رئيس الهيئة العراقية للاستثمار: نعد لاستثمارات تشمل 750 مشروعا بتكلفة 600 مليار دولار

سامي الأعرجي لـ «الشرق الأوسط»: العراق تلقى أموالا استثمارية عربية وأجنبية تجاوزت 150 مليار دولار

رئيس الهيئة العراقية للاستثمار سامي الأعرجي («الشرق الأوسط»)
TT

كشف رئيس الهيئة العراقية للاستثمار سامي الأعرجي عن استعدادات لإقرار الخريطة الاستثمارية الثالثة التي تعد الأكبر في المنطقة، بالتعاون مع الأمم المتحدة تشمل أكثر من 750 مشروعا كبيرا بتكلفة استثمارية تتجاوز 600 مليار دولار، مشيرا إلى أن حجم الاستثمار الأجنبي الموجود حاليا في العراق تجاوز 150 مليار دولار.

وبين رئيس هيئة الاستثمار الدكتور سامي الأعرجي في حوار مع «الشرق الأوسط» بشأن حجم الاستثمار الأجنبي والعربي في العراق «أن هيئة الاستثمار حاليا تجري مفاوضات لاستثمارات تبلغ أكثر من 150 مليار دولار وضمن قطاعات مختلفة بين سكن وكهرباء وبنى تحتية مختلفة».

وذلك إضافة إلى مشروع المليون وحدة سكنية بخمسين مليار دولار، يضاف لها الخدمات الأخرى كاستثمار مباشر قد يتجاوز 75 مليار دولار، وهي ميزانية أكبر من الموازنة المالية للعراق للعام 2010، مضيفا أن هناك مفاوضات في مراحل نهائية لاستثمار أراضي معسكر الرشيد وكربلاء ومدينة المستقبل في العاصمة.

وقال «لدينا مستثمرون تقدموا لمشاريع الطاقة الكهربائية بطاقة 27 ألف ميغاوات، كما قدمنا برنامجا استثماريا كبيرا بـ750 مشروعا وزعت على كل القطاعات الاقتصادية المختلفة وبتكلفة استثمارية قد تتجاوز 600 مليار دولار وضمن خطة خمسيه تبدأ من هذا العام وتنتهي عام 2014».

وحول المعلومات التي تفيد بتقديم الهيئة خريطة استثمارية ثالثة هي الأكبر على صعيد المنطقة، قال الأعرجي «الخريطة الاستثمارية الشاملة وهي الثالثة في العراق تعد الأكبر وهي الآن قيد الإقرار بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) وأيضا بالتعاون مع منظمة التعاون الأوروبي ضمن موضوع المناطق الاقتصادية الحرة والآمنة، وهي ستكون ضمن الخريطة الثالثة التي ستكون الأدق والأعمق وبتحليل علمي على مستوى دولي».

أما عن عدد الشركات الأجنبية والعربية المتواجدة فعلا على الأراضي العراقية وبدأت مشاريعها، فقال الأعرجي: «هناك شركات داخلة فعلا وباشرت أعمالها مثل شركات النفط والغاز وبعض الشركات الخدمية والبنى التحتية في قطاعات مختلفة، وهناك شركات قيد التفاوض للبدء في أعمالها، والفئة الثالثة في مرحلة جس النبض وجميع هذه الفئات الثلاث موجودة فعلا في العراق، وعدد كبير جدا يصل لأكثر من 350 شركة في عموم العراق بعضها تعاقد مع مجالس المحافظات وأخرى مع المركز العام للهيئة العراقية للاستثمار».

وعن الاستثمار الخليجي في العراق، بين أن الاستثمار هو مصلحة مشتركة والسوق الخليجية تعلم جيدا أن سوق العراق قادرة على استيعاب منتجات وخدمات أكثر من أي دولة أخرى في المنطقة، مشيرا إلى أن أغلب دول الخليج لديها رغبة في دخول سوق الاستثمار العراقية لكن الإماراتيين هم الأكثر تواجدا وهناك تقدم كبير في هذا الجانب، وبسبب السياحة الدينية هناك أيضا استثمار خليجي في كربلاء والنجف وأيضا الاستثمار السياحي في إقليم كردستان، وبدأوا الانفتاح على مناطق الوسط والجنوب بعد تحقق الأمن فيها.

