الاستثمار الزراعي السعودي في الخارج يحصد أولى ثماره العام الحالي

السودان ومصر وتنزانيا وكازاخستان أبرز الدول

يبلغ حجم المسطحات الخضراء التي تدخل ضمن استثمارات سعودية في السودان أكثر من 4.6 مليون فدان زراعي (رويترز)
TT

يتحقق الأمن الغذائي عندما يتمتع البشر كافة في جميع الأوقات بفرص الحصول على أغذية كافية وسليمة ومغذية تلبي حاجاتهم وتناسب أذواقهم الغذائية.

وتقدر منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) أن عدد من يعانون نقص التغذية بأكثر من مليار نسمة، أي سدس سكان الكرة الأرضية.

وأوضح تقرير للمنظمة أن ارتفاع أسعار الأغذية قبل عامين والأزمة المالية والاقتصادية في عام 2009، قد عمقا الاهتمام بقضايا الفقر والجوع في مختلف أنحاء العالم. وحشد المجتمع الدولي قدراته في الوقت الراهن لمواجهة ذلك الوضع والقضاء نهائيا على الجوع من على وجه الأرض.

ونتيجة لذلك، قررت الأمم المتحدة تشكيل لجنة المن الغذائي العالمي لمراجعة ومتابعة سياسات الأمن الغذائي العالمي.

وترمي الإصلاحات الخاصة بلجنة الأمن الغذائي العالمي إلى تركيز رؤية اللجنة ودورها على تنسيق الجهود العالمية للقضاء على الجوع وكفالة الأمن الغذائي للجميع. ويشمل هذا، كما ذكرت منظمة الأغذية والزراعة في تقرير لها، دعم الخطط والمبادرات الوطنية لمكافحة الجوع والحرص على إسماع صوت جميع الفئات المعنية عند مناقشة السياسات الخاصة بالأغذية والزراعة.

ويعرض التقرير التالي التجربة السعودية في مجال الأمن الغذائي ومدى وحجم استثماراتها الخارجية التي بدأت تؤتي ثمارها في الشهور القليلة الماضية. وتم التخطيط لتلك الاستثمارات وفق مبادئ ومعايير استثمارية زراعية محددة، منها أن يكون الاستثمار في دول جاذبة ذات موارد زراعية واعدة، وأنظمة وحوافز إدارية وحكومية مشجعة. وتصدير المحاصيل المزروعة للمملكة بنسب معقولة، وأن تكون الاستثمارات طويلة المدى «عن طريق التملك أو عقود طويلة الأجل». وحرية اختيار المحاصيل المزروعة. تسعى السعودية إلى تعزيز مصادر الزراعة من خلال الاستثمار الزراعي الخارجي، عبر مبادرة ضخمة أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز خلال الفترة الماضية.

وتهدف مبادرة الملك عبد الله للاستثمار الزراعي السعودي في الخارج إلى الإسهام في تحقيق الأمن الغذائي الوطني والعالمي، وبناء شراكات تكاملية مع عدد من الدول في مختلف أنحاء العالم، ذات مقومات وإمكانات زراعية عالية لتنمية وإدارة الاستثمارات الزراعية في عدد من المحاصيل الزراعية الاستراتيجية بكميات كافية وأسعار مستقرة، إضافة إلى ضمان استدامتها.

وتم التخطيط لتلك الاستثمارات وفق مبادئ ومعايير استثمارية زراعية محددة، منها: أن يكون الاستثمار في دول جاذبة ذات موارد زراعية واعدة، وأنظمة وحوافز إدارية وحكومية مشجعة. وتصدير المحاصيل المزروعة للمملكة بنسب معقولة، وأنْ تكون الاستثمارات طويلة المدى «عن طريق التملك أو عقود طويلة الأجل». وحرية اختيار المحاصيل المزروعة. وتوقيع اتفاقات ثنائية مع الدول المعنية تضمن تحقيق أهداف هذه الاستثمارات. ودعم وتشجيع الدولة لهذه الاستثمارات. وتوفر وسهولة وانخفاض تكاليف نقل المحاصيل للسعودية.

بدأت الزراعة بشكل فعلي، وتم حصاد أول المحاصيل في شهري مارس (آذار) وأبريل (نيسان) الماضيين في مشاريع الشركة بالسودان ومصر، في حين تم الإعلان عن وصول أول باكورة إنتاج الأرز إلى السعودية من خلال استثمار رجلي الأعمال السعوديين محمد حسين العمودي، وعبد الله حسن المصري، اللذين يستثمران في إطار مبادرة الاستثمار الزراعي، وذلك في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وبدأ بعض المستثمرين بحصاد أول المحاصيل خلال العام الحالي، حيث كشفت شركة «الراجحي» الدولية عن حصد محاصيل استثماراتها في شهري مارس وأبريل الماضيين في مشاريع الشركة بالسودان ومصر.

