تقرير دولي يؤكد الحاجة الماسة لقطاع قادة الأعمال في دول الخليج

«بوز آند كومباني»: 3 صفات يجب أن يتحلى بها القادة الجدد والانفتاح الاقتصادي يدفع لإيجاد التغيرات

TT

في الوقت الذي تشهد فيه طبيعة القيادة في دول مجلس التعاون الخليجي تحولا عميقا، من خلال انفتاح دول المجلس على العالم، عبر نقل رؤوس الأموال إلى الاقتصاد العالمي واستثماراتها المتزايدة في الأعمال غير النفطية، الأمر الذي أدى إلى تغيرات كبيرة في المنطقة قدمت لها أنواعا جديدة من النفوذ والفرص، تؤكد شركة «بوز آند كومباني» العالمية في تقرير لها صدر مؤخرا أن هذا الجانب جلب تحديات جديدة، من أهمها الحاجة الماسة إلى صناعة الكثير من القادة، الذين يجب أن يثبتوا وجودهم في الساحة الدولية، لكي يواصلوا قدما توسيع التأثير العالمي للمنطقة.

وقال جو صدي، رئيس شركة «بوز آند كومباني» العالمية في التقرير الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إنه في الوقت نفسه، سيكون على القادة مواجهة تحديات داخلية، ومنها مشكلة نقص العمالة المزمن في صفوف المواطنين، في ظل توافد الأعمال إلى منطقة الخليج، وأنتجت فرصا أكثر مما تستطيع القوة العاملة المحلية تلبيته.

وأشار إلى أنه لتنشئة جيل جديد من القادة ممن يستطيعون التصدي لمثل هذه التحديات، ينظر قياديو المؤسسات الرئيسية في مجلس التعاون الخليجي إلى المقومات الأساسية للنجاح في مواجهة هذه التحديات. وأضاف: «تتراوح أعمار هؤلاء الأفراد بين أوائل الثلاثينات ومنتصف الستينات، ويقودون مؤسسات عامة وخاصة في مجالات النقل والاتصالات والطاقة والخدمات المالية، ولديهم شيء واحد مشترك، يتشاطرونه مع مئات من القادة الآخرين في دول الخليج، وهو الاهتمام العميق بمستقبل بلدانهم والمنطقة، فضلا عن مؤسساتهم».

وأشار إلى أنه برزت وجهة نظر حول الصفات التي سيحتاج قادة الجيل القادم إلى التمتع بها، حيث خلصت إلى 3 صفات بارزة في هذا السياق، من خلال رؤية بعيدة النظر، وانفتاح براغماتي، وحضور واع.

وفي هذا الجانب، أكد كريم صباغ الشريك في «بوز آند كومباني» أنه فيما يتعلق بصفة «رؤية بعيدة النظر»، فإن هناك شعورا سائدا بأن النمو الاقتصادي الحالي هو مجرد بداية لمرحلة طويلة من الازدهار والتجديد، وأن القادة هنا يعملون على إنشاء مؤسسات - بما في ذلك الهياكل التنظيمية، والشركات، ونظم التعليم - ترمي إلى تحقيق النجاح على المدى الطويل الذي يمتد عبر الأجيال المقبلة.

وأكد أن هؤلاء القادة عموما بدأوا عملهم من نقطة الصفر، مما يعني أنهم غير مقيدين بتجارب الماضي، وأكثر استعدادا من نظرائهم في الدول الأخرى للتجربة وخوض المخاطر المحسوبة.

وأضاف صباغ أن المجموعة الحالية من القادة في دول مجلس التعاون الخليجي تجوب العالم بحثا عن أفكار جديدة وإبداعية في مجال عملها وإدارتهم لتطبيق الكثير منها في أوطانهم، مشيرا إلى أن هذا النهج المنفتح، لا شك، ينبع في جزء منه من واقع أن معظم هؤلاء الأفراد قد أمضوا وقتا في الخارج للعمل أو للدراسة، أو لكليهما.

