الكذبة الكبرى

علي المزيد

TT

ينادي بعض متعاملي سوق الأسهم السعودية بوجود صانع سوق في السوق السعودية، ويردد هذه المطالبة عدد كبير من المتعاملين باختلاف شرائحهم صغارا وكبارا. ويجزم المطالبون بصانع السوق أن وجوده سينظم السوق ويحفظ توازنها ويجعل تذبذبها أقل حدة.

ويبقى السؤال المحير: هل هذا يعني أن صانع السوق سيتحمل خسائر الناس في حال تراجع السوق؟ أم يتنازل عن الأرباح في حال ارتفاع السوق؟ الحقيقة أن لا أحد يفرط في الأرباح ولا أحد يقبل بالخسائر، بل إن شركات الاستثمار الكبرى هي أول من يدخل السوق في حال مناسبته للاستثمار، وهي أو من يخرج في حال استشعار الخطر! ونتيجة قوة فريق البحث لديها فهل نتوقع أن يدافع أحد عن السوق ولديه فريق بحثي قوي يستطيع تحديد اتجاه السوق وبنسبة خطأ متدنية؟ إذن الخلاصة أن لا أحد يستطيع أن يوقف هبوط أي سوق ولا أحد كذلك يستطيع رفعه، بل من يرفع السوق أو يخفضها هو نتائج السوق واقتصاد بلد السوق الكلي.

ودعونا نتعرف على تجارب أسواق ناضجة، فالسوق الأميركية ارتفعت أواخر التسعينات ووصل الناسداك إلى 5300 نقطة، ولم يستطع أحد إيقافه، وعاد في أول القرن الثالث وهبط إلى 1100 نقطة ولم يستطع أحد إيقافه.

وقس على ذلك تجارب أسواق ناضجة وأخرى وناشئة، فكلها عرضة للهبوط الحاد وعرض للصعود الحاد. إذن هذه هي طبيعة الأسواق، لذلك يجب أن نتعامل على ضوئها ونؤمن أن أسواق الأسهم عالية المخاطر وعرضه للتذبذب الحاد أيا كان صاعدا أم هابطا، لذلك فصانع السوق كذبة كبرى يجب أن لا تصدقوها. الغريب أن كل العلوم تقبل الكذب، فالكيميائيون ظلوا قرونا يبحثون عن إكسير الحياة ولم يجدوه.. والاقتصاد ليس بدعا عن بقية العلوم، فهو يقبل الكذب أيضا.. ودمتم.

*كاتب اقتصادي