وأسست السعودية شركة مساهمة باسم «الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني» مملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة برأس مال قدره 3 مليارات ريال (800 مليون دولار). ومن أهم أغراضها الاستثمار في المجال الزراعي والإنتاج الحيواني وفق دراسات جدوى اقتصادية وفنية مجدية للإسهام في تحقيق الأمن الغذائي للسعودية عن طريق توفير أكبر قدر من الاحتياجات الغذائية والزراعية والمنتجات الحيوانية بشكل يساعد على استقرار الأسعار داخل المملكة.

وخلال الفترة الماضية، تأسست شركات ضخمة من قبل مستثمرين سعوديين، وأبرزها شركة «جنات للاستثمار الزراعي»، و«الشركة الدولية للاستثمار الزراعي»، وغيرها من الشركات الاستثمارية التي أسست مشاريع كشركة «الراجحي الدولية للاستثمار».

وتعرضت مبادرات دول الخليج إلى عدة شكوك حول ما تسعى إليه من تحقيق الأمن الغذائي، في الوقت الذي تهاجم تلك المبادرات وتهاجم القائمين عليها.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن وزارة التجارة والصناعة السعودية، تنوي إصدار بيان توضيحي، للإفصاح عن نوايا الاستثمار السعودي الخارجي، حيث أبلغ «الشرق الأوسط» مسؤول سعودي رفيع المستوى - فضل عدم الإفصاح عن اسمه - بنية بلاده مُمثلة بوزارة التجارة والصناعة إصدار بيان توضيحي، يوقف تلك المهاجمات التي لحقت بالمبادرة السعودية الخاصة بالاستثمار الزراعي الخارجي.

وتستهدف المشاريع الزراعية السعودية عددا من الدولوالتي تمتلك مقومات زراعية، من حيث توافر المياه، وخصوبة الأراضي، وتوافر المساحات.

ويستثمر عدد من رجال الأعمال السعوديين في مشاريع زراعية عملاقة، تقدر بمليارات الدولارات، في دول تركيا وأوكرانيا ومصر والسودان وكازاخستان والفلبين وفيتنام، وإثيوبيا، في وقت تسعى فيه السعودية إلى دعم الزراعة في تلك البلدان.

وقال وليد المرشد، مدير مؤسسة التمويل الدولية في السعودية وكبير مسؤولي الاستثمار، إن قضية توفير الغذاء بأسعار يمكن تحملها أهم الاهتمامات الرئيسية للمؤسسة، حيث تبذل الجهود كافة لمواجهة التحديات من خلال مساعدة الأسواق الصاعدة على النمو والقيام بتطوير القطاعات الزراعية، مما سيؤدي بدوره إلى زيادة توفير الغذاء وخلق فرص عمل في المجتمعات الريفية.

وأضاف أنه على الرغم من انخفاض السلع الزراعية عن معدلاتها القصوى في عام 2008، فإنه ما زالت أسعار الحبوب الرئيسية تتجاوز الاتجاه طويل الأجل، فسعر الذرة ما زال مرتفعا بمقدار 50 في المائة عن متوسط سعره خلال الفترة من عام 2003 إلى 2006، كما أن سعر الأرز ما زال مرتفعا أيضا بمقدار 100 في المائة، وعليه يمكن القول إن أسعار الغذاء ما زالت تتسم بالتذبذب.

وأكد أن الأزمة الاقتصادية ضاعفت من تأثير أسعار الغذاء المرتفعة على المجتمعات منخفضة الدخل، حيث هناك ما يزيد على مليار شخص يعاني وطأة الجوع. من جانبه، قال الدكتور سعد خليل نائب الرئيس التنفيذي بشركة «الراجحي الدولية للاستثمار» والخبير الزراعي، إن الاستثمارات الخارجية مبينة على أن تكون استثمارات طويلة الأجل، وذلك لعدة أسباب، منها إعداد الدراسات والمسوحات اللازمة لاختيار المواقع المناسبة، وتهيئة البنى التحتية من جهاز ري متكامل بما في ذلك منظومة الري من مضخات ومولدات ومحركات وأنابيب وقنوات ري، بالإضافة إلى تسوية التربة وإعدادها للزراعة.

