دعوة في منتدى أصيلة لتدريس الطاقات المتجددة في الجامعات العربية

المشاركون في أولى ندواته يقرون بأن ارتفاع التكلفة يعيق الاستثمار في الطاقات البديلة

TT

على الرغم من إقرار مشاركين في «ندوة الطاقات المتجددة»، التي تعقد في إطار موسم أصيلة الثقافي الثاني والثلاثين، على تزايد الحاجة إلى الطاقات المتجددة سواء في الدول النامية أو المتقدمة، فإنهم عبروا عن تشككهم من توسع الاعتماد على هذه الطاقة في مقابل النفط، بسب ارتفاع تكاليف تمويل برامج إنتاج الطاقة من الشمس والرياح. ودعا المشاركون في الندوة التي تعد أول ندوات أصيلة هذا العام، إلى تطوير التعاون بين الدول على الصعيدين الإقليمي والدولي من أجل التوسع في الاعتماد على الطاقات البديلة.

وقال سامويل أميت سار، وزير الطاقة السنغالي، إن الطاقة الشمسية مثلا لا يمكن أن تخلق مشكلة بين الدول الأفريقية لأن كل دولة يمكنها استغلال هذه الطاقة كما تشاء، عكس الطاقات الأخرى. وأضاف أميت سار، خلال الجلسة الأولى من الندوة، التي تنعقد تحت شعار «الطاقات المتجددة: وثبة على طريق التنمية البشرية»، أنه يجب العمل على تطوير الاعتماد على الطاقات المتجددة في أفريقيا، ومواجهة مسألة التكاليف وكذا المصاعب التكنولوجية، وذلك عن طريق وضع إطار منظم لهذا المجال وتعزيز التعاون بين الدول سواء على الصعيد الإقليمي أو الدولي». وزاد قائلا: «الطاقة الشمسية تبقى أفضل الطاقات البديلة، لكنْ هناك قيود مرتبطة بالتكنولوجيا».

ولاحظ شكري محمد غانم، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، ورئيس الوزراء الليبي السابق، أن ارتفاع أسعار النفط والطاقات الأحفورية عموما وندرتها أدى إلى البحث عن تطوير استعمال الطاقات المتجددة. وأضاف: «بسبب ارتفاع الأسعار وندرة الموارد أصبح الإنسان يبحث عن طاقات نظيفة صديقة للبيئة».

وقال غانم إنه إذا ما حلت مشكلة التكاليف التي ما زالت تعيق تطور هذا القطاع، فإن وجه العالم سيتغير وسيحصل تقدم اقتصادي كبير، وسيكون الأمر بداية ما اعتبره المشكلة الكبرى وهي تحلية المياه، وبالتالي زرع المناطق القاحلة والصحارى. وأشار إلى أن ارتفاع التكاليف، وهيمنة المضاربة بين الشركات الخاصة المنتجة للنفط ومشتقاته أدى إلى ارتفاع الهوة بين الدول النامية والمتطورة. واعتبر أن الطاقة النووية تبدو الأكثر أهمية لكنها مرتبطة بمشكلات الصيانة والسلامة، بالإضافة إلى أسباب سياسية يصعب الدخول فيها، حيث يتم منع الدول النامية من تطوير استعمال هذه الطاقة.

وقال سلطان أحمد الجابر، الرئيس التنفيذي لمؤسسة «مصدر» الإماراتية، إن النفط يمكن أن يكون قاطرة التقدم الآن، لكن يجب التفكير في وسائل أخرى لأن البترول لن يلبي كل الاحتياجات في المستقبل، كما أن استخراجه يتطلب طاقات أخرى، لكن ذلك لا يقلل من أهمية النفط. وقال في هذا السياق: «لا يمكن الاعتماد كليا على الطاقة المتجددة، لنكن واقعيين، النفط يبقى بأهميته والوقود الأحفوري ينبغي استعماله بطريقة نظيفة».

من جهته أشار ثابت الطاهر، وهو وزير طاقة أردني سابق، إلى أن موضوع الطاقات المتجددة موضوع قديم حديث بدأت فيه الأبحاث منذ مدة، لكن الاهتمام به تزايد لأن الجميع أصبح على وعي بأن النفط لن يدوم طويلا.

وأضاف أن هناك مجموعة من الأسباب التي أدت إلى هذا التزايد في الاهتمام بالطاقات المتجددة، ومنها الحاجة إلى الطاقات النظيفة، لأن النفط ومشتقاته يضرون بالبيئة، وكذا تقلبات أسعار النفط والارتفاعات المفاجئة للأسعار، كما أن منطقة الشرق الأوسط معرضة لعوامل يخشى معها أن يتم وقف الإمداد بالمصادر التقليدية للطاقة، هذا بالإضافة إلى أن الدول غير النفطية تسعى للحد من نفوذ الدول النفطية. وأضاف طاهر أن من أسباب هذا الاهتمام أيضا فرص العمل الجديدة التي ستخلقها المشاريع المنجزة في قطاع الطاقات المتجددة، وما سيرافق ذلك من تدريب للشباب العرب. ودعا طاهر إلى العمل على نشر الوعي بأهمية الطاقة المتجددة لأن للأفراد دورا مهمّا إلى جانب السلطات المحلية في هذا المجال. كما اقترح أيضا وضع مواد للدراسة في الجامعات العربية خاصة بالطاقات المتجددة على غرار الجامعات الغربية، وذلك بغرض التوسع في هذا الموضوع.

من جانبه قال فيليبي بوكس، المدير المالي للوحدة التجارية للطاقات المتجددة في «أريفا سولار» بباريس، إن إعانات الدول للوقود الأحفوري تقدر بنحو 550 مليار دولار، أي عشرة أضعاف أقل مما يخصص للطاقات التقليدية.

واعتبر بوكس أن هناك تناقضا وتعارضا بين الطاقات المتجددة والوقود الأحفوري، أشبه ما يكون بالتنافس، لكنْ هناك حلول توفيقية للربط بين الموردين، حيث هناك محطات تستعمل كلا من الفحم والطاقة الشمسية، وهذا أمر جيد لأنه لا يضر البيئة كثيرا، كما أن الكلفة معقولة.

وقال أنطوان تريستان موسيلنيكار، مسؤول البيئة والتنمية المستدامة في مشروع الاتحاد من أجل المتوسط، إن الطاقة المتجددة في صلب اهتمام الاتحاد من أجل المتوسط، وهناك عدة محاور عمل، منها تحقيق التنمية المشتركة بين الدول عن طريق نقل التكنولوجيا، ومساعدة الشركات التي تشتغل في هذا المجال.

وأضاف موسيلنيكار أن منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط تجتذب الاستثمارات، وأوضح أن فرنسا تعتقد بضرورة العمل على تطوير جميع أنواع الطاقات، مع العلم أن النظرة التقليدية هي التي تسود، على حد قوله، وكذا أهمية إقامة شراكة مع جيرانها، مشيرا إلى أن فرنسا تسعى بالموازاة إلى ذلك إلى تطوير الطاقة النووية.