مستثمر وذكي

علي المزيد

TT

لن أتحدث اليوم عن رجل أعمال ناجح أو سيدة أعمال ناجحة، ولن أتحدث عن شاب أعمال عصامي أو شابة أعمال عصامية، سأتحدث اليوم عن إصدار جديد أصدرته هيئة سوق المال السعودية تحت مسمى المستثمر الذكي، وُجه إلى شريحة مهمة من المجتمع وهي الأطفال. وقد أعجبني اختيار عنوان الإصدار بشدة، كما أنني فرحت بهذا الإصدار كثيرا، أتعرفون لماذا فرحت؟ لأن مكتبة الطفل العربي تعاني من نقص شديد في الإصدارات، وهي مفلسة بكل معنى الكلمة الاقتصادي من إصدارات اقتصادية موجهة للطفل. كما أن المنهج المدرسي يخلو من مبادئ اقتصادية مهمة للطفل العربي، وتخلو المناهج المدرسية من ذلك حتى إن الطالب يتخرج في الثانوية وهو لا يجيد كتابة الشيك، رغم ازدحام الكتب المدرسية ببطولات الزعيم العربي الذي لا يخطئ وكأنه ليس من البشر بدءا من القوميين وانتهاء بالمطالبين بسلطة الجماهير، حتى إن الفساد يجير على أنه نجاحات ويضم لإنجازات القائد.

وقد كنا معشر الكتبة نطالب بإصدارات اقتصادية للطفل العربي، وقد كتبت في هذه الزاوية عن عدم توافق مخرجات التعليم مع سوق العمل نتيجة التركيز في المناهج على التلقين والحفظ والابتعاد عن المناهج التي تعلم المهارة والتفكير.

وقد تتعذر الجهات التعليمية بصعوبة إدخال مادة الاقتصاد على أساس أن المرور سيطالب بإدخال مادة له، وأن كل جهة سترى أن لها حقا في المنهج مما يزيد عدد المناهج فتقصم ظهر الطالب بحملها، مما يؤكد أهمية إعادة النظر في المنهج ليصبح غرامات بدلا من كيلوات. لذلك فإنني أقترح أن يعمم الإصدار «المستثمر الذكي» على كل مدارسنا السعودية، وبعد ذلك نطلب من المدرس في المواد الإثرائية أن يطلب من طلبته أن يكتبوا عما فهموه عن التوفير أو طريقة الشراء الصحيحة، وأن يكتب كل طالب موقفا مر به أثناء التسوق، لحين التصالح مع الذات وإدراك أن مبادئ الاقتصاد مهارة واجبة التعلم وينبغي أن تضاف للمنهج شرط أن تُحذف من المنهج القائم مواد الحشو الزائدة.

لا أخفيكم إعجابي بالإصدار، لكني لاحظت أن الإصدار لم يتم تحديد نوعه نشرة أم مجلة أم ماذا!.. كما لم يتم تحديد هيئة التحرير المشرفة عليه، فمثل هذا نشرة توعوية، ومعرفة المشرفين على الإصدار تحدد موثوقيتهم لدى المتلقين، والجهة المصدرة لم تحدد بعد زمن الإصدار وهل هو أسبوعي أم شهري أم فصلي، وكأن الهيئة خائفة من عدم تمكنها من الانتظام في الإصدار. وأحب أن أطمئنها أن هناك مواد اقتصادية خاصة بالطفل تكفي لمائة عام قادمة. الإصدار لم يحقق له الانتشار، فرغم قربي من الاقتصاد فإنني لم أعلم عنه سوى في الإصدار الثاني، وأقترح أن يوزع الإصدار مع كل الصحف المحلية بحيث يعلم به كل بيت، وأنا متأكد أن طلبات الاشتراك ستنهال على الجهة المصدرة كالسيل، فنحن في شغف لمثل هذا الإصدار، الذي طلبته السفارة الصينية! وطلبه الإخوة الخليجيون! وبعضنا لم يعلم عنه شيئا بعد.. ودمتم.

* كاتب اقتصادي