وأضاف الدكتور سعد، الذي كان يتحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن الاستثمارات الزراعية السعودية في الخارج تركز على الحبوب والأعلاف، مبينا أن استثمارات شركة «الراجحي الدولية» تركز بصفة خاصة على الحبوب التي تلعب دورا مهما في الأمن الغذائي، والإنتاج في السنة موسمان للقمح والشعير نوفمبر (تشرين الثاني) ومارس، والذرة في الصيف ما بين شهر يوليو (تموز) وأكتوبر (تشرين الأول).

ولفت إلى أن العقود بين الحكومات والمستثمرين غالبا ما تكون طويلة الأجل، وذلك لكون المستثمر ينفق أموالا طائلة على البنى التحتية، ثم تأتي دورة الإنتاج وقد لا يصل إلى الربحية إلا بعد مرور عدة مواسم حتى يتمكن من تغطية تكاليفه، مشيرا إلى أن الاستثمارات الزراعية في الخارج طويلة الأجل كونها تبنى على أصول ثابتة يجب استثمارها على المدى البعيد أقلها 10 سنوات.

وكان وزير الزراعة والغابات السوداني، قد قدّر في وقت سابق، وخلال تصريحات أدلى بها لـ«الشرق الأوسط» خلال زيارة قام بها ضمن وفد سوداني للرياض، حجم الاستثمارات السعودية على أراضي بلاده بأكثر من 4 مليارات ريال (1.6 مليار دولار). وتوقع حينها وزير الزراعة السوداني أن يرتفع سقف الاستثمارات الزراعية تلك على أراضي بلاده، رابطا زيادتها بحزمة تسهيلات قدمتها الحكومة السوداني للمستثمرين السعوديين على أراضي السودان.

وطالب عدد من رجال الأعمال السعوديين ممن يستثمرون زراعيا في السودان، بتذليل ما سموه «عقبات» تحول دون بدء عمل بعض من مشاريع زراعية برؤوس أموال ضخمة. ويبلغ حجم المسطحات الخضراء التي تدخل ضمن استثمارات سعودية في السودان أكثر من 4.6 مليون فدان زراعي.

ويصف مستثمرون خليجيون السودان بـ«سلة غذاء العالم العربي»، وأنشأت السودان والسعودية مكتبا مشتركا للتنسيق في مشاريع زراعية بين البلدين، يعمل المكتب على تذليل بعض من العقبات الحكومية، ويمنح المستثمرون إعفاء جمركيا على المنتجات الزراعية، بالإضافة إلى منحهم أراضٍ زراعية بمميزات تفضيلية، في حين تُعفى تلك المشاريع الزراعية السعودية من ضريبة أرباح الأعمال.

وتعمل المشاريع التي يقوم عليها مساهمون من القطاع الخاص، تدعمهم بعض من خطط الدولة الاستراتيجية، على السعي وراء تحقيق الاستدامة الزراعية، عبر أراضي أفريقية، تتميز عن منطقة الخليج بوفرة المياه، وخصوبة في الأراضي.

وفي ما يتعلق برعاية الدول للاستثمار، أكد الدكتور سعد نائب الرئيس التنفيذي في شركة «الراجحي الدولية للاستثمار»، وجود دول حاضنة للاستثمارات، أي التي تكون الاستثمارات على أراضيها غالبا ما تكون حريصة على جذب الاستثمارات لأهداف متعددة، منها الاستفادة من الموارد الطبيعية التي حباها الله بها مثل المياه والتربة الخصبة والعمالة، بالإضافة إلى تحقيق الأمن الغذائي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وخلق فرص وظيفية لسكانها في تلك المشاريع، بالإضافة إلى إدخال التقنية الزراعية الحديثة لأسواقها وقطاعها الزراعي، يضاف إلى ذلك روابط أمامية خلفيو تجارية مرتبطة بتلك الاستثمارات.

وأوضح أن هذه الدول تدعم المستثمرين من خلال الإسهام في البنى التحتية مثل المياه والكهرباء والطرق وغيرها، بالإضافة إلى تذليل أي عقبات بيروقراطية قد تعيق هذه الاستثمارات.

في حين أشار إلى إن الدول التي تشجع القطاع الخاص فيها على الاستثمارات الزراعية الخارجية فإنها تسعى لرعاية تلك الاستثمارات ودعمها لأهداف كثيرة، كما هو الحال في السعودية، من أهمها توجيه النشاط الاستثماري الزراعي المحلي للخارج للحفاظ على الموارد الطبيعية المحلية مثل المياه، والاستمرار في توفير الأمن الغذائي من خلال إسهام الاستثمارات الخارجية مستقبلا في توفير السلع الاستراتيجية للسوق السعودية، وذلك من خلال اتفاقات إطارية بين الدول في ما بينها وديا، وإيجاد فرص بديلة للقطاع الخاص الذي قد يتضرر من القرارات الداخلية التي تهدف إلى الحفاظ على الموارد الطبيعية من النضوب.

