رئيس «بي بي» التنفيذي يبدأ من أبوظبي جولة خليجية بحثا عن «شريك استراتيجي»

مصادر في قطاع الطاقة لـ «الشرق الأوسط» : أزمة خليج المكسيك ستحول استثمارات النفط العالمية إلى منطقة الخليج

توني هيوارد، الرئيس التنفيذي لشركة «بي بي» خلال متابعته لأعمال مكافحة التسرب النفطي في خليج المكسيك (رويترز)
TT

تشهد العاصمة الإماراتية أبوظبي حركة مكوكية على ما يبدو يجريها توني هيوارد، الرئيس التنفيذي لشركة «بي بي»، عملاق النفط البريطاني، في إطار خطوة من الشركة لإعادة تسويق نفسها بعد أن هوى سهمها إلى النصف منذ انفجار بئر تابعة للشركة في خليج المكسيك في 20 أبريل، أو ما بات يعرف بأزمة التسرب في خليج المكسيك.

ورجحت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن تكون أبوظبي المحطة الأولى للرئيس التنفيذي للشركة في جولة ستحمله إلى كل من قطر والكويت التي تمتلك حصة صغيرة في الشركة.

ويحيط نوع من التكتم بمجريات ما يدور من نقاشات للمسؤول الذي التقى بمسؤولين من جهاز أبوظبي للاستثمار، بينما تأتي تحركاته في ظل تنامي التكهنات بشأن شراء صندوق ثروة سيادية في الشرق الأوسط أو آسيا حصة في «بي بي» لحمايتها من عروض استحواذ، ولدفع التكلفة المتنامية لجهود احتواء أسوأ كارثة تسرب نفطي في تاريخ الولايات المتحدة.

وفي ما إذا كان هيوارد التقى مسؤولين في شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، كما تحدثت تقارير إعلامية أمس، قال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» في «أدنوك»: «ليس لدينا أي تعليق على الموضوع، وفي حالة اللقاء سيكون هناك بيان رسمي»، بينما تأكدت «الشرق الوسط» أن هيوارد التقى مسؤولين في جهاز أبوظبي للاستثمار، أكبر صندوق سيادي في العالم، دون التمكن من الحصول على أي تعليق رسمي حول هذا اللقاء.

وكانت «رويترز» نقلت عن مسؤول إماراتي لم تذكر اسمه أن «زيارة هيوارد كانت مقررة وتهدف بشكل رئيسي لمناقشة امتيازات (بي بي) مع شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)».

وقال ميك ميلز، مدير التداول الإلكتروني في «اي تي اكس كابيتال» في لندن: «وجود الرئيس التنفيذي في أبوظبي لإجراء محادثات مع صندوق الثروة السيادية (لأبوظبي) بهدف الحصول على بعض الاستثمارات يجعل الإقبال في السوق على سهم (بي بي) غير مفاجئ».

وترى كيت دوريان، الخبيرة النفطية من «بلاتس العالمية»، أن شركة «بي بي» لا ترغب في التحدث عما تسفر عنه مناقشاتها مع جهة استثمارية إلى حين التوصل إلى شيء ملموس واتفاق ناجز، لأن من شأن أي معلومات مسربة أن تؤثر على أسعار سهمها الذي يعاني أصلا».

وتضيف دوريان في حديثها مع «الشرق الأوسط» أن الشركة «تنوي بيع حصص فيها لكنها لا تزال تدرس حجم هذه الحصص على ما يبدو، وهو ما تهدف إلى التوصل إليه من جولتها في الخليج».

وتضيف أن هناك من يعتقد أن شراء أسهم في «بي بي» فرصة سانحة في هذه المرحلة، وهناك من لا يعتقد ذلك، خصوصا أن هناك خشية على بقاء الرئيس التنفيذي لشركة «بي بي» توني هيوارد في منصبه بسب الوضع العام للشركة.

وتعتبر دوريان أن «طبيعة أزمة خليج المكسيك التي تعتبر الأولى من نوعها في العالم لن تتوقف عند خليج المكسيك وإنما ستغير اتجاه عجلة الاستثمار النفطي في العالم باتجاه المنطقة العربية».

