عبد الرحمن الراشد: الإنفاق الحكومي لا يكفي.. ورأس المال السعودي يجب أن يعود للداخل

عضو الهيئة الأستشارية للمجلس الإقتصادي الأعلى في حوار مع «الشرق الأوسط»

عبد الرحمن الراشد (تصوير: عمران حيدر)
TT

دعا عبد الرحمن الراشد، عضو الهيئة الأستشارية للمجلس الإقتصادي الأعلى ورئيس الغرفة التجارية الصناعية بالمنطقة الشرقية، إلى تحصين الاقتصاد السعودي من مخاطر الكوارث العالمية، وذلك بإعادة رأس المال السعودي إلى الداخل، مبينا الحاجة إلى رفع حجم الإنفاق الحكومي على الطبقة الوسطى بنحو ثلاثمائة مليار دولار خلال الخمس سنوات المقبلة لتنشيط الحركة الاقتصادية، وتمكين أكثرية المواطنين من تملك أصول ثابتة من خلال قيام الصندوق العقاري بتمويل المواطنين بطرق مبتكرة، مستشهدا بالتأثير الإيجابي للإنفاق الحكومي الكبير في السبعينات، الذي أحدث طفرة تاريخية. وبيّن أن القطاع الصناعي يواجه قضية الخروج من عنق الزجاجة، المتمثل في عدم إيجاد أراض صناعية، وذلك يمثل معوقا للتنمية الاقتصادية، مقابل تزايد الطلبات الصناعية، ووجود أكثر من 300 طلب لإنشاء مصانع حديثة في المنطقة الشرقية فقط. وانتقد الراشد طريقة طرح الشركات العائلية للمساهمة، التي تمثل خروج الكثير من المستثمرين، بعد أن قبضوا الثمن مضاعفا من المساهمين الصغار في سوق المال، مؤكدا رفضه لطرح الشركات العائلية لمساهمة مفتوحة وفق الطرق المتبعة الآن التي تصاب بخروج كثير من المستثمرين.

* ضج القطاع التجاري السعودي من قرار رفع تعرفة استهلاك الكهرباء على المصانع والمتاجر، ما مدى تأثير القرار على هذه القطاعات؟

- دعنا نتحدث في هذا الجانب بتجرد، فالملك عبد الله، حفظه الله، رسم سياسة واضحة، وأكد غير مرة أن الصناعة هي خيار استراتيجي للسعودية، عطفا على ما تنعم به بلادنا من مقدرات ومواد طبيعية وتسخير كل هذه المقومات والمقدرات ليكون القطاع الصناعي ذا قيمة ومردود وذا فائدة كبيرة لتوطين التكنولوجيا، وتوطين العاملين في هذا القطاع، وكذلك قطاع النفط، والقطاعات القائمة عليه، الذي يمثل لنا ميزة نسبية عالية، وما زال أمامنا، كسعوديين، شوط كبير في هذا المجال، ومن هنا نعود لقضية رفع التعرفة الكهربائية، ويجب أن نكون منطقيين، ولا نتحدث عن عموميات، أو نرفع سيوفنا في وجه قطاع الكهرباء، باعتبار الزيادة في تعرفه الاستهلاك في بعض قطاعات الصناعة قد لا تتجاوز 3 في المائة أو حتى 5 في المائة من تكلفة الإنتاج، فهذا لن يؤثر كثيرا، ولكن بنظرة استراتيجية، نجد أن هناك قطاعات صناعية تصل نسبة زيادة التعرفة الاستهلاكية للكهرباء فيها إلى 30 في المائة و40 في المائة من التكلفة، وهنا علينا أن نتوقف عنده كثيرا، خاصة فيما يتعلق بقطاع أساسي، مثل الحديد، الذي يدخل في مدخلات الناتج المحلي لتأمين الاحتياجات المحلية، أو تصدير الفائض في الوقت الذي تتزايد فيه المطالبة بنوعية الجودة، والتوسع فيما يتعلق بصناعة السيارات والمنتجات ذات التكنولوجيا العالية، وخلافها، ويجب ألا نوجه ضربة لهذه الصناعة التي ما زالت تحتاج لدعم أكثر وتهيئة البنية التحتية لها كما يجب.