وهنا يشير المرشد إلى أن مؤسسة التمويل الدولية استثمرت مبلغ ملياري دولار في العام المالي 2009 من خلال منظومة توفير الغذاء من المزرعة حتى تاجر التجزئة لدعم الإنتاج وزيادة السيولة وتحسين الإمداد اللوجيستي وأنشطة التوزيع وأيضا توسيع نطاق وزيادة سبل حصول صغار المزارعين على القروض.

وأشار إلى أن العام المالي 2009، يعتبر العام الخامس على التوالي الذي تشهد فيه المؤسسة نموا في استثمارات أعمال النشاط الزراعي، حيث زادت نسبة النمو فيه بمقدار 42 في المائة عن العام المالي 2008، إضافة إلى أن المؤسسة استثمرت 874 مليون دولار بشكل مباشر في شركات أعمال النشاط الزراعي، فضلا عن استثمارات بلغت 362 مليون دولار لدعم إنتاج الأسمدة، والبنية الأساسية الزراعية، وخدمات تجزئة الغذاء.

ويعود الدكتور سعد خليل ليشير إلى أنه لا يوجد حاليا أي دعم مالي للمستثمر السعودي في الخارج، ولكن من المتوقع أن يكون هناك تسهيلات من خلال الصناديق الاستثمارية المتخصصة مستقبلا.

وعن المشكلات والمعوقات التي تواجه المستثمرين في الخارج، أكد الدكتور سعد أن من أهم تلك المشكلات هو الدعم المالي، حيث إن هذه الاستثمارات مكلفة ماديا ومردودها طويل الأجل، إضافة إلى صعوبة في توفير مدخلات الإنتاج، حيث تعتمد معظم الدول المستهدفة بالاستثمار السعودي على استيراد معظم مدخلات الإنتاج من الخارج، الأمر الذي يعد مكلفا أيضا، ويزيد من عنصر المخاطرة للمستثمرين التي يدخل فيها عدم توافر السلعة أو بيروقراطية الاستيراد والتصدير والتخليص الجمركي وغيرها.

وأوضح أن في المواقع الاستثمارية، ما لم يكن المستثمر لديه إلمام كاف بثقافة الشعب الذي يستثمر في حدوده، فإنه سوف يواجه مشكلات من العمالة وغيرها، بالإضافة إلى المعاملات والمراجعات لدى الجهات الحكومية المختصة، لذا يجب أن يدرس المستثمر الجوانب الثقافية للمجتمع الذي سوف يستثمر فيه حتى يحقق النجاح، مشيرا إلى أن الاستثمارات الزراعية الخارجية السعودية تواجه في الخارج عوائق مالية تتمثل في الضرائب بمختلف أنواعها والتحويلات المالية لدعم الاستثمارات والتمويل وغيرها.

وكانت مؤسسة التمويل الدولية - عضو بمجموعة البنك الدولي - ضاعفت دعمها لأنشطة الأعمال الزراعية بشكل جوهري خلال العام المالي 2009، لتعزيز توافر الغذاء بالبلدان النامية لمواجهة ارتفاع أسعار الغذاء العالمي وعدم استقراره.

وأوضح وليد المرشد أن موضوع الأمن الغذائي شكل قضية محورية أثناء اجتماعات قمة مجموعة الثمانية ومجموعة العشرين، حيث تم في تلك الاجتماعات تأكيد الحاجة لزيادة الاستثمار في مجال الزراعة، ومن جهة أخرى، قامت المؤسسة من خلال شراكة البنوك بضخ 758 مليون دولار لدعم المزارعين وأنشطة تمويل التجارة، كما تم تنفيذ نصف مشاريع المؤسسة الخاصة بأنشطة الأعمال الزراعية في بلدان تتسم بالدخل المنخفض، وقد زادت استثمارات قطاع أنشطة الأعمال الزراعية بالقارة الأفريقية بمقدار 38 في المائة عن العام السابق، حيث بلغت 160 مليون دولار في مجال الزراعة الرئيسية والتوزيع والتخزين وطحن الحبوب واستصلاح المزارع وتمويل التجارة.

