وزير الاقتصاد الفلسطيني لـ «الشرق الأوسط» : لن نتراجع عن مقاطعة المستوطنات.. وسننظف السوق مع نهاية العام

الحملة تؤذي مصانعها وتجبر بعضها على الرحيل

TT

يواصل الفلسطينيون حربا لا هوادة فيها على بضائع المستوطنات في الضفة الغربية على الرغم من التهديدات الإسرائيلية المختلفة بالرد على الحملة في حال تواصلت. ويوميا يشن رجال الضابطة الجمركية غارات على محلات ومستودعات وسيارات يشتبه في أنها تحوي بضائع مهربة من المستوطنات، وذلك في رسالة للتأكيد على أن الحملة ماضية بقوة.

وبعد شهور على انطلاق الحملة بدأ الأثر الحقيقي ينعكس على مصانع المستوطنات، التي بدأت تعاني من مشكلات اقتصادية أجبرت بعضها على الإغلاق أو الرحيل. وبلغ الغضب الإسرائيلي ذروته بطلب وزير الصناعة والتجارة الإسرائيلي فؤاد بن أليعازر، عقد لقاء مع وزير الاقتصاد الفلسطيني حسن أبو لبدة في محاولة لثني السلطة عن قرارها.

وخرج أبو لبدة من الاجتماع، أكثر إصرارا على مواصلة الحملة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا تغيير في موقفنا وسننظف السوق الفلسطينية من بضائع المستوطنات مع نهاية العام». ويرى أبو لبدة في الطلب الإسرائيلي عقد هذا اللقاء، إشارة واضحة إلى مدى نجاح حملة المقاطعة وتأثيرها على تراجع قوة المستوطنات الاقتصادية. وهذا بدا واضحا في كلام بن أليعازر نفسه قبل أن يلتقي أبو لبدة بيوم عندما كان يزور المجمع الاستيطاني الكبير غوش عتصيون جنوب بيت لحم. وقال بن أليعازر آنذاك: «الفلسطينيون يتسببون في انهيار المصانع التي أقيمت على قيم العيش المشترك والتعاون وأنا أدعوهم إلى عدم وقف التعايش».ويبدو أن الفلسطينيين أثاروا الدهشة الإسرائيلية عبر إصرارهم على تنفيذ القرار، وعبر عن ذلك بن أليعازر بقوله: «لم أكن أتوقع مثل هذا التصرف من الفلسطينيين خاصة في وقت تجري فيه محاولات للحوار».

وتدرس السلطة الآن إيجاد وظائف وأعمال بديلة للعمال الفلسطينيين الذين يعملون في مصانع المستوطنات، ويطال قرار السلطة في حال تم تنفيذه نحو 22 ألف عامل فلسطيني يعملون داخل مصانع إسرائيلية مقامة في الضفة الغربية. وتلك هي المرحلة الثانية من الحملة الفلسطينية.

وجاء الرد الإسرائيلي عبر خطة تبلورها وزارة الصناعة والتجارة الإسرائيلية واتحاد أرباب العمل، وتقضي بتشجيع أصحاب العمل في المستوطنات على تشغيل عمال إسرائيليين مكان العمال الفلسطينيين مقابل تلقيهم (العمال الإسرائيليين) منحة تشجيعية قيمتها 2000 شيقل شهريا تضاف إلى أجرهم المتفق عليه.

وقال رئيس اتحاد أرباب العمل الإسرائيلي شرغا بورش وهو صاحب أحد المصانع المقامة في المنطقة الصناعية «بوركان»: «سأستفيد من قرار منح العمال الإسرائيليين تشجيعا ماليا قدره 2000 شيقل كي يحلوا مكان العمال الفلسطينيين».

وعقب بن أليعازر بأن «منع العمال الفلسطينيين من العمل في المستوطنات يلحق الضرر بالفلسطينيين ويزيد من نسبة البطالة في مناطقهم إضافة إلى كونها بيئة وحاضنة مريحة لعمل الجهات المتطرفة».

ومن غير المعروف إلى أي حد يمكن أن تساهم مثل هذه الاقتراحات الإسرائيلية في دعم اقتصاد المصانع الإسرائيلية في المستوطنات بعدما نجحت السلطة عمليا في إجبار بعضها على الرحيل.

وكانت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية قد كشفت مؤخرا عن أن ثلاثة مصانع على الأقل قامت بإخلاء مواقعها، بينما تدرس عدة مصانع أخرى العودة إلى داخل الخط الأخضر.

وفي حادثة تدل على مدى تأثير القرار الفلسطيني على مصانع في المستوطنات، سمحت وزارة الاقتصاد الوطني الفلسطيني هذا الأسبوع لشركة «ميكي عوز عسكيم» الإسرائيلية بإعادة تسويق منتجاتها في السوق الفلسطينية وذلك بعد التزام الشركة بعدم العمل في مستوطنات أقيمت على الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وقال عمر كبها مدير «صندوق الكرامة الوطنية»: «الشركة أبدت التزامها الكامل بعدم العمل داخل المستوطنات في الأراضي المحتلة. وبالتالي، فقد تم السماح لها باستئناف تسويق منتجاتها في الأسواق الفلسطينية من خلال وكلائها المعتمدين».

وتستهلك السوق الفلسطينية ما قيمته 500 مليون دولار سنويا من بضائع المستوطنات التي تطالب السلطة بإزالتها من الضفة الغربية من أجل إمكانية إقامة دولة فلسطينية متواصلة. وتريد السلطة التخلص من بضائع المستوطنات أيضا من أجل إتاحة الفرصة للمنتج المحلي الذي تقل حصته في السوق المحلية عن 30%. ويفضل كثير من الفلسطينيين شراء البضائع الإسرائيلية باعتبارها أكثر جودة من الأخرى. وقال أبو لبدة إن هذا يستدعي أن ينتج الفلسطينيون سلعة جيدة بكل تأكيد.