خبراء الترويكا يدققون في حسابات أثينا ويتابعون الوضع المالي

للموافقة على تسليم القسط الثاني من المساعدات

أعلن سائقو سيارات النقل إضرابا مفتوحا عن العمل مما أدى إلى إفراغ محطات الوقود من البنزين (إ.ب.أ)
TT

وصل أمس الاثنين وفد خبراء الترويكا من صندوق النقد الدولي والمفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي، للتدقيق والبحث في حسابات اليونان وعما إذا كانت تستحق تسلم القسط الثاني من المساعدات المالية التي أقرها الاتحاد الأوروبي قبل نحو شهرين.

وبدأ الوفد المقسم إلى عدة مجموعات يستمر بقاؤها في اليونان لمدة 15 يوما مقبلة، بزيارة وزارة المالية لمتابعة خطة تصحيح أوضاع اليونان المالية، والتقى أمس رئيس مجموعة خبراء صندوق النقد الدولي بول طومسون ورئيس مجموعة خبراء الاتحاد الأوروبي ممثل المفوضية الأوروبية سيرفاس دوروز وزير المالية اليوناني جورج باباكونستانتينو، في حين سوف تعقد في الأيام المقبلة لقاءات مختلفة مع وزراء مكلفين بتطبيق الموازنة الجديدة.

وزيارة وفد خبراء الترويكا الحالية، هي الثانية منذ يونيو (حزيران) الماضي، وترمي إلى تقييم تطبيق إجراءات التقشف التي تبنتها الحكومة الاشتراكية وفرضها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مقابل مساعدات على شكل قروض بقيمة 110 مليارات يورو على مدار ثلاث سنوات، وتسلمت اليونان الدفعة الأولى من القرض بقيمة 20 مليار يورو في مايو (أيار) الماضي، في حين أن الدفعة الثانية وقيمتها 9 مليارات يورو من المقرر أن تسدد في سبتمبر (أيلول) المقبل بعد تقرير الخبراء الموجودين حاليا في أثينا.

وسوف يقرر الخبراء ما إذا كانت اليونان تطبق برنامجها التقشفي وعليه يتم تسليم الدفعة الثانية من مساعدات العام الجاري 2010. ولكن وفقا للمصادر فإن الخبراء توقعوا أن العجز العام في اليونان سوف يهبط العام الجاري إلى 8.1 في المائة من 14 في المائة العام الماضي، وهذا شيء إيجابي جدا ويأتي نتيجة الإجراءات التقشفية والإصلاحات الحكومية في القطاع المالي.

في غضون ذلك كشف جورج باباكونستانتينو وزير المالية اليوناني أن بلاده سوف تحصل على شريحة مساعدات ثانية من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي في الموعد المحدد، وذلك بعدما استوفت الشروط المقررة ضمن خطة التقشف، موضحا أن صرف الشريحة الثانية يعتمد على ما إذا كانت بلاده حققت الأهداف المحددة بحلول 30 يونيو الماضي، مشيرا إلى أن هذه الشروط تحققت بالفعل كما أنه تم اتخاذ خطوة إضافية بإقرار مشروع قانون إصلاح معاشات التقاعد. من جهة أخرى، بدأت منذ أمس في اليونان جولة جديدة من سلسلة الإضرابات والمظاهرات احتجاجا على الإصلاحات المالية الحكومية، وأعلن سائقو سيارات النقل إضرابا مفتوحا عن العمل، مما أدى إلى إفراغ محطات الوقود من البنزين وتصافت السيارات لمسافات طويلة أمام المستودعات، كما تعطلت العديد من المصانع والمصالح لعدم تشغيل سيارات النقل. كما تسبب الإضراب الذي دعا إليه الموظفون في أبراج المراقبة في المطارات في إلغاء عشرات الرحلات وتعطيل المئات، وتسبب ذلك في عناء وشقاء الآلاف من المسافرين، ودعا وزير النقل ديميتريس ريباس الموظفين إلى العودة إلى العمل بطريقة كاملة، موضحا أن ما يقومون به هو تعطيل للمسافرين من الشعب اليوناني وزوار اليونان من السياح ويؤثر سلبيا على الاقتصاد اليوناني.

من جهة أخري، وفي تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أكد المهندس ماهر ميخائيل رئيس شركتي «اكسون» و«اكستريم» في اليونان، أن الأزمة المالية اليونانية كان لا بد من حدوثها، وأنها جاءت في الوقت المناسب لتكون نعمة على الشعب اليوناني الذي اعتاد في الفترة الأخيرة أن يعيش على وقع سحب القروض من البنوك واتباع سياسة التبذير والبذخ نظرا لسهولة الحصول على بطاقات الائتمان (الفيزا كارد) التي كانت البنوك اليونانية توزعها على العملاء من دون النظر إلى أي ضمان.

وأشار رجل الأعمال اليوناني إلى أن الأزمة المالية التي تمر بها اليونان حاليا سوف تساعدها على أن تستعيد قوتها وتدخل في السوق مجددا وهي في موقف قوي، حيث إن هذه الأزمة هي فرصة لليونان حكومة وشعبا لإعادة ترتيب الأوراق ومكافحة الفساد وسوء الإدارة والتهرب الضريبي والمعيشة حسب حدود معينة وتحسين النظام والاستقرار. وأوضح ميخائيل أن الأزمة كان لا بد وأن تحدث، مشيرا إلى ارتفاع أسعار العقارات بشكل خرافي وأيضا ارتفاع سعر عملة اليورو الموحدة، موضحا أن سعر اليورو من وجهة نظره زاد عن المعقول وأيضا أسعار العقارات والمباني، وكان لا بد من ظهور الأزمة ليرجع كل شيء إلى أصله، موضحا أن الأزمة أنعشت دولا مثل الصين التي أثبتت قدرتها على الظهور والاستمرارية على عكس اليابان التي تأثرت بالأزمة سلبيا.

وذكر المهندس اليوناني ماهر ميخائيل أن الأزمة ما هي إلا تقييم حقيقي لاقتصاديات الدول، وكان لا بد من أن يكون هناك وقفة، موضحا أن تعامل اليونان بعملة اليورو الموحدة مع بقية دول الاتحاد الأوروبي كان سترة النجاة لليونان من أن تعلن إفلاسها، وسعر اليورو عند الانضمام عام 2001 كان 340.75 دراخمة، فالآن وفي ظل هذه الأزمة كان سعر اليورو سيساوي 800 أو 1000 دراخمة.