وتوقعت المؤسسة استمرار ارتفاع أسعار الغذاء لفترة من الزمن، وتضطلّع مؤسسة التمويل الدولية بدور رئيسي في توجيه جهود مجموعة البنك الدولي لدعم القطاع الخاص لزيادة الإنتاج الزراعي. وتشمل استراتيجية أعمال النشاط الزراعي للمؤسسة القيام بدعم الاستثمارات البينية الإقليمية لنقل المعرفة والتكنولوجيا وزيادة سبل الحصول على القروض من خلال تسهيلات تجارة الجملة مع التجار والمؤسسات المالية الوسيطة والعمل على استدامة إنتاج الأراضي الزراعية. وحول المستجدات، أشار الدكتور سعد خليل إلى أنها تتعلق بمناداة منظمة الأغذية والزراعة بزيادة رقعة الاستثمار الزراعي، وذلك لتقليل الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك - العرض والطلب - نظرا لتزايد عدد السكان من جهة، وتغير نمط استهلاك الشعوب، خاصة الهند والصين، وبالتالي زيادة الطلب على الغذاء.

ولفت إلى أنه من جهة أخرى أسهمت الكوارث الطبيعية من جفاف وفيضانات وحرائق واستخدام الإنتاج الزراعي في توليد الطاقة، وأن كل ذلك أدى إلى نقص المعروض من الغذاء في الأسواق العالمية.

وفي ما يتعلق بدول الخليج، وعلى رأسها السعودية، بادرت إلى الاستثمار الزراعي الخارجي لتفيد وتستفيد، خاصة لتوفير الأمن الغذائي المحلي، وفي الدول المستهدفة بالاستثمار، فهناك استثمارات في دول عربية أهمها السودان ومصر، واستثمارات في دول أفريقية أخرى وأوروبية.

وأكد أن شركة «الراجحي الدولية للاستثمار» بدأت الزراعة بشكل فعلي، وتم حصاد أول المحاصيل في شهري مارس وأبريل الماضيين في مشاريع الشركة بالسودان ومصر، في حين تم الإعلان عن وصول أول باكورة إنتاج الأرز إلى السعودية من خلال استثمار رجلي الأعمال السعوديين محمد حسين العمودي، وعبد الله حسن المصري، اللذين يستثمران في إطار مبادرة الاستثمار الزراعي، وذلك في يناير الماضي.

وتستثمر شركة «الراجحي الدولية للاستثمار» في السودان ومصر، وتدرس جدوى الاستثمار في دول أخرى أفريقية وجنوب أفريقيا وأستراليا وأوكرانيا وغيرها. وأكد أن الاستثمارات في الخارج بحاجة ماسة للحماية والدعم من قبل الدول سواء المستهدفة بالاستثمار أو دول المستثمرين، فالحماية والدعم المحلي من الدول المستثمر فيها يسهل للمستثمر العمل في المواقع المخصصة له، دون التعرض للمشكلات سواء الفردية أو الجماعية، هذا بالإضافة إلى أن الاستقرار السياسي في الدول المستهدفة بالاستثمار ضروري جدا لنجاح الاستثمارات وحمايتها، والاتفاقات الإطارية بين الدول قد توجد بيئة مناسبة للمستثمرين دون الخوف من المستقبل بحسب الخبير الزراعي. ودعا الدكتور سعد المستثمرين الزراعيين في الخارج إلى التريث في اتخاذ القرار الاستثماري وعدم التسرع، والاعتماد على دراسات الجدوى الاقتصادية الفنية التفصيلية التي توصي بالمضي قدما في الاستثمار أو عدم الدخول فيه، إضافة إلى الاستفادة من الخبرة والتخصص والاستثمار في المجالات التي سبق توافر الخبرة فيها، خاصة الاستثمار الزراعي، لأن له تفاصيل كثيرة لا يعرفها إلا الممارسون لهذا النوع من الاستثمار.

كما طالب بالتعاون مع المسؤولين في الدول وزيارتهم في مكاتبهم وتوضيح النشاط الاستثماري ومدى الجدية من خلال المصداقية، لأن غير ذلك لا يؤثر على المستثمر الفرد فقط، بل على جميع المستثمرين السعوديين.

وشدد على أن الصبر على الاستثمارات الزراعية هو إحدى نصائح الاستثمار، كونها بطبيعتها طويلة الأجل ومردودها فيه خير وبركة ماديا وغير ذلك من عمارة الأرض والإسهام في الأمن الغذائي وتوفير دخل للأشخاص وغير ذلك، إضافة إلى الاستثمار في الإنسان من حيث التأهيل والتدريب والأبحاث وغيرها من الأنشطة التي تعتمد عليها مثل هذه الاستثمارات.