لبنان يترقب 2.5 مليون سائح وعائدات تناهز 9 مليارات دولار

بدء الموسم الصيفي مدعوما بحركة كثيفة للوافدين.. وحجوزات تلامس 100%

جانب من العاصمة اللبنانية بيروت («الشرق الأوسط»)
TT

انطلق الموسم الصيفي في لبنان حاملا معطيات تحسن نوعي في حركة السياحة قاربت نسبته 30 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وآمالا عريضة بتحطيم كل الأرقام القياسية السابقة خلال النصف الثاني الحافل بالعطلات والأعياد. مما حفز وزير السياحة، فادي عبود، إلى توقع نمو يشمل القطاع السياحي بأكمله بنسبة 25 في المائة في حصيلة عام 2010.

ويؤمل، مع الوقائع المحققة وارتفاع حركة الحجوزات في الفنادق إلى كامل طاقتها في العاصمة ومناطق الاصطياف وكثافة حركة الوافدين عبر المنافذ الجوية والبرية وتدفق المغتربين المتنامي، ملامسة سقف 2.5 مليون سائح هذا العام (تبلغ الطاقة القصوى للمطار الدولي الوحيد نحو 3 ملايين راكب سنويا). وهذا رقم قياسي غير مسبوق ينطلق من رقم قياسي مماثل بلغ نحو 1.9 مليون سائح في العام الماضي. وبالتوازي يرتقب أن ترتفع عائدات السياحة إلى عتبة 9 مليارات دولار انطلاقا من مستوى 7.2 مليار دولار المحققة عام 2009. وبذلك تمثل إسهام السياحة أكثر من 25 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وقد حقق لبنان أعلى نمو في العالم من حيث عدد الزائرين خلال عام 2009، حيث أشار تقرير صادر عن منظمة السياحة العالمية إلى أن عدد السياح الوافدين إلى لبنان زاد العام الماضي بنسبة 39% مقارنة بعام 2008، في الوقت الذي حدث فيه انكماش بنسبة 4.3% على الصعيد العالمي 5.4% في الدول المتقدمة و3% في الدول الناشئة. كما سجل التقرير أن لبنان احتل مركز الصدارة على الصعيد العالمي متقدما على كينيا التي ارتفع عدد سياحها 36.8% في عام 2009 وميانمار 17.8% وتايوان 14.3%. بينما بلغت الواردات نحو 7.2 مليارات دولار بزيادة نسبتها 31.6%. وإذ يصف وزير السياحة عام 2009 بأنه «الأفضل لقطاع السياحة منذ انتهاء الحرب الأهلية»، يشير إلى أن «خططا وضعت لجذب المزيد من السياح الأوروبيين من خلال رزمة تنافسية ستؤتي ثمارها في عام 2011. بينما وقع لبنان اتفاقات مع شركات صينية يرتقب أن تنتج استقبال نحو مائة ألف سائح صيني هذا العام». وتوقع أن «يشهد لبنان موسما سياحيا قياسيا هذا الصيف، حيث يرتفع عدد السياح بنسبة 30 في المائة. وتتجاوز إسهام القطاع السياحي في الناتج المحلي اللبناني الإجمالي 8 مليارات دولار. لكن الأهم من ذلك أننا نشدد على ضرورة أن يكونوا راضين عن إقامتهم في لبنان، فيأتون إليه فرحين ويغادرونه بفرح أكبر». ويعتبر المصرفي ريمون عودة (وزير سابق) أن «القطاع السياحي واحد من أكبر القطاعات وأسرعها نموا في الاقتصاد الوطني، بينما يمثل الإنفاق السياحي المحرك الخارجي الأبرز للنمو المحلي مع ما يمثله ذلك من آثار الرافعة على نمو الناتج المحلي الإجمالي في ظل نسب متدنية لمتوسط الاستثمار إلى القيم المضافة في الأفق. هو في اختصار أداة رئيسية للتنمية الاقتصادية في البلاد». ويوضح أنه في بيروت وحدها، ما يفوق 20 فندقا عالميا قيد التشييد، وهذا ما يزيد عدد الغرف الجاهزة نحو 1100 غرفة جديدة. بالإضافة إلى الرخص الإضافية المعطاة إلى فنادق جديدة قد تبصر النور في الأعوام المقبلة. مشيرا إلى أن «عدد العاملين في قطاع السياحة والسفر يبلغ الآن نحو 200 ألف شخص مع الأخذ في الحسبان مختلف القطاعات المرتبطة مباشرة بقطاع السياحة، أي ما يوازي 38% من العمالة الإجمالية في البلاد».

وعن أبرز المعوقات يلفت وزير السياحة إلى إن «أكثر من 80 في المائة من المؤسسات السياحية غير مرخص لها وهذا الأمر سيتغير»، كما أن «مشروع الموازنة تضمن زيادة في ضريبة المطار بنسبة 10 في المائة التي من المتوقع أن يكون مردودها بين 15 و17 مليون دولار في السنة من أجل ترويج السياحة في لبنان وتنشيطها، وبالتالي نستطيع أن نبدأ بعمل إعلاني متطور مهني مدروس لترويج السياحة».