* وأين تكمن تلك المعوقات؟

يكفي أن لدينا في المنطقة الشرقية نحو أكثر من 300 طلب لإنشاء مصانع، ولو نظرنا لهذه الطلبات من منظور وطني لوجدنا أنها لو أنشئت لاستوعبت أكثر من 30 ألف وظيفة، ولن تقل نسبة السعودة فيها عن 70 في المائة. ولكن توجد هناك معوقات للتنمية, ومن المفترض أن الدولة تلتفت لنجاحات المدن الصناعية الأولى والثانية في الدمام وصناعية الأحساء، فهناك حاضرة سكانية كبيرة بين الأحساء والقطيف والدمام تقدر بنحو مليوني نسمة، والمنطقة بحاجة لنحو 50 مليون متر مربع كمدن صناعية بأفضل الخدمات لفتح مصانع، لا سيما أن المنطقة تمتلكك كل المقومات ووسائل الخدمات الرخيصة، وهذه ميزة نسبية، واليوم لا نحتاج الصناعيين بقدر ما نحتاج لأراض صناعية، فالمشاريع موجودة، وستسهم في دفع عجلة التطور الصناعي في السعودية.

* هل بيروقراطية هيئة المدن الصناعية هي العائق أمام الصناع؟

الإخوان في هيئة المدن الصناعية يعملون جاهدين، ولكن قد تكمن المشكلة الأكبر في وجود الأراضي الصناعية، والقضية متشابكة ومتداخلة بين البلديات ومحتجزات شركة «أرامكو» ووزارة الدفاع، فصعب أنك تتكلم عن حيازات كبيرة، وبالتالي فإن هذه الأمور تنعكس سلبا على سرعة وحركة النمو الصناعي في المنطقة على الأقل، ويقيني أن هناك بوادر انفراج للوصول إلى شبه اتفاق مع «أرامكو» لفسح نحو 54 مليون متر مربع لإنشاء مدينة صناعية كبيرة، ومتى ما أنشئت تلك المدينة، فهي بادرة خير على الصناعة في المنطقة.

وعلينا أن نعمل على تسهيل إجراءات الشركات الراغبة في الاستثمار، في ظل وجود البنية التحتية، والعمل على تقنية التكنولوجيا، وتأهيل الشباب السعودي التأهيل الأمثل, فقطاعاتنا واعدة وتحتاج إلى الكثير وخاصة خدمات التشغيل. ولكننا نفتقد الآلية في هذا الجانب، فعلى سبيل المثال لو ابتكرنا آلية لعمال النظافة، وزودناهم بآليات حديثة، ورفعنا الرواتب، فذلك من شأنه الارتقاء بالخدمة وإعطاء حافز للشاب السعودي للعمل في هذا القطاع، إذا وجد أنه مجرد مشغل للآلات التقنية، وبراتب جيد، بدلا من استقطاب عمالة برواتب زهيدة ونتركهم يعملون بآلات بدائية، شرب عليها الدهر، بل نعرِّض حياتهم للخطر بسبب انتشارهم على الطرقات، فالعملية تحتاج لمبادرة وابتكار ليس إلا.

* ما هو دور وزارة التجارة والصناعة في تسهيل وتذليل العقبات ومعوقات الاستثمار؟

من واجب الوزارة أن تعمل على تسهيل الأمور، وإيجاد السبل الكفيلة بتسريع وتنمية الحركة الاقتصادية.

* وهل تعتقد أن تطور قطاع الصناعة يتطلب الآن استحداث وزارة للصناعة وفصلها عن التجارة؟

