شاسوار عبد الواحد لـ «الشرق الأوسط» : قانون الاستثمار فتح أمامنا الأبواب واسعة

مستثمر كردي عراقي شاب ينجز مشاريع بمئات الملايين من الدولارات

شاسوار عبد الواحد («الشرق الأوسط»)
TT

فتح قانون الاستثمار في إقليم كردستان العراق الأبواب واسعة أمام المستثمرين العراقيين والعرب والغربيين، لما في هذا القانون من امتيازات تغري أصحاب رؤوس الأموال، في مقدمتها التسهيلات الكثيرة وغير المسبوقة في قوانين الاستثمار في المنطقة العربية والعالم، وفي مقدمتها تمليك الأراضي التي تقوم عليها مشاريع الاستثمار للمستثمرين، والإعفاءات الضريبية والجمركية لعشر سنوات تبدأ منذ الانتهاء من إنجاز المشروع، والأهم من كل هذا الأوضاع الأمنية الجيدة والمستقرة السائدة هناك.

هذا القانون جعل من مناطق إقليم كردستان العراق ميدانا خصبا للعمل، وحول مدن الإقليم إلى ورشات عمل، ويلاحظ الزائر إلى مدن الإقليم، خاصة أربيل والسليمانية، انتشار المشاريع الاستثمارية، السكنية خاصة، والصناعية والزراعية والسياحية، وقيام هذه المشاريع في فترات زمنية قياسية، مما جعل من مدن الإقليم مناطق حضارية ومتطورة.

وليس غريبا أن نعرف أن بعض أصحاب رؤوس الأموال استثمروا في غضون أقل من ثلاثة أعوام مئات الملايين من الدولارات، وفي هذا السياق حقق المستثمر العراقي الكردي الشاب شاسوار عبد الواحد (32 سنة) من أهالي مدينة السليمانية نجاحات لافتة في مشاريع بناء المجاميع السكنية والمشاريع السياحية والتجارية على حد سواء، ولعل أضخم هذه المشاريع «القرية الألمانية» و«كرد سيتي» ومدينة ألعاب (هي الأضخم في المنطقة) على حد إيضاحه.

وبمناسبة تدشينه للمركز التجاري الحديث «جافي مول» وسط مدينة السليمانية، تحدث عبد الواحد عن قصة نجاحه ومشاريعه التي سيضيف إليها قنوات تلفزيونية فضائية، يقول «بدأنا بمشروع القرية الألمانية في 2007 على الرغم من وجود مشاريع سكنية كثيرة في أربيل، ولاحظنا عدم وجود مثل هذه المشاريع في مدينة السليمانية مع أن أزمة السكن تشكل التهديد الأول للمجتمع العراقي ككل والكردي خاصة».

وعن بداياته يقول عبد الواحد «أنا مهندس مدني، وعشت لسنوات في ألمانيا وحصلت على الجنسية الألمانية، وهناك أعجبت بمشاريعهم وبطرق عملهم التي تعتمد على التخطيط الدقيق والعلمي وروح المثابرة التي عرف بها الألمان، وهذه الصفات تتفق مع طموحاتي ومع توجهاتي الشخصية أيضا، لهذا عندما عدت إلى العراق اشتغلت في مجال المقاولات الصغيرة في مشاريع الإسكان في مدينة أربيل لأدخل هذا المجال من باب متواضع لمعرفة طبيعة الظروف وأسلوب العمل هنا والتعرف على بقية جوانب هذا المجال، ونجحنا والحمد لله في تكوين رأس مال ليس كبيرا لكنه كان كافيا للبدء بمشروع مخطط له جيدا».

ويستطرد قائلا «أول ما فكرنا به هو تأسيس شركة مقاولات وبناء تعتمد الأسلوب الغربي، الألماني بصورة خاصة، في العمل لضمان نجاحنا، وكان أول مشاريعنا هو (القرية الألمانية)، وهو مشروع قرية سكنية نموذجية على غرار القرى والأبنية السكنية في ألمانيا، لهذا عملنا دراسات وخططا هناك، وعدنا إلى السليمانية مع خرائط (القرية الألمانية) ونفذنا في البداية الخرائط مثلما هي، لكننا اكتشفنا فيما بعد بعض الأخطاء أو النقاط التي لا تلائم بيئتنا، مثل أن المطابخ في ألمانيا مساحاتها صغيرة بينما العراقيون عادة يفضلون المطابخ ذات المساحات الواسعة لأن المطبخ أحد مراكز نشاط العائلة».

