السعودية تطلق أكبر خطة تنمية بصعود نسبته 67% إلى 1.4 تريليون ريال

«الاقتصاد والتخطيط»: التنمية البشرية تستأثر بـ 50% من إجمالي المخصصات حتى 2014.. ومطالب بمنح القطاع الخاص الوطني أولوية

TT

كشفت وزارة الاقتصاد والتخطيط السعودية، أمس، أن قيمة خطتها التنموية التاسعة التي رصدت تبلغ 1.4 تريليون ريال للقطاعات التنموية، مفصحة عن أن ذلك يمثل نموا قوامه 67 في المائة، على ما رصد خلال خطة التنمية الثامنة.

ودعا خبراء اقتصاديون تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، أمس، إلى الاستفادة من توجه الإنفاق الضخم من الدولة إلى تعزيز خلق وتوطين الوظائف ومنح فرص الاستفادة منها للشركات والقطاع الخاص السعودي، لافتين إلى توقعاتهم بأن تنجح الخطة في الوصول إلى نسبة نجاح عالية تبلغ 80 في المائة.

ووفقا لـ«الاقتصاد والتخطيط» فقد استأثر قطاع تنمية الموارد البشرية بالنصيب الأكبر بنحو 50.6 في المائة من إجمالي المخصصات المعتمدة، بينما جاء قطاع التنمية الاجتماعية والصحة في المرتبة الثانية الذي حظي بنحو 19 في المائة من إجمالي المخصصات، بينما بلغت مخصصات كل من قطاع تنمية الموارد الاقتصادية، وقطاع النقل والاتصالات، وقطاع الخدمات البلدية والإسكان، نحو 15.7 في المائة و7.7 في المائة و7.0 في المائة على التوالي من إجمالي مخصصات الخطة.

وكان مجلس الوزراء السعودي أقر في جلسته التي عقت في مدينة جدة برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، أمس، الخطة التنموية التاسعة، ووجه الملك عبد الله المعنيين بتنفيذ ومتابعة مشاريع وبرامج هذه الخطة الطموحة.

من جانبه، أوضح خالد القصيبي، وزير الاقتصاد السعودي، أن خطة التنمية التاسعة للمملكة أُعدت وفق رؤية استراتيجية بعيدة المدى غايتها تحقيق التنمية المستدامة، مشيرا إلى أن الخطة استهدفت في اتجاهاتها العامة زيادة النمو الاقتصادي، ورفع المستوى المعيشي وتحسين نوعية الحياة للمواطنين، وتحقيق التنمية المتوازنة بين مناطق المملكة، وتنمية الموارد البشرية، وتنويع القاعدة الاقتصادية من حيث مصادر الإنتاج والدخل، ودعم القطاع الخاص.

وأشار القصيبي في تصريحات لوكالة الأنباء السعودية إلى أن نتائج تنفيذ برامج ومشاريع التنمية، وتطبيق السياسات الاقتصادية الكلية، في زيادة معدلات النمو، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، خلال سنوات خطة التنمية الثامنة، قد عزز أهداف وسياسات وبرامج ومشاريع خطة التنمية التاسعة.

وأوضح أن من السمات الرئيسية التي تتميز بها هذه الخطة اهتمامها بمعالجة موضوعات تلقى اهتماما عالميا واسعا لكونها وثيقة الصلة بترسيخ واستدامة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، تتمثل في قضايا الثقافة لتعزيز القدرة التنافسية، وتحول الاقتصاد إلى اقتصاد معرفي، وقضايا الشباب والتنمية.

وبين أن خطة التنمية التاسعة تمثل الحلقة الثانية في إطار الاستراتيجية الراهنة بعيدة المدى للاقتصاد السعودي التي يمتد أفقها الزمني إلى 15 عاما مقبلة، وأن من اهتمامات الخطة الرئيسية مواكبة التطورات التقنية والاقتصادية المتسارعة التي يشهدها العالم في الوقت الحاضر، بجانب التأكيد على أهمية مواصلة التوسع في الاستثمار في مشاريع تطوير البنية الأساسية وصيانتها.

واستعرض وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي الأهداف الاقتصادية والاجتماعية التي تستهدف الخطة تحقيقها، كان من أبرزها تحقيق معدل نمو سنوي متوسط قدره 5.2 في المائة للناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة لعام 1999، مما يؤدي إلى زيادة متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من 46.2 ألف ريال في عام 2009 إلى نحو 53.2 ألف ريال في 2014، وتستهدف الخطة نمو الناتج المحلي الإجمالي للقطاع الخاص بمعدل سنوي متوسط قدره 6.6 في المائة، والقطاعات غير النفطية بمعدل سنوي متوسط قدره 6.3 في المائة، وإجمالي الاستثمارات بمعدل سنوي متوسط قدره 10.4 في المائة.