المسألة تتوقف على توحيد الجهود والاختصاصات، فلدينا مثلا الهيئة الملكية، وتقابلها هيئة المدن الصناعية، ولأن مصلحة البلد فوق كل شيء، فعلينا أن ننظر للأمور من منظور استراتيجي ووضع حلول للأمور المتداخلة، والإخوان في الوزارة ما قصروا، ووضعوا الاستراتيجية الصناعية، وليست المشكلة في فصل الوزارة؛ لأنها أصلا كانت في السابق منفصلة عن التجارة، بل الأهم حل الكثير من الإشكاليات القائمة. فاليوم عندك الطاقة رخيصة، ولا يمكن أن تتوقف فوائدها على الإيرادات، أو أننا نبيع ونصدر في الوقت الذي نجد الآخرون يضحكون علينا. لأنه يفترض أن تكون مخرجات الطاقة الرخيصة منتجات عالية، وبقدر ما أجلب عمالة من شرق آسيا براتب400 دولار، فإنه يفترض في المقابل أن أصدر شابا سعوديا بـراتب لا يقل عن 15ألف دولار، كخبير في الدول الأخرى. وقطاع النفط منذ 75 سنة، ولكن أعطني شابا سعوديا الآن يعمل خبيرا في حقول كازاخستان مثلا. ولكن مشكلتنا أننا لم نركز على تأهيل الشباب السعودي، ومنحهم الفرصة للاستفادة من الخبراء الأجانب، ونخشى أن ينتهي النفط دون أن نستفيد منه الاستفادة القصوى، واستغلاله لتأهيل شبابنا في المقام الأول.

* على ذكر تأهيل الشباب نجدكم، كقطاع خاص، كان لكم صدام مع وزارة العمل فيما يتعلق بسعودة الوظائف؟

- يا أخي نحن لم نأت من الهند أو بلد آخر، نحن رجال أعمال، وقبل كل شيء، مواطنون سعوديون، وشخصيا أعطاني الوالد رأسمال، وفكرت في تنميته، وكانت البداية بمشروع محدود، وواصلنا العمل إلى أن أصبحت لدينا شركة كبيرة، ومن ثم أقمت مصنعا، ووظفت فيه أكثر من 60 موظفا سعوديا، ومستعدون لتوظيف السعوديين، لكن ليس بالطريقة التي قد تدمر الحالة الاقتصادية لمجرد توظف السعودي, بل العملية تحتاج لمعايير مهنية لضمان جودة العمل، ولو توفرت المعايير المهنية للشباب السعودي، فحتما ستكون الأولوية له وبراتب مغر. ونحن مشكلتنا نمسك القشور الصغيرة ونترك الصورة المتكاملة، وهذا سيبقينا على ما نحن عليه.

* كم نسبة السعوديين في شركتك؟

في شركة المقاولات يصل السعوديون إلى 20 في المائة وفي الأحساء عندي 30 في المائة من الشباب السعودي، وهذه النسبة ضعف النسبة التي حددتها وزارة العمل.

* كيف ترى حجم الإنفاق الحكومي لمختلف القطاعات؟

- لاشك أن النمو الداخلي جيد، ولكن ما زلنا بحاجة لزيادة الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية التحتية، ولو عدنا لطفرة السبعينات التاريخية، لوجدنا أن الدولة ضخت في ذلك الوقت 130مليار ريال لصندوق التنمية العقاري, مما أحدث انفجارا في النمو، وتوسعت قاعدة الطبقة الوسطى، وتم تمكين الناس من امتلاك أصول، باعتبار القرض يصل إلى 300 ألف ريال، وكان مبلغا كبيرا في وقته، لأن الأراضي كانت بأسعار معقولة، وكذلك مواد البناء، والمواد الاستهلاكية, واليوم البلد بحاجة لإنفاق حكومي يكون له نفاذية عالية، ويصل إلى المواطن، فكثير من الأسر السعودية تعاني من محدودية الدخل. وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين تشدد على زيادة الإنفاق بما يخدم المواطن في الدرجة الأولى، انطلاقا من حرصه على شعبه وأبنائه المواطنين، لذا فإنه يجب على صندوق التنمية العقاري أن يبتكر طرقا تمويلية تتواكب مع حاجة المواطن للوصول إلى أكبر شريحة من الناس، ويقيني أن ضخ خمسة مليارات ريال على بلد مثل السعودية غير كاف، خاصة أننا ننعم بخيرات وفيرة، ولدينا رصيد بنحو1600مليار ريال، ومن وجهة نظري فإن السنوات الخمس المقبلة تحتاج لضخ 300 مليار ريال ليستفيد منها الشاب السعودي والعائلة السعودية؛ لأن نسبة كثيرة لا تكفيهم مدخراتهم ولا مدخولهم السنوي مقارنة ببعض الدول الأخرى التي نتشابه معها في الوضع الاقتصادي. وعندنا متوسط الإيجار العائلي 40 ألف ريال؛ لأن كل مواطن من حقه أن يعيش في سكن مريح وليس في «عشة».

