سلطات الصين لا تريد لزيادة الأجور أن تعزز التضخم

العمال الصينيون يتقاضون أجورا متدنية جدا

العمال المهاجرون من الجيل الأول كانوا قادرين على إرسال بعض المال إلى أسرهم التي بقيت في الريف (أ.ف.ب)
TT

تركت كوانغ شياوهوا البالغة من العمر 21 عاما عملها قبل ستة أشهر في شركة التجميع التايوانية العملاقة «فوكسكون» في جنوب الصين لكي تلد ابنتها. وبعد ستة أشهر من ذلك التاريخ، تكابد أسرتها الصغيرة لتأمين لقمة العيش مثلها مثل كثير من العمال الصينيين.

ولا يزال زوج كوانغ يعمل في مصنع «فوكسكون» الضخم الذي يشكل مدينة حقيقية في فوشان حيث يكسب ألفي يوان شهريا، أي أكثر بقليل من 240 يورو، وهو ما يوازي سعر هاتف «آي فون4» الجديد الذي تنتجه الشركة التايوانية لحساب شرك «أبل» الأميركية العملاقة.

وتقول كوانغ: «يصعب العيش بأجر مثل هذا. القسم الأكبر مما نكسبه ننفقه على الطفلة، يضاف إلى ذلك الإيجار الذي يصل إلى 450 يوانا في الشهر».

وتعيش كوانغ في مسكن بائس من غرفة واحدة حيث يختلط المرحاض والمطبخ.

وفي حين كان العمال المهاجرون من الجيل الأول قادرين على إرسال بعض المال إلى أسرهم التي بقيت في الريف، فإن العمال اليوم ما عادوا قادرين على ذلك على الرغم من ارتفاع أجورهم اسميا، فقد أدى التضخم وارتفاع إيجارات المساكن إلى تآكل مداخيلهم. ويدلل على الأزمة التي يعيشها هؤلاء تسجيل 11 حالة انتحار لدى شركة «فوكسكون».

ويقول شانغ، عامل اللحام البالغ من العمر 22 عاما، الذي يعمل في مصنع لإنتاج عوادم السيارات لشركة «هوندا»: «ما نكسبه لا يمكننا من التفكير في المستقبل»، ويضيف: «أحلم بشراء سيارة أو شقة صغيرة يوما، ولكن راتبي الحالي لا يمكنني من ذلك».

وأوضحت وكالة «رويترز» أن العمال نظموا إضرابات خلال الأشهر الأخيرة في عدد من المصانع في المناطق الصناعية في جنوب الصين، مما شل إنتاج الشركات اليابانية العملاقة مثل «هوندا» و«تويوتا» وأدت في النهاية إلى زيادة الأجور.

وعبرت الحكومة الصينية عن تعاطفها مع العمال ولكنها لا تريد لزيادة الأجور أن تعزز ضغوط التضخم وتهدد الصادرات الصينية التي تشكل محرك ثالث اقتصاد عالمي.

وفي حين لا يتجاوز الحد الأدنى للأجور في بعض المناطق الصينية 660 يوانا شهريا، يصل الأجر في دلتا نهر بيرل في غواندونغ إلى ألف يوان، أي ما يعادل 150 دولارا. وعلى بعد بضعة كيلومترات من هذه المنطقة، يتقاضى خدم المنازل في هونغ كونغ 460 دولارا في الشهر بالإضافة إلى المسكن والطعام.

ولكن شانغ النحيل ذا الشعر المصبوغ باللون البني، لم يتمكن من جمع المال على الرغم من سنتين من العمل. وحصل شانغ مع زملائه في شركة «فوشان فنغفو أوتو بارتس» لقطع غيار السيارات على علاوة من 300 يوان بعد الإضراب، فارتفع أجره إلى 1500 يوان. وقال: «أغلى ما تمكنت من دفع ثمنه هو حذاء (نايكي) بخمسمائة يوان».

أما سونغ مافي (22 عاما) الذي يعمل أيضا في مصنع لقطع غيار السيارات فيصف حياته بأنها رتيبة. ويقول سونغ: «ليس لدي المال للذهاب إلى المطعم أو الحانة»، وهو ينفق 300 يوان على السجائر كل شهر.

وإن كانت «فوكسكون» وافقت على زيادة الأجور بعد موجة الانتحار، فذلك لم يشجع كوانغ على العودة إلى المصنع، إلا إذا جاءت أمها التي تعيش في هونان في وسط البلاد لتعتني بالطفلة. وتقول كوانغ: «أنا لا أنفق الكثير ولا زوجي، فهو لا يدخن ولا يشرب»، وتضيف «أغلى شيء اشتريته هو زوج أحذية بخمسين يوانا. اشتريت مرة هاتفا جوالا، ولكني أدركت أن استخدامه يكلفني 100 يوان في الشهر، فبعته».