الصناعة والبنوك والسياحة تجتذب غالبية الاستثمارات السعودية في سورية

السعودية الشريك الأول عربيا لسورية استثماريا وتجاريا وسياحيا

أحد أجهزة الصرف الآلي في أحد المصارف السورية («الشرق الأوسط»)
TT

تعود العلاقات الاقتصادية بين سورية والمملكة العربية السعودية إلى سنوات طويلة، ومع تأطير التنسيق بين البلدين، من خلال اللجنة العليا المشتركة قبل أكثر من عشرين عاما.. فإن المملكة العربية السعودية تتصدر قائمة الدول العربية التي تتميز في علاقاتها الاقتصادية مع سورية، وبمنظور الحكومة السورية فإن السعودية تعد حاليا الشريك الاقتصادي العربي الأول لسورية، سواء لجهة المبادلات التجارية التي تتجاوز ملياري دولار، أو لجهة الدول المستثمرة في سورية، وفقا لأحدث الإحصاءات بعد أن عادت لتتصدر قائمة الدول المستثمرة في سورية باستثمارات تتجاوز 69 مليار ليرة، بما يعادل 5.5 مليار ريال سعودي، سترتفع لأكثر من ذلك مع الإعلان عن تحريك استثمارات سعودية في سورية، تتجاوز قيمتها 500 مليون دولار هذا العام.

وتشكل زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود إلى سورية، والتي تبدأ اليوم، داعما رئيسيا لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، كما يعتبر قطاع الأعمال السوري هذه الزيارة، فرصة لتعزيز الثقة في الاقتصاد السوري، الذي بدوره يعول كثيرا على الاستثمارات السعودية. وتتميز الاستثمارات السعودية في سورية بنوعيتها وتركيزها على القطاع الصناعي مع توجهها في السنوات الأخيرة نحو قطاع العقارات والسياحة والبنوك. وشكل عام 2009 نوعا من التغيير في توجه الاستثمارات السعودية تحديدا، وخاصة بعيد افتتاح المجمع الصناعي السعودي في مدينة عدرا الصناعية قرب دمشق بتكلفة فاقت المائة مليون دولار، إضافة إلى عدد من المشاريع الأخرى في المدن الصناعية الثلاث الأخرى في حمص وحلب ودير الزور، مما جعل السعودية تتصدر مشاريع الاستثمار الأجنبي في المدن المذكورة خلال عام 2009.

وتقود استثمارات الوليد بن طلال قائمة الاستثمارات السعودية في سورية، مع استثمارات في القطاع السياحي يتزعمها فندق الفورسيزون بتكلفة مائة مليون دولار أميركي، كما تتميز على القائمة استثمارات شركة «بن لادن» التي تتجاوز استثماراتها في سورية حاليا 450 مليون دولار، وتملك مشاريع سياحية وعقارية عبر مشروعي قرية النخيل في ريف دمشق، ومنتجع أفاميا في اللاذقية، بتكلفة وصلت إلى خمسين مليون دولار أميركي، إضافة إلى استثمارات شركة «الأولى للتطوير العقاري»، واستثمارات شركة «مواد الإعمار السعودية» التي أسست المجمع الصناعي، في الوقت الذي شكل فيه رجال الأعمال السعوديون السوريون صندوق بردي الاستثماري برأسمال وصل لنحو 127 مليون دولار أميركي.

كما أن هناك استثمارات مهمة لمجموعة «المهيدب»، منها معمل أسمنت، ومعمل لمواد البناء.. ومجموعة «الفوزان» التي تملك استثمارات مهمة في مجال العقارات ومجموعة «الراجحي» التي تستمر في مجال الصناعات التحويلية والكيماوية، ولديها مشروع لمواد التنظيف بقيمة 80 مليون دولار، وهناك مجموعة «دلة البركة» ولديها عدة استثمارات، من بينها «بنك البركة الإسلامي» الذي بدأ حديثا في تقديم خدماته.

كما يمكن الحديث عن الشركة السورية - السعودية للاستثمار، التي تأسست منذ عام 1976، وتقرر مؤخرا رفع رأسمالها إلى 200 مليون دولار، ومن المقرر أن تنفذ مشروعا كبيرا للطاقة في سورية، بجانب مشاريع أخرى كثيرة.

