الاستثمارية الراهنة. وعلق أمير صدر على ذلك بالقول: «الأزمة المالية عصفت بالمستثمرين على اختلاف مستويات ثرائهم وأثَّرت فيهم على الصعيدين الشخصي والانفعالي، حيث خسر الكثيرون مصادر دخلهم وشهدوا تراجع مدخراتهم التقاعدية، فحاولوا الدخول في أنشطة اقتصادية جديدة أو الحصول على قروض ولكنهم لم يستطيعوا الحصول على موارد نقدية».

في مقابل ذلك، يتطرق التقرير إلى سوق السلع الكمالية الفاخرة (السيارات واليخوت والطائرات الخاصة الفاخرة وغيرها)، مشيرا إلى أنها واصلت تشكيل حصة الأسد من استثمارات الأثرياء في المقتنيات الثمينة والسلع الفاخرة في عام 2009 ووصلت إلى نسبة 30% من الإنفاق الإجمالي لمجتمع الأثرياء على الكماليات الفخمة في سائر أنحاء العالم.

يذكر أن «ميريل لينش» لإدارة الثروات العالمية مزودة لإدارة الثروات وخدمات الاستثمارات العالمية الشاملة للأفراد والشركات عالميا. وتبلغ أصول عملائها التي تديرها أكثر من 1.4 تريليون دولار أميركي، أما «كابجيميني» المشاركة في إعداد التقرير فهي واحدة من أبرز مزودي تقنيات الاستشارات وخدمات المصادر في العالم، وتدير عملياتها في أكثر من 30 دولة. وبلغ إجمالي دخل «كابجيميني» العالمي 8.4 مليار يورو في عام 2009، ويعمل لديها أكثر من 90 ألف موظف في جميع أنحاء العالم.