الحريري يقود ورشة تحسين بيئة الأعمال في لبنان واستراتيجية وطنية لتفعيل النمو وتحقيق اللامركزية

بمشاركة القطاعين العام والخاص وبالتعاون مع البنك الدولي

TT

أعلن رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، «بدء إعداد استراتيجية وطنية لتفعيل النمو في مختلف القطاعات بما يدعم الجهود لتحقيق اللامركزية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وهذا ما يسهم في تحسين بيئة الأعمال في لبنان».

وترأس الحريري، أمس، ورشة عمل مشتركة بين القطاعين العام والخاص. وبالتعاون مع البنك الدولي للبحث في كيفية تحسين بيئة الأعمال، بمشاركة وزراء المال ريا الحسن، الاقتصاد والتجارة محمد الصفدي، العمل بطرس حرب، التنمية الإدارية محمد فنيش، والعدل إبراهيم نجار، ووزير الدولة عدنان القصار، ومدير دائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي الهادي العربي، وسفير إسبانيا خوان كارلوس غافو وشخصيات ورجال أعمال.

وقال: «أقارب الموضوع من زاوية مسؤوليتي الحكومية، التي أرى أن من أهدافها الأساسية إيجاد فرص العمل أمام كل اللبنانيين واللبنانيات، وبخاصة الشباب والشابات كوسيلة لرفع مستوى المعيشة والحد من الهجرة ودفع الاقتصاد إلى المرتبة التي تتناسب مع الإبداع والمهارة والتفوق العلمي والقدرة على المبادرة والتكيف، التي يتمتع بها لبنان. ولا شك أن تحسين بيئة الأعمال بما يعنيه من استقطاب الاستثمارات وتسهيل إنشاء الشركات الجديدة، هو من الشروط الأساسية لإيجاد فرص العمل في اقتصادنا».

وأضاف: «وقبل الخوض فيما نقوم به لتحقيق هذا الهدف، من المهم أن نستعرض وضعنا الحالي. حيث يعتبر البنك الدولي حاليا أن المبادر إلى مشروع عمل جديد في القطاع الخاص في لبنان يلزمه 9 أيام لاستكمال الإجراءات القانونية والإدارية الرسمية بالمقارنة مع معدل 20 يوما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. هذه نقطة انطلاق قد تبدو جيدة لكنها من منظارنا غير كافية لتحقيق هدفنا تحويل لبنان إلى مركز التجارة والأعمال في كل منطقتنا العربية. وبالتالي، فإننا عازمون على حل التعقيدات الإدارية والقانونية التي تعيق سهولة مزاولة الأعمال، وسهولة تصفية النشاط التجاري التي يعتبرها المستثمر بأهمية سهولة إطلاقه عند اتخاذ القرار».

وعدد الأهداف التي تلتزمها الحكومة في هذا السياق، وأبرزها «زيادة الأمن والأمان، والحد من الفساد، وتحسين أداء الخدمات الحكومية وضمان التغذية الكهربائية الدائمة، وضمان وصول شامل وميسر لخدمات (البرودباند) والإنترنت، وبيئة أفضل، وإدارة أفضل للمياه، والحد من مشكلات السير، وتحسين التواصل مع الانتشار اللبناني في المغتربات. وكل بند من هذه البنود يؤدي إلى تحسين بيئة الأعمال. كما نعمل على بلورة خطط لقطاعات السياحة والتعليم والنقل، ونعد استراتيجية وطنية لتفعيل النمو في مختلف القطاعات، بما يدعم جهودنا لتحقيق اللامركزية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية».

وأضاف: «الفرصة سانحة، ولبنان استطاع أن ينأى عن تداعيات الأزمة المالية العالمية، لا بل أن يتحول إلى ملاذ آمن للودائع والاستثمارات والتوظيفات، فسجل اقتصادنا خلال آخر 3 أعوام نموا معدله 8 في المائة سنويا، وهو المعدل الذي يتوقعه صندوق النقد الدولي هذه السنة أيضا بينما تراجعت نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي بنحو 30 في المائة خلال الفترة نفسها».

وأوضح: «كل هذه التطورات الإيجابية ما كانت ممكنة لولا القطاع الخاص في لبنان، ونظامنا الاقتصادي الحر، الذي انتصر وينتصر كل يوم على التحديات الداخلية والأزمات الخارجية الكثيرة التي واجهها بلدنا الصغير. هذا ما يؤكد ضرورة تعزيز نظامنا الاقتصادي وحمايته مع تمتين الضوابط والتشريعات التي تنظم عمل السوق وتحمي المواطن والمستهلك. وهنا أريد أن أؤكد أنه في مجال تحسين بيئة الأعمال ستكون أولويتنا مركزة على تسهيل المبادرات والنشاط أمام المؤسسات الصغيرة ومتوسطة الحجم، التي تمثل 90 في المائة من الشركات العاملة في لبنان حاليا، وتوفر بالتالي الدخل للشريحة الأوسع من المجتمع اللبناني».

واعتبر ممثل البنك الدولي أنه «من الضروري تطوير سياسة سليمة للاقتصاد الكلي وتطبيق نهج جديد للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وقد حان الوقت لأن يستفيد لبنان من إمكانياته الكثيرة وموارده البشرية المتميزة عن طريق تهيئة مناخ استثماري سليم لتحفيز الاستثمار في القطاع الحقيقي وخلق المزيد من فرص العمل لجميع مواطنيه في حين أن البعض من القطاعات تنشط وتزدهر، فالحفاظ على نمو متنوع وخلق فرص للعمل يتطلب معالجة اثنين من العناصر الأساسية لبيئة الأعمال وهما: ارتفاع التكلفة وعدم تكافؤ الفرص».

وقال: «لقد أظهرت التجارب العالمية أنه عندما يكون قطاع الشركات جامدا حيث يدخل إليه ويخرج منه القليل من الشركات يؤدي ذلك الجمود إلى نسبة نمو منخفضة وإنتاجية محدودة واستثمار ضئيل، وفي هذا المجال يعتبر لبنان في موقع ضعيف حيث يقع في المرتبة الـ100 فيما يتعلق بممارسة أنشطة الأعمال من حيث البدء في العمل التجاري وإنجاز معاملات تصاريح البناء وتسجيل الملكية وإنفاذ العقود وتصفية الأعمال مما يحد بوضوح من ديناميكية السوق في لبنان وآفاق نموه على المدى الطويل».

وأكدت وزيرة المالية: «إن القطاع الخاص هو المحرك الأساسي للتنمية الاقتصادية في لبنان. وهذا يحتم علينا بذل الكثير من الجهود لتطوير بيئة الأعمال في لبنان، لكي تكون مستعدة لاستيعاب الرساميل المتدفقة إلى لبنان، خصوصا في ضوء نجاح الاقتصاد اللبناني في تخطي تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية».

ورحبت بانعقاد الورشة «من أجل المشاركة بين القطاعين العام والخاص وجميع الجهات المعنية، في تحديد الإجراءات التي من شأنها تعزيز مناخ الاستثمار في لبنان، وتحسين تصنيفه في مؤشرات سهولة أداء الأعمال على المستوى العالمي. وهذا عمل جماعي، تتشارك فيه كل الوزارات، ومن ضمنها وزارة المالية، التي ستتابع وتواكب الموضوع حتى النهاية. علما بأن الوزارة أعادت تفعيل اللجنة التي تم تشكيلها مع القطاع الخاص والتي من شأنها طرح المشكلات التي تعوق عمل القطاع والسعي إلى إيجاد حلول لها».