أوباما يدعو مجموعة العشرين إلى استمرار الإنفاق

وسط مخاوف من ركود اقتصادي جديد

TT

حذر الرئيس الأميركي باراك أوباما أول من أمس الأحد من أن الانتعاشة الاقتصادية العالمية لا تزال «ضعيفة»، ودعا إلى استمرار الإنفاق من أجل دعم النمو. جاء ذلك في نهاية قمة اتفقت خلالها الدول المتقدمة على تقليل العجز السنوي لديها بمقدار النصف خلال ثلاثة أعوام. وخففت تصريحات الرئيس الأميركي من الإنجاز الرئيسي لمجموعة العشرين الذي تمثل في مستهدف لتقليل العجز، دفع من أجله رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر، مضيف الاجتماع.

وعلى الرغم من وجود اتفاق واسع على الحاجة إلى تقليل الدين الحكومة داخل الدول المتقدمة، فهناك مخاوف من أن يبطئ التقليل السريع والكبير في النفقات من النمو، مما قد يؤدي إلى ركود اقتصادي من جديد.

وخلال مؤتمر صحافي في ختام القمة، قال أوباما إن الدول الاقتصادية الكبرى في العالم اتفقت على الحاجة لـ«استمرار النمو على المدى القصير والاستدامة المالية على المدى المتوسط».

وقال أوباما: «يتخذ عدد من شركائنا الأوروبيين قرارات صعبة، ولكن علينا أن نعترف أن سلامتنا ماليا في الغد تعتمد بدرجة كبيرة على قدرتنا على خلق وظائف وتحقيق نمو في الوقت الحالي».

وتضمن البيان الختامي للقمة مستهدفا محددا يتعلق بتقليل العجز، مع التأكيد على أن تخفيض العجز يجب أن يحدد على أساس تجنب الإضرار بالنمو وسيكون بوتيرة مختلفة داخل كل دولة وستصحبه إصلاحات أخرى من أجل تقوية الاقتصاد.

وقد جاء الرئيس أوباما والزعماء الأوروبيون إلى الاجتماع بوجهات نظر مختلفة عن تعزيز التعافي الاقتصادي العالمي، وكان الرئيس الأميركي أكثر تشاؤما. ويعطي البيان كل جانب ما أراد، على الرغم من أن المواعيد النهائية المحددة تجاوزت ما كانت تفضله إدارة أوباما قبل الاجتماع.

ووافقت الإدارة الأميركية على المواعيد النهائية من أجل تجنب الوقوف ضد هاربر وقوى اقتصادية هامة، مثل ألمانيا. وفي تصريحاته الختامية، أكد أوباما على أن «كل دولة سوف تحدد نهجها، ولكن لا شك في أننا نسير في نفس الاتجاه».

ووصف رئيس صندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس كان المستهدف الخاص بتخفيض العجز بـ«تبسيط مبالغ فيه» للمشكلة، وقال إنه من المهم بالنسبة للدول كل على حدة صياغة السياسات الاقتصادية المناسبة من أجل الحافظ على النمو، وليس التخفيض لمجرد الوصول إلى مستهدف.

وإلى جانب التعهد بتقليل العجز السنوي في الميزانية بحلول 2013، تعهدت الدول المتقدمة بتحقيق استقرار في إجمالي الدين بحول 2016. وكان الرئيس أوباما قد حدد أهدافا مماثلة للولايات المتحدة.

وعلى الرغم من الخلافات الواضحة بين مستهدف تخفيض العجز الأميركي ونهج أبطأ تفضله كندا وألمانيا، قال أوباما إنه كان هناك «اتفاق قوي» داخل المجموعة على الحاجة للوصول إلى التوازن المناسب، حيث تحتاج دول مدينة بدرجة كبيرة، مثل اليونان، إلى خصومات فورية ودعم آخرين للانتعاش بنفقات أعلى.

وبصورة مجملة، يعكس البيان الختامي للمجموعة إجماعها على حاجة الاقتصاد العالمي إلى التغيير، في الوقت الذي تقوم فيه الدول الغربية المدِينة بمقدار كبير بتقليل العجز الحكومي وتقوم الدول التي لديها فائض «بإعادة التوازن» من أجل دعم الإنفاق المحلي والطلب.

وقال البيان إن الأسواق الناشئة القوية مثل الصين تحتاج إلى الانتباه كي لا يحدث تباطؤ عن طريق تشجيع حكوماتها والمواطنين لإنفاق المزيد والاستثمار في مشاريع بينة تحتية وبناء شبكات أمان أفضل من أجل توفير دخل أكبر للعائلات والسماح بتقلب أسعار الصرف بحرية أكبر، في إشارة إلى سياسات العملة المتبعة داخل الصين، وهي عضو في مجموعة العشرين. وتعهدت دول ذات «فائض متقدم» - دول متقدمة لديها فائض تجاري كبير – بالسعي إلى تقليل الفجوة بين الواردات والصادرات، وهو مبعث قلق خاص داخل أوروبا، حيث يُحمّل اقتصاد ألمانيا القوي الذي تدفعه الصادرات المسؤولية عن بعض الضعف الاقتصادي داخل اليونان وفي أماكن أخرى.

ولكن تركت وفود مجموعة العشرين تورونتو ولا يزال أمامها الكثير من العمل الشاق فيما يتعلق بقواعد مالية عالمية. وانتهت النقاشات حول ضريبة مصرفية عالمية - التي كان يعتقد أنها قضية هامة للمجموعة - بتعهد بأن يقدم القطاع المالي مساهمة «عادلة» لتكاليف حل الأزمات المالية، ولكن ترك لكل دولة تحديد كيفية ووقت جمع هذه المساهمة.

وتعهدت المجموعة أيضا بأن تفرض على المصارف بمختلف أنحاء العالم بالاحتفاظ بمقدار «كبير» من رأس المال لحمايتها من الصدمات الاقتصادية. ولكن، مع الاعتراف بالصعوبات التي ستظهر أمام بعض المؤسسات، ترك بيان المجموعة الباب مفتوحا أمام فترة انتقالية لإعطاء الشركات الأضعف وقتا لجمع أموال.

وتأمل مجموعة العشرين أنه بحلول نهاية العام الحالي ستدخل قواعد رأسمال مصرفية جديدة حيز التنفيذ، ويعتبر الزعماء القضية شيئا جوهريا في الإصلاح المالي العالمي.

ولكن وجد اختبار مسبق لقواعد رأس المال المصرفي المقترحة أنها تخاطر بتقويض النمو الاقتصادي. ويقول مسؤولون ومصرفيون على اطلاع بالموضوع إن مصارف داخل أنظمة متعافية نسبيا، مثل كندا، كانت ستضطر إلى جمع أموال جديدة بمقدار كبير. ويقول هين سونغ شين، وهو مستشار اقتصادي بارز لحكومة كوريا الشمالية: «لدينا نقطة تلاق لقوتين ترتبط بضمان عدم وجود أزمات أخرى، ولكن علينا التأكد من أننا لا ندمر النظم المصرفية المحلية». وأضاف: «ما لا تريد القيام به هو خنق الإقراض المصرفي».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»