وحول المشكلة التي يعاني منها العراق بعد عام 2003 والمتمثلة بإحالة المشروع لأكثر من مرة أو بيع العقد بالباطن لشركات أخرى لمرات عدة فتضيع أموال ضخمة وأيضا قلة في الأداء والجودة، قال الأعرجي «في الاستثمار لا يوجد هكذا أمر وغير ممكن لأنها رخصة استثمارية لا تعطى إلا لشخص ولا يمكن بيعها أيضا، وفي حالة وجود هكذا حالة فهذا خلل واضح فنقوم بسحب الرخصة ونحاسب الشخص أو الجهة المرخصة، لأن العملية الاستثمارية لا تتحمل هكذا خلل وهي ليست مقاولات مثل مقاولة تجهيز أو بناء، لكن في الاستثمار لا يمكن فهي مسجلة بأسماء وفق ضوابط وهناك متابعة، وقد يجلب المستثمر نفسه شركات تساعده في عملية التجهيز والنقل فهذا بحث آخر والرخصة باسمه وهذه مسألة قانونية وأصولية».

أما بشأن مشكلة التداخل في صلاحيات مجالس المحافظات والحكومة المركزية وانعكاسها على عمل الهيئة المركزية، فبين الأعرجي «أن هذا التداخل ومن الناحية القانونية غير موجود، والنظام الاستثماري واضح جدا وبإمكان هيئات مجالس المحافظات الدخول لجلب الاستثمارات».

وأضاف أنه أمر جيد فهو نشاط وتنافس وترويج لجلب المستثمرين وهذا أمر نشجعه، ومن حق المحافظة النظر في المشاريع وأعمال استثمارية لغاية 250 مليون دولار.

أما في حالات تجاوز هذا الرقم فيجب أن يرفع لهيئة الاستثمار للتدقيق، ومن ثم يقر من قبل مجلس الوزراء وهذا سياق ثابت.

كما أن هناك مشاريع استراتيجية واتحادية وهي حصرا للهيئة، مثل «أنشطة الاتصالات ومشاريع الكهرباء بحد معين والمطارات»، لكنه عاد وبين أنه وبسبب حداثة التجربة ورغبة الجميع في الدخول ومحاولة الجلب الاستثماري لمحافظته تحدث أمور مثل المفاوضات والاتفاق لكنه مؤخرا يدرك أنه يجب إرسالها للمركز العام للهيئة.

أما عن أولويات هيئة الاستثمار وأيضا الحكومة فتحدث عن الأولوية لكل القطاعات فبعد ثلاثة عقود من الحروب والتدمير فأغلب القطاعات أصيبت بالدمار والمطلوب منا إعادة ترميم جميع هذه القطاعات، لكن السؤال هل يأتي المستثمر ويتوجه لكل القطاعات؟

جاوب قائلا: «كلا، لكننا نسير عليها جميعا، لكننا نركز في الوقت الراهن وبحسب رغبة المستثمر تتوجه نحو القطاع مضمون الأرباح مثل قطاع النفط والغاز وأيضا قطاع الإنشاء والسكن، أما القطاع الزراعي فعائده بعيد المدى. نعم تأخرنا في هذا القطاع لكننا حققنا الشيء الكثير في الكهرباء»، مشيرا إلى وجود معوقات أخرى مثل الوقود والنقل وأي زيادة تكاليف تعني انعكاسها على المواطن.

وعن وجود نوايا حكومية لخصخصة القطاع الكهربائي، أفاد أنه خلال المرحلة الحالية يوجد انفتاح لهذا القطاع على الاستثمار المحلي والأجنبي، وفي حاجة لسد العجز وتوفير طاقة كهربائية للمواطن والمشاريع المختلفة ومن ثم ننظر لهذه التجربة وندرسها لكننا بالتأكيد لدينا الرغبة في عملية إصلاح اقتصادي لتشكيل شركات مساهمة في القطاع الكهربائي، وهي واحدة من الخيارات الموجودة على أرض الواقع.

عقبة تواجه المستثمر الأجنبي ممثلة في تمليك الأراضي وتخصيصها، قال الأعرجي «علينا وقبل الحديث عن هذا الأمر فهم خلفية تتمثل في أن العراق ما زال داخل اقتصاد مركزي وفي عملية تحول نحو الاقتصاد الحر، وهي عملية ليست سهلة، فالتوجه والتفكير مركزي، وعملية فهم آليات الاقتصاد الحر ليست سهلة على كل الناس، نعم هناك معاناة لكننا في تقدم في علاجها لأن الجميع يدرك أن الاقتصاد العراقي عليه إعادة بناء ذاته وتأهيل كامل للاقتصاد».

لكنه عاد قائلا إن «ما ندركه شيء وما تحقق شيء آخر، فهناك ناس ترى عملنا صحيحا ولكن هناك من يرى عكس ذلك، ويقولون إن الدول غير قادرة على دخول هذه القطاعات وإن عائدات النفط والغاز ليست بالقوة الشرائية السابقة وهي غير قادرة على سد عجز جميع فقرات الخطة الخمسية، وما تدمر بثلاثين سنة لا يمكن بناؤه بعدة سنوات وهي لا تسير بخط ثابت، ومثال ذلك عجز الوحدات السكنية سابقا يختلف عما هو عليه الآن بسبب التوسع السكاني».