يقول هذا المستثمر الشاب «بدأنا في الجزء الأول من المشروع ببناء 380 وحدة سكنية، والجزء الثاني 422 وحدة سكنية، والمجموع يكون 802 وحدة هي عبارة عن 644 شقة سكنية و160 فيلا، على مساحة 300 ألف متر مربع، مع إنجاز كل الخدمات من شبكات المياه والمياه الثقيلة والتأسيسات الكهربائية، ولأول مرة في العراق تتأسس شبكة ستالايت كيبل للتلفزيون لجميع الوحدات السكنية، وكل هذه الأعمال نفذتها شركتنا (ناليا)، إضافة إلى جميع المقتربات من حدائق وشوارع وأرصفة ومدارس، وهو أول مشروع سكني بهذا الحجم والمستوى المتطور من الخدمات في مدينة السليمانية، ثم بدأنا بالمشروع الثاني (كرد سيتي) الذي يضم 1700 وحدة سكنية والمخصص لذوي الدخل المحدود، وأسعار الشقق تتراوح بين 30 و50 ألف دولار، حيث يدفع المستفيد ألفي دولار مقدما ثم يسدد بالتقسيط المريح (200 إلى 300 دولار شهريا) على مدى عشر سنوات، وهذا المبلغ هو أقل من بدلات الإيجار الشهرية في إقليم كردستان. وهذا النظام في التمليك يطبق للمرة الأولى في العراق ومن قبل شركة أهلية وليست حكومية».

وعن كلفة هذه المشاريع، يوضح عبد الواحد قائلا «تكلف إنجاز القرية الألمانية بجزءيها الأول والثاني 105 ملايين دولار، بينما بلغت كلفة بناء (كرد سيتي) 70 مليون دولار، وننجز الآن أضخم وأكبر مشروع سياحي في العراق ومنطقة الشرق الأوسط (قرية شافي السياحية)، حيث يضم مدينة ألعاب وتلفريك، ومتحف شمع، ومتنزهات شاسعة، وتكلفة هذا المشروع أكثر من 110 ملايين دولار، وسيتم افتتاحه قبل نهاية العام الحالي».

وتدور في رؤوس بعض رجال الأعمال الكثير من الأسئلة عن سر نجاح رجل الأعمال شاسوار عبد الواحد على الرغم من حداثة تجربته وعمره، في حين أن هناك رجال أعمال أغنياء وشركات كبيرة لم تستطع إنجاز ما أنجزه، حسبما يقول، موضحا بقوله «عمري 32 سنة، وهناك ملاحظات من قبل الآخرين حول هذا الموضوع، لكني أقول إنني أعتمد في جميع مشاريعي على دراستي العلمية. أنا مهندس مدني، وقد درست أيضا في ألمانيا وعملت هناك، وعندي ثقة كبيرة في أنه إذا توفرت الإرادة يمكن أن تحقق أي شي، فأنا أتمتع بطموحات كبيرة، وقد خططت مسبقا وبدقة لكل مشروع قمت به وحسبت التكاليف بعناية، وشركتنا تشغل ما يقرب من ستة آلاف مهندس وموظف وعامل جميعهم من العراقيين، أكرادا وعربا، وهذه أول شركة كردية تعتمد على هكذا عدد من العاملين المتخصصين وغير المتخصصين، ونعتمد خبرات محلية تماما في إنجاز مشاريعنا، وإذا تم التخطيط الجيد لأي مشروع سوف ينجح بغض النظر عن العمر، أو حجم الأموال المتوافرة».

ويشيد عبد الواحد بقانون الاستثمار في إقليم كردستان، ويقول «في كردستان العراق هناك قانون استثمار ممتاز ويساعد المستثمرين، وأهم امتياز في هذا القانون هو أن الأرض التي نبني عليها مشاريعنا مخصصة لنا مجانا أو بأسعار رمزية، وهذا الامتياز لأي مستثمر عراقي أو غير عراقي، وهذا ما يشجعنا على أن ننجز مشاريع كبيرة ومتكاملة فوق الأرض التي تكون ملك لنا، كما أن هناك إعفاء من الضرائب والجمارك لمدة عشر سنوات، وهذا الدعم من قبل هيئة استثمار كردستان شجع غالبية من أصحاب رؤوس الأموال المحليين على القيام بمشاريع استثمارية كبيرة، فالآن هناك عشرات المشاريع الاستثمارية السكنية والصناعية والزراعية في السليمانية، وكل عام تزداد أعداد المشاريع».

ويشخص بعض المشكلات التي تعترض المستثمر في الإقليم، قائلا «هناك سوء فهم من قبل بعض الموظفين المتنفذين في بعض الدوائر الحكومية، كون موضوع الاستثمار حديثا في البلد، والعراق كان يعيش في عزلة لأكثر من عشرين عاما، وهناك بعض الموظفين في الدوائر الحكومية لا يتقبلون فكرة الاستثمار أو أن تأتي شركة عربية غير عراقية أو غربية وتتملك الأرض لبناء مشروع عليها، والقانون صريح بإعطاء حق الاستثمار والتملك للمستثمر الأجنبي مثلما العراقي، بينما هناك الكثير من الدول تمنع حتى الآن الأجانب من التملك في أراضيها، لكن ما يدعمنا هو أن هيئة الاستثمار وكذلك رئيس الحكومة يقفون داعمين لكل المستثمرين».

وحول حجم الأموال التي أنفقها في مشاريعه وبلغت مئات الملايين من الدولارات، يوضح عبد الواحد قائلا «أنا أرى أنه بقدر ما ننفق من الأموال لإنجاز مشاريع كبيرة ومتكاملة ترضي طموحاتنا وطموحات المواطن فإننا سوف نسترجع أكثر مما أنفقنا كأرباح بكثير».