بطاقات الائتمان في الميزان

سعود الأحمد

TT

حضرت ندوة نادي الاقتصادية الصحافي (الشهرية) الذي ترعاه جريدة «الاقتصادية» في مقرها بمدينة الرياض ليلة أول من أمس، بإعداد وإشراف لجنة الإعلام والتوعية المصرفية المنبثقة عن البنوك التجارية السعودية. وكان الموضوع عن «بطاقات الائتمان».

والواقع أن مثل هذه اللقاءات تقرب وجهات النظر المتعارضة، وتزيل الحواجز بين مسؤولي القطاع المصرفي والمجتمع.. ممثلا في نخبة من موجهي الرأي العام من الكتاب الصحافيين والأكاديميين.

وبالصدفة وأنا في طريقي لحضور الندوة كنت أستمع إلى إذاعة الرياض، وكان هناك برنامج على الهواء مباشرة عن بطاقات الائتمان المصرفي. ويمكن تلخيص أهم ما سمعته في المناسبتين، من شكاوى وما يقابلها من آراء المصرفيين فيما يلي:

البعض يشكو من ارتفاع نسبة الفائدة على الأرصدة المتراكمة على بطاقات الائتمان مما أعجز بعض العملاء عن السداد، وأعطى البنوك الحجة لاستقطاع هذه الديون من رواتب العملاء وبعضهم تم إدراجه ضمن قائمة العملاء المتعثرين في السداد. وبالمقابل ترى البنوك أن هذه البطاقة هي (في الأصل) وسيلة دفع وتحصيل خلال فترة قصيرة وليست وسيلة إقراض وتمويل.

ولذلك ترى البنوك أنه كان يجب على العميل التحكم في مصروفاته خصوصا أثناء السفر. وتستند إلى الاتفاقيات المبرمة مع العملاء، وأن جميع المصاريف والفوائد المقيدة على حساب البطاقة كانت بناء على الاتفاقيات الموقعة مع العملاء.. ومن باب أن العقد شريعة المتعاقدين.

في حين يعترض بعض العملاء على هذا الرد بحجة أن العميل يكون في حالة من حسن النية عند استخراج البطاقة وخصوصا عندما تعرض عليه البطاقة من المسوقين (والمسوقات) الذين يُسهلون له العملية، فيوقع جميع العقود دون أن يقرأها!. وأن هذه العقود تصاغ بأسلوب مقصود منه الإيقاع بالعملاء وإدانتهم في حالة نشوب خلاف أو رفع قضية!.

لكن البنوك ترى أن القاعدة أن العميل يحصل على البطاقة نظير عمولة سنوية مقطوعة على فرض أن العميل ينوي تسديد ما يصرفه على بطاقة الائتمان دون تأخير، فلماذا يفترض أن العميل سيفرط في مشترياته باستخدام بطاقات الائتمان ويتأخر في السداد ويتحمل فوائد مركبة ويتعثر في السداد ويمثل أمام الجهات القضائية ويضع اسمه بقائمة العملاء المتعثرين والممنوعين من التعامل!؟.

من جانب آخر.. هناك إجماع على أهمية تكثيف برامج التوعية بالخدمات المصرفية عامة وبطاقات الائتمان خاصة، وبالأخص في مثل هذه الأيام وقبيل موسم الإجازات، لأن بطاقات الائتمان أصبحت التوأم السيامي للاستهلاك المفرط. ويبقى السؤال: هل يسمح للبنوك بالتشجيع على منح بطاقات الائتمان كتسويق لخدمة مصرفية؟!.

وفي الختام.. أؤكد أهمية جانب التوعية، فالمجتمع مقبل على منتجات وخيارات ائتمانية جديدة، ولا ينبغي أن يترك لاجتهاداته في أمور يجهلها ونحاسبه على النتائج. وأقرب دليل: عندما فتح المجال لاستخراج أرقام الهاتف الجوال في السعودية، بلغ عدد الأرقام أكثر من 46 مليون رقم. أي بما يعادل ضعف عدد السكان تقريبا، ومعظم هؤلاء لو ترك لهم حرية الاستخدام على الحساب لبلغت مديونياتهم عنان السماء.

* كاتب ومحلل مالي