تمويل المشاريع المتوسطة يغري بنوكا أجنبية بمنطقة الشرق الأوسط

«كريدي أغريكول» أول مصرف متعدد الجنسيات يسهم في صندوق في مصر

زوار يشاهدون نموذجا لمشروع عقاري في معرض للعقارات افتتح أمس في العاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

بإعلانه الدخول في هذا المجال يوم أول من أمس، أصبح بنك كريدي أغريكول مصر، أول بنك متعدد الجنسيات، وثاني بنك محلي، يسهم في صندوق لدعم تطوير الشركات الصغيرة والمتوسطة في مصر. وطوال سنوات ظل البنك الدولي في مقدمة من يتيحون تمويلا معقولا لتعزيز قدرات المشاريع الصغيرة والمتوسطة في منطقة الخليج والشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وبدأت بعض البنوك الأجنبية العاملة في المنطقة الدخول بحذر خلال الفترة الأخيرة لتجربة إقراض هذا النوع من المشاريع بعد أن أصبحت قاسما مشتركا في اتفاقات ولقاءات التعاون بين جهات التمويل الدولية وبلدان بالمنطقة.

وسيبدأ العمل على مشارف القاهرة في تجميع مصانع مصرية صغيرة عملت لعشرات السنين كجزر منعزلة. والتجميع سيكون في مدينة متكاملة للصناعات الجلدية في بلد يشتهر بوفرة الجلود الحيوانية، مثلها كمثل عدة بلدان أخرى بمنطقة الشرق الأوسط لكنها تفتقر فيها صناعة الجلود إلى تمويل وإدارة وخطط تسويقية عصرية. وهذا التوجه للاهتمام بالصناعات المتوسطة والصغيرة تشارك فيه حكومات بالمنطقة بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي وصناديق تمويل دولية ومحلية.

وتوجد فرص ضخمة لتطوير صناعات متناهية الصغر ومبعثرة، وذلك عن طريق ضمها في كيانات متوسطة وصغيرة كصناعة الأسماك على شواطئ البحر المتوسط والأحمر والخليج، وبحيرة السد، وكذلك صناعة الأخشاب والملابس، كما يقول مسؤول في البنك الأهلي المصري، مضيفا أنه أصبح يمكن في الوقت الحالي، لكن على نطاق محدود، تمرير أموال من جهات إقراض دولية على بنوك محلية وأجنبية تعمل في دول المنطقة لتيسير وصولها لأصحاب مشاريع صغيرة جادين، وطامحين في إنهاض صناعاتهم وتوسيعها وتوظيف مزيد من العاملين فيها. وتحتاج مثل هذه المشاريع، في الوقت الحالي، لملاءة مالية تمكنها من تخطي العقبات التي تسببت فيها الأزمة المالية العالمية.

وتضع مصر وليبيا ودول أخرى في شمال أفريقيا والخليج آمالا على المشاريع الصغيرة بما يمكن أن توفره من فرص للعمل في الريف وأطراف المدن. ولا يمكن لملايين العاملين في المشاريع التقليدية والحرفية بالمنطقة الاستمرار في المنافسة في عالم من الإنتاج العصري الكثيف رخيص الثمن، مثل ما يعرف بـ«المنتجات الصينية» التي تغرق أسواق العديد من البلدان من صنعاء إلى طرابلس، وتضرب الصناعات التقليدية التي عاشت من قبل لمئات السنين مثل صناعة الملابس والأحذية والأثاثات المنزلية.

ومنذ مطلع هذا الشهر أعلن مسؤولون في بنك الدوحة عن «باقة لتمويل مشاريع صغيرة ومتوسطة في الإمارات». وفي مصر يسعى رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة لتحقيق استفادة لبلاده من التجربة الألمانية في تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وتقول دراسات اقتصادية عن مثل هذه المشاريع التاريخية التي تعمل كجزر منعزلة صغيرة تكافح للاستمرار في الحياة، إنها يمكن أن تتحول لكيانات صناعية متوسطة أو صغيرة، مثل المدينة الصناعية الجلدية التي يجري العمل على إقامتها جنوب القاهرة باستثمارات تبلع نحو مائتي مليون دولار، رغم أن الكثير من البلدان النامية ما زالت في حاجة لتطوير تشريعاتها من حيث طريقة التمويل والضرائب وتسويق المنتجات لتواكب هذا النوع من المشاريع المجمعة.

وحين كان يوقع عقدا لتمويل مشاريع متوسطة وصغيرة بمصر بما قيمته 300 مليون دولار في الربع الأول من هذا العام، عبَّر البنك الدولي عن ثقته في أن مثل هذه المشاريع تمثل «محركا أساسيا لخلق الوظائف والنمو الاقتصادي في بلدان الأسواق الناشئة». وفي السياق نفسه وقع العضو المنتدب لبنك كريدي أغريكول مصر، هنري جيومان، قبل يومين، مع رئيس مجلس إدارة «شركة بلتون للاستثمار المباشر»، حازم بركات، اتفاقية شراكة مع «شركة بلتون ميد كاب للاستثمار». ويساهم كريدي أجريكول مصر، بهذه الاتفاقية، بمبلغ 5 ملايين دولار في صندوق بلتون ميدكاب الذي تم إنشاؤه لتقديم الدعم اللازم لتطوير الشركات الصغيرة والمتوسطة في مصر.

ويقول جيومان إن الشركات الصغيرة والمتوسطة تعد من المقومات الرئيسية للاقتصاد المصري وتحظى بأهمية كبيرة نظرا لدورها الفعال في نمو إجمالي الناتج المحلي، و.. «نحن نعمل في كريدي أجريكول مصر على تطوير هذا القطاع الحيوي من الاقتصاد المصري، وذلك من خلال توفير حلول مصرفية متميزة وتقديم الاستشارات المالية لتلك الشركات»، مشيرا إلى أن هذه الخطوات أدت إلى تعزيز ثقة العملاء في البنك.

ويضيف جيومان: «نحن سعداء بالتعاون مع شركة بلتون وسيبراكس وغيرهما من المؤسسات المالية مثل مؤسسة التمويل الدولية وبنك الاستثمار الأوروبي التي شاركت في هذا الصندوق بهدف توفير الدعم اللازم للشركات الصغيرة والمتوسطة، عن طريق تمويل رؤوس الأموال، وبالتالي تستطيع هذه الشركات من زيادة حجم أعمالها التجارية وتصبح أكثر قدرة في الحصول على التمويل».

وبحسب ما تم الإعلان عنه مساء أول من أمس فإن صندوق «بلتون ميدكاب» لتوفير الدعم للشركات الصغيرة والمتوسطة أسهمت فيه «شركة بلتون ميدكاب للاستثمار» بنحو 5.5 مليون دولار، وبنك الاستثمار العربي بنحو 1.5 مليون دولار، ومدير الصندوق بمبلغ مليون دولار، ومستثمرون أفراد بقيمة 500 ألف دولار.

وتقول شركة «بلتون» إن إدارة هذا الصندوق تجمع بين خبرة «شركة بلتون للاستثمار المباشر» ومجموعة «سيبراكس» الفرنسية المتخصصة في إدارة صناديق الاستثمار لقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث تهدف بلتون أيضا إلى أن تصل قيمة الصندوق إلى نحو 200 مليون دولار تتمثل في 100 مليون دولار للاستثمار في مصر و100 مليون دولار أخرى للاستثمار في دول الخليج.