«بوينغ» العالمية تراهن على تحفتها «دريملاينر 787» لرفع حصتها في سوق الطيران التجاري

تتوقع تسليم أول نسخها في نهاية الربع الأخير من 2010

مقصورة الركاب في طائرة «دريملاينر 787» («الشرق الأوسط»)
TT

تسعى شركة «بوينغ» عملاق صناعة الطيران الأميركي لتقديم مفهوم جديد في صناعة الطائرات التجارية، عبر طائرتها الجديدة التي أطلقت عليها «دريملاينر». طائرة «دريملاينر» كانت وما زالت الفرصة التي قد تعطي «بوينغ» نقطة إضافية في سباقها مع المنافسين من المصنعين العالميين، تأخرت عن موعد تسليمها كثيرا، ولكن «بوينغ» تبرر ذلك بأنها ترغب في تقديم طائرة جاهزة للطيران بالمفهوم الحقيقي، حيث تعمل على أن تكون طائرة «دريملاينر 787» الجديدة كليا أمتع للطيران، وذلك من خلال الجمع بين إدراكها العميق لرد فعل الجسم البشري تجاه الظروف المرافقة للسفر بالطائرة، وكيفية تقديمها للتقنيات الجديدة الكفيلة بتحسين هذه الظروف.

ويشير آر بليك ايمري مدير الاستراتيجية التفاضلية في شركة «بوينغ» للطائرات التجارية، إلى أن «بوينغ» أجرت الكثير من الدراسات أثناء مرحلة تطوير طائرة «دريملاينر» مع عدد من الجامعات حول العالم، وذلك بهدف تفهم آثار الارتفاع والرطوبة والملوثات الجوية والضوء والصوت والفضاء على المسافرين، كما قامت «بوينغ» بدراسة كيفية تفاعل هذه العوامل بعضها مع بعض بهدف تطوير مركبات تقدم أفضل تجربة إجمالية، في الوقت الذي ساعدت النتائج التي خرجت بها الشركة على إجراء تعديلات هامة في طائرة «787»، المنتظر تسليمها في الربع الأخير من العام الحالي. ويضيف آر بليك أن المسافرين يعطون تقييمات أعلى لرحلات الطيران التي لا يتعرضون خلالها للمطبات الهوائية، وبين أن طائرة «787» ستحتوي على أجهزة استشعار يتم تثبيتها على متن الطائرة للتحكم بأسطحها والحد من تأثير المطبات الهوائية، حيث تساعد هذه الأنظمة المبتكرة على تأمين قيادة سلسة أثناء السفر، ما يخفض من حالات الغثيان لدى أولئك الذين يعانون من الإعياء المرافق للحركة. وتعتبر طائرة «787» من طائرات الجيل الجديد، وتشير «بوينغ» إلى أنها تعد واحدة من أكثر الطائرات طلبا على مدى التاريخ، لما تحمله من مميزات واسعة ينتظر أن يكون لها تأثير على صناعة الطيران في العالم.

وبالعودة إلى مدير الاستراتيجية التفاضلية في شركة «بوينغ» للطائرات التجارية، فإن طائرات اليوم تتعرض لضغط ارتفاع نموذجي يتراوح ما بين 6500 و7000 قدم، مع ارتفاع أقصى يصل إلى 8 آلاف قدم، مبينا أن المواد المركبة المتطورة والمستخدمة في طائرات «787» تتميز بقوتها التي تفوق قوة الألمنيوم، وهو ما يسمح لمقصورة الطائرة بأن تتعرض لمستويات ضغط أقل دون تعريض هيكل الطائرة للإجهاد. وقد أجرت جامعة ولاية أوكلاهوما دراسات لاستكشاف تأثير الارتفاع على المسافرين بهدف تحديد المستويات المثلى للارتفاع. وبعد اختبار ارتفاعات متعددة، كان من الواضح أن خفض ارتفاع الطائرة إلى 6 آلاف قدم يؤدي إلى تحسن كبير، حيث ترافق ذلك مع انخفاض في حالات وعوارض الاعتلال نتيجة الارتفاع، بما في ذلك الغثيان والإجهاد والدوار. وخلص الخبراء الطبيون الذين عملوا مع «بوينغ» إلى عدم وجود فارق بين نسب حدوث حالات الإعياء على مستوى سطح الأرض أو على ارتفاع 6 آلاف قدم، على الرغم من ارتفاع احتمال إصابة المسافرين بحالات الإعياء الناجمة عن الارتفاع عند تعرض مقصورات الطائرات لارتفاع يزيد على ذلك المستوى. وأكد آر بليك أنه بالتعاون مع جامعة الدنمارك التقنية، تحدت «بوينغ» الافتراض الذي يؤكد أن زيادة معدلات الرطوبة يخفض ببساطة من التذمر المصاحب لحالات الجفاف على متن الطائرة.