ويضيف: «إن الخطة التي نعمل على أساسها هي خطة طموح وتكلفتها واقعية. إلا أن التنفيذ ليس بقدر طموحنا. فالشرطة السياحية لا تزال ممنوعة من الدخول إلى حرم المطار على الرغم من مسؤوليتها القانونية عن مؤازرة السائح عندما تطأ قدماه أرض لبنان. كذلك يمنع على الشرطة السياحية التدخل في معالجة شؤون النقل في مطار بيروت، ويمنع على تأمين مسرب سريع مثل أي مطار في العالم، ويمنع على وزارة السياحة تجميل المساحات بالقرب من المدارج، بالإضافة إلى ذلك هناك 7 مؤسسات مسؤولية في المطار تدقق في الجوازات، مع أن هناك تطورات تقنية تستغني عن ذلك، كل هذه المواضيع في المطار لم أتمكن حتى اليوم من معالجتها. لقد اتخذت اللجنة العليا للسياحة برئاسة رئيس الحكومة، سعد الحريري، الذي يدعمني في هذا الاتجاه، قرارا قضى بأن لا يدفع السائح إلى سائق التاكسي بل إلى (كونتوار) يمكن إيجاده. وحتى اليوم لم ينفذ، على الرغم من مرور ثلاثة أشهر على إقراره».

ويرى عبود أن «النمو الذي يشهده القطاع السياحي يستوجب منا العمل بجدية لتحويل لبنان إلى مقصد سياحي عالمي بامتياز، وخصوصا بعدما وافق مجلس الوزراء على طلب وزارة السياحة التعاقد مع 100 مفتش لتفعيل أعمال الرقابة وتنظيم القطاع، وذلك حفاظا على سمعة لبنان السياحية وحقوق السائحين وضمان أفضل الخدمات السياحية. وتعمل الوزارة حاليا على إطلاق (Call center) في الوزارة لتوفير رد سريع ومحترف على تساؤلات واستفسارات السياح والمواطنين، كما نعمل على تطوير الصفحة الإلكترونية للوزارة بحلة متطورة ومتجددة». وفي أولى التحركات المواكبة للموسم السياحي الصيفي، تم الإعلان عن ملتقى «صيف لبنان» كحدث لبناني - خليجي - عربي ينعقد برعاية الرئيس الحريري يومي 21 و22 يوليو (تموز) الحالي في فندق «الحبتور»، الذي يشكل تظاهرة اقتصادية استثمارية تجمع الوزراء والمسؤولين ورجال الأعمال الخليجيين والعرب ممن درجوا على الاصطياف في لبنان إلى جانب رجال الأعمال اللبنانيين المغتربين والمقيمين، لمناقشة مواضيع تتصل بالاستثمار والسياحة والخدمات المصرفية والتعليمية والصحية، فضلا عن إيلاء القطاع العقاري أهمية خاصة من خلال ندوة يشارك فيها المطورون العقاريون والمستثمرون من لبنانيين وخليجيين وعرب. وتنظم الملتقى «صيف لبنان 2010» مجموعة «الاقتصاد والأعمال» بالتعاون مع اتحاد الغرف اللبنانية واتحاد الغرف العربية، والمؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان (إيدال). وشدد وزير الخارجية والمغتربين، علي الشامي، على «أهمية لعب المغتربين اللبنانيين دورا أكبر في ترويج بلدهم استثماريا وسياحيا في الدول التي يوجدون فيها. حيث يوجد في الدول الأفريقية أكثر من 200 ألف مغترب لبناني، وقد بدأ معظمهم الانتقال مؤخرا من الاستثمارات التجارية إلى الاستثمار في الصناعات الخفيفة والمتوسطة مما يمكن أن يساهم بتعزيز هذه الصناعات في وطنهم الأم، لبنان، من خلال نقل المعرفة والتقنيات الصناعية الحديثة».

وكشف عن طرح اقتراح على مجلس الوزراء يتعلق بتعيين ملحقين سياحيين، فضلا عن الملحقين التجاريين والعسكريين، في سفارات الدول التي لدينا بعثات دبلوماسية هامة معها. ويشير وزير الدولة عدنان القصار إلى أهمية «الهدوء والاستقرار اللذين ينعم بهما لبنان منذ تشكيل حكومة الوحدة الوطنية. بينما تدل جميع المؤشرات على أن لبنان مقبل على موسم سياحي واعد بامتياز، وهذا ما أكده وزير السياحة في أكثر من مناسبة، وهذا التفاؤل مرده أيضا إلى حرص الرؤساء الثلاثة، والقوى السياسية كافة، على توفير كل مستلزمات الأمن والاستقرار، وبالتالي كل العناصر التي تؤمن نجاح موسم الاصطياف».

وأكد رئيس غرفة بيروت ورئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان، محمد شقير، أن ملتقى «صيف لبنان 2010» سيستضيف نخبة من الوزراء ورجال الأعمال العرب، لا سيما الخليجيين الذين يصطافون في لبنان، واللبنانيين المقيمين والمغتربين، ورؤساء بلديات مدن وبلدات الاصطياف. ونتطلع إلى أن يكون هذا مناسبة حقيقية لإظهار وجه لبنان الاستثماري والسياحي، ولتأكيد أهمية السياحة في ظل الخطوات التي يتم اتخاذها بإلغاء تأشيرات الدخول بين لبنان والدول الأخرى، مما يسهل دخول السياح إلى لبنان، ويعزز اقتصادنا الوطني.

ووفق الرئيس التنفيذي لمجموعة «الاقتصاد والأعمال» رؤوف أبو زكي، فإن «هذا الملتقى سيصبح حدثا دوريا ينعقد في شهر يوليو من كل سنة مع برنامج تطوير متكامل بحيث يصبح محطة اقتصادية أساسية للبنانيين والعرب من القياديين في المؤسسات الحكومية والخاصة، وممن يشكلون مجتمع الأعمال. وتم إعداد برنامج يجمع بين الإفادة والنشاط الاجتماعي، حيث يتناول الملتقى مواضيع تهم المشاركين تتصل بقضايا الاستثمار والسياحة، والخدمات المصرفية والتعليمية والصحية، بالإضافة إلى ندوة خاصة بالعقار يشارك فيها المطورون والمستثمرون من لبنانيين ومن خليجيين».