وأضاف وزير الاقتصاد أن المستهدف زيادة في نسبة العمالة الوطنية من إجمالي العمالة إلى 53.6 في المائة في عام 2014، وخفض معدل البطالة إلى نحو 5.5 في المائة للعام نفسه، وكذلك افتتاح وتشغيل 117 مستشفى، والوصول بعدد طلاب التعليم العام والعالي إلى 7 ملايين طالب وطالبة، وزيادة الطاقة الفعلية السنوية لمحطات تحلية المياه المالحة إلى نحو 2070 مليون متر مكعب، وتنفيذ 12 ألف كيلومتر من شبكات الصرف الصحي، وإنشاء مليون وحدة سكنية بواسطة القطاعين العام والخاص لمواكبة 80 في المائة من حجم الطلب المتوقع على الإسكان، وتوفير 266 مليون متر مربع من الأراضي لإقامة المشاريع السكنية المتوقع تنفيذها خلال مدة الخطة.

من جهة أخرى، يرى الدكتور عبد الرحمن الزامل، عضو مجلس الشورى السابق ورئيس مجلس تنمية الصادرات السعودية، أن هذه الخطة متفائلة، حيث تعطي نوعا من النظرة المستقبلية لما سيتم تنفيذه من برامج، مشيرا إلى أن الخطة ركزت 50 في المائة على القوى البشرية من جامعات ومراكز تدريب ومستشفيات وكل ما له علاقة بتنمية الإنسان.

وأرجع الزامل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» سبب هذا التوجه الحكومي نتيجة أن العدد السكاني ارتفع إلى 28 مليون نسمة، بينما سيكون العدد بنهاية الخطة التاسعة نحو 30 مليون نسمة، وهو ما يمثل انفجارا بشريا في بلد صحراوي، وإذا ما استطاعت الحكومة بناءه وتطويره ستكون مشكلة اجتماعية واقتصادية كبيرة.

وأضاف الزامل أن الخطة نصت على أن الدولة لن توفر وظائف سوى 320 ألف وظيفة، بينما سوق المملكة تحتاج حاليا 250 ألف فرصة عمل سنويا والقطاع الخاص لا يستطيع توفير سوى 100 ألف في السنة، رغم كل برامج السعودية، بينما الدولة تستطيع توفير 50 ألفا، وهو ما يعني أن هناك 150 ألف فرصة عمل غير موجودة، وهو ما تحاول أن ترمي إليه الخطة لتفادي هذه المشكلة.

ويتوقع الزامل أن توجه الدولة إلى تخفيض الاستقدام بنسبة 25 في المائة سنويا ربما يكون حلا مقترحا لمجابهة إشكالية توظيف الموارد البشرية لأنه مهما وفرت الدولة من فرص عمل والباب مفتوح للاستقدام لن يستعمل الوظائف سوى غير السعوديين، إلا ما ندر في القطاع الصناعي، مبينا أنه لا بد أن تتجه الحكومة لفرض هذا القرار لكي يشعر المواطن بميزات هذه الخطط والبدء في تقليل الاستقدام، وبخاصة العمالة في القطاع التجاري والخدمي كالصيانة والتشغيل، حيث إن كثيرا من السعوديين سيجدون فيها فرص عمل.

وأبان الزامل أن الخطة المتفائلة لم تأت عن طريق الصدفة، بل هي تعكس رؤية الملك في تأكيد أنه يجب أن يصرف أكبر قدر من الأموال المتحققة في السوق المحلية وداخل البلاد، مشددا على أن نسب تحقيق الخطط السابقة عالية جدا بناء على التجارب والدراسات التي قام بها مجلس الشورى، حيث يعتمد بعد ما يتم مراجعة الخطط ومدى تحقيقها.

وأفاد الزامل، وهو عضو مجلس الشورى سابقا، أن من خلال التجربة للخطط السابقة وما تمت مراجعته تحت قبة الشورى تم التأكد أن أكثر من 80 في المائة نسبة تحقيق الخطط التنموية، مؤكدا أهمية أن يعي المسؤولون في الدولة أن الأولوية يجب أن تتوجه نحو المقاول السعودي وشركات الصيانة السعودية والمصانع المحلية والمواطن، شريطة تحقيق نسب سعودة مقبولة ومعتمدة من وزارة العمل لنستطيع أن نصل إلى الأهداف المرجوة.