الهند: اكتتاب عام يتسبب في جدل بشأن مشاريع صغيرة التمويل

تحويل الشركات الاجتماعية إلى أنشطة تجارية ضخمة هل يسهم في دعم نشاطها

يوجد منذ وقت طويل نقاش حول تحويل الشركات الاجتماعية إلى أنشطة تجارية ضخمة (ا.ف.ب)
TT

توشك شركة هندية يدعمها أميركيون أثرياء على جمع ما يصل إلى 350 مليون دولار من خلال اكتتاب يتابعه ناشطون في العمل الخيري بمختلف أنحاء العام، ويظهر ذلك أنه يمكن تحقيق أرباح كبيرة من قروض صغيرة تقدم إلى صناع السلال ورعاة الأبقار الفقراء.

وتعد شركة «إس كيه إس صغيرة التمويل» من أكبر اللاعبين في مجال صغرن التمويل، الذي يعتمد على تقديم قروض تكون في الأغلب صغيرة وتبلغ 20 دولارا، وهو النشاط الذي ربما تعتبره بنوك صغيرا للغاية وبه مخاطر كبيرة.

ويشار إلى أن شركة «إس كيه إس» عبارة عن مشروع تجاري اجتماعي، بحسب ما يصفه نشطاء في المجال الخيري، ويعني الناشطون بذلك أنه نشاط تجاري يعتمد على تحقيق أداء جيد من خلال القيام بعمل خيري.

ولا يوجد شك في أن مؤسس الشركة الأميركي الهندي فيكرام أكولا (41 عاما) ومستثمرين من بينهم رجال أعمال بارزون في وادي السليكون مركز صناعة الإلكترونيات في الولايات المتحدة سوف يحققون نتائج طيبة من خلال الاكتتاب العام. وقد قام أكولا بالفعل ببيع أسهم قيمتها 13 مليون دولار تقريبا، ولا يزال يحوز أسهما تصل قيمتها إلى 55 مليون دولار.

والسؤال الذي يطرح نفسه: هل سيستفيد العمل الاجتماعي الخيري من ذلك بصورة جيدة؟

ولا تعد شركة «إس كيه إس صغيرة التمويل» أول شركة تقدم قروضا صغيرة تطرح للاكتتاب العام، ويوجد منذ وقت طويل نقاش حول تحويل الشركات الاجتماعية إلى أنشطة تجارية ضخمة. ويقول مؤيدو فكرة صغيرة التمويل التجاري إن الأموال التي سيتم تجميعها يمكن أن تقدم المزيد من القروض إلى المحتاجين بدلا من الاعتماد على التبرعات الخيرية.

ولكن أدى الاكتتاب العام على شركة «إس كيه إس»، وهو من بين أكبر عمليات الاكتتاب في هذا المجال، إلى حالة من الجدل.

وتتضمن النقاشات الحادة اثنتين من مؤسسات صغيرة التمويل الخيرية التي ساعدت أكولا على وضع شركة «إس كيه إس» على أقدامها وقدما لها تمويلا في أيامها الأولى. ومن غير الواضح ماذا سيحدث بالأموال التي ستحصل عليها هاتان المؤسستان من خلال الاكتتاب العام.

وداخل أحد هاتين المؤسستين – خمس اتحادات لشركات هندية تحوز حاليا أصول نموذج أكولا الأصلي غير الربحي لشركة «إس كيه إس» - استقال عضوان في مجلس الإدارة في مارس (آذار) بسبب خطط أكولا إلى تحويل الأموال تجاه مجموعته الأصلية غير الربحية بدلا من منحها إلى الكثير من الكيانات الخيرية.

والمؤسسة غير الربحية الأخرى التي وقعت في شرك الجدل هي «يونيتس» ومقرها سياتل، التي تحوز حصة في «إس كيه إس» ستصل قيمتها ملايين الدولارات عقب الاكتتاب العام. وقد صدم مجلس إدارة المؤسسة المجتمع الخيري خلال الشهر الحالي عندما قال إن طاقم المؤسسة البالغ عدده 40 فردا سيتم تسريحهم، وأن «يونيتس» لن تشارك بعد الآن في أنشطة تمويل أصغر.

وقد صُعِق متبرعو «يونيتس» التي أنشئت قبل 10 أعوام من أجل دعم صغيرة التمويل. وفي يونيو (حزيران)، ناقش مسؤول تنفيذي جديد داخل المؤسسة مشاريع جديدة طموحة، تأتي مؤسسة «بيل أند مليندا غيتس» بين الداعمين المحتملين لها.

وداخل الدوائر الخيرية، يتساءل الناس عما دفع مجلس إدارة «يونيتس» إلى القيام بذلك، وكان 4 منهم على الأقل قد استثمر داخل «إس كيه إس للتمويل الأصغر» وعليه سوف يحصلون على أرباح من الاكتتاب العام.