* هل أنت مع طرح الشركات العائلية كمساهمة عامة؟

أعتبرها فكرة خاطئة, فالشركة العائلية تطرح30 في المائة من أسهمها، بينما تذهب هذه الأموال لصاحب الشركة، ومن ثم تُطرح الشركة في مساهمة عامة. المفروض أن سوق الأسهم لا يسمح للمساهمين أن يخرجوا من استثماراتهم بقدر ما تكون السوق هي مصدر التمويل لتوسع الشركات وفق جدوى اقتصادية واضحة، على أن يطرح المشروع الإضافي للمساهمة بدلا من الاقتراض من البنوك أو بيع أسهم شركتي، أو يكون هناك طرح خاص، ولكن الحاصل اليوم هو أن كثيرا من الشركات طرحت أسهمها في السوق دون جدوى اقتصادية واضحة، وتسابق المواطنون من دون دخول السوق، وشراء هذه الأسهم دون وعي اقتصادي، مما انعكس ذلك سلبا على الوضع، ومدخول المواطن العادي، وكان الرابح هذه الشركات وملاكها.

* هل هذا يعني رفضك لطرح شركتك للمساهمة؟

أكيد، لأنني أصلا لست محتاجا لتمويل. وللأسف هناك شركات مضاربة في السوق، وليس جمعيات عمومية، وأسهمها تباع للمساكين بـ40 في المائة، مع أن قيمتها الفعلية في حدود 1 في المائة، فأين هيئة سوق المال منها.

* كيف تنظر للاستثمار الأجنبي بالمملكة، وما مردوده على الاقتصاد السعودي؟

قبل أن نقيم الاستثمارات الأجنبية، يجب علينا أولا أن نحسن ونهيئ البيئة الاستثمارية للمستثمرين جميعا، فالمستثمر السعودي مثله مثل المستثمر الأجنبي. ودون أدنى شك أن تواجد المستثمرين الأجانب، وعلى مستوى معين، وصناعات معينة، خاصة في مجال التقنية، فهذا أمر إيجابي، ونرحب به، لأن مثل هذه الاستثمارات تعود بالفائدة على الاقتصاد، وتعطيك قيمة مضاعفة.

* هل يعني هذا أنك غير متفائل بالاستثمار الأجنبي؟

القضية ليست تفاؤلا أو غيره، بقدر ما نهيئ أنفسنا ونسوق لاستثماراتنا جيدا, كي نجذب المستثمر الذي سيفيد البلد.

* وهل اقتصادنا بحاجة لاستثمارات أجنبية؟

- اقتصادنا فيه تنافس عال، ولا نريد إلا الاستثمارات التي لها ميزة، سواء أكانت سعودية أم أجنبية، وهذا يستحق كل المحفزات.

* قبل أيام دعا وزير الزراعة للاستثمار الزراعي في البلدان الأخرى، باعتبارها أقل تكلفة من الاستثمار المحلي.. كيف ترى مثل هذه الخطوة؟

هذا الحل من الحلول المطروحة، باعتبار بلدنا يعاني من شح المياه، والزراعة تحتاج لمياه غزيرة، والزراعة هنا قد تؤثر على المخزون المائي لدينا.

* لكن هذا هل هو خطوة أولى لاستثمارات في مجالات أخرى خارجيا؟

السعوديون لديهم استثماراتهم الخارجية أصلا, وممكن الاستيراد من أي بلد في العالم, ولكن أن نستثمر زراعيا في الخارج من أجل «الأمن الغذائي» فهذه النظرية شرب عليها الدهر وولى زمانها، وكما نعرف أنه في عز الحرب الباردة لم تفكر أميركا في إيقاف تصدير الحبوب إلى ما كان يعرف بالاتحاد السوفياتي في ذلك الوقت. بل العكس، أميركا كانت حريصة على ألا يصدر أحد لروسيا سواها من منظور اقتصادي, واليوم الاستيراد مفتوح إلى أسواق المملكة، ولا بأس من الاستثمار الزراعي خارجيا، ولكن هذه الاستثمارات لا يمكن أن تحقق لنا الأمن الغذائي؛ لأن الدول التي تستثمر فيها ستكون هي أولى بمياهها ومنتجاتها في وقت الأزمات.

