توقعات في السعودية بارتفاع التضخم مع تصاعد الإيجارات ودخول رمضان

«جدوى للاستثمار»: متوسط معدلات التضخم 5.2% والعوامل الخارجية مطمئنة حتى نهاية العام

TT

توقع تقرير استثماري سعودي ارتفاع متوسط التضخم في المملكة بقية العام الحالي 2010، مرجعا ذلك إلى 3 مسببات رئيسية، أهمها تصاعد الإيجارات، إضافة إلى دخول شهر رمضان المبارك، وثالثها خارجي ربطه بالظروف المناخية غير المواتية في وسط وشرق أوروبا، وزيادة تعريفة الكهرباء.

وكشف تقرير أعدته دائرة الاقتصاد والبحوث في «جدوى للاستثمار» أن ارتفاع التضخم في المملكة يتجاوز معدلات ارتفاعه في المناطق الأخرى من العالم، بل ويفوق معدل التضخم فيها المتوسط لدول الخليج الخمس الأخرى بأكثر من 4 مرات.

وكانت المؤشرات الرسمية الأخيرة أفصحت عن ارتفاع معدل التضخم في المملكة خلال يونيو (حزيران) الماضي إلى 5.5 في المائة، مسجلا أعلى مستوى له خلال عام، نتيجة لارتفاع أسعار الأغذية وزيادة حجم الطلب المحلي.

وترى «جدوى للاستثمار» أنه بناء على التوقعات بارتفاع تضخم الإيجارات وزيادة أسعار الغذاء بسبب رمضان والظروف المناخية غير المواتية في وسط وشرق أوروبا، وزيادة تعريفة الكهرباء، رشحت ارتفاع التقديرات إلى متوسط معدل التضخم عام 2010 إلى 5.2 في المائة مقابل 4.2 في المائة لعام 2011.

وكانت السعودية شهدت تناميا في معدلات التضخم لديها منذ سنتين قبل أن يرتد التضخم صاعدا بعد انخفاضه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى أدنى مستوى له خلال سنتين عند 3.5 في المائة، حينما سجل ارتفاعا في 7 من الشهور الثمانية التي تلت ذلك الهبوط.

وعلى الرغم من أن معدل التضخم الحالي الذي وصل إلى 5.5 في المائة، يقل عن نصف أعلى مستوى سجله الذي تجاوز 11 في المائة في يوليو من عام 2008، فإنه يعتبر مرتفعا جدا، مقارنة بالمعدل التاريخي، حيث لم يتجاوز متوسط التضخم منذ عام 1980 نسبة 1.2 في المائة، بما في ذلك فترات ارتفاعه الحاد خلال عامي 2007 و2008.

ويضيف تقرير «جدوى للاستثمار» أن ارتفاع التضخم في المملكة يخالف ما يحدث في معظم الاقتصاد العالمي، حيث تسجل الغالبية من مجموعة تتكون من 44 سوقا رئيسية متقدمة وناشئة تصدر لها «رويترز» أرقاما، مقارنة بتراجع في معدلات التضخم، حيث إن هناك دولة واحدة فقط (هي تركيا) يفوق تضخمها حاليا معدل التضخم في المملكة.

واستطرد التقرير بأن التضخم في المملكة يفوق بكثير مستوياته لدى دول الخليج الأخرى، حيث لا يتجاوز متوسط آخر معدلات التضخم للبحرين والكويت وعمان وقطر والإمارات نسبة 1.2 في المائة، مرجعا ذلك إلى وجود اختناقات في الإمدادات في المملكة، جراء تزايد حجم الطلب المحلي، بينما تتمتع معظم الدول الأخرى بطاقات إنتاج احتياطية كبيرة.

ولفت التقرير إلى أن الإنفاق الحكومي الضخم أدى إلى رفع أسعار المواد الخام، على الرغم من أن تأثير هذه المواد على الأسعار التي يدفعها المستهلك يأتي فقط بطريقة غير مباشرة، بينما تسبب ارتفاع مرتبات موظفي الحكومة ومكافآتهم وغيرها من المزايا في رفع الطلب المحلي.