ويذكر أنه منذ بداية الثمانينات، بدأت حكومات دول مجلس التعاون الخليجي ترسل بعثات تعليمية إلى الخارج، بهدف أن يعيد الطلاب هذه الاستثمارات عن طريق تقديم مهاراتهم لتطوير الصناعات في بلدانهم.

وقال: «أدت عودة هؤلاء الأبناء والبنات إلى دفع (التوتر الإبداعي)، حيث أرسوا ممارسات جديدة في جميع أنحاء الصناعات الناشئة، الأمر الذي أدى إلى مناقشات هادفة حول ما تعنيه نماذج الأعمال التجارية الدولية لدول مجلس التعاون الخليجي، والطريقة المثلى لتكييفها مع الواقع المحلي».

من جهته فصل ريشار شدياق الشريك في «بوز آند كومباني» أن صفة «حضور واع»، تنصب في أن قرارات قادة اليوم الفردية، حتى لو انحصر تأثيرها المباشر في شركة واحدة، وستلتقي تدريجيا لتحديد مسار التنمية في دول مجلس التعاون الخليجي.

وأضاف أنهم واعون بضرورة إجراء تغييرات واسعة في البنية التحتية والأنظمة والفصل التقليدي بين القطاعين العام والخاص، من دون تقويض أسس ثقافتهم، ولذلك فإن على القادة في دول مجلس التعاون الخليجي، سواء داخل شركاتهم أو المجتمع عموما، أن يكونوا قادرين على إقناع المعنيين بالضرورات الاستراتيجية، بطريقة تلقى تجاوبا.

وأكد شدياق: «أنه على قادة دول مجلس التعاون الخليجي الأكفاء السعي مرارا وتكرارا لتقديم وجهة نظرهم الداعية إلى هذا التغيير للمعنيين، ممن لهم اهتمامات مختلفة بالنتائج الإيجابية»، ولفت إلى أن مثابرة هؤلاء ومهاراتهم أدت إلى استفادة الكثير من الأفراد في المنطقة مؤخرا، ومنعتهم من اتخاذ قرارات متهورة أو من جانب واحد خلال فترة من التغيير غير المسبوق في منطقة الخليج.

وقال التقرير الصادر من «بوز آند كومباني» العالمية إن الحاجة إلى تحديد الصفات القيادية وتوريثها للأجيال المقبلة لا تقتصر على دول مجلس التعاون الخليجي، فالدول في أوروبا وأميركا الشمالية لا تزال بدورها تواجه هذا التحدي.

واستشهد التقرير بحديث وارن بنيس في كتابه «إن يصبح قائدا»: «إن الشركات الأميركية تتذمر من افتقارها إلى القيادة البديلة منذ عقود».

وأكد التقرير أن القادة الحاليين في دول مجلس التعاون الخليجي سيجدون أنفسهم في هذا الموقف في السنوات المقبلة، لذا تعمل المؤسسات في المنطقة، على نحو متزايد، على إرساء المبادرات، التي من شأنها أن تساعد أبناء الجيل المقبل في اكتساب الصفات القيادية التي سيحتاجون إليها ليتسلموا دفة القيادة يوما ما.

وخلص التقرير إلى أنه في كثير من النواحي، تبقى الطريقة الأفعل لتطوير قادة جدد اتباع المثال الأعلى، حيث يملك القادة في القطاعين العام والخاص علاقات وثيقة وتواصلية مع الأفراد، مجسدين القيم التي أدت إلى نجاحهم، مع مساعدة الآخرين في إدراجها ضمن مقارباتهم الخاصة بالقيادة.

وأوضح أنه من خلال كونهم قدوة للجيل المقبل، يمكن للقادة الحاليين مساعدة شركاتهم - ومنطقة مجلس التعاون الخليجي - على البقاء في مسار التقدم السريع، الذي تمتعت به في السنوات الأخيرة.