* مجلس الإدارة الأخير لغرفة الشرقية شكل بعد جولات حامية من المنافسات.. هل تلمسون الآن تناغما بين أعضائه؟

- التناغم موجود، ولله الحمد، لأن المنتخبين حريصون على مصلحة الغرفة ورعاية مصالح رجال الأعمال، مما أوجد هذا الانسجام والتناغم المطلوب.

* لكن يتردد أن واقع الانتخابات يفضي إلى أن من يدفع أكثر هو من يحصل على الحد المطلوب من أصوات الناخبين ليصل إلى عضوية مجلس الغرفة؟

- لا، لا، هذا غير صحيح، وما يقال مجرد إشاعات، وطالما هي إشاعة، فنحن لا نلتفت لمثل هذه الإشاعات.

* هناك شبه رأي سائد أن رئيس وأعضاء الغرف التجارية هم الخط الأول لاقتناص الفرص الاستثمارية المتاحة في البلد؟

- من واقع تجربتي في الغرفة التجارية، وعلى مر السنوات الماضية في الدورتين (14 - 15)، وها نحن في الدورة الـ16، فإنه لم يمر علي أو أعرف أحد الأعضاء قد استفاد من الغرفة، وما يقال غير صحيح و«أبصم لك بالعشرة»، وبالعكس، نحن نكون أحيانا مطلوبين، لأن هذا عملا تطوعيا، والفرص التجارية لا تطرح في الغرف، ولدينا الشفافية، وأي عضو منتسب يبحث عن فرص يزود بأي معلومة متاحة، مثله مثل عضو مجلس الإدارة.

* لكن المعلومة التجارية هنا تتوفر أولا لدى العضو؟

- لا توجد معلومة أصلا، واليوم الفرص الاستثمارية التعرف عليها متاح، حتى على مواقع القطاعات الاقتصادية على الإنترنت، وفي أي بلد في العالم.

* إذن لماذا هذا التناحر والسباق المحموم للفوز بعضوية مجالس إدارات الغرف؟

- لا ليس تناحرا، بقدر ما هو تنافس على خدمة هذا القطاع، والسباق والتنافس الشريف حق مشروع للجميع، وسوف يكثر المرشحون إن شاء الله.

* يلاحظ اهتمام كبير بعقد المنتديات وتنظيم المناسبات، مما يزيد من أعباء الغرفة، فهل ستستمرون في هذا التوجه؟

· الغرفة تتبنى وتستضيف منتديات عملاقة، كمنتدى الطاقة والموارد البشرية، ومنتدى التوطين، وأتينا بشركات العالم كافة، وجاءت وعرضت ما عندها، وحققت الغرفة إيرادات ومكاسب جيدة، في حين نستضيف جهات أخرى تعقد منتدياتها، مثل الجهات الحكومية، وهذا من باب التواصل والشراكة مع القطاع العام والغرفة التي تسخر إمكانياتها لكل ما هو في صالح الوطن.

* هل ترى أن الأوضاع السياسية بالمنطقة تثير المخاوف، وبالتالي تؤثر سلبا على الجانب الاقتصادي؟

- أنا أقول: تركيزنا على اقتصادنا وثرواتنا ولله الحمد كبير، ولكن هناك كثيرا من الأموال والاستثمارات، سواء في القطاع الخاص أو الحكومي هي في الخارج، ولو حدثت كارثة فمن شأنها أن توثر على رأس المال السعودي خارج البلاد، ولهذا فإنه يتوجب علينا اليوم أن نفكر في كيفية تحصين اقتصادياتنا أكثر، وإعادة أكبر قدر من رأس المال السعودي للداخل، والتفكير في تحفيز المستثمرين، خاصة أننا نلمس أن هناك تآكلا كبيرا في الطبقة الوسطى، والحاجة ملحة الآن لإعادة الحياة لهذه الطبقة، لأن الاقتصاديات اليوم لا يحركها إلا الطبقة الوسطى، وكلما زادت الشريحة الوسطى وارتفع دخلها، انعكس ذلك إيجابا على اقتصاد البلد، وهذه نظرية ثابتة، ولا يختلف عليها اثنان، والدول تتفاخر بتحسين وضع الطبقة الوسطى، كما هو حال الهند والصين، ومن هنا يجب أن نفكر في المحفزات التي لها نفاذية قصوى، والتركيز على هذا الجانب بعناية.