وبحسب التقرير، فإن الزيادة الواضحة في الإنفاق الاستهلاكي والتي تحققت بفضل الانتعاش الاقتصادي، والتي يستدل عليها من النمو السريع في عمليات نقاط البيع، وكذلك السحوبات النقدية من أجهزة الصرف الآلي، أدت إلى زيادة الطلب على السلع، وبالتالي السماح لتجار التجزئة بزيادة هوامش أرباحهم بعد بضع سنوات صعبة مرت عليهم.

وطبقا للتقرير، فقد سجل تضخم الإيجارات بعض الانخفاض، على الرغم من أن الطلب القوي على المساكن لا يزال يدفع بأسعار الإيجارات ويبقي على التضخم الشامل مرتفعا، ولكن تضخم الإيجارات لا يزال، على الرغم من أن ذلك الانخفاض أعلى بكثير من أي دول خليجية أخرى وهو ما يفسر الاختلاف في معدلات التضخم.

وأورد التقرير ما نصه: «ربما يكون التضخم قد اقترب من ذروته، ولكننا لا نتوقع له انخفاضا كبيرا خلال الأشهر المقبلة»، مشيرا إلى أنه ينتظر أن تشهد أسعار الغذاء زيادة كبيرة خلال رمضان، حيث يشير النمط التاريخي إلى أن الأسعار ترتفع منذ عام 2002 في الشهر الميلادي الذي يبدأ فيه شهر رمضان أسرع 5 مرات من متوسط الارتفاع في الـ11 شهرا الباقية من العام.

وبين تقرير دائرة الاقتصاد والبحوث في «جدوى للاستثمار»، أنه على الرغم من انخفاض تضخم الإيجارات على أساس سنوي فإنه لم يسجل على أساس شهري أي تباطؤ، بل ارتفعت الإيجارات بنسبة 0.9 في المائة في المتوسط خلال الشهور الست الأولى من العام الحالي.

وتوقع التقرير أن يبدأ تضخم الإيجارات على أساس سنوي في الارتفاع في يوليو الماضي ليتجاوز مستوى 11 في المائة نهاية العام إذا بقي ارتفاع الإيجارات على تلك الوتيرة، مستبعدا أن يكون الارتفاع في تضخم الإيجارات حادا، مع استقبال السوق حاليا وبصفة تدريجية المزيد من الوحدات السكنية بعد أن بدأ الكثير من البرامج الممولة من الحكومة تؤتي أكلها.

لكن التقرير يعود إلى ترجيحه بأن يعود تضخم الإيجارات إلى رقم من خانتين في وقت لاحق هذا العام، موضحا أن هناك عاملا آخر مرشحا لرفع التضخم وهو الزيادة في تعريفة الكهرباء التي تم تطبيقها في بداية الشهر الماضي، حيث يدفع الآن مستخدمو الكهرباء من القطاعات الحكومية والتجارية والصناعية أسعارا للكهرباء تزيد على السابق بنسبة 9.6 في المائة في المتوسط.

وبناء على تلك العوامل، رفعت «جدوى للاستثمار» توقعاتها بشأن التضخم، حيث ترشح أن يرتفع متوسط التضخم لعام 2010 إلى 5.2 في المائة، مقابل 4.2 في المائة لعام 2011، على الرغم من توقع الاستمرار في زيادة الطلب المحلي، وكذلك القروض المصرفية، مشيرا إلى أن القطاع الخاص المحلي سيسعى من جانبه، طبعا بعد تيقنه من تحسن الأوضاع الاقتصادية، إلى تعزيز استثماراته بهدف زيادة حجم المعروض.

ووفقا للتقرير، ينتظر أن تتراجع الضغوط التضخمية الخارجية نتيجة لاحتمال انخفاض تضخم أسعار الأغذية، على الرغم من صعوبة التنبؤ بالاتجاهات المستقبلية لأسعار الأغذية، نتيجة لتأثر الأسعار العالمية بشدة بالظروف المناخية، فإن التقديرات المتاحة بشأن الأسعار العالمية للأغذية تشير إلى حدوث استقرار في الأسعار عام 2011.