الاحتياطي الأميركي يبحث إقرار المزيد من خطط التحفيز

في ظل مؤشرات على استمرار ضعف النمو

أوباما اثناء زيارته أمس لاحد مصانع فورد للسيارات بشيكاغو (ا.ف.ب)
TT

أشار واضعو سياسة مصرف الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إلى أنهم قد يقرون المزيد من خطط التحفيز الاقتصادية في اجتماعهم، المقرر في 10 أغسطس (آب)، ثم ينتظرون لمراقبة ما إذا كانت مؤشرات ضعف النمو الاقتصادي ستستمر أما لا.

وقد أخبر رئيس مصرف الاحتياطي الفيدرالي، بن برنانكي، المشرعين في ولاية كارولينا الجنوبية، أمس، بأنه «من المحتمل تحسن» معدل إنفاق المستهلكين، في ظل توسع «معتدل». وصرح رئيس مصرف الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، جيمس بولرد، يوم 29 يوليو (تموز) بأنه يتوقع أن «يستمر تعافي الاقتصاد إلى خريف هذا العام». وقبل هذا التصريح بثلاثة أيام، أكد رئيس مصرف الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا، شاليز بلوسير، في مقابلة مع «بلومبرغ نيوز»، أن الدعوات لمزيد من خطط التحفيز من مصرف الاحتياطي الفيدرالي «سابقة لأوانها».

وأشار مسؤولون إلى أنهم قد يقرون تسهيلات جديدة إذا استمر تعثر الاقتصاد، بعد صدور تقارير تشير إلى تعثر صناعة الإسكان، واستمرار البطالة عند مستويات مرتفعة.

وتتضمن الخيارات التأكيد على التعهد باستمرار معدلات الفائدة عند ما يقارب الصفر، وخفض السعر الذي يدفعه مصرف الاحتياطي الفيدرالي على الاحتياطيات الزائدة للمصارف، أو شراء مزيد من سندات الرهن العقاري أو أذون الخزانة. وتشير تصريحات المسؤولين إلى عدم وجود توافق بين واضعي السياسة حول أي من هذه الإجراءات، كما أن بيرنانكي لم يذكرها في خطاب أمس.

وفي هذا السياق، يقول لورنس ميير، محافظ سابق لمصرف الاحتياطي الفيدرالي ونائب مدير شركة «ماكرو إكونوميك أدفيزورس إل إل سي»: «عليك أن تقوم بمراجعة شاملة لتوقعاتهم التي تمتد إلى العام المقبل» لكي تدفع لجنة السوق الحرة الفيدرالية إلى التصويت لصالح تسهيلات جديدة.

ويضيف ميير: «إن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يدفع اللجنة لإقرار مزيد من التسهيلات ربما يكون تقرير أسوأ من المتوقع حول التوظيف».

لكن ما زال أحد الخيارات المطروحة أمام لجنة السوق الحرة الفيدرالية هو أن تعدل جزءا من تقريرها، لتؤكد على الانتباه لمخاطر الهبوط. وستعد التقارير الاقتصادية عقب اجتماع أغسطس، التي تؤكد على انخفاض توقعات المستثمرين لبعض الإجراءات التي سيتخذها مصرف الفيدرالي في سبتمبر (أيلول).

وقد ارتفعت سندات الخزانة الأميركية، أمس، مما دفع العائد على السندات التي تصل مدتها لعامين إلى الهبوط إلى 0.53 في المائة في الساعة 09:35 بتوقيت نيويورك، وذلك بعد هبوطها إلى مستوى قياسي لليوم الثالث على التوالي، لتصل إلى 0.522 في المائة. وتراجع الدولار مقابل اليورو بنسبة 0.4 في المائة، لتصل قيمة اليورو إلى مستوى 1.3235 دولار، بعد أن بلغ 1.3262 دولار، وهي القيمة الأضعف منذ 3 مايو (أيار).

وأظهر تقرير حكومي أميركي اليوم أن إنفاق المستهلكين، ودخل الأفراد، كانا يعانيان من الركود بصورة غير متوقعة في يونيو (حزيران)، كما أن المشتريات لم يطرأ عليها أي تغير يذكر بعد ارتفعت بنسبة 0.1 في المائة، الشهر السابق، الذي كان أصغر مما كان مقدرا في السابق، وفقا للإحصائيات التي نشرتها وزارة التجارة، اليوم في واشنطن. لم تشهد الدخول أي ارتفاع للمرة الأولى منذ سبتمبر، وسجلت المدخرات أعلى مستوى لها خلال عام.

ووفقا لتقدير المتوسطات، الذي ورد في تقييم الاقتصاديين، ونشرته «بلومبرغ نيوز»، فإن الشركات أضافت 90 ألف وظيفة خلال الشهر الماضي. ويتوقع أن يرتفع معدل البطالة إلى 9.6 في المائة.