* كان هناك مشروع تنظيم جديد للغرف التجارية.. إلا أنه لم ير النور حتى الآن.. فما هو رأيك؟

- نعم نتذكر أن هذا المشروع تمت دراسته في مجلس الشورى، وأحيل لوزارة التجارة، وما زال في طور الدراسة.

* لماذا تأخر إشهار هذا النظام؟

- أعتقد أنه من الأفضل التأني في مثل هذه الأمور، لأن التنظيم يمس شريحة كبيرة، ولا نود أن يخرج النظام مشلولا، ويجب أن تؤخذ جميع الجوانب بعين الاعتبار.

* الراشد.. النجاح من بوابة خدمة القطاع الخاص

* عبد الرحمن بن راشد الراشد.. عاشق للتحدي.. متخصص في وضع بصمات النجاح.. رجل مال لا يخطئ الأرقام.. هو رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة المنطقة الشرقية، التي تسلم زمامها قبل ثلاثة عشر عاما مضت, وعلى الرغم مما يحمله الرقم 13 من معان لدى البعض, إلا أنه يصف ما تحقق في السابق بالإنجاز الرائع, وما يحمله المستقبل بالتحدي الممتع.

يمكن القول إنه قاد غرفة الشرقية ومجلس الغرف السعودية (سابقا) لاستقرار إداري متميز، واستقرار مالي غير مسبوق، واستطاع أن يحول عجز غرفة الشرقية في فترة رئاسته الأولى إلى فائض مالي تتميز به حتى اليوم، في ظاهرة فريدة بين الغرف التجارية الصناعية السعودية، كما استطاع، وبحنكة بالغة، أن يعيد هيكلة مجلس الغرف السعودية ماليا وإداريا, وأن يحقق مشروعه الحلم المتمثل في مبنى حديث متطور.

لا يفضل الحديث عن أعمال مجموعته التي تقف راسخة في الصف الأول بين الشركات العربية, فقد ركز جهده لخدمة القطاع الخاص بشكل عام, على الرغم من أنه مقل في أحاديثه الصحافية ولقاءاته, فهو يؤمن بأن الإنجازات هي التي يجب أن تتحدث.

ومن هذا المنطلق، فإن الراشد ترك، إلى حد ما، العمل في شركة العائلة التجارية، وآثر التفرغ للعمل في خدمة القطاع الخاص، من موقعه كرئيس غرفة الشرقية.

ولذلك قفزت غرفة الشرقية إلى مصاف الغرف المتميزة، ونافست أربع غرف أخري على لقب الغرفة الأفضل في العالم, كما نالت جائزة أفضل بيئة عمل سعودية, وعدد من شهادات الاعتماد الدولية.

يؤمن بأن رضا رجال الأعمال غاية لا تدرك بسهولة, ولذلك فإن عجلة من يتطوعون للعمل في هذا المجال, يجب أن تسير بطاقاتها القصوى نحو الإنجاز، فلا مجال للتراخي وانتظار مبادرات الآخرين.. وهو، إضافة لرئاسته غرفة الشرقية، عضو الهيئة الاستشارية للمجلس الاقتصادي الأعلى, عضو مجلس إدارة الخطوط الجوية العربية السعودي، والمؤسسة العامة للتأمينات, ولذلك فإن يومه قد يكون مختلفا عن رجال الأعمال الآخرين.. فأحيانا يحضر اجتماعا صباحيا في جدة, وفي الظهر يحضر مناسبة في الرياض, وفي المساء يفتتح فعالية اقتصادية في المنطقة الشرقية.

صعب المراس، معتد برأيه، وسهل الإقناع في الوقت نفسه، معادلة قد تبدو غريبة نوعا ما, إلا أنها تنطبق عليه، فالراشد يدافع عن رأي يقتنع به, بل يقاتل من أجله, ولذلك ضرب بيد من حديد، وخاض صراعات كثيرة في مجلس الغرف السعودية (سابقا)، عندما أعلن عن التغيير وضرورة التطوير, كما حدث الأمر نفسه في غرفة الشرقية خلال آخر اجتماع لجمعيتها العمومية.