ويقول محمد يونس، وهو أستاذ اقتصاد يعتبر مبتكرا فكرة صغيرة التمويل ومنتقدا لعملية طرح «إس كيه إس» للاكتتاب العام: «إذا كانت (يونيتس) سوف تنهي أنشطتها، فإن ذلك يظهر النتيجة الحقيقية لعملية الاكتتاب العام. ثمة تشجيع حاليا للجزء الهادف تحقيق أرباح، ويتم إغلاق الأنشطة غير الربحية».

وقد رفض جوزيف غراني، وهو رئيس مجلس إدارة لدى «يونيتس» ومستثمر داخل «إس كيه إس»، ذكر ماذا سيحدث لعوائد «يونيتس» من عملية الاكتتاب. وقال إن التعليق يعني الإخلال بالقانون الهندي لأن «يونيتس» تعد «مروجا» للاكتتاب العام.

وقال في مقابلة أجريت معه عبر الهاتف: «لا يعدو الأمر عن كونه مجرد تخمينات في الوقت الحالي». وقال غراني إنه وأعضاء آخرين في مجلس الإدارة سيتبرعون بالعوائد إلى مؤسسات خيرية – على الرغم من أنه لم يذكر هل ستكون «يونيتس» من بينها. وقال إنه في اثنين من الحالات تمت استثمارات من خلال مؤسسات خيرية كان المديرون مشاركين فيها وذهبت العوائد إلى هذه المؤسسات.

ومن بين المتبرعين البارزين لـ«يونيتس» شبكة «أوميديار»، وهي عبارة عن نشاط استثماري وخيري لمؤسس «إي باي» بيير أوميديار. وقال مات بانيك، الشريك الإداري لمجموعة «أوميديار»، إنه فوجئ بقرار مجلس إدارة «يونيتس» لأنه كان معجبا بخططها المتعلقة بمشاريع مستقبلية ذات صلة بصغير التمويل غير الربحي. وقال إنيك: «شعرت أن (يونيتس) حققت خيرا كثيرا من خلال هذا القالب، وأنه لا يزال ذا أهمية». وكانت شبكة «أوميديار» مهتمة بدرجة كبيرة بهيكلة مجلس إدارة «يونيتس» لدرجة أنها قامت في الخريف الماضي بدفع أموال مقابل دراسة أجراها مستشار الإدارة. وحسب ما أفاد به مسؤولان تنفيذيان سابقان داخل «يونيتس» خلصت الدراسة إلى أن بعض المديرين كانت لهم أدوار ربحية وخيرية كثيرة للغاية داخل «يونيتس» - ولا سيما جيفري وولي الذي كان يشغل منصب رئيس الصندوق الاستثماري الذي يدير أنشطة «يونيتس» الربحية ومستثمرا في هذه الصناديق وداخل شركة «إس كيه إس».

واستقال وولي من مجلس الإدارة في الخريف الماضي، ولكن قال غريني إنه ربما يعاد مرة أخرى للمساعدة على التخطيط لمستقبل «يونيتس» بعد صغيرة التمويل. ورفض وولي التعليق على ذلك.

ويأتي إغلاق أنشطة «يونيتس» في مقابل الطريقة التي تعاملت بها «أكسيون»، وهي مؤسسة غير ربحية تركز على صغيرة التمويل، مع مكاسب قيمتها 140 مليون دولار من اكتتاب عام 2007 لـ«كومبارتاموس» المكسيكية التي تقدم قروضا صغيرة. واستخدمت «أكسيون»، التي لا تزال تحوز حصة نسبتها 9 في المائة داخل «كومبارتاموس»، الأموال من أجل تمويل عمليات صغيرة التمويل ولا يمتلك المديرون والمسؤولون التنفيذيون استثمارات في النشاط.

وقال مجلس إدارة «يونيتس»، في بيان صحافي أعلن فيه قراره الانسحاب من صغيرة التمويل، إن الأصول الباقية للمؤسسة سوف توجه إلى «أنشطة خيرية جديدة في المرحلة الأولى تركز على الفقر.

ولكن، على ضوء التوقعات بأن يرحل باقي طاقم «يونيتس» بحلول فصل الخريف، ومع رفض غريني مناقشة القضية من غير الواضح مَن سيدير المؤسسة قريبا لتكون حيازات مالية ضخمة أو كيف سيتم استخدامها.

ويقول تيموثي أوغدن، وهو مستشار خيري ومحرر مدونة «Philanthropy Action»: «لا يعمل أعضاء مجلس الإدارة لدوام كامل، كما أنهم ليسوا خبراء. ولا أعرف كيف يمكن تجنب إضاعة الملايين من الدولارات من المفترض أن تحصل عليها المؤسسة من خلال عملية الاكتتاب العام وحصتها داخل «إس كيه إس» إذا لم يكن لديك طاقم عمل لاتخاذ خيارات ذكية».

وداخل الهند، توجد تساؤلات أيضا بشأن طريقة تناول الأصول غير الربحية بعد طرح «إس كيه إس» للاكتتاب العام.

وترجع أصول «إس كيه إس» إلى مؤسسة تمويل أصغر غير ربحية تعرف باسم «إس كيه إس سوسيتي» أنشأها أكولا عام 1997. ولمساعدتها على النمو سريعا، قام أكولا عام 2005 بإنشاء فرع ربحي، «إس كيه إس للتمويل الأصغر»، لجذب التمويل التجاري.