وأوضحت الدراسة أن الرطوبة لا تعد العامل الوحيد الذي يرتبط بعوارض الجفاف مثل تهيج الحلق والعين والصداع والدوار العرضي.

وفي الحقيقة، فإن أكثر التقنيات المطبقة فاعلية في تخفيض هذا النوع من العوارض هي تقنية ترشيح الغازات الجديدة، ويؤدي دمج تقنية الترشيح مع مستويات أكبر من الرطوبة إلى زيادة راحة ورفاه المسافرين. ولفت إلى أنه في الوقت الذي تقدم فيه طائرات اليوم هواء نظيفا للغاية بفضل مرشحات الجسيمات ذات الكفاءة العالية، التي تنظف الهواء من الجسيمات حتى ولو كانت أصغر من الفيروسات، إلا أن هذه الطائرات غير مزودة بأجهزة لترشيح الجزئيات الغازية.

وبحسب تقرير «بوينغ» فإنه أصبح من الممكن استخدام هذه التقنيات في الطائرات التجارية بفضل التطورات الأخيرة التي شهدتها عمليات ترشيح الغازات، مشيرا إلى أنه مع زيادة مستويات الرطوبة وإضافة تقنيات فلترة جديدة، أظهرت الدراسات أن عدد المسافرين الذين يعانون من الجفاف يمكن أن يقل. وبالإضافة إلى ذلك، فإن التحسينات التي أجريت على ارتفاع المقصورة تجمع بين الرطوبة والهواء الأنقى لتقديم مستويات أعلى من راحة المسافرين. وكانت «بوينغ» قد أجرت استطلاعا حول رد فعل المسافرين تجاه خيارات النوافذ المختلفة، حيث عمدت إلى تقديم نموذج مبتكر بالحجم الطبيعي يسمح للمسافرين بتقييم مجموعة من النوافذ وفقا لأشكالها وأحجامها، وأظهرت النتائج أن المسافرين يفضلون النوافذ الأكبر.

وتشير عملاق صناعة الطيران الأميركي إلى أنه من وجهة نظر هندسية، لطالما شكلت النوافذ الأكبر حجما تحديا، إذ يمكن التعامل مع الحمل على هيكل الطائرة بسهولة أكبر كلما قل عدد وحجم الفتحات في جسم الطائرة مثل الأبواب والنوافذ.

وأكدت أنه مع ذلك، فقد تم بناء هيكل الطائرة «دريملاينر 787» من مواد مركبة متقدمة بدلا من الألمنيوم، يمكنها تحمل فتحات أكبر للنوافذ، ونظرا لإدخال تكنولوجيا المواد المركبة، تتمتع طائرات «787» بنوافذ أكبر حجما مما عليه الحال في أي من الطائرات التجارية الحالية، مما يمنح المسافرين الجالسين في جميع أنحاء الطائرة إطلالة متميزة إلى الأفق. وقال بليك ايمري تجمع طائرات «دريملاينر 787» كافة ميزات الركاب الجديدة والمبتكرة هذه مع أداء لا مثيل له وتقنيات متقدمة تجعل منها طائرة مبتكرة من حيث المواصفات الداخلية كما هي حالها من حيث الميزات الخارجية.

وتابع كانت النتيجة طائرة يمكن للخطوط الجوية أن تقوم بتشغيلها بشكل فعال وموثوق، لتمنح ركابها تجربة طيران ممتعة للغاية، حيث إن طائرات «787» قادرة على صياغة مستقبل الطيران بكل تأكيد.