ويقول مايكل فيرولي، كبير الخبراء الاقتصاديين الأميركيين في «جي بي مورغان تشاز آند كو» والعضو السابق في فريق التنبؤ بمجلس محافظي مصرف الاحتياطي الفيدرالي، «سيحتاجون إلى رؤية شهرين من البيانات السيئة عن سوق العمل والإنفاق، قبل أن يقرروا اتخاذ المزيد من التسهيلات».

ويحاول مسؤولون وخبراء اقتصاد بمصرف الاحتياطي الفيدرالي تحديد اتجاه الاقتصاد، من خلال مجموعة من البيانات غير المتساوية التي قد تشير إلى حالة تراجع، عقب مخاوف المستثمرين من تعثر محتمل للسوق الأوروبية في مايو.

ووفقا لمؤشر التصنيع الخاص بمعهد إدارة التوريدات، فقد تباطأ التصنيع خلال الشهر الماضي، حيث انخفض إلى 55.5 مقارنة بـ56.2 في يونيو. وقد أثر ارتفاع معدل البطالة على استهلاك الأسر. وتراجع مؤشر ثقة المستهلكين لمجلس المؤتمر (مجموعة بحثية خاصة مقرها نيويورك) إلى 50.4 في الشهر الماضي، وهو أدنى مستوى في خمسة أشهر.

وساعد ضعف إنفاق المستهلكين على تباطؤ الوتيرة السنوية لنمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.4 في المائة بالربع الثاني، أي أقل مما كان متوقعا، بعد أن كسب 3.7 في المائة بالربع الأول، الذي تجاوزت نتائجه ما كان متوقعا.

وقد تحسنت أوضاع السوق المالية، مما سيساعد على توجيه سياسة الفائدة المنخفضة التي اتخذها مصرف الاحتياطي الفيدرالي إلى المستهلكين والشركات.

وقد حققت مبيعات سندات الشركات الأميركية في الشهر الماضي رقما قياسيا، وانخفض العائد على الدين إلى أدنى مستوى له في أكثر من أربع سنوات. ويقبل المستثمرون على شراء هذه الديون، حيث إن 77 في المائة من الشركات في مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» أعلنت عن أرباح في الربع الثاني من العام فاقت توقعات المحللين.

وهبط مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة إلى 1122.32 في الساعة 9:35 صباحا في تعاملات نيويورك. وفي يوليو ارتفع المؤشر بواقع 6.9 في المائة، ليحقق أعلى مكاسب شهرية خلال عام. وقال نيل سوس، كبير الخبراء الاقتصاديين في مصرف «كريدي سويس» في نيويورك والمساعد السابق لرئيس مصرف الاحتياطي الفيدرالي السابق، بول فولكر، إنه إذا كان الاقتصاد يقترب من ركود آخر، «يفترض ألا نرى أسواق الأوراق المالية مثل تلك التي نراها. وبهذه الخلفية، يبدو لي أن الحاجة المحلة من وجهة نظر مصرف الاحتياطي الفيدرالي تم خفضها بدلا من زيادتها. ولا يعني ذلك أنه لا يجب أن يكون لديهم خطط طوارئ جارية».

وأشار مصرف الاحتياطي الفيدرالي في يونيو (حزيران) إلى أن أزمة الديون في أوروبا قد تضر بالنمو في الولايات المتحدة، وكرر التعهد بإبقاء أسعار الفائدة قريبة من الصفر «لفترة طويلة». وخفض المصرف المركزي سعر الفائدة إلى الصفر تقريبا في شهر ديسمبر (كانون أول) 2008، واتجه إلى شراء سندات الخزانة، والأوراق المالية المدعومة بقروض الرهن العقاري، باعتبارها الأداة الرئيسية للسياسة النقدية.

ووفقا لخبراء الاقتصاد الذين تم استطلاع آرائهم من قبل «بلومبرغ نيوز» الشهر الماضي، فإن مسؤولي مصرف الاحتياطي الفيدرالي سيتركون سعر الفائدة دون تغيير مرة أخرى، في اجتماع أغسطس.

وقد توقع واضعو السياسة في يونيو أن الاقتصاد سيتوسع بمعدلات سريعة، بما يكفي لخفض معدل البطالة. ووفقا لتوقعات الاتجاهات المركزية، ينبغي أن يتراوح النمو في عام 2011 بين 3.5 و4.2 في المائة، وبين 3.5 و4.5 في المائة في عام 2012. وينبغي أن يتراوح متوسط معدل البطالة بين 8.3 و8.7 في المائة في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام المقبل، وينخفض نحو نقطة أخرى إلى 7.1 و7.5 في المائة بحلول عام 2012.

ويعلق مايكل هانسون، كبير الخبراء الاقتصاديين في «بنك أوف أميركا» في نيويورك على ذلك قائلا: «إن مصرف الاحتياطي الفيدرالي كان أكثر تفاؤلا إلى حد ما، لبعض الوقت، بالمقارنة مع خبراء التوقعات في وول ستريت».

*خدمة «بلومبرغ» - «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»