الشركات الأجنبية في الصين تنتقل إلى مناطق الغرب الفقيرة

بعد سلسلة إضرابات أدت إلى زيادة الرواتب ورفع الحد الأدنى للأجور

TT

في مواجهة ارتفاع الأجور ونقص العمالة المؤهلة في المناطق الساحلية الصناعية في الصين، تقوم شركات أجنبية بنقل نشاطاتها إلى مناطق الغرب الفقير. فبعد سلسلة إضرابات أدت إلى زيادة الرواتب ورفع الحد الأدنى للأجور، تعتزم هذه الشركات كما لفت المحللون، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، إلى استخدام المساعدات الحكومية المخصصة لتنمية هذه المناطق المتخلفة قياسا إلى مناطق الشرق. فضلا عن ذلك، سيكون بإمكان هذه الشركات أن تجد يدا عاملة محلية من الشباب وأصحاب الكفاءات ممن لا يرغبون في التضحية بالحياة العائلية للذهاب بعيدا عن ديارهم سعيا وراء فرصة عمل. ورأى بافتوش فاجبايي المحلل لدى مؤسسة «سي إل إس أيه لآسيا - المحيط الهادئ» في هونغ كونغ «إنه أمر منطقي من وجهة النظر الاقتصادية». وأضاف أن «المردودية ضعيفة في قطاع وحدات التجميع. وبما أن هذه الشركات لديها هوامش عملانية تتراوح من 2 إلى 4%، ولن يكون هناك هامش كبير إن بدأت التكلفات الارتفاع». وبعد سلسلة عمليات انتحار في أوساط العمال وارتفاع الأجور نتيجة ذلك، أعلنت مجموعة التكنولوجيا المتطورة التايوانية (فوكسكون)، التي تصنع لعلامات مثل «آبل» و«باناسونيك» و«دل» و«نوكيا»، عزمها على نقل قسم من مصانعها الإنتاجية في شينغن (جنوب) إلى إقليم هينان (وسط). والأجر الأدنى محدد فيها بـ600 يوان مقابل 1100 في مدينة شينغن التي ترمز إلى الإصلاحات الاقتصادية والقريبة من هونغ كونغ. كما تعتزم «فوكسكون»، التي توظف أكثر من 400 ألف شخص في شينغن، توسيع إنتاجها أيضا في منشآت موجودة أصلا في شنغدو (جنوب غرب) وفي تيانغين قرب بكين. كذلك استقرت المجموعتان الأميركيتان «هوليت - باكارد» و«سيسكو» في كبرى مدن الغرب شونغكينغ، التي تطمح إلى أن تصبح أكبر مركز صناعي في مجال تقنيات الإعلام. وتنوي الشركتان التايوانيتان «كوانتا كومبيوتر» و«أنفنتيك كوربوريشن» إطلاق مشاريع رائدة لفروعها الإنتاجية الجديدة في شونغكينغ قبل نهاية العام، على ما أكد كيفن تشانغ المحلل لدى مؤسسة «فيتش رايتنغز» التي يوجد مقرها في تايوان. ورأى هذا المحلل أن هذا التوجه للانتقال إلى داخل الصين لن يكون مجرد ظاهرة عابرة، فمنذ سنوات عدة استثمرت الحكومة بشكل كبير في البنى التحتية داخل الصين لكسر عزلة هذه المناطق الفقيرة. فضلا عن ذلك، فإن هذه الاستثمارات دعمت فيها أيضا سوق العمل فوفرت فرصا أمام ملايين العمال الذين اضطروا سابقا لهجر مناطقهم للذهاب للعمل في المناطق الساحلية. واختار كثيرون من الشبان البقاء في أماكن قريبة من مناطقهم بدل الذهاب إلى هذه المناطق حيث تكلفة المعيشة كبيرة والانفصال عن العائلة مؤلم أكثر. وأوضح مارك وليامز الخبير الاقتصادي لدى «كابيتال إيكونوميكس» في لندن قائلا: «مع ارتفاع العائدات الريفية، تقلصت الدوافع التي تحث على الرحيل من القرى». وأضاف: «بما أن العمال يطالبون بأجور أكبر للتوجه إلى المناطق الساحلية، أصبح أمرا منطقيا نقل المصانع إلى أماكن أقرب منهم». وتسعى السلطات المحلية أيضا لجذب المستثمرين الأجانب من خلال عرض شروط ملائمة لهم. وفي الوقت الذي تشتد فيه المنافسة، ستضطر الشركات التي لا تستطيع تحمل عبء أجور مرتفعة أو تحميلها للزبائن إلى الذهاب إلى الغرب برأي تشانغ. وقال تشانغ إن «المزودين يتنافسون على الطلبات. فإذا زدتم أسعاركم فسيتوجه الزبون إلى منافسكم».