و«هنا مطلوب منا حاليا بناء مليوني وحدة سكنية في سنتين أو ثلاث وهي لا تسد العجز الكلي فما نحتاجه نحو 3 ملايين ونصف ونحتاج لموارد، والنفط وحده لا يمكن تمويل هذه المشاريع وهنا يجب الاعتماد على جلب الاستثمارات المحلية والأجنبية وتتطلب بيئة قانونية وحماية وامتيازات، والأهم النافذة الواحدة أي المستثمر يقدم أوراقه لنافذة واحدة ويأخذها كاملة من النافذة ذاتها، وهذه النافذة تعاني في العراق معاناة شديدة بسبب أن الوزارات غير مهيأة للتعامل معها فلا يوجد شخص لديه صلاحية كاملة قادر على إتمام كامل المعاملة بنفسه والصلاحيات في العراق متعددة وموزعة، وهذا يعد في العراق حلما نسعى لتحقيقه، العراق ما زال غير مهيأ لا بيئيا ولا بيئة اقتصادية ولا إنسانيا ليتفاعل مع هكذا إحداث بدرجة عالية من الثقة بالنفس واتخاذ القرار وتحمل المسؤولية، وأغلب الدول تجاوزتها، بعد معاناة طويلة مرت بها مثل مصر تجاوزت هذه التعقيدات خلال عشرين سنة لكننا نحتاج لسنتين أو ثلاث لتجاوزها، لكننا نعاني ولحد هذه اللحظة من عدم الاستقرار والإرهاب يحاول عرقلة جميع الأعمال».

هل فعلا يمكن تسمية العراق بالمارد الذي خرج من قمقمه كقوة اقتصادية، قال نعم العراق حاليا من البلدان الأقوى اقتصاديا، وأرى بشكل شخصي أننا أولا علينا الخروج من الوضع الذي نعيشه حاليا، بعدها فمقومات النهضة السريعة موجودة في هذا البلد والكفاءة موجودة ولدينا مصادر غير النفط والغاز كبيرة جدا ولو عملت السياحة الدينية والآثارية والقطاعات الأخرى وهيكلة الشركات العامة بشكل جيد فسنجد أن العراق سيقفز قفزات سريعة وربما يكون القوة الكبرى الاقتصادية في المنطقة وهذا مؤكد جدا وحتى على مستوى العالم ومؤهل ليكون ضمن مجموعة العشرين.

أما عن تأثير الفساد المالي والإداري على إقبال المستثمرين، فأوضح رئيس هيئة الاستثمار أن نظام النافذة الواحدة هو الأمل لعلاج هذه الظاهرة ونأمل أن تعمل بجدية كاملة لتتجاوز الفساد والابتزاز لأن المستثمر سوف لن يكون له علاقة بأي شخص آخر غير النافذة الواحدة، وتقدمنا خطوات لا بأس بها لكنها ما زالت دون الطموح، مبينا أنه لا يوجد تعديل لقانون الاستثمار الجديد لكن هذا لا يعني عدم تعديلها وترتيبها ووفق مواكبة الأوضاع اللاحقة. أما عن إعادة رؤوس الأموال الهاربة من العراق بعد أحداث 2003 فقال هناك خطط لإعادتها منها العملية الاستثمارية التي أطلقناها وكثير من العراقيين يعودون مع أموالهم أيضا، وقسم آخر يأتي بمشاركة الأجانب في العملية الاستثمارية وهذا أمر مشجع ويستفيد المستثمر الأجنبي من وجود شريك محلي ويحصل على مزيد من الامتيازات.

وختاما حدثت مشكلة ما بين مجلس محافظة البصرة وهيئة استثمار البصرة أدى لإبعاد مديرها، قال الأعرجي إن ما حدث أمر مؤسف لكننا تحاورنا مع أعضاء محافظة البصرة وتعهدوا بعدم إحداث أزمة قد تؤثر على جلب الاستثمار وتوصلنا لتجميد قرار المحافظ وبقي موظفو الهيئة بمواقعهم، وبداية هذا الشهر أعلنا لأهالي البصرة التقديم على أي استثمار وأعطيناهم شهرا وشكلنا لجنة للنظر بالكفاءات لاختيار سبعة سيديرون الهيئة الاستثمارية في محافظة البصرة التي تعد الأسرع استثماريا بين كل المحافظات وهناك غرف أميركية وبريطانية وألمانية ودول كثيرة جدا تحاول الدخول لهذه المحافظة.