الحكومة المغربية تعتزم اتخاذ «إجراءات صارمة» لتخفيض النفقات والحد من مصاريف الإدارات

مزوار وزير الاقتصاد والمالية لـ «الشرق الأوسط»: ليست خطة تقشف بل صرامة في تدبير الموارد

بنك المغرب المركزي («الشرق الأوسط»)
TT

قال صلاح الدين مزوار، وزير الاقتصاد والمالية إن الحكومة المغربية تتجه لاتخاذ تدابير صارمة من أجل تخفيض النفقات الحكومية والحد من وتيرة مصاريف الإدارات الحكومية. وأشار مزوار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»» عقب اجتماع «المجلس الوطني للقرض والادخار» الذي عقد في مقر البنك المركزي في الرباط، وحضره رؤساء البنوك والمؤسسات المالية المغربية، إلى أن الحكومة وضعت خطة لتقليص النفقات، وبخاصة التحكم في الرواتب والمصاريف الإدارية، حيث سيتم التنفيذ خلال الأشهر المتبقية من العام الحالي. بالإضافة إلى مجموعة من الإجراءات الجديدة التي ستطرحها ضمن مشروع موازنة العام المقبل.

لكن مزوار قال إن الأمر لا يتعلق بخطة تقشف، وأضاف: «أود التأكيد أن الأمر يتعلق بصرامة في تدبير موارد الدولة لا بخطة تقشفية. والهدف من هذه التدابير هو ترشيد النفقات الحكومية عبر تقليص أوجه النفقات التي ليس له تأثير كبير على النمو الاقتصادي، مثل نفقات التسيير والإدارة، والاحتفاظ بالموارد المتاحة من أجل الاستثمار في المشاريع الكبرى، والإصلاحات الهيكلية، ودعم السياسات القطاعية»، وأضاف: «هذه المجالات الثلاثة شكلت قوة المغرب ونعوّل عليها لتدعيم مكتسباتنا، وهي التي ستحظى بالأولوية في توجيه مواردنا».

وأوضح مزوار أن ارتفاع أسعار المواد الأولية وانعكاسات ذلك على حجم صندوق المقاصة (صندوق حكومي موجه لدعم أسعار المواد الأساسية مثل السكر والزيت والدقيق والطاقة) جعل الحكومة تعيد النظر في مجموعة من النفقات التي كانت مقررة في إطار موازنة السنة الحالية. وأضاف: «الحجم الحالي لصندوق المقاصة يتجاوز ما كان مخصصا له في إطار الموازنة بأكثر من 10 مليارات درهم (1.1 مليار دولار). لذلك بهدف احتواء العجز ارتأينا في الحكومة ضرورة اتخاذ تدابير صارمة فيما يخص النفقات الحكومية».

غير أن الهاجس الكبير الذي تواجهه الحكومة هو الآثار المحتملة لضعف النمو المرتقب للاقتصاد الأوروبي وانعكاساته على الاقتصاد المغربي باعتبار الاتحاد الأوروبي الشريك الأول للمغرب.

ويقول مزوار: «نسبة النمو المرتقبة هذه السنة في أوروبا لن تتجاوز 1 في المائة، ونتوقع استمرار ضعف النمو الأوروبي على مدى 4 إلى 5 سنوات مقبلة. لذلك قررنا اعتماد مجموعة من التدابير الاستباقية في إطار خطة تعتمد صرامة في تدبير الميزانية، وسيطرح قريبا على اجتماع للحكومة».

ولم يقدم مزوار توضيحات حول فحوى الخطة، مشيرا إلى أنها خطة شاملة حول الرواتب وكل نفقات التسيير والإدارة.

وتحدث مزوار عن الوضع الاقتصادي الحالي للمغرب بتفاؤل حذر. وقال: «معدل النمو المرتقب لهذا العام أفضل مما توقعنا في الموازنة في بداية السنة. والمناخ الاقتصادي ما زال يحافظ على ديناميته، كما تبين مؤشرات الـ5 أشهر الأولى من السنة، التي عرفت تطورات إيجابية بالنسبة لمجموعة من القطاعات، خصوصا التحسن الملحوظ في أداء التجارة الخارجية، وارتفاع مداخيل القطاع السياحي بنحو 11 في المائة، وزيادة تحويلات المهاجرين بنحو 10 في المائة، وارتفاع حجم الإقراض المصرفي بأكثر من 10 في المائة. ويستثنى من هذا التحسن قطاع النسيج الذي عرف بعض المشكلات والصعوبات في الأشهر الأخيرة. غير أن توجهات أسعار المواد الأولية وضعف آفاق النمو في أوروبا تجعلنا حذرين، ونحن ملتزمون بالمحافظة على المالية العامة والتوازنات الكبرى، باعتبارها أساسية للثقة والاستثمار».

وأضاف مزوار أن الحكومة تعمل أيضا على برنامج آخر يهدف إلى الرفع من قدرة الاقتصاد على تعبئة الادخار، وبخاصة الادخار الطويل الأمد. وقال إن الحكومة ستقترح أيضا في إطار موازنة العام المقبل إجراءات جديدة من أجل تحسين قدرة الاقتصاد على تعبئة الادخار وتوجيهه نحو الاستثمار.

وعن مصير عملية الاقتراض التي كان المغرب يعتزم القيام بها في السوق المالية الدولية، قال مزوار إن اندلاع الأزمة اليونانية وتحول الظرفية العالمية جعل المغرب يقرر تأجيل إطلاق هذه العملية إلى سبتمبر (أيلول).

وقال عبد اللطيف الجواهري، محافظ البنك المركزي، لـ«الشرق الأوسط»، إن العملية المؤجلة للاقتراض في السوق المالية الدولية سيكون لها أثر كبير على احتياطي المغرب من العملات الأجنبية الذي تراجع بسبب تراجع الصادرات المغربية تبعا لتداعيات الأزمة المالية العالمية. وأضاف الجواهري: «حاليا ما زلنا في وضعية جيدة بالنسبة لمستوى احتياطي العملات الأجنبية، الذي يغطي نحو 7 أشهر من الواردات. ونتوقع الحفاظ على هذا المستوى خلال السنة الحالية».

ويرى الجواهري أن بإمكان المغرب - إذا اقتضى الحال - أن يلجأ إلى مجموعة من البرامج التي تربطه بالمؤسسات المالية الدولية من أجل الاقتراض، وبالتالي تحسين وضعية احتياطيه من العملات الأجنبية.