ولا يشك أحد في أن المال الذي تحصل عليه «إس كيه إس للتمويل الأصغر» من خلال الاكتتاب العام سوف يساعدها على تقديم المزيد من القروض إلى المحتاجين الذين يقدمون طلبات للحصول على قروض. وبداية من مارس كان لدى الشركة نحو 6.8 مليون مقترض يحوزون 624 مليون دولار في صورة قروض صغيرة، وقد جعل ذلك «إس كيه إس» من أكبر مؤسسات صغيرة التمويل في العالم التي يبلغ عددها نحو 1800 مؤسسة.

ويتعلق الجدل باتحادات الشركات الخمس التي عملت كجسر بين «إس كيه إس سوسيتي» غير الربحية و«إس كيه إس للتمويل الأصغر». فعندما بدأ أكولا «إس كيه إس صغيرة التمويل» الربحية، كانت الشركة بالكامل واقعيا تمتلكها اتحادات شركات. وبمرور الوقت، ومع دخول مستثمرين آخرين – ومن بينهم شركة «سيكيويا كابيتال» الأميركية ورجل الأعمال بوادي السيلكون فينود خوسلا – كانت حصة اتحادات الشركات قد تراجعت إلى 15 في المائة. ولكن لا تزال من المتوقع أن تحصل الاتحادات على ميزات بدرجة كبيرة من الاكتتاب العام. وستقوم ببيع أسهم تصل قيمتها إلى 42 مليون دولار وستستمر في حوزتها حصة قيمتها تصل إلى 172 مليون دولار – لتجعلها مجتمعة أحد أكبر المنح داخل الهند.

وقد أنشئ مجلس إدارة جديد يفترض أنه مستقل في الخريف الماضي للإشراف على الاتحادات والثروة الجديدة التي ستكون في حوزتها. ولكن سرعان ما تداعت هذه الهيكلة. وبعد أول اجتماع لمجلس الإدارة في مارس استقال اثنان من المديرين وهما: نارايان راماتشندران، الذي كان يرأس في السابق العمليات الهندية للبنك الاستثماري «مورغان ستانلي»؛ وأنو أغا، وهي شخصية خيرية بارزة والرئيسة السابقة لشركة «ثرماكس» الصناعية الهندية.

وحولا راماتشندران وأغا طلبات للتعليق إلى الشركة. ولكن ذكرت مصادر كثيرة قريبة من الوضع أن الاثنين رحلا على خلفية خلاف مع أكولا بشأن طريقة إنفاق الأموال التي سيتم الحصول عليها من الاكتتاب العام.

وكان أكولا يريد أن تقوم اتحادات الشركات بدعم برامج تعليم وصحة وبرامج أخرى لصالح مقترضين من «إس كيه إس» من خلال «إس كيه إس سوسيتي» غير الربحية. ويقال إن عضوي مجلس الإدارة فضلا إنشاء مؤسسة لتقديم المنح تشبه مؤسسة خاصة يمكن أن تمرر الأموال إلى برامج اجتماعية موجودة بالفعل.

ورفض أكولا مناقشة اتحادات الشركات أو خصائص أخرى ذات صلة بالاكتتاب العام، مبررا ذلك بقواعد أميركية وهندية. ويعد أكولا وصديق له، أستاذ في معهد الإدارة الهندي بأحمد آباد، عضوي مجلس الإدارة الوحيدين. وتقول النشرة التمهيدية للشركة إنه سيجري استعمال ثلاثة مديرين مستقلين.

ويقول خوسلا، المستثمر بوادي السليكون، إن نهج أكولا قد يساعد مقترضي «إس كيه إس» بدرجة كبيرة. وأضاف أن تقديم منح يعني توزيع المال بمقدار قليل للغاية على عدد كبير من المؤسسات بصورة غير مقبولة.

وقد أصبح أكولا شهيرا داخل الهند، ويقول أفراد يعرفونه – من بينهم زوجته السابقة ماليني بيانا – إنه كان يريد أن يستمر في السيطرة على الصناديق و«إس كيه إس» لأن لديه طموحات سياسية داخل الهند.

وتقول بيانا، وهي محامية في شيكاغو كانت مشاركة لفترة طويلة في نزاع قانوني مع أكولا على رعاية ابنهما تيجاس: «عليك أن تفهم – كل قرض يعني صوتا مستقبليا».

ولكن خلال مؤتمر صحافي داخل الهند يوم الاثنين، أنكر أكولا، الذي ولد داخل الهند ونشأ في سكينيكتدي بنيويورك ويحمل الجنسية الأميركية، أن تكون لديه طموحات سياسية. وقال: «سأستمر مع (إس كيه إس) حتى القضاء على الفقر داخل الهند».

* كتبت ستيفاني ستروم من نيويورك وشيكاغو، وكتب فيكاس باجاج من مومباي وأحمد آباد داخل الهند.

* خدمة «نيويورك تايمز»