يا سلام

علي المزيد

TT

أتابع باهتمام زائد حملة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لمساعدة شعب باكستان المنكوب بالفيضانات التي غطت بيوتهم ومستشفياتهم ومدارسهم. وفي الحملة أعجبت كثيرا بتبرع الأطفال الذي لم يتجاوز بعضه الريال (أقل من نصف دولار) والأهم من ذلك حماس مذيعي ومذيعات إذاعة الرياض التي كنت أتابع الحملة من خلالها لهذا التبرع الطفولي للمنكوبين ورغبة أولياء الأمور في تدريب أولادهم على العطاء. قفزت في ذهني قصة قديمة، فقد تم الإعلان عن تنفيذ حملة تبرعات في السعودية لإغاثة شعب منكوب (نسيت ما هو لكثرة النكبات العربية والإسلامية)، المهم قررت أن أعوّد أبنائي على العطاء، فنحن في الاقتصاد نقول من المهم أن تعلم أبناءك جمع المال ولكن الأهم أن تعلمهم طريقة صرفه، لأنك إذا لم تعلمهم طريقة صرف المال فربما يصرفونه في غير وجهه، وهذا أمر له شواهد في المجتمع، فهناك من ضيع المال لأنه لم يتعلم طريقة صرفه، وسأفرد لذا زاوية خاصة إن شاء الله. المهم، اصطحبت أطفالي وذهبت بهم للبنك وأعطيت كلا منهم خمسين ريالا (نحو أربعة عشر دولارا) ووجدت البنك قد اكتظ بالمتبرعين وطالبي الخدمة. وصل دور أطفالي فقدموا التبرع وطلبوا عدم ذكر أسمائهم فقال موظف البنك سأكتب تبرع من فاعل خير طفل. اتفقنا على هذه التسوية، ذهبت للمنزل وكان التلفزيون مفتوحا، فوجدت المذيع يذكر الخمسين ريالا التبرع، ويتندر بها لقلتها. لا أخفيكم القول صدمت وصدم أطفالي. ولكن من الصدف انتهى وقت المذيع وضيوفه، وجاء دور ضيوف جدد، لأن ذلك يكون في التناوب، وكان من ضمن الضيوف عبد الرحمن الجريسي رئيس غرفة الرياض، الذي قبل أن يبدأ قال: «اسمحوا لي أن أشيد بتبرع الأطفال بخمسين ريالا وقد يكون ذلك من مصروفهم المدرسي وهو أهم من التبرعات الكبيرة على أهميتها لأن المتبرع الصغير قد يكون تبرع بجل ما يملك». الحقيقة سعد أطفالي وقالوا لماذا تأخر هذا الرجل في الحديث؟ ومن يكون؟ قلت إنه رجل اقتصاد ويعرف أن القليل مع القليل بركة. فلا تستغربوا سروري بالحملة لأني رأيت المجتمع تطور اقتصاديا وذلك من خلال تطور مذيعيه.

* كاتب اقتصاد