وبالعودة إلى التبادل التجاري، فإن السعودية تحتل موقعا مهما للغاية في قائمة التبادلات التجارية السورية مع دول العالم، فهي في المرتبة الثانية بعد إيطاليا في قائمة الدول ذات التبادلات التجارية الأوسع مع سورية في العالم، (علما بأن غالبية التبادل التجاري مع إيطاليا يصب في صادرات النفط الخام)، في حين تتربع على المرتبة الأولى في قائمة الدول العربية، ذات التبادلات الأكثر مع سورية، مع حجم تبادل تجاري، وصل إلى ملياري دولار. ووفقا لخلاصة التجارة الخارجية السورية، تشكل الصادرات السورية إلى السعودية (9.77 في المائة) من إجمالي الصادرات السورية إلى دول العالم، وبقيمة وصلت لنحو (56.6) مليار ليرة. وتتميز هذه الصادرات بالتنوع الكبير بين بنودها التي وصلت إلى نحو (423) صنفا، حسب خلاصة التجارة الخارجية المذكورة، موزعة بين المواد الغذائية والمصنعة، يتصدرها كل من الضأن الحي الذي تجاوزت قيمته التسعة مليارات ليرة سورية (نحو 80 ألف رأس ضأن)، والخضراوات والفواكه غير المصنعة بقيمة مقاربة، ومصنوعات الألبسة المتنوعة، ثم الفواكه والخضر المصنعة، والأقمشة المصنعة، ثم الموصلات الكهربائية، ثم زيت الزيتون البكر، والأجبان والألبان المصنعة.

كما تتميز الواردات السورية من السعودية هي الأخرى بالتنوع وبأهميتها النسبية، مع استحواذها على (5.5 في المائة) من إجمالي الواردات السورية من دول العالم.

وتتنوع هذه الواردات بين (326) صنفا، يأتي على رأسها كل من المازوت الخام، والمازوت المقطر (السولار)، ثم البولي إيثرين، والبولي بروبلين، ثم حفاضات الأطفال.

أيضا السعودية تعد أهم مصدر للسياح العرب إلى سورية، ويصنف السعودي على أنه الأكثر إنفاقا بين السياح الذين يقصدون سورية، وكانت سورية قد قامت هذا الصيف بإجراءات من شأنها تسهيل دخول السياح السعوديين من معابرها الحدودية.

وتنظم العلاقات السورية - السعودية مجموعة واسعة من الاتفاقيات في المجالات التجارية والاستثمارية والنقل.

وكانت سورية والسعودية قد وقعتا 5 اتفاقيات ومذكرات تفاهم ووثائق في مجالات الجمارك والتجارة والاقتصاد، وذلك في ختام أعمال اللجنة السورية - السعودية المشتركة، وملتقى رجال الأعمال السوري السعودي الأول، الذي عقد في مارس (آذار) الماضي.

وتم خلال اجتماعات اللجنة، التوقيع بين وزير المالية السوري الدكتور محمد الحسين، ونظيره السعودي الدكتور إبراهيم العساف، على اتفاقية قرض بين الصندوق السعودي للتنمية بمبلغ 525 مليون ريال، للمساهمة في تمويل مشروع توسيع محطة كهرباء الناصرية، إضافة إلى اتفاق بشأن تعديل اتفاق إنشاء اللجنة السورية - السعودية المشتركة، وقد صادق عليه الرئيس السوري لاحقا.

وتضمن محضر اجتماعات اللجنة المشتركة صيغة لمتابعة تنفيذ القرارات وتفعيل الاتفاقيات وتذليل أي صعوبات أو معوقات يمكن أن تحصل، علما بأن هناك 12 اتفاقية بين الجانبين قيد الدراسة، وسيتم العمل على إنجازها، ليتم التوقيع عليها في أسرع وقت ممكن، وفقا لما أعلنه الطرفان.

وأعلنت سورية أنه سيكون هناك اتصال دائم مع الصندوق السعودي للتنمية، الذي قدم له عدد من المشاريع التنموية في سورية لتمويلها.

هذا ومن المقرر أن تعقد الدورة الثانية عشرة للجنة السورية - السعودية المشتركة في مدينة الرياض قريبا، وفقا لما أعلنه الجانب السوري.

وكان وزيرا المالية في البلدين، وانطلاقا من توجيهات قيادتي البلدين، قد أعلنا العمل من أجل تفعيل جميع الاتفاقيات الموقعة مع سورية، والعمل على زيادة التبادل التجاري وحجم الاستثمارات المتبادلة ودفع العلاقات الثنائية في جميع المجالات.

هذا وتلقى قطاع الأعمال في البلدين دفعا قويا، بتوجيه من الرئيس السوري والملك السعودي، أسفر عن تأسيس مجلس الأعمال ومركز لخدمة المستثمرين السعوديين في دمشق، وتسهيل حصول رجال الأعمال على فيزا خاصة بالنسبة لرجال الأعمال السوريين، علما بأن هناك طرحا لإلغاء الفيزا بالنسبة لرجال الأعمال من قبل المسؤولين السوريين.