تراجع حصة الزراعة في الناتج المحلي لسورية إلى 14.7%

الجفاف وتحرير الأسعار يحدان من القدرات الزراعية ويدفعان الحكومة إلى الاستنفار

TT

يأخذ القطاع الزراعي منذ أكثر من عامين ونتيجة الظروف الطارئة التي واجهها وخصوصا الجفاف، حيزا مهما وأساسيا من جهود الحكومة السورية التي لا تكاد تمضي جلسة أسبوعية لها إلا وتتخذ قرارا يتعلق بمشكلات الزراعة السورية التي تراجع دورها بشكل حاد في الاقتصاد الوطني، بسبب الجفاف الذي ضرب مناطق الزراعة الرئيسية في البلاد ونتيجة تحرير السوق من القيود الذي أثر بشكل سلبي على المزارعين والمنتجين إذ ارتفعت أسعار الأسمدة (التي كانت مدعومة) وبشكل مترافق مع تضاعف أسعار الطاقة وانكماش الاقتصاد العالمي، مما أدى إلى زيادة تكلفة الإنتاج الزراعي وإضعاف التنافسية.

وتشير الإحصاءات المعلنة إلى أن المحاصيل الغذائية الرئيسية تراجعت بمعدل 31.6% في المناطق المروية و78.9% في المناطق البعلية، ووصل الأمر في بعض المناطق إلى إعلان حالة الطوارئ لمواجهة الجفاف الذي أثر على حياة السكان في بعض المناطق الشرقية، واستدعى تدخل منظمات تابعة للأمم المتحدة.

وتبين المعلومات أن حصة قطاع الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي تراجعت من 25% عام 2006 إلى 20.4% عام 2007 إلى 14.7% عام 2008 قبل أن يظهر بعض التحسن عام 2009 نتيجة ارتفاع كميات الأمطار وتدخل الحكومة في علاج الكثير من مشكلات المزارعين كجدولة ديونهم وإعفائهم من الفوائد وتوفير الإقراض المصرفي أمامهم بتسهيلات استثنائية.

كما قامت الحكومة بتقديم الدعم غير المباشر للقطاع الزراعي، بعد أن ألغت جميع أشكال الدعم المباشر. وأنشأت لهذا الغرض صندوق الدعم الزراعي عام 200 لتعزيز إنتاج المحاصيل الاستراتيجية في ضوء تحرير أسعار الأسمدة والطاقة، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج. وتم تخصيص مليار ليرة سورية (ما يعادل 20.8 مليون دولار) لأعمال الصندوق.

كما تبنت الحكومة عدة إجراءات طارئة لمواجهة الأزمة المستجدة في القطاع الزراعي، ومن ضمنها توزيع المساعدات الغذائية على المواطنين. وفي 2009، أعلنت الحكومة من مشاريع طويلة الأمد لتحفيز الاستثمار في المناطق الريفية، وقدمت عدة حوافز لذلك، منها الإعفاء التام من جميع الضرائب والرسوم لمدة 10 سنوات للمشاريع في المنطقة الشرقية من البلاد، إلى جانب برنامج إعادة جدولة الديون للمزارعين في تلك المنطقة، وإعطاء الأذون لحفر الآبار لتوفير مياه للشرب. كما تسعى الحكومة إلى تحفيز العمل بمشروع جر المياه والري من نهر دجلة، الذي تبلغ تكلفته ملياري دولار، ومن المتوقع أن يستغرق العمل به مدة 18 سنة ويعد أحد أكبر المشاريع الاستثمارية التي تنوي الحكومة تنفيذها لتأمين المياه لمئات الدونمات من الأراضي الزراعية بين دجلة والفرات.

يذكر أن الأراضي المروية تشكل ربع الأراضي الزراعية فقط، فيما تعتمد المناطق الأخرى على الأمطار ومصادر المياه المختلفة، مما يجعل الإنتاج الزراعي عرضة لمخاطر موجات الجفاف، وخصوصا في المناطق الشمالية - الشرقية من سورية التي تأثرت بشكل كبير، مما هدد نحو مليون نسمة بمخاطر انعدام الأمن الغذائي.

وبنتيجة الظروف فقد تراجع محصول القمح المحلي إلى 2.3 مليون طن عام 2010، بالمقارنة مع 4.04 مليون طن عام 2007 و5.5 مليون طن عام 2006، مما اضطر الحكومة إلى استيراد كميات من القمح لسد العجز، وذلك للعام الثاني على التوالي. ومع تحسن معدل هطول الأمطار عام 2009، ومن المتوقع أن يتحسن حجم الإنتاج في المحاصيل الرئيسية مجددا.

ومن المنتجات الزراعية المهمة أيضا في سورية إنتاج القطن الذي يعتبر محصولا استراتيجيا. وقد شهد نموا في الإنتاج بلغ نحو 700 ألف طن من بذور القطن خلال عام 2009. كذلك يتم إنتاج الوبر بنحو 235 ألف طن سنويا ويقدر حجم الاستهلاك المحلي بنحو 180 ألف طن، وتصدر الكمية الباقية منه إلى الخارج.

ومع خروج مساحات لا يستهان بها خارج الإنتاج الزراعي.. فإن الزراعة السورية تواجه تراجع الحيازات الزراعية، خصوصا في المناطق الساحلية الخصبة والزحف العمراني، الأمر الذي فتح جبهة جديدة أمام الحكومة السورية التي أعلنت مؤخرا عن برنامج لحماية الأراضي الزراعية من الهجوم العمراني غير المنظم.