وقالت «بي بي» إنها لا تعتزم إصدار أسهم جديدة لأي أحد، لكنّ مصرفيين يقولون إن الشركة بدأت برامج تسويقية لتشجيع مستثمرين على شراء سهمها الذي هوى بمقدار النصف منذ انفجار بئر تابعة للشركة في خليج المكسيك في 20 أبريل (نيسان).

وكانت تقارير إعلامية ذكرت نقلا عن مسؤول في «بي بي» قوله: «ليس الأمر وكأنه يسافر حول العالم بوعاء للتسول ليطلب مساهمات في رأس المال». وتابع قائلا: «لا نجهز لإصدار أسهم، لكننا مهتمون بأن يقدر الناس قيمة أسهم (بي بي)».

وارتفع سهم «بي بي» بواقع تسعة في المائة في تعاملات نيويورك، وسجل أعلى مستوى له منذ 21 يونيو (حزيران) في بورصة لندن أمس، مرتفعا بنسبة 3.8 في المائة إلى 358.8 بنس.

وتمكنت سفينة ثالثة - تسعى لمضاعفة قدرة «بي بي» على جمع النفط المتسرب إلى 53 ألف برميل يوميا من نحو 25 ألفا في الوقت الراهن - من الرسو جزئيا في موقع التسرب على الرغم من أن سوء الأحوال الجوية يعرقل جهود إتمام المهمة.

وكانت «بي بي» تعهدت بدفع 20 مليار دولار في صندوق لتغطية تكلفة إزالة البقعة والتكاليف الأخرى الناشئة عن أكبر بقعة نفطية بحرية في التاريخ الأميركي. ووصلت تكلفة إزالة البقعة حتى الآن إلى ثلاثة مليارات دولار، وما زالت تواصل الارتفاع.

وستتوقف التكلفة النهائية على الكمية المؤكدة للنفط المتسرب من البئر التي انفجرت عندما انفجر حفار في 20 أبريل، مما أسفر عن مقتل 11 عاملا. ويراقب المستثمرون باهتمام جهود احتواء التسرب.

وقال مصدر إماراتي يوم الثلاثاء إن مسؤولين تنفيذيين في «بي بي» أجروا محادثات مع عدد من صناديق الثروة السيادية في أبوظبي والكويت وقطر، بالإضافة إلى صندوق في سنغافورة بحثا عن شريك استراتيجي لمساعدتها في تجنب الاستحواذ عليها.

وتمتلك عدة صناديق سيادية حصصا في «بي بي»، وتمتلك كل من النرويج والكويت حصة تبلغ 1.8 في المائة، في حين تمتلك الصين 1.1 في المائة، وتمتلك سنغافورة 0.7 في المائة وفقا لبيانات تومسون رويترز.

ويتمحور اجتماع هيوارد في أبوظبي حول امتياز نفطي يرجع تاريخه إلى عام 1939 ومن المقرر انقضاء أجله في 2014.

وتمتلك «بي بي» حصة أقلية في شركة أبوظبي للعمليات البترولية البرية (أدكو). وتجري محادثات غير رسمية بشأن تجديد الامتياز بين سلطات أبوظبي والشركات المشاركة في الامتياز منذ سنوات. وتتولى «أدكو» إنتاج النفط البري في أبوظبي. وتمتلك الإمارة معظم الاحتياطيات النفطية في الإمارات.

وتمتلك شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) العملاقة التي تسيطر عليها الدولة حصة أغلبية تبلغ 60 في المائة في الامتياز، في حين تمتلك «بي بي» و«رويال داتش شل» و«توتال» و«اكسون موبيل» حصة 9.5 في المائة لكل منها.

يشار إلى أن صناديق ثروة سيادية في المنطقة مثل جهاز قطر للاستثمار وجهاز أبوظبي للاستثمار دعمت شركات غربية في فترات الأزمة المالية من خلال شراء حصص في بنوك غربية ووقف التراجع في أسعار أسهمها. بينما قالت «بي بي» إن بإمكانها تغطية تكاليف التسرب دون الحاجة إلى إصدار أسهم جديدة، مما ساعد سهمها على الصعود في الآونة الأخيرة.