السعودية: عروض التجارة والأصول الثابتة والتشغيلية تثير جدلا في تجمع للمصرفية الإسلامية

مطالبة بإطلاق مبادرة تنظيم البحث العلمي في المصرفية الإسلامية

صالح كامل يلقي ورقة عمل في إطلاق ندوة البركة التي تعقد كل عام في رمضان وتناقش ملفات المصرفية الإسلامية («الشرق الأوسط»)
TT

أثارت عروض التجارة والأصول الثابتة والتشغيلية وملفات تفصيلية فنية في المصرفية الإسلامية وتقاطعاتها مع المصرفية التقليدية جدلا واختلافا واسعا في انطلاقة ندوة البركة التي تنعقد حاليا في مدينة جدة - غربي السعودية - بمشاركة واسعة من علماء المصرفية الإسلامية.

وطالبت الندوة التي تلقى اهتماما بين أوساط المختصين بالمصرفية الإسلامية وتنعقد في رمضان من كل عام، بضرورة إعلاء مكانة المرجعيات الشرعية وإطلاق مبادرة تنظيم عملية البحث العلمي في المصرفية الإسلامية، سعيا وراء ضبط وإرساء وتعميق فكر المصرفية المتوافق مع الشريعة الإسلامية.

وشدد صالح كامل، رئيس مجلس إدارة مجموعة البركة المصرفية ورئيس مجلس اتحاد المصارف الإسلامية، على أن الندوة ماضية في تعزيز تأصيل الكثير من الآليات المصرفية الإسلامية للتواكب مع احتياجات العملاء الحالية، متطرقا إلى أن إحدى أزمات الاقتصاد العالمي البيع على المكشوف، وهو ما ترفضه الشريعة، وفقا لحديث المصطفى، صلى الله عليه وسلم، «لا تبع ما ليس عندك».

وأوضح كامل ذلك للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في حديث لدى زيارتها مقر الغرفة التجارية الصناعية في جدة مؤخرا، وقدم لها عددا من النقاط عن منع البيع على المكشوف في مفهوم الاقتصاد الإسلامي، إذ أبدت اقتناعها بهذه المقترحات، وبعد 20 يوما من حديثه معها تم منع البيع على المكشوف في ألمانيا نهائيا.

وذهب كامل في حديثه لضرورة الالتزام بمبادئ الدين الإسلامي وتطبيقاته، التي تصب في إيجاد اقتصاد حقيقي منتج، والبعد عن جميع أدوات الاقتصاد الجانبي ذي المخاطر العالية، مفيدا بأنه يتم ظلم الاقتصاد الإسلامي بحصره في المصرفية الإسلامية، التي هي فقط جزء من الاقتصاد الإسلامي، وليست كله. وبين كامل أنه فيما يخص مسألة الزكاة على الديون التجارية، فإنه طلب من القائمين على الندوة بحث هذا الموضوع، بناء على شكاوى تلقاها من التجار في مجلس الغرف السعودية من قيام مصلحة الزكاة والدخل بإلزام المدين بزكاة الدين، دون خصم الأصول الثابتة.

وتناول كامل بعض التفاصيل المهمة في عمل المصرفية الإسلامية وبيئة العمل المحيطة، حيث لفت إلى أن 90 في المائة من الأسهم هي عروض تجارة ولم تزك، متسائلا عن تجاهل مصلحة الزكاة والدخل ذلك.

من جهته، أوضح عدنان يوسف، رئيس مجموعة البركة، أن الصناعة في حاجة إلى وقفة مراجعة عاجلة تستهدف في المقام الأول إعلاء مكانة المرجعيات الشرعية والعلماء، وإطلاق مبادرة لتنظيم عملية البحث العلمي. وبدأت جلسات الندوة بمحورها الأول «الزكاة»، حيث استهل الجلسات الدكتور يوسف الشبيلي، أستاذ الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء، ببيان زكاة الديون التجارية، التي أصبحت تمثل نسبة كبيرة من الوعاء الزكوي، ولم تنل حقها من الدراسة الكافية للوصول لرأي شرعي تطبيقي للشركات والمؤسسات. ونبه الشبيلي إلى أن زكاة الديون ليس فيها نص صريح في الكتاب أو السنة، وإنما هي اجتهادات فقهية مبنية على نصوص عامة وقواعد فقهية، مشيرا إلى أنه حتى الصحابة اختلفوا في هذا الأمر.

وعن الرأي الذي توصل إليه في الديون التجارية، قال الشبيلي «تضاف إلى الموجودات الزكوية سنويا الديون المرجوة للمزكي حالا أو مؤجلة، بعد استبعاد الأرباح المؤجلة، التي تخص الفترات التالية، التي تخص السنة الزكوية التالية».

وفي البحث الثاني تطرق الدكتور عصام أبو النصر، أستاذ المحاسبة في جامعة الأزهر، إلى زكاة الأصول التشغيلية، وقيد التطوير، ملخصا النتائج بأن القول الراجح في الحكم الزكوي للأصول الثابتة التشغيلية هو عدم وجوب الزكاة.

وأشار إلى أن مخصصات استهلاك الأصول الثابتة ومخصصات صيانتها وتجديدها ومخصصات التأمين عليها تعد من المطلوبات الزكوية، كما أن الأصول أو العقارات قيد التطوير تزكى كل عام بالقيمة السوقية، باعتبارها من عروض التجارة، سواء كانت تحت الإنشاء أم منتهية البناء.

وبين الدكتور عصام أن الزكاة لا تجب في الأصول الثابتة التشغيلية، وهو قول جمهور العلماء لأن هذه الأصول غير معدة للبيع، فهي تخرج من الوعاء الزكوي بنص حديث سمرة بن جندب، مشددا في رؤيته على أن مخصصات استهلاك الأصول الثابتة، وكذا مخصصات صيانتها وتجديدها، وأيضا مخصصات التأمين من المطلوبات الزكوية.

من جهته عبر الدكتور يوسف القرضاوي عن وقوفه ضد بعض الاقتصاديين، الذين يحاولون اليوم فرض الزكاة على الأصول الثابتة، أو ما تسمى بـ«عروض القنية»، مبينا أن الأصل في الزكاة هو المال النامي.

من جهته، طالب الدكتور حسين حامد حسان، من الباحثين، الدكتور الشبيلي والدكتور أبو النصر، إعادة النظر في بعض الملاحظات الواردة في بحثيهما، ومنها أن قيمة الدين المؤجل لسنة أو 10 سنين تعتمد على نسبة العائد وأجل الدين، ولهذا يتطلب الأمر إيجاد معيار محاسبي لقيمة الدين المؤجل بصرف النظر عن الأرباح.